حقوق وواجبات المرأة في الأسرة / سرور طالبي

مداخلة رئيسة المركز خلال المؤتمر الدولي السابع لمركز جيل البحث العلمي حول المرأة والسلم الأهلي، طرابلس | لبنان

تحت عنوان:

حقوق وواجبات المرأة في الأسرة : بين إجحاف القوانين والوثائق العربية ومبالغة الصكوك الدولية

الملخص:

تلعب المرأة دورا رائدا في السير العادي للمجتمع، فهي ركيزة الأسرة التي بدونها لا تقوم قائمة، وهي المربية الأولى لأفرادها، والموجهة لسلوكهم، والحريصة على سلامتهم من الآفات التي قد يتعرضون لها، وهي التي تنسج شكل العلاقات التي تربط الأسرة بالمجتمع.

ومع هذا لقد كانت حقوق وواجبات المرأة داخل الأسرة ولا زالت نقطة جدال وبين أخد ورد ما بين التقاليد والتطور، وبين القوانين والوثائق العربية المجحفة بحقها والصكوك الدولية المبالغة في تحريرها ومساواتها مساواة فعلية بالرجل. فتسبب هذا في إضعاف والمساس بركائز ومقومات الأسرة، وعرض المجتماعات العربية إلى غزو ثقافي تسرب من خلال هذه المؤسسة المقدسة، أخد عدة أشكال وتسميات أهمها حماية المرأة من العنف الأسري.

نريد من خلال هذه المداخلة تسليط الضوء على الثغرات التي تشوب القوانين والوثائق العربية التي تنظم الحقوق والواجبات العائلية وبالمقابل كشف جوهر ومدى خطورة الصكوك الدولية ونتائجها السلبية على الأسرة والمجتمع، للخروج باقتراحات وتوصيات تحمي الأسرة العربية من التحديات المعاصرة.

Résumé :

Les femmes jouent un rôle élémentaire dans le bon déroulement des relations familiales et sociales. Elles constituent la base de la société, le fondement de la famille, et jouent un rôle primordiale dans l`éducation de ses membres.

Et malgré cela, les droits et devoirs des femmes au sein de la famille ont toujours constitués une controverse entre traditions et modernité, et entre les instruments arabes injustes vis-à-vis des femmes et les instruments internationaux exagérant dans la protection et l`établissement de l’égalité de facto avec les hommes. Ceci se répercute sur la société compromet les fondements de la famille, et facilite l’invasion culturelle qui véhicule des solutions radicales et laïques sous prétexte de protéger les femmes contre la violence domestique.

Nous voulons à travers cette intervention, mettre en évidence les lacunes dans les lois et les textes arabes qui réglementent les droits et devoirs de la famille et dévoiler en revanche la gravité des instruments internationaux et leurs conséquences néfastes sur la famille et la société, afin de sortir avec des suggestions et des recommandations qui protègent la famille arabe des défis contemporains.

***

المقدمة:

هناك اختلاف وتعارض في وجهة نظر الدول العربية والدول الغربية في مفهوم مؤسسة الأسرة ومكانة المرأة فيها، ولقد تجسد هذا التعارض وبرز في مؤتمر السكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة في العام 1994 وتكرر بروزه في مؤتمر بيكين سنة 1995[2]، وفي كل مناسبة دولية جمعت الدول الغربية بالدول العربية على طاولة مناقشة وضع حقوق الإنسان في العالم.

وتاثرا بالفكر الغربي، يلخص بعض الكتاب العرب وضعية المرأة في قوانين الأحوال الشخصية العربية بأنها وضعية القاصر، لأنها دائما في موقف تمييز بحيث توضع تحت وصاية الولي عند إبرام عقد الزواج، تُلزم بطاعة زوجها خلال قيام العلاقة الزوجية ومحرومة من ممارسة أي سلطة قانونية على أطفالها. كما أنها معرضة للامساواة عند انحلال عقد الزواج أو عند حصولها على حصتها من التركة ومحرومة من الزواج بأحد من غير دينها ومعرضة لفقدان جنسيتها[3]. أبعد من ذلك، إن وضعية المرأة في الدول العربية حسب رأي هؤلاء الكتاب[4]، “في درجة أسفل من الدرجة التي قررتها لها مختلف الاتفاقيات الدولية لحقوق المرأة. أضف إلى ذلك، لم تتردد هذه الدول في وضع تحفظات كلما تبنت الأمم المتحدة اتفاقية تعني بحماية حقوق المرأة داخل الأسرة”.[5]

بالفعل لقد تحفظت أغلبية الدول العربية على المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تعني بالأسرة، وعلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عام 1979[6]: فيما يخص المساوة المطلقة بين الجنسين وحقوق المرأة العائلية، لاسيما عند إبرام عقد الزواج وأثنائه أو عند فسخه، والحق في نقل جنسيتها إلى أطفالها أو الولاية عليهم، لكن وضعية المرأة في قوانين الأحول الشخصية العربية ليست بهذه الدرجة من الدونية، كما شهدت السنوات الأخيرة تراجع بعض هذه الدول عن موقفها من هذه الحقوق وعلى رأسها الجزائر وقامت بسحب البعض من هذه التحفظات بعد إدخال تعديلات جوهرية على القوانين التي تنظم الأسرة.

ورغم ذلك لم تقضي هذه التعديلات على الممارسات التمييزية والعنف الممارس على المرأة داخل الأسرة، لكن العنف الأسري ظاهرة عالمية لا تقتصر على الدول العربية فحسب أو على المرأة على وجه التحديد ومع هذا تتعرض الدول العربية إلى انتقادات مستمرة وتسوق المنظمات الحقوقية تصورا خاطئ للأسرة العربية التي يحاولون تفكيكها من باب القضاء على العنف ضد المرأة فيها.

وانطلاقا من هذا الوضع، أردنا أن تكون مساهمتنا في هذا المؤتمر من خلال التوقف عند الاشكاليات التالية:

ما هي الحقوق والواجبات العائلية المقررة في الوثائق الدولية لحقوق الإنسان؟ وما مدى ارتباطها بتحرير المرأة؟
مامدى خطورة الأحكام والحقوق الواردة في هذه الوثائق الدولية وماهي الأثار المترتبة على تطبيقها على الأسرة العربية والمجتمع؟
ما هي الحقوق والواجبات العائلية المقررة بالوثائق العربية والإسلامية لحقوق الإنسان؟ وما مدى نجاحها في إيجاد حلول جذرية لتحصين الأسرة العربية المسلمة؟
هل يمكن الإعتماد على هذه الوثائق العربية والإسلامية من أجل درئ مخاطر تطبيق الوثائق الدولية لحقوق الإنسان المختلفة، التي تبالغ في تحرير المرأة وتعطي حلولا قد تتسبب في تفكيك الأسرة وتساهم في انتشار آفات إجتماعية تضر حتى بالمجتمع؟
وللإجابة على هذه التساؤلات المطروحة، سنقسم دراستنا الى قسمين، نكشف في القسم الأول منه جوهر ومدى خطورة الوثائق الدولية ونتائجها السلبية على الأسرة والمجتمع، أما في القسم الثاني فسنسلط الضوء على الثغرات التي تشوب الوثائق العربية والإسلامية التي تنظم حقوق المرأة العائلية، للخروج باقتراحات وتوصيات تحمي الأسرة العربية من التحديات المعاصرة.

أولا: الحقوق والواجبات العائلية في الوثائق الدولية لحقوق الإنسان

تتميز القوانين العربية الإسلامية عن القوانين الغربية من حيث عدم إدماج الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية في القانون المدني، وإنما في قانونا خاصا أطلق عليه اسم قانون الأحوال الشخصية. ولقد جاء هذا الفصل نتيجة لاعتبار قانون الأحوال الشخصية نسيج وحده يختلف عن سائر القوانين السياسية والاقتصادية والجنائية والتجارية والدولية وغيرها، فهو يحكم علاقات إنسانية شخصية إلى حد بعيد، عليها عماد المجتمع كله، وهي علاقة أفراد الخلية الأساسية في المجتمع، أي الأسرة.

فتنظيم علاقة الزواج أمر حساس جدا لأنه مرتبط بالحياة الشخصية للأفراد من جهة، ولأنه يمس في الكثير من الحالات بمبادئ واعتقادات راسخة في أدهان أفراد المجتمع عبر أزمنة بعيدة من جهة أخرى. لذا تستوحي أغلبية قوانين الأحوال الشخصية العربية الإسلامية مصدرها من الشريعة الإسلامية السمحاء ومن التقاليد الموروثة والتي تكون للاسف أغلبيتها تسيء إلى وضعية وحقوق المرأة داخل الأسرة.

ومن هذا المنطلق يعتبر بعض الكتاب[7] بأن “قانون الأسرة هو في حد ذاته قانون المرأة لذا لا يجب أن يحتوي على ما يشكل تمييزا ضدها بل يجب أن يحقق لها المساواة الكاملة داخل مؤسسة الأسرة”.

ولقد تزايدت في الأعوام الأخيرة المطالبة بضرورة تطابق قوانين الأحوال الشخصية مع الوثائق الدولية لحقوق الإنسان وعدم التحفظ على المواد الخاصة بتنظيم الأسرة وحقوق المرأة فيها، وتكمن خطورة هذه المطالبة في أنها لم تبقى تصدر من جهات غربية دولية فحسب بل من داخل الدول العربية الإسلامية في حد ذاتها، لذا إستوجب التوقف عند خطر تطابق قوانينا بالوثائق الدولية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالأسرة على وجه التحديد، من خلال التعرض لمفهوم الأسرة والعنف الأسري في هذه الوثائق الدولية كالآتي:

مفهوم الأسرة في الوثائق الدولية لحقوق الإنسان:
يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أول وثيقة دولية نصت على الحقوق والواجبات العائلية بمقتضى المادة 16 التي سوت بين المرأة والرجل في إبرام عقد الزواج وفي حقوقهما أثناء قيامه وعند انحلاله مركزة على ضرورة توفر الرضا الكامل والمطلق “لطرفي العقد” معتبرة الزواج – بشرط بلوغ السن القانوني- حق من حقوق الإنسان غير قابل لأي قيد لا سيما ديني، كما إعتبرت الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.”[8]

وأعاد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بموجب المادة 23[9]، التأكيد على إعتبار الأسرة “الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة” وعلى ضرورة توفر الرضا الكامل والمطلق لـ “طرفي العقد” لكن تراجعت الفقرة الثانية من هذه المادة عن ذكر القيد المرتبط بالدين.

والجدير بالذكر بأن المادة 4/23 لم تكتفي بالنص على ضرورة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله بل أضافت ضرورة إلتزام الدول الأطراف في هذا العهد ” بإتخاذ التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق “الزوجين” وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله”.

وعند الوهلة الأولى وبتاريخ صدور هاتين الوثيقتين الدوليتين، لم يخطر على بال أحد بأن المصطلحات المستعملة بالمادة 16 والمادة 23 سالفتين الذكر، كانت تمهد لانتقال المجتمع الدولي تدريجيا نحو الإعتراف بالأسرة من جنس واحد، فرغم تأكيد هاتين المادتين على حق المرأة والرجل على قدم المساواة في الزواج بمجرد بلوغ سن الرشد، لكنهما عند الحديث عن شروط إبرام عقد الزواج يتحدثان عن ” أطراف العقد”، دون ذكر ” المرأة وارجل” بصريح العبارة.

فالزواج بالمفهوم الغربي يسمح بقيام رابط عائلي “وفق عقد مدني” غير منتظم بقواعد دينية، كما يسمح بقيام أنماط مستقلة و”متحررة” حتى من دون عقد الزواج، أبعد من ذلك يسمح بقيام عائلة من جنس واحد، بل وتضمن لأفرادها ( أي الأسرة من جنس واحد) التمتع بكافة الحقوق والواجبات العائلية، بما فيها الحق في التبني.

ومن جهة أخرى، ربطت هاتين الوثيقتين الدوليتين حماية الأسرة بتحقيق المساواة الكاملة والفعلية بين الرجل والمرأة وبإحداث تغيير في الدور التقليدي “النمطي الجندري ” لكليهما في المجتمع والأسرة[10]؛ فبدأت تتبلور فكرة إيجاد قانون خاص لحماية النساء من كافة أشكال التمييز، يعرف بـ”القانون الدولي لحماية حقوق المرأة”.[11]

ومن أجل تحقيق هذه الغاية اعتمدت منظمة الأمم المتحدة مجموعة من الوثائق الدولية من أجل تحسين أوضاع المرأة داخل الأسرة وتحريرها من القيود المفروضة عليها، وتتمثل هذه الوثائق:

اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة وحقها بالاحتفاظ بجنسيتها الأصلية لعام 1957؛
اتفاقية القبول الطوعي بالزواج والسن الدنيا للزواج وتسجيله لعام 1962؛
اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 (اتفاقية السيداو)[12]؛ وتعتبر هذه الاتفاقية، أهم وثيقة دولية تحمي الحقوق الفردية للنساء، لكونها قد حددتها في إطار النظام الدولي لحقوق الإنسان، محاولة تحقيق المساواة الفعلية على أرض الواقع.

وتلزم المادة16 من اتفاقية السيداو الدول الأطراف فيها باتخاذ كل التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن: المساواة بين الرجل والمرأة، عند إبرام عقد الزواج، حرية اختيار الزوج، الرضا الكامل والحر كما تلزمهم بضرورة منحهما نفس الحقوق والمسؤوليات ( بما فيها الانفاق) خلال الزواج أو بعد انحلاله.

كما تنص هذه المادة على ضرورة تمتع المراة والرجل بنفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، بما في ذلك منح إسم الأسرة.

لكن أخطر ما نصت عليه هذه المادة في فقرتها الثانية هو بطلان خطوبة أو زواج ” الطفل”، مع العلم أن اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، قد عرفت الطفل بكل من لم يتعدى عمره 18 سنة، وعليه فإن أقل ما يقال عن هذه المادة أنها تشجع العلاقات الحرة الخارجة عن اطار الزواج، وبالمقابل تعطي المرأة حرية تامة لاسيما جسدية، في الإنجاب و منعه أو حتى ايقاف الحمل ولو كان في اطار عقد زاوج.

وإلى جانب اتفاقية السيداو وغيرها من الوثائق الدولية والتي باتت تشكل تشريعاً دولياً في هذا الإطار بعد أن حظيت بتصديق عدد كبير من الدول، بما فيها الدول العربية الإسلامية، كانت للبيانات الختامية للمؤتمرات الدولية أثر بارز في تطور الحقوق الإنسانية للمرأة سواء في أهدافها أو مضامينها أو آلياتها. [13]

غير أن هذه الوثائق الدولية لم تتعرض لموضوع العنف الأسري، مما دفع باللجنة المنبثقة عن اتفاقية السيداو إلى وضع التوصية رقم (19) لعام 1992م[14]، التي وسعت من مفهوم التمييز ضد المرأة – الذي يجب أن تلتزم الدول بالقضاء عليه – ليشمل حتى العنف الموجه ضدها. فما المقصود بالعنف الأسري بموجب وثائق حقوق الإنسان؟

مفهوم العنف الأسري:
العنف الأسري، هو مقتصر على العنف الذي تتعرض له المرأة أو الطفلة داخل الأسرة ويتمثل في إحدى الأشكال التالية:

الزواج تحت سن الثامنة عشر: الذي اعتبرته المادة 2/16 من اتفاقية السيداو كما رأينا زواجا باطلا،ثم جاءت وثيقة (عالم صالح -جدير- للأطفال 2002)[15] لتصنفه ضمن الممارسات الضارة والتعسفية، حيث نصت على: “القضاء على الممارسات الضارة أو التعسفية التي تنتهك حقوق الأطفال والنساء مثل الزواج المبكر والقسري…”، ثم اعتبرته لجنة مركز المرأة عام 1999 ممارسات ضارة تهدد حق المرأة في الحياة؛
الضوابط المفروضة على الحرية في الجسد: ومنها استنكار الحرص على العفة والعذرية، إلزام الحكومات بتوفير خدمات الصحة الإنجابية لكل الشرائح العمرية وإباحة الإجهاض، وأن خيار الإنجاب خاص بالزوجة فقط دون الزوج، كما أن يصبح اختيار الهوية الجندرية أي اختيار التوجه الجنسي من حقوق الإنسان؛
مهر العروس: تعتبر الوثائق الدولية المهر ثمنًا للعروس، ومن ثم يعدَّ عنفا ضد الفتاة، بل واعتبره تقرير اليونيسيف للعنف المنزلي عام 2000، واحدًا من أربعة وثلاثين عاملاً من عوامل ارتكاب العنف المنزلي؛
عمل الفتاة في بيت أهلها: اعتبر تقرير لجنة الخبراء الصادر عام 2007، أن عمل الفتاة دون الثامنة عشرة فيمنزل أهلها “أحد أسوأ أشكال عمالة الأطفال”، وطالب من منظمة العمل الدولية بإدراجه ضمن أسوأ أشكال عمالة الأطفال، وبالتالي تجريمه دوليًا واعتباره عنفًا ضد الطفلة.
عدم التساوي بين الرجل والمرأة في الميراث: اعتبر تقرير لجنة الخبراء سالف الذكر، أن القوانين في البلدان غير الغربية تؤدي إلى “الحد من قدرة المرأة على التطوير الاقتصادي”، وذكر مثالاً لذلك قوانين الميراث في الدول الإسلامية، حيث اعتبره تمييزًا ضد الفتاة، وطالب بالمساواة التامة فيها بين النساء والرجال.
الولاية على الأبناء: اعتبر التقرير الإقليمى للمنطقة العربية الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة والمعنون: “العنف في المواقع المختلفة”: أن تهذيب الوالدين للأبناء أو توبيخهم أو اتباع أى سياسة عقابية “عنفًا ضد الأطفال داخل الأسرة يجب توقيفه على الفور”. كما تعتبر لجنة مركز المرأة الدولية أن اختصاص الفتاة بمبدأ الولاية في الزواج، يعد تمييزًا ضدها يجب القضاء عليه؛ لتحقيق المساواة المطلقة بين الذكر والأنثى، وذلك وفقًا لنص المادة (16) من اتفاقية السيداو سالفة الذكر.

الأدوار الفطرية لكل من الرجل والمرأة داخل الأسرة: اعتبرت منظمة الأمم المتحدة هذا التقسيم تكريسًا للعنف ضد المرأة، ومن ثم عقدت مؤتمرات تلو المؤتمرات، وأصدرت وثائق عدة بهدف القضاء على ذلك التقسيم، والعمل على تبادل الأدوار “النمطية/التقليدية/ الجندرية”، أو على أقل تقدير توحيد الأدوار بحيث يمكن اقتسامها بالتساوي بين الجنسين.

قوامة الرجل في الأسرة: طالب تقرير لجنة الخبراء الصادرة عن قسم الارتقاء بالمرأة (DAW)، في الفقرة (50) بإلغاء القوامة ووصفها بـ «الهياكل الطبقية في إدارة البيت، وبأنها تمنح الحقوق والقوة للرجل أكثر من المرأة، واعتبر أن ذلك يجعل النساء والفتيات ذليلات تابعات للرجال.

الطلاق بإرادة الزوج المنفردة: تعتبر الصكوك الدولية الصورة التي يتم بها الطلاق في الشريعة الإسلامية عنفًا ضد المرأة، ومن ثم تلح في المطالبة بإلغاء أي فوارق في الحقوق والمسئوليات بين الرجل والمرأة عند فسخ الزواج، ومن ذلك ما نصت عليه المادة (16/ج).
تعدد الزوجات: اعتبرت منظمة الأمم المتحدة من خلال مختلف الصكوك التي أصدرتها، التعدد من أبعد أشكال التمييز والعنف ضد المرأة، ومن ثم عملت على نزع الشرعية عنه ؛ تمهيدًا لمنعه وتجريمه.

هذا باختصار موقف مختلف الوثائق الدولية من الحقوق والواجبات العائلية، فهي كما لاحظنا ربطت تنظيم العلاقة الأسرية بمسألة تحرير المرأة من كل القيود، بما فيها الأخلاقية والدينية، ومساواتها مساواة مطلقة مع الرجل في الحقوق والواجبات مع التفريط في حمايتها بالتوسع في مفهوم العنف الأسري ليشمل حتى حقها في المهر أو دورها “الفطري النمطي الجندري” داخل الأسرة، مما يعرض المجتمعات العربية الإسلامية وقوانين أحوالها الشخصية إلى الإنتقاد المستمر، مهما كانت درجة التعديلات التي أذخلت عليها.

ولقد تحفظت أغلبية الدول العربية الإسلامية على المادة 16 من إتفاقية السيداو واعترضت على مختلف الوثائق التي تسعى الى تحرير المرأة لخطروة ما جاء فيها، وحاولت في عدة مناسبات إيجاد بديلا لها على المستوى العربي الإسلامي الإقليمي، فهل وفقت في مسعاها هذا من أجل حماية الأسرة ودرئ مخاطر الوثائق الدولية؟

ثانيا: الحقوق والواجبات العائلية في الوثائق العربية والإسلامية لحقوق الإنسان

نقصد بالوثائق العربية والإسلامية لحقوق الإنسان مجموعة الوثائق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والصادرة من قبل منظمات دولية إسلامية أو عربية، كمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.

وسنتوقف في هذا المقام عند ثلاث وثائق “إسلامية”، صادرة عن ثلاث منظمات عربية إسلامية مختلفة وهي البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام (الصادر عن المجلس الإسلامي الأوروبي)، وإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام (الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي سابقا[16]) ، ومسودة الميثاق العربي لحقوق الإنسان (الصادر عن جامعة الدول العربية) على سبيل المثال لا الحصر، بحيث هناك كم هائلا من الإعلانات حول حقوق الإنسان صادرة عن منظمات دولية إسلامية أو عربية.

الحقوق والواجبات العائلية في البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام:
لقد صدر البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام عن المجلس الإسلامي الأوروبي في لندن في 19 سبتمبر/تشرين ثاني 1981، ويتشكل هذا البيان من توجيهات عامة للدول الأعضاء فيه في مجال حقوق الإنسان.

وفي تعريفه للأسرة، تنص المادة الخامسة منه: ” الأسرة هي العامل الأساسي في تكوين المجتمع، الزواج هو أساس تكوينها، النساء والرجال لهم الحق في الزواج، ولا يمكن تقييد ممارسة هذا الحق لأسباب العرق، اللون، الجنسية.”

والجدير بالذكر في هذا المقام هو أن هذه المادة قد نسيت أو بالأحرى تناست الإشارة إلى القيد المرتبط بالدين، بحيث كما يعلم الجميع، لا يسمح الإسلام للمسلمات بالزواج بغير مسلم، وهذا راجع حسب اعتقادنا لتجنب التعرض للانتقاد.

أما المادة 6 منه فهي تجعل ” المرأة مساوية للرجل في الكرامة الإنسانية حقوقها معادلة لواجباتها، لها الشخصية المدنية ومسؤوليتها المالية المستقلة، والحق في الاحتفاظ بالاسم العائلي وبالروابط العائلية” ، وتضيف الفقرة (ب) من هذه المادة “الزوج له مسؤولية الاعتناء بالعائلة والمسئول عن حمايتها.”

وفيما يخص حقوق الأطفال على والديهم، تنص المادة 7 فقرة (أ) ” بمجرد الولادة، كل طفل له حقوق على والديه، على المجتمع وعلى الدولة فيما يخص حضانته، تربيته والاهتمام به ماديا صحيا ومعنويا”، كما تقرر هذه المادة للأم والجنين حماية ومعاملة خاصة.

أما فيما يخص حق الوالدين على الأطفال، تنص هذه المادة في الفقرة (ب): ” الآباء أو من ينوب عليهم لهم الحق في اختيار تربية أطفالهم بشرط مراعاة مصالحهم ومستقبلهم، على ضوء القيم المعنوية وقواعد الشريعة الإسلامية.”

وتضيف الفقرة (ج) من المادة 7 بأن: ” للوالدين حقوق على أطفالهما، وكل أعضاء الأسرة لهم حقوق على والديهم، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.”

يستخلص من هذه المواد، بأن الأمهات لا يستطعن تقرير طريقة تربية أطفالهن إلا في حالة وفاة الآباء أو غيابهم.. ويكون ذلك بموجب الإنابة، مع أنه من المفروض أن يمارس هذا الحق بطريقة مشتركة فيما بينهما، وهذا ما عرض هذه المادة لانتقادات جدية.[17]

الحقوق والواجبات العائلية في إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام:
لقد صدر إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي سابقا في 5 أغسطس/آب 1990، محاولا إعطاء مبادئ حقوق الإنسان طابعا دينيا.

ففيما يخص الحق في الزواج وفي بناء أسرة، تنص المادة 5 من هذا الإعلان: ” تشكل الأسرة الخلية الأساسية لبناء المجتمع، والزواج هو أساس تكوينها. للرجال وللنساء الحق في الزواج من دون أي قيد لاسيما بسبب العرق، اللون، أو الجنسية.”[18]

ويمكن القيام بنفس الملاحظة التي قمنا بها في الأعلى، عند الحديث على المادة 5 من البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام التي لم تشر إلى القيد المرتبط بالدين، لنؤكد مرة ثانية بأن عدم الإشارة إليه لم يكن سهوا بل مقصودا.

وفيما يخص حقوق وواجبات الزوجين داخل الأسرة، تنص المادة 4 من هذا الإعلان: “يجب أن تكون الكلمة الأخيرة للرجل لأنه هو رئيس العائلة”، وهو اعتراف صريح بسلطة الزوج على زوجته. وتقابل سلطة الزوج داخل الأسرة واجب الزوجة بطاعته.

وفي هذا الإطار ينتقد بعض الكتاب واجب الطاعة لأنه يولد العنف ضد النساء، بحيث يستغل غالب الأزواج “سلطتهم” داخل الأسرة ويمارسونها عن طريق العنف معتبرين ذلك أمرا طبيعيا.[19]

أما المادة 9 من هذا الإعلان فهي “خجولة” نوعا ما في الاعتراف للرجال بهذا الحق بقولها: ” يشترك كل أفراد الأسرة في المسؤوليات داخل الأسرة، كل واحد على قدر استطاعته وطبقا لطبيعة تكوينه.”

وفيما يخص حق المرأة في فسخ العلاقة الزوجية، فإن هذا الإعلان يعترف للمرأة “بالحق في الخلع مقابل تعويض كما لها الحق في طلب التطليق أمام المحكمة في إطار الشروط المنصوص عليها في أحكام الشريعة الإسلامية” (المادة 20)، ويمكن إبداء بعض الملاحظات على هذه المادة:

تعطي هذه المادة للنساء حق فسخ عقد الزواج بموجب طلب التطليق أو الخلع. والتطليق هو حق المرأة في طلب الطلاق إذا توافرت شروط معينة في الزوج (في غالب الأوقات) تحول دون إمكانية قيام الرابطة الزوجية، وهو ممارسة تنطبق بصورة رئيسية على الحالات التي تقدم فيها الزوجة طلباً للطلاق أمام المحاكم؛

أما الخلع فيتمثل في حق المرأة في فك الرابطة الزوجية أو خلع نفسها من زوجها، عندما لا تتوفر شروط التطليق، شريطة أن تدفع له مال كتعويض على الضرر الذي قد تحدثه له[20]؛

لا تحدد هذه المادة الشروط التي تستطيع فيها المرأة طلب التطليق، وعلى هذا الأساس فإنه لكل دولة عربية إسلامية طريقتها في تنظيم ذلك، فكان ينتظر من هذا الإعلان أن يحسم في الموقف ولكنه لم يفعل؛

يسمح هذا الإعلان بطريقة ضمنية للرجل بطلب الطلاق من دون أن تتوافر شروط معينة ومن دون أن يترتب عن ذلك أثار مالية.
الحقوق والواجبات العائلية في الميثاق العربي لحقوق الإنسان: [21]
لم ينص ميثاق الدول العربية على مبادئ حقوق الإنسان، ويعتبر ذلك من بين الثغرات الكثيرة التي اتسم بها هذا الميثاق وسبب من بين الأسباب الأساسية التي دفعت بالعديد من الكتاب إلى الحديث عن أزمة جامعة الدول العربية مقارنة مع المنظمات الإقليمية الأخرى، لاسيما الاتحاد الأروبي وحتى منظمة الوحدة الإفريقية.

واستدراكا لهذا الوضع، تبنى مجلس جامعة الدول العربية اثر جلسته رقم 102 المنعقدة بالقاهرة في 15 سبتمبر/أيلول 1994، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، بموجب القرار رقم 5437، ولقد صدر هذا الميثاق بعد مناقشات واجتماعات متعددة دامت أربع وثلاثون سنة، ودخل حيز النفاذ عام 2008.[22] ويهدف هذا الميثاق حسب المادة الأولى منه إلى تحقيق الغايات الآتية:

وضع حقوق الإنسان في الدول العربية ضمن الاهتمامات الوطنية الأساسية التي تجعل من حقوق الإنسان مثلاً سامية وأساسية توجه إرادة الإنسان في الدول العربية وتمكنه من الارتقاء نحو الأفضل وفقاً لما ترتضيه القيم الإنسانية النبيلة؛
تنشئة الإنسان في الدول العربية على الاعتزاز بهويته وعلى الوفاء لوطنه أرضا وتاريخا ومصالح مشتركة مع التشبع بثقافة التآخي البشري والتسامح والانفتاح على الآخر وفقا لما تقتضيه المبادئ والقيم الإنسانية وتلك المعلنة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛
إعداد الأجيال في الدول العربية لحياة حرة مسئولة في مجتمع مدني متضامن وقائم على التلازم بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات وتسوده قيم المساواة والتسامح والاعتدال؛
ترسيخ المبدأ القاضي بأن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة.
ولقد تداركت المادة 1/33 ضرورة النص على أن الأسرة هي الوحدة الطبيعية للمجتمع وأن الزواج عقد يبرم بين الرجل والمرأة بصريح العبارة حيث نصت على ما يلي: “الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع. والزواج بين “الرجل والمرأة” أساس تكوينها وللرجل والمرأة ابتداء من بلوغ سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة” مؤكدة على ضرورة أن يكون العقد “وفق شروط وأركان الزواج”، بعبارة غامضة و”خجولة” لا تحيل مباشرة إلى الشروط والأركان الدينية. كما اكدت على ضرورة توافر “رضا الطرفين رضاً كاملاً لا إكراه فيه” . غير أنها لم تتوسع في الحقوق والواجبات العائلية عند انعقاد الزواج وخلاله وعند انحلاله بل أحالت للتشريعات والقوانين الداخلية للدول العربية.

وفي معرض تعليقها على مسودة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من أن التشريع الوطني في بعض الحالات قد لا يكفل المساواة بين الرجال والنساء.

أضف إلى ذلك، فإن “قواعد وشروط الزواج” عموماً في بعض الدول العربية، لاسيما الدول الخليجية، تعمل “على نحو يلحق ضرراً شديداً بمصلحة المرأة. وقد يكون “الرضاء الحر والكامل” للمرأة بالزواج إشكالياً جداً في ظروف اجتماعية تكون فيها سيطرة العائلات (وبخاصة أولياء الأمور) على الفتيات والنساء متعارف عليها عموماً وتشكل مفهوماً محورياً في الأنظمة القانونية للزواج.” [23]

ولكن بالمقابل يجدر بنا في الأخير أن نشير إلى أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان قد تميز عن باقي الوثائق الدولية وحتى العربية الإسلامية من خلال المادة2/33 بحثه الدول الأطراف فيه على “حماية الأسرة وتقوية أواصرها وحماية الأفراد داخلها وحظر مختلف أشكال العنف وإساءة المعاملة بين أعضائها وخصوصاً ضد المرأة والطفل.”

الخلاصة والتوصيات:

يعتبر الفرد في المجتمعات الغربية هو المكون الأساسي للمجتمع، لذا نجد مختلف الوثائق الدولية لحقوق الإنسان، التي تعتبر نتاج غربي محض، تبالغ في المطالبة بالحريات الفردية المجردة من القيود الأخلاقية أو من أي خلفية دينية.

أما في المجتمعات العربية فإن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، فالعائلة هي مؤسسة مقدسة لها روابطها الروحية وليس الاجتماعية فقط ولها أركانها الأخلاقية العامة وليس الفردية النفسية فقط، لذلك فهي ذات مقام قيمي مكرس لا يجوز الاستهتار به ولا التصرف حياله وهي المؤسسة التي يشارك فيها الرجل والمرأة في بناء المجتمع من خلال إنجاب صحي ورعاية سليمة.

ومن هذا المنطلق يجب التركيز عند وضع أو تعديل قوانين الأحوال الشخصة على مرعاة ما يلي:

عدم السعي لمطابقة قوانين الأحوال الشخصية مع مواد اتفاقيات حقوق الإنسان التي عالجت الحقوق والواجبات الأسرية، لخطورة ما جاء بهذه المواد والأثار السلبية التي يمكن أن توقعها على الأسرة والمجتمع؛ فصحيح أن قواعد القانون الدولي قواعد ملزمة على الدول التي صادقت على هذه الإتفاقيات الدولية، لكن جُل الدول العربية الإسلامية قد تحفظت على هذه المواد من جهة[24]، ومن جهة أخرى يعترف القانون الدولي بالخصوصية الثقافية والدينية[25]، وعلينا كدول عربية إسلامية أن نتمسك بهذه الخصوصية.
عدم الإنجرار وراء المطالبات التي تهدف إلى مواكبة التطور الإجتماعي الدولي، أو الخضوع إلى الأصوات التحررية التي تسعى من خلال محاربة “العنف ضد المرأة” إلى تفكيك الأسرة وإدخال مفاهيم جديدة أثبتت فشلها في الدول المصدرة لها؛
عدم مخالفة النصوص الدينية الصريحة التي تولت مباشرة بعض القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الولاية في الزواج، الحقوق والواجبات الزوجية، إنحلال العلاقة الزوجية، التبني والإرث والوصية وغيرهما؛
لكن بالمقابل لقد حان الآوان لتكاثف الجهود من أجل توحيد قوانين الأحوال الشخصية العربية الإسلامية أو وضع قانون أحوال شخصية نموذجي، يراعي قدسية الأسرة ويكفل حمايتها من كل الآفات الإجتماعية التي تفتك بوحدتها ويحصنها لا سيما من خلال:
أ‌- تحديد الحقوق والواجبات الأسرية بشكل دقيق غير متناقض مع الشريعة الإسلامية السمحاء، باعتبارها تشريع رباني شكل أفضل حماية للأسرة ، وأنصف المرأة: كبنت، أو زوجة، أو أم أو حتى كـ”طليقة”، ومنحها جميع حقوقها وراعى تكوينها ومختلف احتياجاتها؛
ب‌- يجب التخلي عن الممارسات التقليدية التي لا تجد مصدرها بالشريعة الإسلامية السمحاء وتضر باستقرار الأسرة واستمرارها وذلك من خلال توحيد وتطوير النظرة لقضايا المرأة داخل الأسرة وفي المجتمع من خلال الاجتهاد، ولا يجب أن ينظر إلى هذا على أنه تخل عن القيم الإسلامية بل بالعكس، هو تطوير لهذه القيم لكي تتلاءم مع متطلبات العصر ورهانات الواقع المتغير.
ت‌- ضرورة إيجاد آلية إجتماعية رسمية أو شبه قضائية، تساعد الأُسر على تخطي الأزمات، مساهمة في إيجاد حلول سريعة للحالات المطروحة أمامها، تأمينا للاستقرار قبل اتساع مجال الخلاف وتجنبا لتفككها، مخففة بذلك على القضاء عبئ قضايا الطلاق. أما في حالة وقوعه، تساهم هذه الآلية في متابعة أفراد هذه الأسر مخففة عليهم أثاره السلبية، سواءا كانت تتعلق بظروف الحضانة أو تربية الأطفال؛
ث‌- ضرورة التركيز على الدور الأساسي الذي تلعبه النخب والمؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني، في نشر قيم السلام التسامح وإحترام الغير، وتقديس الأسرة وإعتبارها أهم ركيزة للمجتمع وضرورة بنائها على أسس سليمة تضمن بقائها وإستمرارها؛

الهوامش:

[1] لتحميل عرض المدالخة : مداخلة الدكتورة سرور

[2] Voir: Sonya Dayan – Herzburn, les femmes un enjeu politique, paradoxes du féminin en Islam, in revue intersignes, n°2, 1991, p 143.

[3] Nouredine Saadi: la femme et la loi en Algérie, collection dirigée par F. Mernissi, éd. Bouchène, Alger 1991, p 70-73.

[4] Peggy Hermann, L’existence d’une conception des droits de l’homme propre aux Etats musulmans, DEA de droit international, Faculté de droit de Montpellier I, 1999 in, [email protected]

[5] Voir: Sonya Dayan – Herzburn, les femmes un enjeu politique, paradoxes du féminin en Islam, in revue intersignes, n°2, 1991, p 143.

[6] اعتمدت هذه الإتفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979، تاريخ بدء النفاذ: 3 أيلول/سبتمبر 1981، وفقا لأحكام المادة 27 فقرة (1) منها.

[7] Peggy Hermann, op. cit.

[8] تنص المادة 16 فقرة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، “للرجل والمرأة متا بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين. ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.

لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملا لا إكراه فيه.
الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
[9] تنص المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يلي: ” 1. الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة. 2. يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة. 3. لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.” 4. تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم. كما تنص المادة من هذا العهد ” 1. يكون لكل ولد، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب، حق على أسرته وعلى المجتمع وعلى الدولة في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا. 2. يتوجب تسجيل كل طفل فور ولادته ويعطى اسما يعرف به. 3. لكل طفل حق في اكتساب جنسية.”

[10] أنظر الفقرة 15 من ديباجة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

[11] SIA SPILIOPOULOU Åkermark : Humain Rights of minority women, a manuel of international law, The Åland Islands Peace Institute in co-operation with the Åbo Akademi University Institute for Humain Rights, Finland 2000, p. 15.

[12] اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979 – تاريخ بدء النفاذ: 3 أيلول/سبتمبر 1981، وفقا لأحكام المادة 27.

[13]أنظر مقالنا تحت عنوان، 1945-2005، 60 سنة من النضال من أجل تكريس حقوق المرأة، مقال نشر في جريدة الأديب/ لبنان آذار/مارس 2005/ يمكن الإطلاع على المقال بموقع مركز جيل البحث العلمي على الرابط التالي: 1945- 2005 : 60 سنة من النضال من أجل تكريس حقوق المرأة / سرور طالبي المل

[14] لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، التوصية العامة رقم 19، العنف ضد المرأة (الدورة الحادية عشرة، 1992) الفقرتان 1 و7، مجموعة التعليقات العامة والتوصيات العامة التي اعتمدتها الهيئات المشرفة على تنفيذ اتفاقيات حقوق الإنسان، UN Doc. HRI\GEN\1\Rev.7.

[15] (10 أيار/مايو 2002). A/RES/S-27/2. 2000.

[16] بتاريخ 28 حزيران2011 وخلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي، أجمعت الدول الأعضاء فيها على قرار تغيير شعار وإسم منظمة المؤتمر الإسلامي، ليصبح “منظمة التعاون الإسلامي” ليعكس القرار الجديد تحولا نوعيا في أداء المنظمة، وارتقاء كبيرا بفعاليتها كمنظومة دولية تعمل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

[17] Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh : Déclaration islamique des droits de l’Homme comparée à la déclaration Universelle, Conférence donnée au colloque Diritti umani e diritti dei populi per una famiglia di nazioni, organisé par l’Istituto Veritatis Splendor et l’Unione giuristi cattolici italiana, Bologna, 9 et 10 mars 200, voir : http://go.to/nonviolence, voir également: Peggy Hermann, op.cit.

[18] الترجمة من النص الفرنسي إلى العربي بتصرف.

[19] Amel A. femmes battues, SOS détresse, journal demain l’Algérie, 31 juillet – 1 août 1998, n° 132, p6.

[20] أنظر بحثنا لنيل شهادة الماجيستير ص 76-73: حماية حقوق المرأة في التشريعات الجزائرية/ بحث ماجستير للطالبة سرور طالبي

[21] Mohammed Amin AL MIDANI, les droits de l’homme et l’islam: textes des organisations arabes et islamiques, association des publications de la Faculté de théologie Protestante Université Marc Bloch de Strasbour-12, 2003, p. 17.

[22] للمزيد من المعلومات، راجع د. نادر فرجاني، نحو ميثاق عربي لحقوق الإنسان، المعهد العربي لحقوق الإنسان، تونس 1990، ص 5-8، راجع كذلك، د. محمد أمين الميداني:

Les apports islamiques au développement du droit international des droits de l’homme, Thèse pour le Doctorat d’Etat en Droit, Université de Strasbourg III, octobre 1987, pp. 322-323. Voir également Mohammed Amin AL MIDANI, les droits de l’homme et l’islam: textes des organisations arabes et islamiques, p. 25.

[23] منظمة العفو الدولية، دول مجلس التعاون الخليجي: المرأة تستحق الاحترام والكرامة، المرجع السابق.

[24] التحفظ وسيلة متاحة لكل دولة طرف في المعاهدات الدولية لإستثناء بند أو أكثر من الاتفاق من التزامها، أو تأويله وتفسيره حسب ما يخدم مصالحها. ولقد جاء في المادة 2 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 أن التحفظ هو “كل تصريح من جانب واحد، كيفما كانت صيغته أو اسمه، تقدمه دولة عندما توقع على معاهدة أو تصادق عليها أو تقبلها أو توافق عليها أو تنخرط فيها، وتهدف به إلى استثناء أو تغيير المفعول القانوني لبعض مقتضيات المعاهدة في تطبيقها على هذه الدولة”.

[25] راجع مقالنا تحت عنوان: عالمية حقوق الإنسان والخصوصية العربية الإسلامية/ سرور طالبي المل الذي يمكن تحميله بالضغط على الرابط.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت