الطعن 663 لسنة 62 ق جلسة 12 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 153 ص 67

برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم وفا عبد الرحيم صالح، أحمد الحديدي وعلي محمد علي نواب رئيس المحكمة.
———–
– 1 قوة الأمر المقضي .
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها . شرطه .
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها ـ يشترط ـ وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضي فيها نهائيا مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا.
– 2 عقد ” آثار العقد”. قانون “سريانه من حيث الزمان”. نظام عام .
سريان أحكام القانون الجديد من حيث الزمان . نطاقه بالنسبة للمراكز القانونية . آثار العقد . خضوعها لأحكام القانون الذى أبرم في ظله . الاستثناء . سريان أحكام القانون الجديدة عليها متى كان متعلقا بالنظام العام مالم يتجه قصد الشارع إلى غير ذلك .
المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أنه لما كان من المقرر طبقا للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وكان الأصل أن للقانون الجديد أثرا مباشرا تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذى ابرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل به ما لم يتجه قصد الشارع صراحة أو دلالة إلى ما يخالف ذلك.
– 3 بطلان ” بطلان التصرفات “. فوائد ” الفوائد الاتفاقية “. نظام عام .
الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية . تعلقه بالنظام العام . أثره . بطلان الاتفاق على ما يجاوزه بطلانا مطلقا . م 227 مدنى . علة ذلك .
لئن كان الشارع قد حرم بنص المادة227من القانون المدني زيادة فائدة الديون على حد أقصى معلوم مقداره 7% ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، مما مؤداه أن كل اتفاق على فائدة تزيد عن هذا الحد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة وذلك لاعتبارات النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال.
– 4 بنوك ” البنك المركزي”.
استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية . عدم إلغاء الحد الأقصى للفوائد كلية . الترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار الفوائد التي يجوز للبنوك التعاقد في حدودها عن العمليات المصرفية . ق 120 لسنة 1975 .
أجاز الشارع في المادة السابعة فقرة ” د ” من القانون رقم120لسنة1975بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة ذلك البنك على تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقا لسياسة النقد والائتمان دون التقييد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر…. ” وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني، ولكنه لم يشأ مسايرة بعض التشريعات الأجنبية فيما ذهبت إليه من إلغاء هذا القيد كلية، فرخص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار الفائدة حتى يجوز للبنوك أن تتعاقد في حدودها بالنسبة لكل نوع من هذه العمليات، وذلك وفقا لضوابط تتسم بالمرونة وتتمشى مع سياسة النقد والائتمان التي تقررها الدولة البنك في مواجهة ما يجد من الظروف الاقتصادية المتغيرة.
– 5 بنوك ” البنك المركزي”. عقد ” آثار العقد”. نظام عام .
قرارات البنك المركزي بشأن رفع الحد الاقصى للفائدة الاتفاقية عن العمليات المصرفية . لا تتعلق بالنظام العام على إطلاقها . أثر ذلك . عدم سريانها على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها . علة ذلك .
وإن كان الترخيص المشار إليه قد صدر لمجلس إدارة البنك المركزي في إطار المادتين الأولى والسابعة من القانون رقم 120 لسنة 1975اللتان تمنحان البنك المركزي سلطة تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقا لخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية طبقا للسياسة العامة للدولة إلا أن ذلك لا يعنى أن القرارات التي يصدرها مجلس إدارة البنك المركزي استنادا إلى الفقرة “د” من المادة السابعة المشار إليها، وتتضمن رفعا لسعر الفائدة الذى يجوز للبنوك التعاقد عليها في عملياتها المصرفية تعتبر من قبيل القواعد المتعلقة بالنظام العام التي تسري بأثر مباشر على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها، ذلك أن الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، ويبين من ثم أن الشارع التزم هذا الأصل، إذ تدل صياغته على أن الشارع قصد سريان الأسعار الجديدة على العقود التي تبرمها البنوك بعد العمل بهذه الأسعار مما مؤداه أن تظل العقود السابقة محكومة بالأسعار المتفق عليها فيها وخاضعة للقوانين التي نشأت في ظلها وهو ما التزمت به القرارات الصادرة من مجلس إدارة البنك المركزي في هذا الشأن ومنها القرار الصادر في أول يوليو1979وما بعدها وهو ما يؤكد ان قصد الشارع لم ينصرف إلى سريان الأسعار المرتفعة الجديدة تلقائيا على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الشركة القومية للصناعات والشركة القومية لتجارة الحديد ويمثلها الطاعن والمطعون ضده الثالث، أقامت الدعوى رقم 426 لسنة 1978 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهما الأول والثاني وانتهيا فيها إلى طلب الحكم بإلغاء أمر البيع رقم 124 لسنة 1978 تجاري كلي شمال القاهرة، وببراءة ذمة الشركتين المدعيتين من الدين الصادر أمر البيع المشار إليه استيفاء له وإلزام البنك المطعون ضده الأول بأن يؤدي لهما مبلغ 172274 جنيه وفوائده ومفرداته مبلغ 967500 جنيه قيمة البضائع المرهونة للبنك، 393000 جنيه قيمة التلفيات التي لحقت بالمصنع أثناء تشغيله بمعرفة المطعون ضده الأول، 500 جنيه قيمة كمبيالة حصلها الأخير، 26700 جنيه قيمة البضائع المستولى عليها، مبلغ 334800 جنيه تعويضا عما لحقهما من خسارة وما فاتهما من كسب وقالا بيانا لذلك إن البنك المطعون ضده الأول تحصل على الأمر الوقتي سالف الذكر متضمنا بيع البضائع المرهونة له رهنا حيازيا وفاء لمديونية كل من الشركتين قبله نتيجة الحساب الختامي لعقدي الاعتماد بحساب جار المدين بضمان بضائع ومعدات، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/1/1991 برفض طلب إلغاء الأمر الوقتي رقم 124 سنة 1978 شمال القاهرة مع تعديل المبلغ الصادر استيفاء له إلى 495219 جنيه وتعديل نسبة الفائدة من 1/7/1978 لتكون 7% وبراءة ذمة الشركتين المدعيتين من مبلغ 69941 جنيه وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 1927 سنة 97ق القاهرة بالنسبة لطلب إلزام البنك بأداء قيمة البضائع المرهونة وطلب التعويض عن الإتلافات وطلب التعويض عما فات الشركتين من كسب وما لحقهما من خسارة خلال فترة إصلاح المصنع، استأنف الطاعن والمطعون ضده الثالث بصفتهما ممثلين للشركتين هذا الحكم بالاستئناف رقم 1021 لسنة 108ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 3143 لسنة 108ق القاهرة، أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول وبتاريخ 8/1/1992 حكمت المحكمة في الاستئناف رقم 1021 لسنة 108ق برفضه وفي الاستئناف رقم 3143 لسنة 108ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استنزال مبلغ 69941 جنيه قيمة فرق الفوائد وكذلك استنزال مبلغ 24863 جنيه قيمة أرباح المصنع خلال فترة الحراسة من المبلغ الذي صدر أمر البيع المتظلم منه استيفاءً له وتعديل ذلك المبلغ بناء على ما تقدم ليصبح 590023.754 جنيه حتى تاريخ 30/9/1978 وفوائده القانونية بواقع 11% سنويا وذلك حتى السداد وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منهم على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من عدم جواز نظر طلب الشركتين اللتين يمثلهما الطاعن بإلزام البنك المطعون ضده الأول برد وتسليم الحديد والبضائع المرهونة لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 1729 سنة 97ق القاهرة وتأسيسا على أن الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 7044 سنة 1978 تجاري كلي جنوب القاهرة قضى بجلسة 17/2/1980 بإحالة الطلبات المتعلقة بانقضاء الدين والرهن إلى محكمة شمال القاهرة لنظره مع الدعوى رقم 426 سنة 1978 تجاري كلي شمال القاهرة وبرفض طلب التعويض مما مؤداه أن ما أحيل إلى المحكمة الأخيرة وقضى بإلغائه استئنافيا وبإعادته إلى محكمة جنوب القاهرة للفصل فيه هو الشق المتعلق بانقضاء الدين والرهن دون باقي الطلبات المطروحة والتي تنحصر في اقتضاء الدين المضمون بالرهن الحيازي والرسمي وانقضاء الرهن الرسمي تبعا لانقضاء الدين وشطبه وطلب رد الحديد والبضائع المرهونة وأداء مبلغ 1582100 جنيه في حين أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 7044 سنة 1978 تجاري كلي جنوب القاهرة تضمن إحالة طلب انقضاء الدين والرهن وبراءة ذمتهما من الديون قبل البنك المطعون ضده الأول وإلزامه برد وتسليم الحديد والبضائع المرهونة إلى محكمة شمال القاهرة لنظرها مع الدعوى رقم 428 سنة 1978 تجاري كلي شمال القاهرة للارتباط وبرفض باقي الطلبات وأن المحكمة الاستئنافية قضت في الاستئناف رقم 1729 سنة 97ق القاهرة برفض طلب الإحالة وبندب خبير قبل الفصل في موضوع طلب التعويض، مما مؤداه عدم الفصل في تلك الطلبات حتى بعد صدور ذلك الحكم إذ لم يتم تعجيلها أمام المحكمة الابتدائية اكتفاء بإدخالها ضمن الطلبات في الدعوى المطروحة، وحجب الحكم بذلك نفسه عن تحقيق دفاع الطاعن ببحث التزام المطعون ضده الأول برد الحديد المرهون مرتكنا فحسب إلى عدم حجية القرار الصادر من النيابة العامة بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها – يشترط – وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضي فيها نهائيا مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتهما بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن والمطعون ضده الثالث أقاما الدعوى رقم 7044 سنة 1978 تجاري كلي جنوب القاهرة ضد المطعون ضده الأول بطلب الحكم بانقضاء الدين المضمون بالرهن الرسمي الحيازي وانقضاء الرهن تبعا لانقضاء الدين وشطب الرهن ومحوه وبراءة ذمتهما من أية ديون للمطعون ضده الأول بعد تصفية الحساب بينهما وبرد وتسليم الحديد المرهون وإلزامه بأن يؤدي لهما مبلغ 1852100 جنيه، وقضت المحكمة بجلسة 17/2/1980 بالنسبة لطلب انقضاء الديون المضمونة بالرهن الرسمي والحيازي وانقضاء الرهن وبراءة ذمة الشركتين من دين البنك ورد وتسليم الحديد والبضائع المرهونة بإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة لنظرها مع الدعوى رقم 426 لسنة 1978 تجاري كلي شمال القاهرة وبرفض باقي الطلبات، وقضى في الاستئناف رقم 1729 سنة 97ق القاهرة بتاريخ 8/12/1980 بإلغاء الحكم المستأنف وقبل الفصل في طلب التعويض بندب خبير وبالنسبة لباقي الطلبات بإعادتها إلى محكمة جنوب القاهرة للفصل فيها …. مما مؤداه أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 7044 سنة 1978 تجاري كلي جنوب القاهرة واستئنافه رقم 1729 سنة 97ق القاهرة لم يقطع سواء في المنطوق أو في أسبابه المتصلة به اتصالا وثيقا في طلب رد وتسليم الحديد المرهون إلى الطاعن بل الحقيقة أنه ما زال معلقا لم يفصل فيه بعد أن أعادت المحكمة الاستئنافية هذه الطلبات مرة أخرى إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها ومن ثم فلم يحز أي من الحكمين سالفي الذكر، حجية إزاء هذا الطلب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق جره إلى الخطأ في تطبيق القانون وحجب نفسه بالتالي عن بحث طلب الطاعن رد وتسليم الحديد المرهون.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل الواقع والخطأ في تطبيق القانون إذ ألغى الحكم الابتدائي فيما قضى به بالنسبة لسعر الفائدة الاتفاقية ورفعها إلى 11% إعمالا لحكم القانون رقم 120 لسنة 1975 رغم أن عقدي الاعتماد الأولين 7/5/1975 والمحدد فيهما سعر الفائدة بواقع 3/4 6% أبرما قبل صدور القانون سالف الذكر، وأن العقدين الأخيرين والمؤرخين 12/4/1977، 18/4/1977 والمحدد فيهما سعر الفائدة بواقع 3/4 8% قد انتهى العمل بها قبل العمل بالمنشور الصادر من البنك المركزي في 3/6/1978 والذي رفع سعر الفائدة إلى 11%.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لما كان من المقرر طبقا للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان الأصل أن للقانون الجديد أثرا مباشرا تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل به ما لم يتجه قصد الشارع صراحة أو دلالة إلى ما يخالف ذلك – ولئن كان الشارع قد حرم بنص المادة 227 من القانون المدني زيادة فائدة الديون على حد أقصى معلوم مقداره 7% ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، مما مؤداه أن كل اتفاق على فائدة تزيد عن هذا الحد يكون باطلا بطلانا مطلقا لا تلحقه الإجازة وذلك لاعتبارات النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال، إلا أنه أجاز في المادة السابعة فقرة (د) من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة ذلك البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقا لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر …” وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني، ولكنه لم يشأ مسايرة بعض التشريعات الأجنبية فيما ذهبت إليه من إلغاء القيد كلية، فرخص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار الفائدة التي يجوز للبنوك أن تتعاقد في حدودها بالنسبة لكل نوع من هذه العمليات، وذلك وفقا لضوابط تتسم بالمرونة وتتمشى مع سياسة النقد والائتمان التي تقررها الدولة في مواجهة ما يجد من الظروف الاقتصادية المتغيرة، وأنه وإن كان الترخيص المشار إليه قد صدر لمجلس إدارة البنك المركزي في إطار المادتين الأولى والسابعة من القانون رقم 120 لسنة 1975 اللتان تمنحان البنك المركزي سلطة تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقا للخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية طبقا للسياسة العامة للدولة إلا أن ذلك لا يعني أن القرارات التي يصدرها مجلس إدارة البنك المركزي استنادا إلى الفقرة (د) من المادة السابعة المشار إليها، وتتضمن رفعا لسعر الفائدة الذي يجوز للبنوك التعاقد عليه في عملياتها المصرفية تعتبر من قبيل القواعد المتعلقة بالنظام العام التي تسري بأثر مباشر على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها، ذلك أن الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، ويبين من ثم أن الشارع التزم هذا الأصل، إذ تدل صياغته على أن الشارع قصد سريان الأسعار الجديدة على العقود التي تبرمها البنوك بعد العمل بهذه الأسعار، مما مؤداه أن تظل العقود السابقة محكومة بالأسعار المتفق عليها فيها وخاضعة للقوانين التي نشأت في ظلها وهو ما التزمت به القرارات الصادرة من مجلس إدارة البنك المركزي في هذا الشأن ومنها القرار الصادر في أول يوليو سنة 1979 وما بعدها وهو ما يؤكد أن قصد الشارع لم ينصرف إلى سريان الأسعار المرتفعة الجديدة تلقائيا على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن العقدين الأولين من عقود الاعتماد الصادرة من البنك المطعون ضده صدرا بتاريخ 7/5/1975 و15/6/1975 أي قبل صدور القانون 120 لسنة 1975 الذي عمل به من تاريخ 25/9/1975، قد حرر فيها سعر الفائدة بواقع 3/4 6%، كما أن العقدين الأخيرين والمتفق فيهما على سعر الفائدة بواقع 3/4 8% قد انتهى آجلهما في 13/4/1978 – و17/4/1978، قبل العمل بقرار البنك المركزي الصادر بتاريخ 3/6/1978 برفع سعر الفائدة فإن الحكم المطعون فيه إذ سحب رغم ذلك الأحكام الواردة في القرار الصادر من البنك المركزي إعمالا لحكم القانون رقم 120 لسنة 1975 على العقود الأربعة سالفة الذكر رغم أنها صدرت قبل نفاذ تلك الأحكام ودون وجود اتفاق لاحق على سريان سعر الفائدة الصادر بها ذلك القرار يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .