الالتزام بتسليم المبيع بوضعه تحت تصرف المشتري وفقاً للقانون المصري – سوابق قضائية

الطعن 575 لسنة 60 ق جلسة 25 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 310 ص 1653

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم نواب رئيس المحكمة وسعيد فودة.
————
– 1 اختصاص “أعمال السيادة”. محكمة الموضوع.
أعمال السيادة . منع المحاكم من نظرها . للقضاء سلطة وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان من أعمال السيادة من عدمه.
لما كان المشرع لم يورد تعريفا أو تحديدا لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على منع المحاكم من نظرها مباشرة أو غير مباشرة، ولم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة 11 من قانون نظام مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية فإنه يكون منوطا بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن.
– 2 اختصاص “أعمال السيادة”. محكمة الموضوع.
أعمال السيادة . ماهيتها . تميزها عن الأعمال الإدارية العادية بعناصر أهمها الصبغة السياسية.
لئن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية، فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها الداخل والخارج، فالأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابله بطبيعتها لأن تكون محلا للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحا للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها.
– 3 ملكية “ملكية الأراضي الصحراوية”. قانون. أموال “أموال الدولة الخاصة”.
عدم جواز حرمان أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها.
المقرر بنص المادة 34 من دستور 1971 أن الملكية الخاصة مصونه لا تمس فلا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون، كما نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه لا يجوز أم يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي رسمها ويكون ذلك مقابل تعويض عادل.
– 4 ملكية “ملكية الأراضي الصحراوية”. قانون. أموال “أموال الدولة الخاصة”.
الأراضي الصحراوية في نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 43 لسنة 1981 . ماهيتها . تخويل وزير الدفاع إصدار قرار بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية التي لا يجوز تملكها . المادتان 1 , 2 من هذا القانون . مؤداه . عدم خضوع الأراضي التي لم تكن على ملك الدولة أو التي خرجت عن ملكها بالتصرف فيها قبل صدور قرار وزير الدفاع بتحديدها ضمن المناطق العسكرية للقيود الواردة على استغلالها والتصرف فيها المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون المذكور.
لما كان الشارع قد عرف الأراضي الصحراوية في نطاق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بما ضمنه نص المادة الأولى منه أنها “الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلو مترين……” ونص في المادة الثانية منه على أن “تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلي 1 – يصدر وزير الدفاع قرارا بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية التي لا يجوز تملكها….” بما مفاده أن الأراضي التي لم تكن ملك الدولة أو التي خرجت عن ملكها بالتصرف فيها قبل أن يصدر قرار وزير الدفاع بتحديدها ضمن المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية تضحى غير خاضعة للقيود الواردة على إدارتها واستغلالها والتصرف فيها المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر.
– 5 بيع “آثار البيع” “التزامات البائع: الالتزام بتسليم المبيع”.
تسليم المبيع . ماهيته . وضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به . م 435 مدني.
مفاد نص المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل.
– 6 اختصاص “اختصاص ولائي”. قرار إداري.
اختصاص المحاكم بالفصل في المنازعات التي تثور بين الأفراد والحكومة بشأن تبعية الأموال المتنازع عليها للدولة أو بشأن ما يدعيه الأفراد من حقوق عينية عليها.
المحاكم العادية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل في المنازعات التي تثور بين الأفراد والحكومة بشأن تبعية الأموال المتنازع عليها للدولة أو بشأن ما يدعيه الأفراد من حقوق عينيه لهم عليها.
– 7 اختصاص “اختصاص ولائي”. قرار إداري.
القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات التجارية والمدنية . القيد الذي يضعه المشرع للحد من هذه الولاية. استثناء . لا يجب التوسع في تفسيره . اختصاص القضاء الإداري بالطعن على القرار الإداري بإزالة التعدي لا يتسع للفصل في المنازعة القائمة بشأن الملكية . اختصاص القضاء العادي وحده بالفصل فيها.
القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية – ولا يخالف به أحكام الدستور – يعتبر استثناء واردا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره وكان للجهة الإدارية الحق في إزالة التعدي الواقع على أموال الدولة بالطريق الإداري، وكان القضاء الإداري إذ يختص بالفصل في الطعن على القرار الإداري بإزالة ذلك التعدي لا يقضي في منازعه قائمة بين الطرفين المتنازعين بشأن الملكية إذ أن ذلك من اختصاص القضاء العادي الذي يملك وحده الحكم في موضوع الملكية.
————
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 649 سنة 1986 مدني الإسماعيلية الابتدائية ضد جمعية العاشر من رمضان التعاونية لاستصلاح الأراضي بالإسماعيلية بطلب الحكم عليها في مواجهة الطاعنين بتسليمه الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة وبالعقد المسجل برقم 1461 سنة 1983 الإسماعيلية، وقال بياناً لذلك أنه اشترى بموجب هذا العقد من الجمعية المدعى عليها الأولى أرضاً مساحتها 17 ط – 7 ف مبينة الحدود بالعقد تملكتها البائعة ضمن مساحة أكبر مشتراه من محافظة الإسماعيلية بالعقد المسجل برقم 907 في 15 /11 /1981 الإسماعيلية، وإذ تقاعست البائعة له عن تسليمه الأرض المبيعة أقام الدعوى دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى لتعلق موضوعها بأعمال السيادة.
ندبت المحكمة خبيراً ثم حكمت بتاريخ 22 /2 /1989 بإلزام المدعى عليها الأولى في مواجهة الطاعنين – بتسليم المطعون عليه الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة والعقد المسجل برقم 1461 سنة 1983 الإسماعيلية. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 189 سنة 14 ق، وبتاريخ 7/ 12 /1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا بدفاع حاصله أن قيادة الجيش الثاني تعرضت للمطعون عليه في وضع يده على أرض النزاع التي تقع ضمن المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية وفقاً لقرار وزير الدفاع رقم 188 لسنة 1982 الصادر استناداً لنص المادة 2/أ من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، وذلك بسبب إقامة تجهيزات عسكرية عليها بغرض تأمين البلاد وهو من أعمال السيادة التي تنأى عن رقابة القضاء ولا تختص المحاكم بدعوى منع تعرضهما للمشتري في هذه الأرض، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وقضى بتأييد الحكم المستأنف بتسليم المطعون عليه أرض التداعي على ما ذهب إليه من أن موضوع النزاع يتعلق بطلب تسليم الأرض تنفيذاً لعقد شرائها من الجهة البائعة لها والتي تمتلكها بعقد مسجل ورغم أنه لا يستقيم أن يكون تسجيل عقدها في عام 1981 سابقاً على شرائها لها في عام 1982 على النحو الذي أشار إليه تقرير الخبير الأول المندوب في الدعوى بما ينبئ عن أن البائعة تجاوزت نطاق ملكيتها وباعت إلى المطعون عليه أرضاً غير مملوكة لها وهو ما لم يتناوله الحكم إيراداً أو رداً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي برمته مردود، ذلك أنه لما كان المشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على منع المحاكم من نظرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة11 من قانون نظام مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية، فإنه يكون منوطاً بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السياحة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، ولئن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية، فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها الداخل والخارج، فالأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلاً للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها منه، وكان من المقرر بنص المادة 34 من دستور 1971 أن الملكية الخاصة مصونة لا تمس فلا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون، كما نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي رسمها ويكون ذلك مقابل تعويض عادل، لما كان ما تقدم وكان الشارع قد عرف الأراضي الصحراوية في نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بما ضمنه نص المادة الأولى منه أنها “الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلو مترين ….” ونص في المادة الثانية منه على أن “تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقاً للأوضاع والإجراءات المبنية فيما يلي (1) يصدر وزير الدفاع قراراً بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية التي لا يجوز تملكها ….” بما مفاده أن الأراضي التي لم تكن على ملك الدولة أو التي خرجت عن ملكها بالتصرف فيها قبل أن يصدر قرار وزير الدفاع بتحديدها ضمن المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية تضحى غير خاضعة للقيود الواردة على إدارتها واستغلالها والتصرف فيها المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر، وكان الثابت من تقدير الخبير المندوب في الدعوى المؤرخ 25 /12 /1988 والذي ضمنته المحكمة مدونات قضائها أن أرض التداعي تملكتها جمعية العاشر من رمضان – المدعى عليها الأولى – شراء من محافظة الإسماعيلية – ضمن مساحات أخرى – بالعقد المسجل برقم 907 في 15/ 11 /1981 الإسماعيلية قبل صدور قرار وزير الدفاع رقم 188 لسنة 1982 بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، وقد باعتها الجمعية المذكورة إلى المطعون عليه بالعقد المسجل برقم 1461 سنة 1983 الإسماعيلية وأنه لم تتخذ أية إجراءات لنزع ملكيتها بالطرق المقررة لذلك قانوناً، وقد أوردت معاينة الخبير لها على الطبيعة أنها غير مشغولة بالقوات المسلحة أفراداً أو معدات وأنها محاطة بالزراعة ومصادر المياه ومشروعات الإنتاج الحيواني مما ينفي عنها تخصيصها للعمليات العسكرية أو متطلبات الأمن القومي ومن ثم فلا يعد التعويض الحاصل بشأنها عملاً من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية المحاكم، لما كان مفاد نص المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل، وكانت المحاكم العادية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل في المنازعات التي تثور بين الأفراد والحكومة بشأن تبعية الأموال المتنازع عليها للدولة أو بشأن ما يدعيه الأفراد من حقوق عينية لهم باعتبار أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية – ولا يخالف به أحكام الدستور – يعتبر استثناء وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان للجهة الإدارية الحق في إزالة التعدي الواقع على أموال الدولة بالطريق الإداري، وكان القضاء الإداري إذ يختص بالفعل في الطعن على القرار الإداري بإزالة ذلك التعدي لا يقضي في منازعة قائمة بين الطرفين المتنازعين بشأن الملكية إذ أن ذلك من اختصاص القضاء العادي الذي يملك وحده الحكم في موضوع الملكية، وكانت الدعوى الماثلة قد أقيمت من المطعون عليه وتدور حول حقه في استلام الأرض التي بيعت إليه من الجمعية المالكة لها باعتباره أثراً من آثار البيع الصحيح مما يخضع لاختصاص القضاء العادي، وإذ وافق قضاء الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – هذا النظر وانتهى إلى إلزام البائعة بتسليم المطعون عليه الأرض المبيعة له وذلك في مواجهة الطاعنين فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون.
وكان الطاعنان لم يسبق لهما أن أثارا أمام محكمة الاستئناف دفاعاً في شأن مسألة الاختلاف بين تاريخ شراء البائعة للمطعون عليه وبين تاريخ تسجيل ذلك العقد ومن ثم فلا يجوز لهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي في جملته على غير أساس.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .