الحكم الجنائي الصادر في جريمة دخول عقار بقصد منع حيازته وفقاً للقانون المصري – اجتهادات قضائية

الطعن 978 لسنة 60 ق جلسة 7 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 292 ص 1556

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز نواب رئيس المحكمة ود/ سعيد فهيم.
———-
– 1 حكم “حجية الحكم”. قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. نطاقها. المادتان 456 أج ، 102 من قانون الإثبات.
مؤدى نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968…. على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له.
– 2 حكم “حجية الحكم الجنائي”. قوة الأمر المقضي. حيازة. دعوى “دعوى الحيازة”.
الحكم الجنائي الصادر في جريمة دخول عقار بقصد منع حيازته المنصوص عليها في المادتين 369، 370 عقوبات. ليس له حجية أمام المحكمة المدنية فيما يقرره بشأن مدى توافر الشروط القانونية للحيازة المنصوص عليها في القانون المدني. علة ذلك.
مناط التأثيم في جريمة دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة طبقا للمادتين 369، 370 من قانون العقوبات هي ثبوت التعرض القانوني للغير في حيازته للعقار حيازة فعليه بنية الإفتئات عليها ومنع حيازته بالقوة….. وأن القوة في هذه الجريمة هو ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء وسواء كانت تلك الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن وسواء كان الحائز مالكا أم غير ذلك تقديرا من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز العقار دون الالتجاء إلى الجهات القضائية المختصة ولو استنادا إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة للعدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام فإنه وعلى ما سلف لا يكون لازما للمحكمة الجنائية للحكم في الجريمة سالفة الذكر التعرض لبحث مدى توافر الشروط القانونية للحيازة المنصوص عليها في القانون المدني ولا تاريخ بدئها إذ هي ليست لازمة للفصل في الدعوى الجنائية ونسبتها إلى فاعلها فإذا تناولها فإن ذلك يعد منه تزيدا لا يلزم القاضي المدني.
– 3 دعوى “دعاوى الحيازة”. حيازة. محكمة الموضوع “سلطتها في دعاوى الحيازة”. ملكية.
التعرض الذي يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع لحمايتها. هو الإجراء المادي أو القانوني الموجه للحائز بما يتعارض مع حقه في الحيازة. وجوب رفع الدعوى خلال سنة من حصول الاعتداء. المادتان 958، 961 مدني.
لما كان التعرض الذي يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعاوى حمايتها على حسب توافر شروط كل منها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو الإجراء المادي أو القانوني إلى واضع اليد بادعاء حق يتعارض مع حقه فيها وقد أوجب المشرع في المواد من 958 إلى 961 من القانون المدني رفع تلك الدعاوى خلال سنة من تاريخ بدء الاعتداء عليها.
– 4 دعوى “دعاوى الحيازة”. حيازة. محكمة الموضوع “سلطتها في دعاوى الحيازة”. ملكية.
استخلاص واقعة سلب الحيازة وتاريخها. استقلال قاضي الموضوع به متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده في الأوراق.
واقعة سلب الحيازة والتعرض فيها وتاريخ ذلك من المسائل الموضوعية المتروكة لقاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغا من أوراق الدعوى بما له من سلطة تقديرية.
– 5 دعوى “دعاوى الحيازة”. حيازة. محكمة الموضوع “سلطتها في دعاوى الحيازة”. ملكية.
قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملك يلتزم بها الخصوم كمل يلزم بها القاضي. عدم جواز بناء الحكم في دعوى الحيازة على أساس البحث في اصل الملك. جواز الرجوع إلي مستندات التمليك على سبيل الاستئناس لاستخلاص ما يتعلق بالحيازة وصفتها.
لئن كان الأساس الأصلي لدعاوى الحيازة بشروطها القانونية فلا محل للتعرض فيها لبحث الملكية وفحص ما يتمسك به الخصوم من مستندات بشأنها إلا أن يكون ذلك على سبيل الاستئناس ليستخلص منها القاضي كل ما كان متعلقا بالحيازة وصفتها وبشرط ألا يكون الرجوع إلى مستندات المالك مقصودا لتحري الحق وتلك قاعدة يرتبط بها المدعي والمدعى عليه وقاضي الدعوى.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 1596 لسنة 1985 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم لها برد حيازتها للعقار الموضح بصحيفة الدعوى ومنع تعرضه لها في الانتفاع به وقالت بياناً لذلك إنها تحوز عقار النزاع استناداً إلى عقد البيع المسجل 2500 لسنة 1978 قصر النيل وبتاريخ 8/ 1/ 1985 تعدى الطاعن على حيازتها بأن أقام منشآت عليه بغير سند وإذ لم تنقضي سنة من تاريخ هذا الاعتداء فقد أقامت الدعوى – ندبت المحكمة خبيراً فيها وبعد أن أودع تقريره – قضت لها بالطلبات – استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2584 لسنة 105 ق وبتاريخ 7/ 2/ 1990 حكمت المحكمة بالتأييد – طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وبياناً لذلك يقول أنه تمسك بدفاع مؤداه أن الحكم الجنائي الصادر في قضية الجنحة رقم 947 لسنة 1985 قصر النيل قطع بثبوت الحيازة الفعلية له دون المطعون ضدها بإقرارها منذ أكثر من سنة سابقة على رفع الدعوى وإذ لم يتناوله الحكم ولم يعمل حجيته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو عدم كفاية الأدلة وكانت المادة 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً فإن مفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم الجنائي له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور – فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له.
لما كان ذلك وكان مناط التأثيم في جريمة دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة طبقاً للمادتين 369، 370 من قانون العقوبات هو ثبوت التعرض المادي للغير في حيازته لعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليها ومنع حيازته لها بالقوة وأن القوة في هذه الجريمة هو ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء وسواء كانت تلك الحيازة شرعية مستنده إلى سند صحيح أو لم يكن وسواء كان الحائز مالكاً أم غير ذلك تقديراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز العقار دون الالتجاء إلى الجهات القضائية المختصة ولو استناداً إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة للعدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام فإنه وعلى ما سلف لا يكون لازماً للمحكمة الجنائية للحكم في الجريمة سالفة الذكر التعرض لبحث مدى توافر الشروط القانونية للحيازة المنصوص عليها في القانون المدني ولا تاريخ بدئها إذ هي ليست لازمة للفصل في الدعوى الجنائية ونسبتها إلى فاعلها فإذا تناولها فإن ذلك يعد منه تزيداً لا يلزم القاضي المدني وإذ كان الحكم المحاج فيه لا حجية له في هذا الصدد فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعمل تلك الحجية أو يرد على هذا الدفاع ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وبياناً لذلك يقول أنه دفع بعدم قبول دعوى المطعون ضدها برد حيازتها لعين النزاع ومنع تعرضه لها فيها لرفعها بعد مضي أكثر من سنة من تاريخ علمها بالتعرض ودلل على ذلك بإقرارها في المحضر المؤرخ 8/ 1/ 1985 أنه قد وضع يده على جزء منها منذ سنة 1983 وهو ما أيده الخبير المنتدب في الدعوى في تقريره وإذ أقام الحكم قضاءه على سند من ثبوت الحيازة لها وأن التعرض المؤدي لفقدها كان في شهر أكتوبر سنة 1984 وأنها أقامت الدعوى في شهر فبراير سنة 1985 ومن ثم تكون شروط تلك الدعوى قد توافرت في جانبها دون أن تتناول هذا الدفع رغم جوهريته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان التعرض الذي يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعاوى حمايتها على حسب توافر شروط كل منها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو الإجراء المادي أو القانوني الموجه إلى واضع اليد بادعاء حق يتعارض مع حقه فيها وقد أوجب المشرع في المواد من 958 إلى 961 من القانون المدني رفع تلك الدعاوى خلال سنة من تاريخ بدء الاعتداء عليها وكانت واقعة سلب الحيازة والتعرض فيها وتاريخ ذلك من المسائل الموضوعية المتروكة لقاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده في الأوراق.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً من أوراق الدعوى بما له من سلطة تقديريه في ذلك أن الفعل المؤدي إلى سلب حيازة المطعون ضدها لعقار النزاع قد تم في شهر أكتوبر سنة 1984 وأن الدعوى رفعت في 3/ 2/ 1985 وانتهى إلى قبولها لرفعها في الميعاد فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بما ورد بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وبياناً لذلك يقول إن الحكم إذ بنى قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برد حيازة المطعون ضدها لعقار النزاع ومنع تعرضه لها فيه على سند من ملكيتها له بموجب العقد المشهر الأمر المحظور على قاضي الحيازة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لئن كان الأساس الأصلي لدعاوى الحيازة هي الحيازة بشروطها القانونية فلا محل للتعرض فيها لبحث الملكية وفحص ما يتمسك به الخصوم من مستندات بشأنها إلا أن يكون ذلك على سبيل الاستئناس يستخلص منها القاضي كل ما كان متعلقاً بالحيازة وصفتها وبشرط ألا يكون الرجوع إلى مستندات الملك مقصوراً لتحري الحق وتلك قاعدة يرتبط بها المدعي والمدعى عليه وقاضي الدعوى.
لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به برد حيازة المطعون ضدها لعقار النزاع ومنع تعرض الطاعن لها فيه على سند مما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى وما كان الرجوع فيه إلى العقد المشهر سند ملكيتها إلا على سبيل الاستئناس لاستخلاصه كل ما هو متعلق بحيازتها له وليس لتحري أصل الحق وهذا أمر جائز قانوناً فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .