الدفع ببطلان اذن الضبط والتفتيش في ضوء أحكام وقرارات محكمة النقض المصرية

الطعن 8250 لسنة 58 ق جلسة 14 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ق 17 ص 129 جلسة 14 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
————–
(17)
الطعن رقم 8250 لسنة 58 القضائية

(1)حكم “إصداره” “وصفه والتوقيع عليه”. بطلان. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
لا بطلان على تأخير التوقيع على أحكام الإدانة وإيداعها. إلا إذا مضى ثلاثون يوما.
دون حصول التوقيع دون تفرقة بين الأحكام التي تصدر في جلسة المرافعة وتلك التي تصدر في جلسة حجزت إليها الدعوى للنطق بها. المادة 312 إجراءات.
اشتمال قانون الإجراءات الجنائية على بيان نظام وضع الأحكام الجنائية. لا محل معه للرجوع إلى ما أورده قانون المرافعات المدنية.
(2) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل” بطلان. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
تحرير مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات. وروده على سبيل التنظيم والإرشاد. لا بطلان على مخالفته.
خلو محضر جمع الاستدلالات من مكان تحريره. ليس من شأنه إهدار قيمته في الإثبات. حق محكمة الموضوع في تقدير النقض أو العيب الذى يعترى محضر جمع الاستدلالات. عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان.
(3) دفوع “الدفع بصدوره الإذن بعد الضبط والتفتيش”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. كفايته للرد عليه.
(4)دفوع “الدفع ببطلان اذن الضبط والتفتيش” “الدفع ببطلان الإجراءات”. مأمورو الضبط القضائي “اختصاصهم”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لصدوره لغير مختص وبطلان الإجراءات لعدم إخطار الجهات الشرعية.
(5) دفوع “الدفع بعدم ارتكاب الجريمة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم ” تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي. الرد عليه غير لازم. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام الحكم بتعقب المتهم في جزئيات دفاعه. التفاته عنها مفاده. اطراحها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”. أثبات “بوجه عام” “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منه”.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة. لها استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه ؟
(7)جريمة “أركانها”. مسئولية جنائية. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها “
الباعث على الجريمة ليس من أركانها. ولا عبرة به في المسئولية.
– مثال.
(8) إثبات “بوجه عام” “معاينة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. رشوة. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته. مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقرها القانون. غير جائزة. حقه أخذ من أي بينة أو قرينة دليلا لحكمه.
الجدل الموضوعي في عناصر استنباط محكمة الموضوع معتقدها. غير حائز أمام النقض.
(9)إثبات “اعتراف”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. متى أطمأنت إلى صدقه ولو عدل عنه في مراحل أخرى.
إثارة بطلان الاعتراف لصدوره وليد أكراه أو رهبة لأول مرة أمام النقض. غير جائزة.

————-
1 – لما كانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد فصلت نظام وضع الأحكام والتوقيع عليها ولم ترتب البطلان على تأخير التوقيع على الأحكام وإيداعها إلا إذا مضى ثلاثون يوما على الحكم الصادر بالإدانة دون حصول التوقيع ولم تفرق بين الأحكام التي تصدر في الجلسة ذاتها التي تمت فيها المرافعة وتلك التي تصدر في جلسة حجزت إليها الدعوى للنطق بها، ومن ثم فإن قانون الإجراءات الجنائية يكون قد اشتمل على بيان نظام وضع الأحكام الجنائية بما لم يعد معه محل للرجوع إلى ما ورد في قانون المرافعات في شأن ختم الحكم وإيداع مسودته موقعاً عليها من الرئيس والقضاة فور النطق به ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة البطلان التي رماه بها الطاعن.
2 – لما كانت المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه “يجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها”. مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط الفضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات مبينا فيه وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته للبطلان، ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من مكان تحريره ليس من شأنه إهدار قيمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقض أو عيب لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونيا ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غير سديد.
3 – لما كان الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان.
4 – لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره للضابط…….. بقسم الجوازات بالإسماعيلية الذى لا يختص بضبط الواقعة موضوع الدعوى وبطلان الإجراءات التي سبقت هذا الإذن لعدم إبلاغ النيابة العامة بها قبل إجرائها – واطرحه في قوله “وحيث إنه عما طعن به الدفاع من بطلان الإذن لصدوره لغير مختص فمردود… عليه بأنه من المقرر قانوناً أن رجل الضبط الفضائي له صفه الضبطية القضائية في مكان اختصاصه بالنسبة لجميع الجرائم، لما كان الثابت أن إذن النيابة قد صدر للرائد…… رئيس جوازات الإسماعيلية وهو أحد رجال الضبطية القضائية ومن ثم كان له اختصاص بالنسبة لضبط جميع الجرائم المتصلة بأعمال وظيفته في مكان اختصاصه الأمر الذى ترى معه المحكمة أن الإذن قد صدر لمختص ومن ثم كان الدفع في غير محله وتلتفت عنه المحكمة ولا يعول عليه. وحيث إنه عن بطلان ما أتخذ من إجراءات دون إخطار الجهات الشرعية فمردود عليه بأنه من المقرر قانوناً أنه بمجرد أن يعلم مأمور الضبط الفضائي بوقوع جريمة سواء كان ذلك بناء على تحرياته أو بناء على شكوى أو بلاغ فقد أوجب عليه القانون القيام بجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق وجمع العناصر والقرائن والأدلة التي تساعد على سهولة التحقيق، ومن ثم كان ما فعله الضابط من إجراءات يتفق وصحيح القانون وكان الدفع على غير أساس سليم من القانون وتلتفت عنه المحكمة ولا تعول عليه” وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ويسوغ به إطراح الدفعين المار ذكرهما ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد بدعوى الفساد في الاستدلال غير سديد.
5 – لما كان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بإنكار الجريمة وأطرحه في قوله “وحيث إنه عن إنكار المتهم فلا يعدو أن يكون بدوره ضربا من الدفاع بقصد درء ما تردى فيه من إتهام” ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشة على حده دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
7 – لما كان ما ذهب إليه الطاعن من أن أحدا من الشهود لم يقل بتزوير الأوراق التي قدمت لاستخراج جوازي السفر ومن ثم ينتفى الباعث على ارتكاب الجريمة مردود بأن الباعث على الجريمة لا يؤثر في قيامها وليس ركناً من أركانها ولا عبره به في المسئولية، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن يكون غير سديد.
8 – لما كان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينه يرتاح إليها دليلاً لحكمه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به مما ثبت من معاينة مكان الضبط – من إمكان رؤية الشاهدين لواقعة عرض الطاعن مبلغ الرشوة وسماعهم ما دار من حديث بشأنها – وعولت على هذه المعاينة – من بين الأدلة التي أخذت بها – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.
9 – من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وان عدل عنه في مراحل أخرى.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجب من واجبات وظيفته بأن عرض على ….. الموظف بقسم جوازات الإسماعيلية مبلغ خمسمائة جنيه قدم له منه مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيها على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على استخراج جواز سفر باسم……. وأخر بموجب مستندات مزوره قدمها له ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسماعيلية لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 109/ 1 مكرر من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عرض رشوه قد شابه البطلان وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه على الرغم من صدوره بعد حجز الدعوى للحكم فإن أسبابه لم توقع إلا في اليوم التالي لإصداره، وقد أغفل ما أثاره الطاعن من بطلان محضر جمع الاستدلالات لخلوه من بيان مكان تحريره، وبطلان القبض على الطاعن لإجرائه قبل الإذن به من النيابة العامة هذا إلى أن الطاعن دفع كذلك ببطلان إذن التفتيش لصدوره للضابط…… بقسم الجوازات بالإسماعيلية، والذى لا يختص بضبط الواقعة موضوع الدعوى، ولبطلان الإجراءات السابقة على ذلك الإذن إذ لم تبلغ بها النيابة العامة قبل إجرائها وبعدم ارتكابه الجريمة فأطرح الحكم هذه الدفوع جميعا ـ بما لا يسوغ إطراحها وعول في الإدانة على أقوال الشهود في حين خلت هذه الأقوال مما استخلصه الحكم من أن الطاعن وآخر – سبق الحكم عليه – عرضا مبلغ الرشوة على الباحث….. بقسم جوازات الإسماعيلية، كما جرت أقوال الأخير بأن المتهم الآخر هو الذى عرض عليه الرشوة ولم يكن الطاعن معه ولم ينسب للطاعن أنه قدم إليه جوازي السفر والأوراق اللازمة لاستخراجها، ولم يقل أي من الشهود أن هذه الأوراق مزوره، ومن ثم ينقض الباعث على ارتكاب الجريمة. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول في الإدانة ضمن ما عول عليه على المعاينة التي أجريت لمكان الضبط في حين أن الضبط جرى في مسكن الشاهد……. ولم يكن الطاعن دور فيما جرى فيه، وهو الذى جحد الاعتراف المعزو إليه بمحضر جمع الاستدلالات ودفع ببطلانه لكونه وليد إكراه ورهبة تمثلا في القبض عليه والذى وقع باطلا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله “إن المتهم…….. – الطاعن – وآخر سبق الحكم عليه تقابلا مع…… الموظف بقسم جوازات الإسماعيلية وعرض عليه مساعدتهما في استخراج جوازات سفر لأشخاص دون حضورهم بالقسم وعرض المتهم أن يكون ذلك مقابل مائتين وخمسين جنيها لكل جواز فأخبرهما بأن المختص بذلك هو زميله…….. الذى يعمل باحث بالقسم فتوجه إليه المحكوم عليه – المتهم الثاني – بعيدا عن مقر عمله وأنهى إليه الغرض السابق محيطا إياه علما بأن المستندات التي ستقدم له هي سلبية في الظاهر، فتظاهر بالموافقة على طلبه وابلغ الشرطة فطلبت منه مسايرته، وأنه لما توجه إلى مكتبه بعد ذلك في 14/ 7/ 1982 وجد طلبين لاستخراج جوازي سفر باسم….. و…… ومبلغ ثلاثة عشر جنيها هي رسوم استخراج الجوازين وحدد ميعادا لتسليمهما في مساء اليوم التالي بمنزله وحينئذ استصدر الرائد….. إذنا من النيابة العامة بالضبط والتفتيش وأعد كمينا بمنزل…… وضبط المتهم بعد أن قدم مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيها للموظف المذكور على سبيل الرشوة نظير استخراج الجوازين سالفي الذكر، وذلك بعد أن خصم من المبلغ المتفق عليه مائة وخمسين جنيها بمقولة أنها تدفع تأمينا للجوازين”. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة بالصورة المار ذكرها أدلة مستمدة من أقوال الشهود….. و…. الموظفين بقسم جوازات الإسماعيلية والرائد…… والمقدم….. بمباحث قسم جوازات الإسماعيلية ومن إقرار المتهم – الطاعن – بمحضر الضبط وما ثبت من معاينة مكان الضبط، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولها أصلها الصحيح في الأوراق – على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن لما كان ذلك، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد فصلت نظام وضع الأحكام والتوقيع عليها ولم ترتب البطلان على تأخير التوقيع على الأحكام وإيداعها إلا إذا مضى ثلاثون يوما على الحكم الصادر بالإدانة دون حصول التوقيع ولم تفرق بين الأحكام التي تصدر في الجلسة ذاتها التي تمت فيها المرافعة وتلك التي تصدر في جلسة حجزت إليها الدعوى للنطق بها، ومن ثم فإن قانون الإجراءات الجنائية يكون قد اشتمل على بيان نظام وضع الأحكام الجنائية بما لم يعد معه محل للرجوع إلى ما ورد في قانون المرافعات في شأن ختم الحكم وإيداع مسودته موقعاً عليها من الرئيس والقضاة فور النطق به ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة البطلان التي رماه بها الطاعن. لما كان ذلك، وكانت المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه “ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط الفضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها”. مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط الفضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات مبينا فيه وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته للبطلان، ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من مكان تحريره ليس من شأنه إهدار قيمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقض أو عيب لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان إن التفتيش لصدوره للضابط…… بقسم الجوازات بالإسماعيلية الذى لا يختص بضبط الواقعة موضوع الدعوى وبطلان الإجراءات التي سبقت هذا الإذن لعدم إبلاغ النيابة العامة بها قبل إجرائها – واطرحه في قوله “وحيث إنه عما طعن به الدفاع من بطلان الإذن لصدوره لغير مختص فمردود… عليه بأنه من المقرر قانوناً أن رجل الضبط الفضائي له صفه الضبطية القضائية في مكان اختصاصه بالنسبة لجميع الجرائم، لما كان الثابت أن إذن النيابة قد صدر للرائد…. رئيس جوازات الإسماعيلية وهو أحد رجال الضبطية القضائية ومن ثم كان له اختصاص بالنسبة لضبط جميع الجرائم المتصلة بأعمال وظيفته في مكان اختصاصه الأمر الذى ترى معه المحكمة أن الإذن قد صدر لمختص ومن ثم كان الدفع في غير محله وتلتفت عنه المحكمة ولا يعول عليه. وحيث إنه عن بطلان ما أتخذ من إجراءات دون إخطار الجهات الشرعية فمردود عليه بأنه من المقرر قانوناً أنه بمجرد أن يعلم مأمور الضبط الفضائي بوقوع جريمة سواء كان ذلك بناء على تحرياته أو بناء على شكوى أو بلاغ فقد أوجب عليه القانون القيام بجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق وجمع العناصر والقرائن والأدلة التي تساعد على سهولة التحقيق، ومن ثم كان ما فعله الضابط من إجراءات يتفق وصحيح القانون وكان الدفع على غير أساس سليم من القانون وتلتفت عنه المحكمة ولا تعول عليه” وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ويسوغ به إطراح الدفعين المار ذكرهما ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد بدعوى الفساد في الاستدلال غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بإنكار الجريمة فأطرحه في قوله “وحيث إنه عن إنكار المتهم فلا يعدو أن يكون بدوره ضربا من الدفاع بقصد درء ما تردى فيه من إتهام ” ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذى أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق لها معينها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استدلال الحكم بأقوال الشهود وما جرت به أقوال الشاهد…. الباحث بقسم جوازات الإسماعيلية لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما ذهب إليه الطاعن من أن أحدا من الشهود لم يقل بتزوير الأوراق التي قدمت لاستخراج جوازي السفر ومن ثم ينتفى الباعث على ارتكاب الجريمة مردودا بأن الباعث على الجريمة لا يؤثر في قيامها وليس ركناً من أركانها ولا عبره به في المسئولية، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به مما ثبت من معاينة مكان الضبط – من إمكان رؤية الشاهدين لواقعة عرض الطاعن مبلغ الرشوة وسماعهم ما دار من حديث بشأنها – وعولت على هذه المعاينة – من بين الأدلة التي أخذت بها – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه بمحضر الضبط ولم يقل بأنه كان وليد إكراه أو رهبة فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .