تنظيم سوق الأسهم
اعتماد القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية يكون مجلس هيئة السوق المالية قد قطع شوطاً لا بأس به نحو تهيئة سوق أسهمنا لدخول المستثمرين الأجانب إليها. وهذا أمر يفترض أن يصب في مصلحة السوق مثلما سيعود بالنفع على المواطنين والمقيمين. فنحن نترقب وقبل كل شيء أن يتم إدراج المملكة قريباً ضمن مجموعة البلدان ذات الاقتصادات الناشئة وهذا أمر انتظرناه طويلاً وعملنا الكثير من أجله.

أن التنظيم، كما تعلمنا منذ الفصل الأول الدراسي، هو أساس النجاح. ولهذا فإن التهيئة والإعداد الجاري العمل عليهما، قبل دخول المؤسسات الأجنبية، سوف تكون لهما عوائدهما ليس فقط على تلك المؤسسات وإنما المستثمر المحلي كذلك. فناهيك عن المؤسسات الخاصة والحكومية التي يصل نصيبها إلى 58% من إجمالي الأسهم السعودية-مع أهمية هذه الفئة-فإن الأفراد الذين تشكل ملكيتهم 34% من تلك الأسهم سوف يكونون على قائمة المستفيدين أيضاً. وذلك من عدة نواح.

فأولاً أن تعزيز المكانة المالية للمؤسسات الحكومية المستثمرة في سوق الأسهم ذا صلة كبيرة بالاقتصاد والأفراد. وذلك لأن صندوق الاستثمارات العامة ومؤسسة التأمينات ومؤسسة التقاعد تملك أسهم لا تقل قيمتها عن 650 مليار ريال وبنسبة ربما لا تقل عن 35% من إجمالي الأسهم السعودية. ولذلك فإن تحسن الوضع المالي لهذه الجهات المالية أمر مرغوب فيه ليس فقط للاقتصاد الكلي، الذي يشارك أحد أطراف هذه المعادلة وهو صندوق الاستثمارات في تكوينه، وإنما كذلك للمواطنين الذي يعتمدون الآن أو في المستقبل على مؤسسات التأمينات والتقاعد.

الأمر الآخر أن تنظيم السوق المالية، وهو شرط ضروري يصعب أن نتصور قدوم المؤسسات المالية الأجنبية المحترفة إلينا على نطاق واسع بدونه، سوف يصب في مصلحة السوق ومتداولي الأسهم فيها. فمن غير المعقول أن نرى في سوق متطور أن يساهم الأفراد الذين لا تتعدى حصتهم 34% في 89% من حجم التداول. فمثل هذا الوضع غير الطبيعي هو الذي أدى إلى انهيار السوق عام 2006. فتلك النتائج المؤلمة ما كان لها لتحدث على تلك الصورة التي رأيناه لو أن السوق كانت تتمتع بالمؤسساتية والتنظيم والشفافية.

فالذين رفعوا سوق الأسهم عام 2006 إلى 21 الف نقطة قد فعلوا ذلك في ظل غياب الشفافية والرقابة الفعالة. فهذان الأمران المهمان لازالت سوقنا للأسف تفتقد اليهما حتى الآن. الأمر الذي يؤدي إلى الفوضى التي نشهدها في السوق كل يوم. ولذلك فإن تنظيم السوق ورفع درجة الشفافية أمر مرغوب فيه. لأن ذلك يحمي الأفراد، قبل غيرهم، مما يمكن أن نسميه مؤامرة بعض أصحاب المحافظ المغامرة كتلك التي سُيلت محافظها عام 2006 وأخذتها إلى أماكن أكثر أماناً. فالخروج الجماعي لهذه المحافظ هو الذي وضع المواطن والفرد البسيط آنذاك أمام الكارثة التي ذابت خلالها كل أو معظم مدخراته.

وأنا أعتقد أنه لا يلزمنا هنا أن نعيد اخترع الدراجة من جديد كما يقول المثل. فالأسواق المالية في بلدان الاقتصادات الناشئة منذ زمان وهي تسير وفق أحدث النظم والشفافية العالية. ولذلك فما علينا غير الاستفادة من تجربة تلك الأسواق والتركيز على دراسة القريبة منها الينا.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت