جريمة الاختلاس في القانون البحريني
«الــشــورى» يــوافــق عــلـــى تــعــديــل أحــكـــام بــقــانـــون الـعـقـوبـات لـتـجـريـم الـرشـوة والاخـتـلاس في القطاع الأهلي

إعداد: هناء المحروس

الحلقة الثانية
تعتبر جريمة الاختلاس من الجرائم التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالموظف العام وتقع جريمة الاختلاس من خلال استيلاء الموظف على مال أو أوراق كانت تحت حيازته بحكم وظيفته يغير وجه حق, كما أنها جريمة تختلف عن الجرائم الأخرى من حيث مستوى مرتكب الجريمة وثقافته فهو يمتلك خبرة عالية تمكنه من إخفاء معالم جريمته بما يمتلكه من دهاء في مجال عمله ويكون لهذه الجريمة أثار وخيمة وخطيرة على الاقتصاد الوطني.

جريمة الاختلاس تتكون من ثلاثة أركان, هي الركن الأول وهو صفة الموظف العام والركن المادي وهو اختلاس مال وجد في حيازة الموظف بمقتضى وظيفته والركن المعنوي وهو القصد الجنائي.

وقد أقر مجلس الوزراء مؤخرا نظاماً رقابياً للتعامل مع حالات المخالفات المالية ومكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام.
مجلس الشوري يجرم الاختلاس في القطاع الأهلي
وافق مجلس الشورى على تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، على نحو يقضي بتجريم الرشوة والاختلاس في القطاع الأهلي.

وينص مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 المرافق للمرسوم الملكي رقم (10) لسنة 2010 على معاقبة مرتكبي أيٍ من جريمتي الرشوة أو الاختلاس في القطاع الأهلي بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات وبمصادرة العطية بالنسبة إلى جريمة الرشوة.

وقالت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني – في تقريرها – انها تراجعت عن قرارها السابق بشأن المادتين (417 و424) ووافقت على قرار مجلس النواب بشأنهما. وتعرف المادة (417) من مشروع القانون العامل بأنه كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر أيا كان نوعه لدى صاحب عمل وتحت إدارته وإشرافه، وكل من يؤدي عملاً أو خدمة بأي صفة من دون أن يكون خاضعاً لإدارة وإشراف من يؤدي إليه العمل أو الخدمة. ويقصد بالشخص الاعتباري الخاص، كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال يعترف لها القانون بهذه الصفة. ويقصد بعضو مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء للشخص الاعتباري الخاص (الرئيس ونائب الرئيس والأعضاء) أيا كانت تسمية المجلس أو شكله.
العقوبــــات
وبموجب المواد (418) و(419)، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل عامل أو عضو مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء للشخص الاعتباري الخاص طلب أو قبل لنفسه أو لغيره بشكل مباشر أو غير مباشر عطية أو مزية من أي نوع أو وعداً بشيء من ذلك، لأداء عمل أو للامتناع عنه أو عقب تمام العمل المكلَّف به أو الامتناع عنه، إخلالاً بواجبات عمله أو منصبه، أو إضراراً بمصالح صاحب العمل أو الشخص الاعتباري الخاص. ويسري حكم الفقرة السابقة ولو كان العامل أو عضو مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء يقصد عدم أداء العمل أو عدم الامتناع عنه، أو إن كان أداء العمل أو الامتناع عن العمل لا يدخل في مهام عمله أو منصبه، ولكنه زعم ذلك أو اعتقده خطأً، إضراراً بمصالح صاحب العمل أو الشخص الاعتباري الخاص.

ويعاقب بموجب المادة (421)، بالحبس من عرض على عامل أو عضو مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء للشخص الاعتباري الخاص، من دون أن يقبل منه عرضه، عطية أو مزية من أي نوع أو وعداً بشيء من ذلك لأداء عمل أو للامتناع عن عمل للإخلال بواجبات عمله أو منصبه أو للإضرار بمصالح صاحب العمل أو الشخص الاعتباري الخاص.

على صعيد متواصل، تعاقب المادة (424) من مشروع القانون بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل عامل أو عضو مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء للشخص الاعتباري الخاص اختلس مالاً أو سندات أو أوراقاً ذات قيمة مالية أو تجارية أو معنوية وجدت في حيازته بسبب عمله أو منصبه.

وإذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال أو السندات أو الأوراق المالية أو التجارية أو غيرها بهذه عدّ ذلك ظرفاً مشدداً.

وتنص المادة (425) على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل عامل أو عضو مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء للشخص الاعتباري الخاص عهد إليه المحافظة على مصلحة لإحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة (417) من هذا القانون في صفقة أو عملية أو قضية وأضر عمداً بهذه المصلحة ليحصل على ربح لنفسه أو لغيره».
انتقادات «شورية»
وجاء إقرار مشروع القانون على الرغم من انتقادات لاذعة وجهها إليه بعض أعضاء مجلس الشورى. ففي مداخلتها، قالت رئيسة لجنة الشئون التشريعية والقانونية دلال الزايد ان مشروع القانون لم يأخذ باعتراف الشخص كعذر مخفف أسوة بما هو معمول به في قانون تجريم الرشوة والاختلاس في القطاع العام، آخذة أيضا على الخلاف بين القانونين فيما يتعلق بنوع الجريمة، ففيما يذهب مشروع القانون إلى اعتبارها (جنحة)، فإن القانون الآخر – تجريم الرشوة والاختلاس في القطاع العام – اعتبرها «جناية».

وانتقدت أيضا توسع مشروع القانون في تعريف العامل وعدم تحديده، وذلك على خلاف ما دأب مجلس الشورى على الأخذ به فضلا عن مخالفته للنهج المتعلق بالنصوص العقابية.

وذهب العضو سيد حبيب مكي هاشم إلى عدم وضوح مسببات القرار الذي اتخذته اللجنة. وهو ما أيدته العضو لولوة العوضي التي أكدت ضرورة أن تبرر اللجنة موقفها وخاصة في حالة التراجع عن قرارها السابق.

وأوضح المستشار القانوني لوزارة العدل والشئون الإسلامية أن التشدد في قانون تجريم الرشوة والاختلاس في القطاع الحكومي عنه في القطاع الخاص، مرجعه إلى أن العقوبة عندما تسنّ فإنما يكون ذلك لحماية مصلحة والمصلحة التي يحميها القانون في الحالة الأولى هي الوظيفة العامة، ومن هنا كان التشديد بينما في الثاني يحمي مصلحة اقتصادية.

* باحثة قانونية بوزارة التربية والتعليم

إعادة نشر بواسطة محاماة نت