تنقسم هذه الشروط الى شروط متعلقة بالأحكام واخرى تتعلق بالدفع بحجية الأحكام وندرسها تباعاً.

أولاً – الشروط المتعلقة بالأحكام :

يشترط في الحكم، لكي يجوز على الحجية، ان يكون قضائيا، وباتا وان يكون التمسك بمنطوق الحكم دون أسبابه.

1-ان يكون الحكم قضائياً : – لكي يجوز الحكم حجية، يشترط ان يكون صادرا من جهة قضائية، سواء كانت محاكم بداءة او احوال شخصية او جنح او جنايات، او محاكم عسكرية، وان يكون الحكم صادرا بموجب سلطة المحكمة الاصلية لا سلطتها الولائية او الادارية (1). لذلك فالقرارات والأوامر التي تصدرها المحكمة بناء على طلب شخص دون ان تكون ملزمة بدعوة الطرف الآخر، لسماع أقواله، لا تكتسب حجية الأحكام (2).

مثال : قرار وضع الجزء الاحتياطي او رفعه (م 231 مرافعات مدنية وبعدها) او قرار تعيين حارس قضائي (م 147 مرافعات مدنية) وقرار المعونة القضائية (م 295 مرافعات) فهذه القرارات لا تحوز حجية الأمر المقضي وانما يجوز عرض الموضوع مجددا على المحكمة التي أصدرت هذه القرارات (3). ويكون للحكم الصادر من المحكمين حجية الأمر المقضي (4). ويشترط في الحكم ان يكون صادرا من محكمة لها ولاية الفصل في موضوع الحكم الذي اصدرته (5) .فاذا قضيت محكمة البداءة في دعوى تدخل ضمن اختصاص محاكم الأحوال الشخصية فلا يجوز الحكم حجية الأمر المقضي، لان قواعد الاختصاص تعد من النظام العام؛ ومعنى ذلك جواز طرح النزاع مجددا على الجهة القضائية صاحبة الولاية (6). كذلك يشترط في الحكم القضائي ان يكون صادرا من المحاكم العراقية لكي يحوز على حجية الأمر المقضي، اما الأحكام الصادرة من محاكم الدول الاخرى فلا يجوز تنفيذها في العراق الا بشروط معينة نص عليها قانون تنفيذ أحكام المحاكم الأجنبية في العراق رقم 30 لسنة 1928 بقرار تصدره محكمة البداءة يسمى (قرار التنفيذ) لكي يكون الحكم الاجنبي قابلا للتنفيذ في العراق او وفق الشروط التي تنص عليها اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي المصادق عليها قانونا.

2-ان يكون الحكم القضائي باتا : يقصد بالحكم البات، الحكم الذي فصل في موضوع النزاع المطروح على المحكمة بكامل اجزائه، او ببعضها بات منهيا الخصومة (7). وقد قضت محكمة التمييز (اذا أقام المدعي دعواه على المدعى عليه بتمليكه الدار وفقا لقرار مجلس قيادة الثورة رقم 1198 لسنة 1977 وابطال البيوعات الحاصلة بين المدعى عليه الأول والثاني والمدعى عليه الثاني والثالث وردت الدعوى واكتسب الحكم درجة البتات فليس له بعدئذ اقامة الدعوى عليهم بعدم نفاذ التصرف طالما ان الحكم السابق قد اكتسب حجة الشيء المحكوم به)(8). وتثبت الحجية للحمك حتى ولو لم يبلغ الحكم الدرجة النهائية، فالحكم الذي يصدر من محكمة البداءة تثبت له الحجية وقد نصت على ذلك المادة (160 / 3) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969، وهذه الحجية تكون مؤقتة، فاذا انتهى الطعن الى ابطال الحكم او فسخه او نقضه زالت هذه الحجية وتثبت للحكم الأخير (9). وكذلك ثبت للحكم الحجية بفوات مواعيد الطعن في الحكم او بالمصادفة على الحكم بعد الطعن، وثبت للحكم الاستئنافي او التمييزي هذه الحجية حتى ولو رفع بشأنه الطعن بطريق التمييز او اعتراض الغير او تصحيح القرار او اعادة المحاكمة الى ان يصدر حمك آخر ينقضه او ابطاله او تعديله او تصحيحه (10). ولا تجوز الأحكام الصادرة في قضايا الأمور المستعجلة حجية الأمر المقضي وان كانت وقتية الا انه لا يجو العدول عنها، الا اذا تغيرت الظروف التي صدرت فيها (11).

