يطلق على هذا النوع من الرقابة رقابة مشروعية اللوائح أي التحقق من مدى توافق أحكامها مع أحكام القانون والدستور ، مثال ذلك اصدار الحكومة تشريعاً فرعياً تستولى به على أموال الناس دون أن تعوضهم عنها . هذا التشريع يخالف حكم الدستور الذي يقضي بعدم نزع الملكية الخاصة الا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل . لا خلاف على حق المحاكم في رقابة صحة التشريع الفرعي من الناحية الموضوعية لضمان عدم مخالفته لقواعد وأحكام التشريع العادي والدستور على السواء .

فالقضاء العادي يقتصر حقه على مجرد الامتناع عن تطبيق نص اللائحة المخالف للقانون أو الدستور في الدعوى المرفوعة أمامه دون الغائه ، أي أننا نكون بصدد رقابة امتناع ، ومؤدى هذه الرقابة بقاء اللائحة قائمة وقابلة للتطبيق على دعاوى أخرى غير تلك المعروضة على المحكمة ، ذلك أن الحكم الصادر بالامتناع عن تطبيق اللائحة يحوز حجية نسبية مقصورة على النزاع موضوع الدعوى . أضف الى ذلك أن امتناع المحكمة عن تطبيق اللائحة لا يقيد غيرها من المحاكم التي قد تذهب مذهباً مغايراً .

أما القضاء الاداري فسلطته في رقابة شرعية اللوائح أكثر اتساعاً من سلطة القضاء العادي ، فالقاضي الاداري يملك هو الآخر الامتناع عن تطبيق اللائحة المخالفة للقانون أو الدستور وله فضلاً عن ذلك سلطة الغاء مثل هذه اللائحة باعتبارها قراراً ادارياً اذا ما طلب منه ذلك خلال مدة معينة . ومرجع الخلاف بين سلطة كل من القاضي العادي والقاضي الاداري في هذا الشأن أن القضاء الاداري هو وحده الذي يختص بالغاء القرارات الادارية ولا يملك القضاء العادي الغاء مثل هذه القرارات والجدير بالذكر أن سلطة القضاء الاداري في الالغاء تمتد لتشمل اللوائح والأوامر الادارية الفردية هذا بالاضافة الى القرارات بقوانين التي تصدرها السلطة التنفيذية في حالة الضرورة والتفويض لأنها تعتبر قرارات ادارية من حيث الشكل .

الواقع أن الطعن بعدم شرعية اللائحة أمام القضاء الاداري يمكن أن يتم من خلال أحد طريقين :

الأول : الطريق المباشر أي رفع دعوى مستقلة يطلب فيها المدعي الغاء اللائحة المخالفة للقانون أو الدستور وينبغي رفع الدعوى في الميعاد المحدد لرفع دعوى الالغاء وهو ستون يوماً من تاريخ نشر اللائحة في الجريدة الرسمية .

الثاني : الطريق غير المباشر اذ يتم رفع دعوى الغاء أمر اداري فردي صدر استناداً الى لائحة مخالفة للقانون فيطلب المتظلم عم الاعتداد بهذه اللائحة ويستطيع أن يطلب هذا الطلب في أي وقت دون التقيد بالميعاد المحدد لطلبات الالغاء .

وتعبر محكمة القضاء الاداري عن ذلك بقولها ” ويجوز الطعن في القرارات التنظيمية العامة أي اللوائح بأحد طريقين ، اما بالطريق المباشر أي بطلب الغائها في الميعاد ، أو بالطريق غير المباشر في أي وقت عند تطبيقها في الحالات الفردية أي بطلب عدم الاعتداد بها لمخالفتها القانون وذلك عند الطعن في القرارات الفردية بالالغاء ” .