النظام القانوني لمنطقة أعالي البحار

المحامية: منال داود العكيدي
عرف فقهاء القانون الدولي اعالي البحار على انها (مناطق المحيطات التي تقع خارج سلطة أية دولة. وتبدأ بشكل عام بعد 200 ميل بحري من سواحل الدول المتاخمة للمحيطات).

وتتساوى حقوق الدول في اعالي البحار اذ ان اعالي البحار مفتوحة امام اية دولة للصيد والمرور والبحث العلمي وللاغراض السلمية الاخرى لذلك فان على الدول احترام حقوق الدول الاخرى في هذه المنطقة .

في عام 1982 اقرت اتفاقية قانون البحار والتي وقعت من قبل مئة دولة من الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة وقد اعطت هذه الاتفاقية للدول حق التنقيب عن النفط والغاز حتى مسافة 350 ميلا بحريا والصيد بحدود 200 ميل بحري من سواحلها وتسمى هذه المنطقة المنطقة الاقتصادية الخالصة والتي تعتبر حقا خالصا للدولة الساحلية اما حق الملاحة والطيران فانه يكون حقا تمارسه جميع الدول على قدم المساواة .

وهذه المنطقة يطلق عليها اعالي البحار او المياه الدولية والتي تعتبر تراثا مشتركا للانسانية ، وتشكل هذه المنطقة حوالي ثلثي المسطحات المائية اي بحدود 45% من مساحة الكرة الارضية .

وقد اقرت اتفاقية اعالي البحار لعام 1982 ايضا حقوق الدول وواجباتها فيما يتعلق باستغلال المنطقة الدولية وتشمل الملاحة والصيد والبحث العلمي والتعدين في قاع البحار والمحيطات ، وقد شكلت هذه الاتفاقية نموذجا واضحا في اطار التعاون المتعدد الاطراف في الكثير من المسائل الا ان هذه الاتفاقية فشلت في جوانب اخرى لاسيما فيما يتعلق بالحد من استنزاف الثروة السمكية وتدهور التنوع البيولوجي .

وفي الواقع ان اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار وضعت في ستينيات القرن العشرين وتمت مناقشتها في السبعينيات ولم يتم توقيعها الا في عام 1982 الا انها لم تدخل حيز التنفيذ الا في عام 1994 .

لقد تناولت هذه الاتفاقية تعريف منطقة اعالي البحار في المادة 86 بقولها ( تنطبق احكام هذا الجزء على جميع اجزاء البحر التي لاتشملها المنطقة الاقتصادية الخالصة او البحر الاقليمي او المياه الداخلية لدولة ما او لا تشملها المياه الارخبيلية لدولة ارخبيلية ولا يترتب على هذه المادة اي انتقاص للحريات التي تتمتع بها جميع الدول في المنطقة الاقتصادية الخالصة وفقا للمادة 58).

وقد اكدت المادة 87 من هذه الاتفاقية على ان ( اعالي البحار مفتوحة لجميع الدول ساحلية كانت او غير ساحلية وانه لايجوز لاية دولة شرعا ان تدعي اخضاع اي جزء من اعالي البحار لسيادتها ).

ومن النتائج التي تترتب على ذلك انه لجميع الدول التي لها سواحل بحرية او ما تسمى بالدول الحبيسة او المغلقة الحق في استعمال اعالي البحار وانه لا يمكن لاية دولة ان تمنع الدول الاخرى من استعمال اعالي البحار كما ان حرية الدول في استغلال اعالي البحار يجب ان تكون طبقا للشروط التي بينتها هذه الاتفاقية وكذلك قواعد القانون الدولي الاخرى ، مع مراعاة مصالح الدول الاخرى في ممارساتها لحريتها في اعالي البحار ومن المبادئ الضرورية الاخرى التي جاءت بها هذه الاتفاقية هو ان استخدام اعالي البحار يجب ان يكون لاغراض سلمية بحتة وهذه الاغراض هي كما حددتها المادة 87 من هذه الاتفاقية وهي ( حرية الملاحة وحرية التحليق وحرية وضع الكابلات وخطوط الانابيب المغمورة وحرية اقامة الجزر الاصطناعية وغيرها من المنشآت وحرية صيد الاسماك واخيرا حرية البحث العلمي) .

ومن المبادئ التي اكدت عليها الاتفاقية ايضا فيما يتعلق باعالي البحار او المنطقة الدولية هو انه لايجوز لاية دولة ان تدعي او تمارس السيادة الدولية او الحقوق السيادية على اي جزء من هذه المنطقة او مواردها كما انه يحظر تملك اي جزء من المنطقة وثرواتها وان يتم استغلال هذه الثروات لصالح البشرية جمعاء .

وفي اطار التعاون فيما بين الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية فانها اقرت نظاماً خاصا لاستثمار المنطقة حيث نصت المادة 157 / الفقرة 1 على (ضرورة مراقبة استخراج واستغلال ثروات قيعان البحار من قبل السلطة الدولية وكذلك اعتماد نظام الاستكشاف المتوازي الذي يتيح للدول والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة استكشاف واستثمار المنطقة بصورة متوازية مع السلطة الدولية) ( م 153 / 2 ) وكذلك اعتماد نظام المساهمات والتعويضات للدول والشركات التي تستخرج وتستغل ثروات المنطقة (م 160 ) ، كما ان على السلطة الدولية ان تقوم بمكافحة الاثار السلبية التي تحدثها عملية استخراج واستغلال ثروات قيعان البحار (م 162 ).