3-التمسك بمنطوق الحكم : يضم الحكم القضائي ثلاثة أقسام، هي وقائع الحكم، اسباب الحكم، ومنطوق الحمك.

وقائع الحكم : – الاصل ان وقائع الدعوى التي وردت فيا لحكم لا حجية لها في دعوى اخرى، ولكن قد تكمل بعض وقائع الدعوى منطوق الحكم، بحيث يكون المنطوق ناقصا بدونها، فتكون للوقائع عندئذ حجية الأمر المقضي فيها تكمل به المنطوق، كما في حالة ما اذا لم يبين في منطوق الحكم مقدار المحكوم به، وكان هذا المقدار موضحا في وقائع الدعوى ولم ينازع فيه الخصم، ولم تمسه المحكمة بأي نقصان، ففي هذه الحالة يتعين اعتبار وقائع الحكم ومنطوقه مكونين في هذه النقطة لمجموعة واحدة لا يتجزأ بحيث يكون للحكم فيما يختص بذلك المقدار حجية الأمر المقضي (12).

أسباب الحكم : الاصل ان اسباب الحكم لا تجوز بحجية الأمر المقضي، الا ان هناك اسباب مرتبطة ارتباطا وثيقا بمنطوق الحكم، بحيث تكون معه وحدة لا تتجزأ، فيرد عليها ما يرد عليه، وبذلك تكتسب حجية الأمر المقضي مع منطوق الحكم (13). وكذلك اذا كانت اسباب الحكم داخله في بناء الحكم وتأسيسه ولازمة للنتيجة التي انتهى إليها المنطوق بحيث لا يتصور قيامه بدونها وتشكل مع المنطوق وحدة غير قابلة للتجزئة (14). واذا كان منطوق الحكم غامضاً، مبهماً، فلابد من الرجوع الى اسباب الحكم لتحديد معناه وتفسير الغامض والمبهم، وتوضيحه وفي هذه الحالة تكون الاسباب متممة لمنطوق الحكم (15) وتشتمل الاسباب على عناصر التقدير التي انتهت إليها المحكمة في المنطوق، فالأسباب بالنسبة الى المنطوق تعتبر كالمقدمة بالنسبة الى النتيجة (16). اما الأمور الواردة في اسباب الحكم والتي لا تتصل اتصالا وثيقا بمنطوقه فأنها لا تكتسب حجة الأمر المقضي (17). ان تقدير علاقة اسباب الحكم بمنطوقه، مسألة تخضع لتقدير محكمة الموضوع، دون تعقيب من محكمة التمييز ما دام ستخلاصها لهذه العلاقة كان منطقيا وسائغا ويؤدي الى ماأنتهت إليه (18). ومع ذلك فهناك رأي يذهب الى ان الشرط الوحيد لتمتع الاسباب بالحجية هي ان تتضمن قضاء في مسألة من المسائل التي طرحت على بساط البحث دون حجة الى تسمية هذه الاسباب بكونها اسباب موضوعية او كونها مرتبطة بالمنطوق ارتباطا وثيقا او دعامة ضرورية له او كونها مكملة للمنطوق او مفسرة له (19).

 منطوق الحكم : الاصل ان الحجية لا تثبت الا لمنطوق الحكم الصريح، لان هذا الجزء هو الذي تتمثل فيه الحقيقة القضائية، اي الفصل موضوع النزاع (20) وهو الذي يتضمن قرار القاضي بمنح الحماية القضائية (21).

وقضت محكمة التمييز بأن حجية الأحكام تقتصر على ما فصل فيها من الحقوق، ولا تمتد الى الحقوق التي لم يفصل فيها (22). فحجية الحكم تكون لمنطوق الحك وهو الجزء الذي يفصل في نقاط النزاع (23). وقضت بأنه اذا اقام المدعي الدعوى جزء من مبلغ الدين المترتب له بذمة المدعى عليه وحصل على حكم بذلك اكتسب درجة البتات بوقته، فان حجية الحكم البدائي المذكور لا تسري على الدعوى الثانية المقامة بخصوص الزيادة وانما يحق للمدعى عليه تقديم دفوعه القانونية بخصوصها، طالما ان الحكم السابق لم يفصل اساساً فيها (24)، واذا أغفل الحكم احد الطلبات، فان هذا الطلب يبقى قائما ويجوز ان يكون موضوع دعوى جديدة، فمثلا اذا كانت الدعوى تتضمن الحكم بالدين وفوائده، وقضت المحكمة برد دعوى الدين دون ذكر الفوائد، فان الحكم يتضمن رد طلب الفوائد أيضاً، اما اذا حكمت على الدين بإلزامه بأداء دون التطرق الى الفوائد اصلا فيجوز للدائن اقامة دعوى جديدة بها (25). وثار خلاف حول ثبوت الحجية للحكم من نقاط اخرى لم ترد فيه بشكل صريح، اذا كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالطلبات الاصلية بحيث تكون وحدة لا تتجزأ معها، ففي هذه الحالة تثبت لها الحجية ضمناً وتبعاً للمنطوق الصريح، فذهب اتجاه الى جواز ذلك، فالحكم الذي يقضي بصحة الاجراءات المتبعة تنفيذا لمستند معين يتضمن قضاءا ضمنياً بصحة هذا المستند ثبوت الحجية له، لأن المشرع لم يشترط شكلا معينا للحمك، فأمره متروك للمحكمة، فقد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا، وفي الحالتين تبقى له صفة الحكم (26). وذهب اتجاه آخر الى ان الحجية تقتصر على ما طلبه الخصوم وحققت فيه المحكمة بحكم صريح، وان فكرة الحكم الضمني غير محددة المعنى ولا يحكمها ضابط معين واضح الدلالة، ثم ان هذه الفكرة تبعث على التناقض ويؤدي الى التحكيم، وفكرة هذا حالها يستحيل على ضوئها تحديد نطاق ما تم الفصل فيه (27).

ثانياً – شروط الدفع بحجية الاحكام :

نصت المادة 105 من قانون الاثبات على ان (الاحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق اذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلا وسببا). فالشروط التي ينبغي توفرها في الحكم، لكي يكتسب الحجية هي اتحاد الخصوم واتحاد الموضوع (المحل) واتحاد السبب، فاذا تخلف شرط من هذه الشروط، تخلف تبعاً لذلك الحجية، ومن ثم لم يعد بالإمكان الدفع بحجية الحكم لسبق الفصل فيه وتعتب الدعوى الجديدة مختلفة عن الدعوى السابقة (28). ونبحث هذه الشروط تباعا.

اتحاد الخصوم: لا يلتزم الحكم الصادر في قضية معينة الا الخصوم الممثلين في الدعوى فحجية الاحكام كحجية العقود لا تسري الا على من كان طرفا فيها، لانه ليس من العدل ان نعطي لحكم م، حجية على شخص لم يكن طرفا في الدعوى، ولم تتح له الفرصة للدفاع عن حقوقه، وبذلك لا يجوز دفع دعوى جديدة بحجية حكم سابق، الا اذا كان الخصوم فيها انفسهم خصوما في تلك الدعوى التي صدر فيها الحكم السابق (29). ويقصد باتحاد الخصوم، اتحاد أطراف الدعوى الحقيقيين لا بأشخاصهم الممثلين في الدعوى، فاذا كان لاحد الخصوم نائب في الدعوى كالوكيل او الولي فالحكم يكتسب الحجية بالنسبة الى الاصيل لا الى النائب عنه، لان الاصيل هو الطرف الحقيقي في الدعوى (30). وعلى هذا نصت المادة 105 من قانون الاثبات بقولها (.. اذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم.. ) وتطبيقا لهذا النص قضت محكمة التمييز ( ان الحكم المميز كان قد تضمن الزام المدعى عليه المميز ببقية المبلغ المدعى به في الدعوى البدائية المرقمة 30 / ب / 1987 والذي اكتسب الحكم الصادر فيها الدرجة القطعية ولما كانت الاحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق اذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات المحق محلا وسبباً استنادا لأحكام المادة 105 من قانون الاثبات لذا قرر تصديق الحكم المميز ..)(31). وتسري حجية الحكم على الخلف العام وهم الورثة والموصى له بحصة في التركة، الذين يخلفون الشخص خلافة عامة في كل ما له او عليه، فهؤلاء يخلفون الشخص في حجية الأحكام الصادرة له او عليه، وتكون الخلافة على اساس انهم متلقين هذا الحق من مورثهم (32). اما الخلف الخاص، وهو من تلقى من سلفه حقا معينا على مال معين، كالمشتري، فهو يعتبر خلفا خاصا للبائع، فان حجية الحكم تسري عليه، شرط ان يكون الحكم متعلقا بالعين التي انتقت الى الخلف الخاص، وان تكون الدعوى التي صدر فيها الحمك قد رفعت قبل انتقال العين الى الخلف الخاص (33). اما الدائن العادي الذي ليس له سوى الضمان العام على ذمة مدينة المالية، فان الحكم الصادر ضد مدينه يكون حجة عليه، الا اذا كان المدين قد تصرف بقصد الاضرار بالدائن، ففي هذه الحالة لا يعد الحكم حجة على الدائن، والدعوى البوليصة (دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين الضارة في حقوق الدائنين) مثال بارز في هذا الصدد (34). اما الدائنون المتضامنون والمدينون المتضامنون والكفلاء (وان كانوا متضامنين) فان ما يصدر من الاحكام لمصلحة احدهم يستفيد منه الباقون، والعكس غير صحيح، فالحكم الصادر ضد أحدهم لا يكون حجة على غيره (35). والملاك على الشيوع يستفيدون من الأحكام الصادرة لمصلحة شركائهم ولا تسري عليهم الأحكام الصادرة تجاه بعضهم فيما يضرهم (36). اما بالنسبة للورثة، فالأصل انه لا يمثل بعضهم البعض الاخر فيما يصدر من الأحكام بالنسبة لمورثهم، الا اذا ثبت ان الوارث كان خصما في الدعوى باعتبارهم مثلا للتركة (37). وأخيراً فهناك أحكام لها حجية قبل الناس كافة، كالأحكام الجزائية والأحكام المقررة للاهلية والأحكام المتعلقة بوضع الجر ورفعه وتبديل الاسم واللقب والأحكام الصادرة بثبوت الجنسية او بنفيها من الجهة القضائية المختصة والحكم بالطلاق، فهذه احكام تكتسب الحجية تجاه الجميع، لانها في حقيقتها أحكام يقصد بها تقدير الحالات او الاوضاع الجديدة التي يتعامل بموجبها الفرد مع الناس (38).

اتحاد الموضوع (المحل) : يعد موضوع الدعوى، من العناصر المهمة التي تحدد نطاقها وتوضح معالمها، ويعرف موضوع الدعوى بأنه، ما يطلبه المدعي من المحكمة في عريضة دعواه، فهو الحق او المركز القانوني الذي يسعى المدعى لحمايته، سواء تعلق ذلك بشيء مادي او معنوي، فهو عبارة عن تقرير وجود او عدم وجود حق او مركز قانوني، او الزام الخصم باداء شيء او القيام بعمل او الامتناع عن عمل، ويتحد موضوع الدعوى حسب طبيعته، فاذا كان دينا ذكر سببه وتاريخ وقوعه واستحقاقه، واذا كان من المنقولات دون جنسه ونوعه وقيمته وأوصافه واذا كان من العقارات حدد موقعه وحدوده وسنده العقاري اذا كان موجوداً (39). وقد نصت المادة 105 من قانون الاثبات على ان (الاحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق اذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلا وسببا). فاذا رفع المدعي دعوى بدين على اخر، ولم يستطع اثباتها فصدر الحكم بردها، فلا يقبل من المدعي ان يرفع على مدينه دعوى ثانية يطالب فيها بالدين ذاته (40). ووحدة الموضوع (المحل) تبقى قائمة مهما طرأت من تغيرات على المحل، من تعديل او زيادة او نقص، لانه من غير الممكن ان يحتفظ الشيء بذاتيه على وجه مطلق (41). واذا حمك بالشيء فان ذلك يسري على ملحقاته، كالحكم بملكية دار يستتبع عدم المنازعة بريعها، والحمك بدين يتضمن الحق بفوائده، كما ان الحكم برد الادعاء بملكية الدار او الدين يمتنع معه المطالبة مجددا بريع الدار او بفوائد الدين (42). والحكم في جزء من التركة حجة في جميع اجزائها، فاذا حكم برفض المطالبة بعين من أعيان التركة فان ذلك يمنع المطالبة بعين اخرى منها، اذا كان الحكم قد انبنى على عدم ثبوت الارث للطالب (43). وقد نصت المادة (159) من القانون المدني العراقي على ان (ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله) اما اذا كان المدعى به لا يشكل بطبيعته وحدة غير قابلة للتجزئة، وكان النزاع على جزء واحد فقط، فان الحكم بالجزء لا يسري على الكل (44). كالحكم برفض ملكية عقار لا يمنع المطالبة بحق انتفاع او ارتفاق على هذا العقار، والحكم برفض المطالبة بجزء مفرز من عقار، لا يمنع المطالبة بنصف شائع فيه، والحكم برد دعوى بملكية عقار لا يمنع المطالبة بجزء منه (45). ولمعرفة ما اذا كان موضوع الدعويين واحدا ام لا، تقوم المحكمة بالتحقق من ان الحكم يؤدي وينصب على الدعوى الجديدة على الحق ذاته الذي صدر به الحكم السابق، ففي هذه الحالة يكون موضوع الدعويين واحد والافل (46).

 اتحاد السبب :- يقصد باتحاد السبب، ان يكون سبب الدعوى السابقة والجديدة واحدا، اما السبب فيقصد به مصدر الحق، اي الواقعة القانونية او المادية التي نشأ عنها موضوع الدعويين، كالشراء او الميراث والوصية، واي مصدر من مصادر الالتزام (47). ويفهم من نص المادة (105) من قانون الاثبات، انه لا يكفي اتحاد الخصوم واتحاد موضوع الدعوى، بل يجب ان يتحد سبب الدعويين، لقبول الدفع بحجية الأمر المقضي، فاذا اقام شخص الدعوى على آخر بملكية عين بسبب الشراء وردت دعواه، فهذا لا يمنعه من اقامة دعوى ثانية بهذه العين على خصمه في تلك الدعوى بسبب آخر هو الارث او الهبة او الوصية (48). وثار خلاف حول امكانية اقامة دعوى جديدة على أساس المسؤولية التقصيرية، اذا ردت الدعوى المقامة على اساس المسؤولية التقاعدية او بالعكس؟

فالرأي الأول ذهب الى ان دعوى المسؤولية عن عمل يمنع رفع دعوى جديدة عن العمل نفسه بمسؤولية تختلف عن السابقة، كأن تكيف المسؤولية الأولى على أنها عقدية وتكيف المسؤولية الثانية على انها تقصيرية (49). وذهب الراي الثاني الى ان المحكمة اذا رفضت الدعوى بسبب معين من المسؤولية يجوز رفع دعوى جديدة عن العمل نفسه بسبب اخر من المسؤولية، فالحكم الأول لا يجوز حجية الأمر المقضي بالنسبة للأسباب الاخرى من المسؤولية، فالسبب في دعوى المسؤولية التقصيرية هو الخطأ الذي قامت عليه، والخطأ العقدي هو غير الخطأ التقصيري (50). ويجب التمييز بين السبب في الدعوى والأدلة التي يقدمها الخصم لأثبات السبب، فالسبب قد يتحد في الدعويين، وتتعدد الأدلة فيها، اذ يجوز ان تكون للواقعة التي تنشأ عنها الحق دلائل عديدة لا ثباتها، لذلك فان تمسك المدعي بدليل معين وردت فيمتنع عليه اقامة دعوى جديدة به مستندا الى دليل آخر، فالعبرة للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، هي وحدة السبب، لا وحدة الدليل (م 105 اثبات) فاذا اقام الدائن الدعوى على مدينه بسبب القرض وردت دعواه لان الدليل الكتابي لم تثبت نسبته الى المدعى عليه، فلا يستطيع ان يرفع دعوى جديدة بالدين ذاته متمسكا بدليل كتابي آخر او بشهادة الشهود (ان كان الدين ضمن النصاب) لاتحاد السبب في الدعويين (51). واخيرا فهناك راي يذهب الى تفادي التمسك بشرطي السبب والموضوع، واستبدالهما بشرط وحدة المسالة المحكوم فيها، وتقوم هذه الفكرة على اذابة الحدود بين فكرتين السبب والموضوع ودمجهما معا. بحيث يشكلان وحدة واحدة فلا فائدة من تجزئتهما ولا جدوى من تفتيتهما، لذلك ينبغي ان تكون الحجية للمسائل التي بحثتها المحكمة، بناء على طلب الخصوم وفصلت فيها بحكم صريح فلا يشترط ان تكون المسألة محل منازعة او مناقشة بين الخصوم، وانما يكفي ان تكون قد عرضت على بساط البحث، فكانت تحت نظر المحكمة، ولكن يشترط ان تفصل فيها المحكمة فعلا لا حكما او افتراضا (52).

_____________________

1-في السلطة الولائية، انظر المواد (151 – 153) مرافعات وفي السلطة الادارية انظر المادة (311) مرافعات.

2-السنهوري، فقرة 753 ص655. محمد عبد اللطيف ج2 فقرة 169 ص154.

3-حسين المؤمن، ج4 ص136.

4-خليل جريج ج3 ص215.

5-الصدة، ص325.

6-ادوار عيد ج2 فقرة 315 ص214.

7-مرقس، اصول الاثبات، فقرة 305 ص182.

8-القرار التمييزي المرقم 114 / م1 / 189 في 13/8/ 1989 (غير منشور).

9-حسين المؤمن ج4 ص170.

10-الصدة، 329. مرقس، اصول الاثبات فقرة 297 ص152 فتحي والي، مبادئ، فقرة 89 ص137.

11-محمد عبد اللطيف ج2 فقرة 177 ص163.

12-الصاوي، فقرة 26 ض50. مرقس، من طرق الاثبات، ج3 فقرة 307 ص202.

13-الصدة، ص339.

14-قرار محكمة الاستئناف العليا في دولة البحرين، المرقم 1661/م/1983 في 29/1/1985. مجلة العربية للفقه والقضاء، العدد الثالث 1986 ص260 / 264.

15-مرقس، اصول الاثبات فقرة 307 ص208. وانظر فتحي والي، مبادئ، فقرة 96 ص146.

16-السنهوري، فقرة 361 ص671.

17-حسين المؤمن، ج4 ص184.

18-مرقس، من طرق الاثبات، ج3 فقرة 307 ص201.

19-الصاوي، فقرة 24 ص47.

20-الدكتور هاشم الحافظ، محاضرات في الاثبات ص10.

21-فتحي والي، مبادئ، فقرة 96 ص146.

22-القرار المرقم 1406 / م4 / 87 – 1988 في 2 / 6 / 1988، مجموعة الأحكام العدلية العدد الثاني 1988 ص74.

23-القرار التمييزي المرقم 779 / 82 / 83 في 30 / 5 / 1984 المجلة العربية للفقه والقضاء العدد الخامس 1987 ص176 – 177.

24-القرار التمييزي المرقم 426 / استئنافية/ 84 – 85 في 6-8 – 1986 مجموعة الأحكام العدلية العدد الثالث والرابع 1986 ص84 – 85.

25-الصاوي، فقرة 9 ص24.

26-الصدة، ص337.

27-الصاوي، فقرة 37 ص67.

28-الصدة، ص344.

29-حسين المؤمن، ج4 ص188.

30-السنهوري، فقرة 365 ص677. فتحي والي، مبادئ، فقرة 98 ص150.

31-القرار المرقم 377 / م1 / 1989 في 29 / 1 / 1990 (غير منشور). وانظر القرار المرقم 438 / م1 / 1989 في 11 / 2 / 1990 (غير منشور) والقرار المرقم 1861 / م2 / 1989 في 13 / 2 / 1990 (غير منشور).

32-مرقس، اصول الاثبات فقرة 311 ص257.

33-السنهوري فقرة 366 ص679.

34-الصدة ص349 – 350. وانظر المادة 263 مدني عراقي وما بعدها.

35-مرقس، اصول الاثبات، فقرة 183 ص331 وانظر المواد (316 – 318) و (320 – 338) من القانون المدني العراقي.

36-حسين المؤمن، ج4 ص196.

37-السنهوري، فقرة 368 ص686.

38-انظر مرقس : من طرق الاثبات ج3 فقرة 296 ص133.

39-النداوي، المرافعات المدنية ص153 – 154.

40-حسين المؤمن ج4 ص199.

41-أدوار عيد ج2 فقرة 320 ص325.

42-مرقس، اصول الاثبات فقرة 309 ص227 – 228.

43-المصدر السابق فقرة 309 ص229.

44-حسين المؤمن ج4 ص202.

45-السنهوري فقرة 371 ص693.

46-احمد نشأت ج2 فقرة 663 ص113.

47-الصدة ص 358.

48-احمد نشأت ج2 فقرة 688 ص118 – 119.

49-الصدة ص 362.

50-السنهوري ج1 ص933 وج2 ص706 هامش رقم (2).

51-توفيق حسن فرج فقرة 96 ص183. مرقس، من طرق الاثبات ج3 فقرة 310 ص225 – 226. محمود جمال الدين زكي فقرة 721 ص1167، وكذلك الحكم برفض الادعاء بالوفاء يمنع تجديده للسبب ذاته ولو قدم الخصوم دليلا مكتوبا لمخالصة الدين، ذلك لان السبب في الحالتين هو الوفاء وان تغير الدليل عليه في الدعوى الجديدة، فاختلاف الادلة لا يجيز تجديد النزاع. نظر د. أحمد ابو الوفا، التعليق على نصوص قانون الاثبات. الاسكندرية 1987 ص296 والقرارات القضائية التي يشير إليها.

52-الصاوي فقرة 184 ص263 – 264 وفقرة 190 ص275 – 276.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .