التضامن في المسؤولية الجنائية عن جريمة القتل العمد – القانون المصري

الطعن 7 لسنة 31 جلسة 17/ 4/ 1961 مكتب فني 12 ق 82 ص 442 جلسة 17 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.
———–
(82)
الطعن رقم 7 لسنة 31 القضائية

(أ) دعوى جنائية. ارتباط الجرائم. إحالتها. سلاح. قتل عمد.
الإحالة المباشرة من النيابة العامة في جنايات المادة 214/ 3 أ. ج. المعدلة بالقانون 113 لسنة 1957 وما ارتبط بها من جرائم أخرى. معنى كلمة الارتباط المشار إليها في النص. هو ارتباط المادة 32 عقوبات. جواز الإحالة المباشرة بالنسبة لجميع الجرائم.
الجريمة التابعة والجريمة المتبوعة والجريمة المندمجة: تسميات لا تتفق مع عبارة النص ولا غرض واضعه. مثال: إحراز سلاح وقتل عمد.
(ب) فاعل أصلى. مسئولية جنائية. قتل عمد.
اتفاق المتهمين على قتل المجنى عليه عمدا مع سبق الإصرار، ووجودهم جميعا على مسرح الجريمة وقت مقارفتها. مقتضاه: تضامنهم في المسئولية باعتبارهم فاعلين أصليين. تحديد الأفعال التي أتاها كل منهم. ليس بلازم.
(جـ – هـ) إثبات “شهادة”. أداء اليمين. عدم أدائها. عقوبة.
استحلاف الشاهد من ضمانات التحقيق بغية حمله على قول الصدق. طائفة لا يجوز استحلافها: المحكوم عليهم بعقوبة جناية وناقصو الأهلية. سماع معلوماتهم على سبيل الاستدلال. علة ذلك: هم أقل ثقة ممن يجب عليهم الحلف. أداؤهم الشهادة بيمين. لا يترتب عليه البطلان. حرمان المحكوم عليهم بعقوبة جناية من الحلف: عقوبة. معناها.

————–
1 – إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت جرائم مرتبطة ببعضها البعض لغرض واحد – ذلك الارتباط الذى قصده الشارع في المادة 32 من قانون العقوبات – وكانت إحدى هذه الجرائم داخلة في الجنايات المنصوص عليها في المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثالثة المضافة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 – أيا ما كانت العقوبة المقرر لها بالقياس إلى الجرائم الأخرى – جاز للنيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة. ومن ثم يكون ما خاض فيه الطاعنون في خصوص ما أسموه بالجريمة التابعة والجريمة المتبوعة واعتبار جريمة إحراز السلاح تابعة لجريمة القتل ومندمجة فيها – ما خاضوا فيه من ذلك لا يستقيد مع عبارة النص ولا غرض واضعه.
2 – متى كان الحكم المطعون فيه قد حدد الأفعال التي قارفها كل متهم، وأثبت عليهم اتفاقهم على قتل المجنى عليه والشروع في قتل الباقين عمدا مع سبق الإصرار ووجودهم جميعا على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتحاد نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك، فإن هذا واحده يكفى لتضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين في جريمتي القتل والشروع فيه. وليس بلازم الحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة.
3 – استحلاف الشاهد – عملا بالمادة 283/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية – هو من الضمانات التي شرعت فيما شرعت لمصلحة المتهم، لما في الحلف من تذكير الشاهد بالإله القائم على كل نفس وتحذيره من سخطه عليه إن هو قرر غير الحق، ولما هو مظنون من أنه قد ينجم عن هذا الترهيب أن يدلى الشاهد بأقوال لمصلحة المتهم قد تقع موقع القبول في نفس القاضي فيتخذها من أسس تكوين عقيدته. إلا أنه من جهة أخرى يجوز سماع المعلومات من أشخاص لا يجوز توجيه اليمين إليهم لكونهم غير أهل لذلك، إما بسبب حداثة سنهم كالأحداث الذين لم يبلغوا أربع عشرة سنة كاملة، والمحرومين من أداء الشهادة بيمين كالمحكوم عليهم بعقوبة جناية مدة العقوبة فإنهم لا يسمعون طبقا للبند “ثالثا” من المادة 25 من قانون العقوبات إلا على سبيل الاستدلال مثلهم في ذلك مثل ناقص الأهلية.
4 – مذهب الشارع في التفرقة بين الشهادة التي تسمع بيمين وبين تلك التي تعد من قبيل الاستدلال والتي تسمع بغير يمين، يوحى بأنه يرى بأن الأشخاص الذين قضى بعدم تحليفهم اليمين هم أقل ثقة ممن أوجب عليهم حلفها، ولكنه مع ذلك لم يحرم على القاضي الأخذ بالأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق.
5 – الحرمان من أداء الشهادة بيمين بالنسبة إلى طائفة المحكوم عليهم بعقوبة جناية هو في الواقع من الأمر عقوبة معناها الظاهر التهوين من شأن هؤلاء المحكوم عليهم ومعاملتهم معاملة ناقصي الأهلية طوال مدة العقوبة وبانقضائها تعود إلى هؤلاء جدارتهم لأداء الشهادة بيمين، فهي ليست حرمانا من حق أو ميزة مادام الملحوظ في أداء الشهادة أمام المحاكم هو رعاية صالح العدالة، فإذا حلف مثل هؤلاء الأشخاص اليمين – في خلال فترة الحرمان من أدائه – فلا بطلان – إذ لا يجوز أن يرتب البطلان على اتخاذ ضمان على سبيل الاحتياط قضى به القانون عندما أوجب أداء اليمين حملا للشاهد على قول الصدق.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون جميعا قتلوا المجنى عليه الأول عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن انتووا قتله وعقدوا العزم عليه وأعدوا لذلك أسلحة نارية “بنادق” وتربصوا له حتى إذا ما ظفروا به أطلقوا عليه النار قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وشرعوا في قتل المجنى عليهم الآخرين عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن انتووا قتلهم وعقدوا العزم عليه وأعدوا لذلك أسلحة نارية “بنادق” وتربصوا لهم بالمكان الذى علموا سلفا بمرورهم منه وما أن ظفروا بهم حتى أطلقوا عليهم النار فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتقرير الطبي الابتدائي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج. والمتهمان الأول والثاني أحرز كل منهما سلاحا ناريا مششخنا “بندقية لى أنفيلد” بدون ترخيص وذخيرة مما تستعمل في السلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصا لهما بإحرازه أو حيازته. والمتهمان الثالث والرابع أحرز كل منهما سلاحا ناريا غير مششخن “بندقية خرطوش” بدون ترخيص وذخيرة مما تستعمل في السلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصا لهما بإحرازه أو حيازته. وطلبت بأمر إحالة معاقبتهم بالمواد 45 و 46 و 230 و 231 و 232 عقوبات و 1 و 6 و 26/ 1 – 2 – 4 و 32 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و 231 و 232 من قانون العقوبات بالنسبة لجميع المتهمين عن التهمة الأولى والمواد 45 و 46 و 230 و 231 و 232 من القانون المذكور بالنسبة لجميع المتهمين أيضا عن التهمة الثانية والمواد 1 و 6 و 26/ 2 – 4 و 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 المرافق للأول والثاني والثالث والرابع عن التهمتين الثالثة والرابعة مع تطبيق المادة 32 عقوبات بالنسبة لهم جميعا بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة البندقيتين والذخيرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
أولا – تقريرا الأسباب المقدمان من الأستاذ أحمد حسين المحامي بتاريخ 24/ 12/ 1959 ومن الأستاذ كما توفيق المحامي بتاريخ 3/ 1/ 1960.
من حيث إن مبنى الوجه الأول من كل من التقريرين المذكورين هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على بطلان في الإجراءات أثر فيه، ذلك أن الدعوى الجنائية أحيلت مباشرة من النيابة العامة إلى محكمة الجنايات باتهام الطاعنين بجنايتي قتل عمد وشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد دون أن تحال إليها من غرفة الاتهام طبقا للقاعدة العامة المقررة بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية ولا يجدى في ذلك التحدي بتعديل المادة المذكورة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 الذى خول النيابة العامة حق إحالة جنايات معينة – من بينها الجنايات المعاقب عليها بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 – مباشرة إلى محكمة الجنايات وما يكون مرتبطا بها من جرائم أخرى لأن هذه الرخصة هي استثناء من الأصل العام لا يجوز التوسع فيه بحيث تطغى جريمة إحراز السلاح – وهى جريمة تابعة – على الجريمة الأساسية وهى القتل ولا تعد إلا أداة تنفيذ هذه الجريمة الأخيرة بحيث تتلاشى فيها كجريمة مستقلة وتصبح عنصرا من عناصرها، الأمر الذى انتهى إليه الحكم المطعون فيه حين اعتبر ما وقع من الطاعنين جريمة واحدة وأدمج جريمة إحراز السلاح في جريمتي القتل والشروع فيه، مما ينتقى معه القول بقيام ارتباط بين هذه الجرائم وبعضها البعض بالمعنى المفهوم قانونا وهو مالا يتوافر إلا بين جريمتين مستقلتين.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بطريق التكليف بالحضور مباشرة أمام محكمة الجنايات لاتهامهم بقتل المجنى عليه الأول عمدا وشروعهم في قتل باقي المجنى عليهم عمدا وذلك مع سبق الإصرار والترصد بأن أعدوا لذلك أسلحة نارية “بنادق” وتربصوا لهم بالمكان الذى علموا سلفا بمرورهم فيه وما أن ظفروا بهم حتى أطلقوا عليهم النار قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية والتي أودت بحياة المجنى عليه الأول وخاب أثر الجريمة بالنسبة إلى باقي المجنى عليهم لسبب لا دخل لإرادة الطاعنين فيه وهو تدارك المجنى عليهم المذكورين بالعلاج، وبوصف أن تستعمل فيه بدون ترخيص وأن الطاعنين الثالث والرابع أحرز كل منهما سلاحا ناريا غير مششخن وذخيرة مما تستعمل فيه بدون ترخيص. وطلبت النيابة العامة عقابهم بالمواد 45 و 46 و 230 و 231 و 232 من قانون العقوبات و1 و 6 و 26/ 1 ـ 2 ـ 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدولين 2 و 3. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بحكمها المطعون فيه بمعاقبة الطاعنين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة البندقيتين والذخيرة المضبوطة وذلك عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها قد دلل بأدلة سائغة على أن يكون مرخصا لأى منهم بذلك – وهى الجرائم المعاقب عليها بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 التي رفعت بها الدعوى الجنائية مباشرة أمام محكمة الجنايات – وأثبت توافر الارتباط بين هذه الجنايات وجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد التي دين الطاعنون بها، ذلك الارتباط الذى استقر قضاء هذه المحكمة على أنه لا ينصرف إلى غير المعنى الذى قصده الشارع في المادة 32 من قانون العقوبات – التي أعملها الحكم في حق الطاعنين – مما مفاده أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت جرائم مرتبطة ببعضها البعض لغرض واحد وكانت إحدى هذه الجرائم داخله في الجنايات المنصوص عليها في المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثالثة – المضافة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 – أيا ما كانت العقوبة المقررة لها بالقياس إلى الجرائم الأخرى – جاز للنيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة، ومن ثم تكون النيابة العامة إذ رفعت الدعوى مباشرة أمام محكمة الجنايات قد تصرفت في حدود حقها المخول لها قانونا بمقتضى الفقرة سالفة البيان، ويكون ما خاض فيه الطاعنون في خصوص ما أسموه بالجريمة التابعة والجريمة المتبوعة واعتبار جريمة إحراز السلاح تابعة لجريمة القتل العمد ومندمجة فيها، ما خاضوا فيه من ذلك لا يستقيم مع عبارة النص ولا غرض واضعه ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من التقريرين هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على بطلان آخر في الإجراءات أثر فيه كما خالف القانون، ذلك أنه اعتمد في الإدانة على أقوال على محمد عبد العال بعد استحلافه اليمين مع أنه محكوم عليه بعقوبة جناية وأدى شهادته في فترة قضائه العقوبة بالليمان وذلك على خلاف ما يقضى به نص المادة 25 من قانون العقوبات من أن كل حكم بعقوبة جناية يستلزم حتما حرمان المحكوم عليه من الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الأصل هو أنه يجب على الشاهد أن يكون صادقا في شهادته، ولحمله على قول الصدق أوجب القانون في المادة 283/ 1 من قانون الإجراءات على الشهود الذين بلغت سنهم أربع عشرة سنة أن يحلفوا يمينا قبل أداء الشهادة على أنهم يشهدون بالحق ولا يقولون إلا الحق، كما عاقب الشارع على شهادة الزور وعلى إعانة الجاني من الفرار من وجه القضاء بتقديم معلومات غير صحيحة تتعلق بالجريمة. فاستحلاف الشاهد هو من الضمانات التي شرعت فيها شرعت لمصلحة المتهم لما في الحلف من تذكير الشاهد بالإله القائم على كل نفس وتحذيره من سخطه عليه إن هو قرر غير الحق ولما هو مظنون من أنه قد ينجم عن هذا الترهيب أن يدلى الشاهد بأقوال لمصلحة المتهم قد تقع موقع القبول في نفس القاضي فيتخذها من أسس تكوين عقيدته. إلا أنه من جهة أخرى يجوز سماع المعلومات من أشخاص لا يجوز توجيه اليمين إليهم لكونهم غير أهل لذلك إما بسبب حداثة سنهم كالأحداث الذين لم يبلغوا أربع عشرة سنة كاملة والمحرومين من أداء الشهادة بيمين كالمحكوم عليهم بعقوبة جناية مدة العقوبة فإنهم لا يسمعون طبقا للبند “ثالثا” من المادة 25 من قانون العقوبات إلا على سبيل الاستدلال مثلهم في ذلك مثل ناقصي الأهلية. ومذهب الشارع في التفرقة بين الشهادة التي تسمع بيمين وبين تلك التي تعد من قبيل الاستدلال والتي تسمع بغير يمين يوحى بأنه يرى أن الأشخاص الذين قضى بعدم تحليفهم اليمين هم أقل ثقة ممن أوجب عليهم حلفها، ولكنه مع ذلك لم يحرم على القاضي الأخذ بالأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها لصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، وغاية ما في الأمر أن الشارع أراد أن يلفت النظر إلى هذه الأقوال كي يكون القاضي أكثر احتياطا في تقديرها وترك له بعد ذلك الحرية التامة في الأخذ بها أو اطراحها. فالحرمان من أداء الشهادة بيمين بالنسبة إلى طائفة المحكوم عليهم بعقوبة جناية هو في الواقع من الأمر عقوبة معناها الظاهر التهوين من شأن هؤلاء المحكوم عليهم ومعاملتهم معاملة ناقصي الأهلية طوال مدة العقوبة وبانقضائها تعود إلى هؤلاء جدارتهم لأداء الشهادة بيمين فهي ليست حرمانا من حق أو ميزة مادام الملحوظ في أداء الشهادة أمام المحاكم هو رعاية صالح العدالة. فإذا حلف مثل هؤلاء الأشخاص اليمين – في خلال فترة الحرمان من أدائه – فلا بطلان وتظل هذه الشهادة في حقيقتها وفى نظر القانون من قبيل الاستدلال التي يترك تقديرها للقاضي، إذ لا يجوز أن يترتب البطلان على اتخاذ ضمان على سبيل الاحتياط قضى به القانون عندما أوجب أداء اليمين حملا للشاهد على قول الصدق. وبفرض وقوع هذا البطلان – وهو غير قائم – فإن سكوت محامى الطاعنين – على ما يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة – عن الاعتراض على هذا الإجراء في حال حصوله في حضوره يسقط الحق في الدفع ببطلانه وفقا لنص المادة 333/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن مبنى سائر أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما أخطأ في الإسناد، ذلك أنه عول في إدانة الطاعن الأول على القول بأنه عثر في منزله على بندقية “لى أنفيلد” مطلقة حديثا استنادا إلى المحضر الذى حرره ضابط مباحث المركز مع أن الطاعن المذكور أنكر في كافة مراحل الدعوى صلته بتلك البندقية أو إحرازه إياها وأثار المدافع عنه ما اعتور تحقيق النيابة من نقص في خصوص هذه الواقعة لالتفاتها عن سؤال الضابط والمخبر الذى وجد البندقية عن ظروف ضبطها ومسوغاتها وطلب استبعاد الدليل المستمد من ذلك وجاء رد الحكم على هذا الدفاع مقصورا على القول بأن أحدا لم يعترض على ذلك المحضر وهو ما لا يصلح ردا. كما أن الحكم لم يعن بتحديد الأعمال المسندة إلى كل منهم على حدة وبيان الدليل الذى قام لديه عليها حتى يمكن تحديد مركز الطاعنين في الدعوى كفاعلين أصليين أو شركاء واكتفى الحكم بأخذهم جملة ويبدو هذا الإجمال حين عرض الحكم إلى ظرف الترصد، فضلا عما نسبه إليهم من أنهم حين ترصدوا للمجنى عليهم كانوا وقوفا مدحجين بالسلاح في انتظار عودتهم حتى إذا ما رأوهم انقضوا عليهم بلا مناقشة وأطلقوا النار صوبهم، وما ذكره الحكم من ذلك يخالف المثبت على لسان الشهود من أن الطاعنين لم يكونوا جميعا واقفين بالطريق بل كان بعضهم جالسا على مصطبة وأن إطلاق النار لم يكن بالصورة التي أوردها الحكم من انقضاض الطاعنين على المجنى عليهم وهو ما سبق أن سجله الحكم في معرض تحصيله لأقوال أولئك الشهود، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن المدافع عن الطاعنين لم يتمسك أمام المحكمة بطلب سماع أحد في شأن واقعة ضبط البندقية بمنزل الطاعن الأول بل اقتصر على تعييب إجراءات التحقيق في هذا الصدد ومحاولة النيل منها وهو ما لا يمس الحكم لأن العبرة بإجراءات المحاكمة ذاتها، ومن ثم فلا حق للطاعن الأول في النعي على الحكم اعتماده على محضر الضبط لما هو مقرر من حق محكمة الموضوع في أن تعتمد في تكوين عقيدتها على ما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وعناصرها، ولها في سبيل ذلك أن تعتمد على ما يرد بمحاضر جمع الاستدلالات المطروحة على بساط البحث متى اطمأنت إلى صحة ما ورد بها، ولا يعدو ما يثيره الطاعن المذكور في هذا الشأن أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى وتقديرها وهو ما تستقل به بغير معقب عليها فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها كل
طاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دينوا بها، وإذ أثبت على الطاعنين اتفاقهم على قتل المجنى عليه والشروع في قتل الباقين عمدا مع سبق الإصرار ووجودهم جميعا على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتحاد نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك، فإن هذا وحده يكفى لتضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين في جريمتي القتل والشروع فيه، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ظرف الترصد في قوله “وحيث إن الترصد ثابت لدى المتهمين (الطاعنين) من وقوفهم في الطريق الوحيد لمرور السيارات إلى مساكن المجنى عليهم مع علمهم بأنهم توجهوا إلى أسيوط مدحجين بالسلاح الفتاك القاتل في انتظار عودة المجنى عليهم حتى إذا ما رأوهم قادمين انقضوا عليهم بلا مناقشة ولا كلام جرى بينهم وبين المجنى عليهم وشهروا السلاح عليهم وطلقوا منه النار صوبهم فخر القتيل صريعا وجرح على محمد عبد العال وعبد الله محمد عبد العال وأحمد سعيد عبد الفتاح كما أصابت المقذوفات زكى أيوب وابراهيم عبد العال”. وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغا في استخلاص هذه الظروف كما هو معرف به في القانون، ولا يقدح في سلامة الحكم أن يكون وهو في مقام التدليل على توافر هذا الظرف قد جمع بين المتهمين لوحدة الواقعة التي نسبت إليهم معا كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قالة الخطأ في الإسناد مردودا بأن ما أورده الحكم في خصوص استظهار ظرف الترصد له مأخذه من الأوراق، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص هذا الظرف – شأنه في ذلك شأن سائر ظروف الدعوى – من العناصر المطروحة أمامها ولو كان ذلك بطريق الاستنباط والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية مادام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعنون من نعى على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل. ثانيا – تقريرا لأسباب الثالث المقدم من الأستاذ على عثمان حماد المحامي بتاريخ 27/ 12/ 1959.
من حيث إن مبنى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يستظهر توافر ظرفي الترصد وسبق الإصرار في حق الطاعنين لأن واقعة الدعوى حصلت فجأة وبغير تدبير سابق ولم يستظهر الحكم ظروف علم الطاعنين بوجود المجنى عليهم بأسيوط وعودتهم منها إلى بلدتهم بالسيارة ولا تكفى الضغينة بين الطاعنين والمجنى عليهم لاستخلاص سبق الإصرار ومع ذلك فإنها ليست مقصورة على أسرتي الفريقين بل إنها قائمة بين أسرة المجنى عليهم وعائلات أخرى. وبانتفاء هذين الطرفين يكون جمع الحكم بين الطاعنين في المسئولية عن مقارفة جنايتي القتل والشروع فيه دون التدليل على سبق اتفاقهم على ذلك أو قيام الاشتراك بينهم على مقارفتها يجافى التطبيق الصحيح للقانون. كما قصر الحكم في استظهار نية القتل والتدليل على توافرها في حق الطاعنين إذا لم يبين نوع السلاح الناري المستعمل في ارتكاب الجريمة وعدد الطلقات التي أصابت المجنى عليهم ومواضعها في أجسامهم. هذا إلى أن الحكم قد اعتمد في الإدانة على أقوال المجنى عليهم وعلى التقرير الطبي على رغم ما بين هذين الدليلين من تعارض من حيث الإصابات وعددها والآلة المستعملة في إحداثها واتجاه المقذوفات وموقف الضارب من المعتدى عليه وذلك دون أن يرفع هذا التعارض، بل إنه حسن عرض للرد على ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص سلم بقيام التناقض بين الدليلين القولي والفني ومع ذلك لم يعول عليه مما يصمه بالتخاذل ويعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما سلف البيان بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها وساق على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة مردودة إلى أصلها وعرض إلى سبق الإصرار في قوله “وحيث إن سبق الإصرار متوفر لدى المتهمين (الطاعنين) من الضغينة الكامنة في نفوسهم والنار المستعرة في نفوسهم من جراء قتل قريبهم فعولوا لذلك على الانتقام والثأر لهما من المجنى عليهم شفاء لما في نفوسهم من ضغن ولما في قلوبهم من بغض فعقدوا الخناصر على ذلك وبيتوا النية على قتل المجنى عليهم وإزهاق أرواحهم”. وكان ما أورده الحكم من ذلك يتوافر به هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن سبق الإصرار هو حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا، مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج. وإذ كان ما انتهى إليه الحكم مردودا إلى أصله في الأوراق فإن المجادلة في ذلك لا تقبل لتعلق الأمر بسلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى وتقديرها مما تستقل به بما لا معقب عليها فيه. ولما كان الحكم قد استظهر ظرف الترصد بما ينتجه كما سلف القول في معرض تناول تقريري الأسباب السابقين، وكان لا جدول للطاعنين من المنازعة في قيام هذا لظرف بعد إذ أثبت توافر سبق الإصرار في حقهم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في قوله “وحيث إن نية القتل العمد متوفرة لدى المتهمين (الطاعنين) من الضغينة الكامنة في نفوسهم والنار المتأججة في صدورهم من جراء قتل قريبهم واستعمالهم أسلحة قاتلة بطبيعتها وتصويبها وإطلاق مقذوفات منها على المجنى عليهم حتى خر القتيل صريعا من جراء ذلك مما يقطع أن المتهمين قد نووا إزهاق أرواح المجنى عليهم”. وكان تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون، وهي أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضى الموضوع وحريته في تقدير الوقائع لما لا معقب عليه متى كانت الوقائع والظروف التي بينها وأسس رأيه عليها من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التي رتبها عليها، وكان ما ذكره الحكم في خصوص توافر هذه النية سائغا في استظهارها كما هي معرفة به في القانون. أما ما يثيره الطاعنون في شأن بيان أداة القتل وكيفية إطلاقها ومواضع الإصابات فإنه فضلا عن أنه من المقرر أن آلة القتل أو طريقته ليستا من البيانات الجوهرية التي يلزم التحدث عنها مادام الحكم قد أثبت وقوع القتل فعلا، فإن الحكم قد عرض إلى أداة الجريمة وطريقة حصولها في معرض بيانه واقعة الدعوى وأثبت مواضع الإصابات التي حدثت بفعل الطاعنين كما بينها التقرير الطبي بما يعصمه من قالة القصور في هذا البيان. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى وسرد أدلتها عرض إلى ما أثاره الدفاع في خصوص الخلاف بين أقوال الشهود والتقرير الطبي فقال “وحيث إن أقوال الدفاع مردودة بأن أقوال المجنى عليهم قد جاءت متساندة في جوهرها مؤيدة بما جاء بالتقرير الطبي الشرعي وبما أوردته المعاينة وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك من أقوال محمد الشاذلي سائق السيارة رقم 88 أسيوط أن المجنى عليهم والقتيل كانوا من بين راكبي سيارته وأن الرصاص أطلق عليهم بمكان الحادث عند منزل حسن قايد (الطاعن الرابع) ومن ثم فهم شهود رؤية له وقد أصيبوا من جرائه واختلافهم في بعض المسائل رغم وقوع الحادث في وضح النهار إنما مرده أنهم فوجئوا به وفى غمرته والأعصاب متوترة والجروح دامية أيقن بعضهم بشيء لم يره الآخر، ومن ثم، كان القول بأن القتيل أصيب من عيار واحد، وكان التناقض في رؤية مكان المتهمين، إلا أن هذا التناقض ليس بمؤثر طالما أنه ثبت بما لا يدع مجالا لشك وجود المتهمين جميعا بمكان الحادث وفق ما قرره الشهود وقد جاءت أقوالهم مؤيدة بما قرره التقرير الطبي الشرعي والمعاينة….” وما ذهب إليه الحكم من ذلك سائغ في استخلاص الإدانة من أدلة الدعوى بما لا تناقض فيه، ذلك بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو بأقوال شهود بذواتهم إذ لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه ويناقش على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في إثبات اقتناعه واطمئنانه بما انتهى إليه أما التناقض الذى يعيب الحكم فهو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، فإذا كانت المحكمة في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال الشهود في صدد وجود الطاعنين على مسرح الجريمة وإطلاقهم النار على المجنى عليهم نتيجة تدبيرهم السابق واطرحت ما جاء بأقوال بعضهم من خلاف في تصوير الحادث واعتمدت في ذلك على باقي الأدلة التي ساقتها وانتهت إلى النتيجة التي خلصت إليها بأسباب سائغة فإنها تكون قد عملت في حدود سلطتها التي لا معقب عليها فيها. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعنون لا يكون سديدا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .