حكم نقض ( سب وقذف)

رقم الحكم 49035
تاريخ الحكم 15/05/1994
اسم المحكمة محكمة النقض – مصر

المحكمة
من حيث ان الحكم المطعون فيه قد اقام ببراءة المطعون ضده في جريمتي السب والقذف على اساس ان العبارات موضوعها تدخل في نطاق ما تجيزه المادة 309 من قانون العقوبات، ومفهوم ذلك ان العبارات لا تسرى عليها مواد السب والقذف وغير معاقب عليها بعقوبة جنائية، وهو قضاء ينطوي ضمنا على الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن بما يؤدى الى عدم اختصاص المحاكم الجنائية بها لان القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم تاثيم الفعل جنائيا انما يتلازم معه الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم،

ذلك ان المقرر طبعا للمادتين 220، 253 من قانون الاجراءات الجنائية ان ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الاصل على نظر مالم يطرح امامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبنى على الارتباط بين الدعويين ووحدة السب الذي تقام عليه كل منهما ومشروط فيه الا تنظر الدعوى المدنية الا بالتبعية للدعوى الجنائية، بحيث لا يصح رفعها استقلالا امام المحكمة الجنائية،

ومؤدى ذلك ان المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفصل في موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية غير معاقب عليه قانونا – كما هو الحال فيما انتهى اليه الحكم المطعون فيه – لما كان ذلك، فان الطاعن – المدعي بالحقوق المدنية – تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن، وان لم ينص في منطوق الحكم المطعون فيه على عدم الاختصاص بدعواه المدنية، وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون ولا ينال من ذلك، انه لم يستانف الحكم الصادر من محكمة اول درجة،

ذلك بانه ولئن كان من المقرر انه اذا فوت المدعي بالحق المدني على نفسه حق استئناف حكم محكمة اول درجة فان هذا الحكم بحوزة قوة الامر المقضي وينغلق امامه طريق الطعن بالنقض الا ان ذلك مشروط بان يكون الحكم الصادر – بناء على استئناف المتهم – قد جاء مؤيدا لحكم محكمة اول درجة بحيث يمكن القول بان الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاء واحدا اما اذا الغي الحكم الابتدائي في الاستئناف او عدل فان الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديدا منفصلا تمام الانفصال عن قضاء محكمة اول درجة ويصح قانونا ان يكون محلا للطعن بالنقض من جانب المدعي مع مراعاة الا ينبى على طعنه – ما دام لم يستانف حكم محكمة اول درجة – تسوئ لمركز المتهم، لما كان ذلك، وكان المدعي بالحق المدني وان ارتضى الحكم الصادر من محكمة اول درجة بالحكم له بتعويض مدني مؤقت قدره 51 جنيه بعدم استئنافه له، الا انه لما كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت بالغاء الحكم المستانف وبراءة المطعون ضده – وهو ما ينطوي ضمنا على عدم الاختصاص بالدعوى المدنية وفق ما سلف – فقد غدا هذا الحكم قضاء قائما بذاته عن ذلك الحكم الذي ارتضاه بالحق المدني.

وحيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه اذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمتي السب والقذف قد اخطا في تطبيق القانون ذلك انه خلص الى ان العبارات التي اوردها المطعون ضده في مذكرة دفاعه مما تدخل في نطاق حق الدفاع مع انها تجاوزته الى السب والقذف في حقه، وذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

ومن حيث ان الحكم المطعون فيه خلص الى براءة المطعون ضده في قوله وحيث ان ما ابداه المتهم في مذكرته المقدمة في الدعوى رقم. ………… مدني كل اسكندرية يعد من قبيل الدفاع المباح ولا يشكل جريمة السب او القذف المتهم بارتكابها ومن ثم تقض المحكمة ببراءته من التهمة المسندة اليه، لما كان ذلك، وكان من المقرر ان المرجع تعرف حقيقة الفاظ السب او القذف هو بما يطمئن اليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، الا ان حد ذلك الا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار اثباتها في الحكم او يمسخ دلالة الالفاظ بما يحيلها عن معناها،

اذ ان تحرى مطابقة الالفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون، سباب او قذفا او عيبا او اهانة او غير ذلك، هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، وانها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي ينادى اليه الحكم في مقدماته المسلمة، ذلك ومن المقرر ايضا ان مناط تطبيق المادة 309 من قانون العبارات ان تكون عبارات السب التي اسندت من الخصم لخصمه في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع، لما كان ذلك،

وكان يبين من الحكم المطعون فيه انه قد خلا من ذكر تلك العبارات ومن بيان موضوع الدعوى المدنية محل النزاع، ومما ورد بمذكرة الدفاع من سياق القول الذي اشتمل على العبارات التي يعدها الطاعن سبا وقذفا، ومدى اتصالها بالنزاع القائم والقدر الذي تقتضيه المرافعة، حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم ان تلك العبارات مما يستلزمه حق الدفاع في هذا النزاع، ويمكن لمحكمة النقض مراقبة سلامة ما انتهى اليه من قضاء ضمني بعدم الاختصاص بالدعوى المدنية، فان الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز هذه المحكمة من الوقوف على صحة التطبيق القانوني على واقعة الدعوى، مما يعيبه بما يوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية والاعادة وذلك بغير حاجة الى بحث باقي اوجه الطعن.