حكم نقض : الاشتراك في تزوير محرر رسمى واستعمالة

رقم الحكم 4877
تاريخ الحكم 10/03/1982
اسم المحكمة محكمة النقض – مصر

المحكمة
ومن حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، انه اذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررين رسمين (شهادة ميلاد وبطاقة عائلية) واستعمال محرر رسمي مزور مع علمه بتزويره قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطا في تطبيق القانون ذلك بان الحكم المطعون فيه نقل اسباب الحكم المطعون فيه نقل اسباب الحكم السابق صدوره ف غيبة الطاعن والذي سقط باعادة الاجراءات ضده، واورد ان الدعوى احيلت اليه مباشرة من النيابة العامة وفقا للمادة 336 من قانون الاجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 5 لسنة 1973، كما ان الطاعن حسن النية وذلك لان شريكته في الاثم قررت له انها حملت منه، وان اقراره بالبنوة اساسه القاعدة الشرعية في النسب وهي ان الولد للفراش والام صاحبة الاقرار في ذلك مصدقة باقرارها ومع ذلك فان الحكم نفى نسب المولودة اليه بدعوى ان الزواج باطلا، الا يرتب عليه قيام المسئولية الجنائية لانعدام الضرر المحقق او الاحتمالي، وانه ما دامت النيابة العامة لم تسند اليه واقعة تزوير وثيقة الزواج، فان استعماله لهذه الوثيقة في اثبات زواجه ونسب المولودة اليه لا يشكل جريمة، هذا الى ان الحكم اذ اعتبر الواقعة المسندة اليه جناية تزوير في البطاقة العائلية، يكون بعيدا عن الصواب اذ الواقعة جنحة وفقا لاحكام القانون 260 لسنة 1960 بشان الاحوال المدنية، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث ان المادة 336 مكررا من قانون الاجراءات الجنائية المضافة بالمادة الاولى من القانون رقم 5 لسنة 1973 تنص على ان ترفع الدعوى الجنائية مباشرة من النيابة العامة الى محكمة الجنايات بالنسبة لجرائم الرشوة واختلس الاموال الاميرية والغدر والتزوير وغيرها من الجنايات الواردة في الابواب الثالث والرابع والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها، ولما كان الطاعن لا يماري في ان الدعوى الجنائية قد اقيمت عليه بمباشرة من النيابة العامة فان ما ورد بديباجة الحكم المطعون فيه من ان الدعوى احيلت الى المحكمة من مستشار الاحالة، يكون مجرد خطا مادي وازالة قلم لا تخفى ، ولم يكن نتيجة خطا من المحكمة في فهمها واقع الدعوى،

واذ كانت العبرة في مثل هذه الحالة هي بحقيقة الواقع، فان ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند اعادة محاكمة المتهم الذي كان غائبا، ان تورد الاسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي………. قانونا اسبابا لحكمها، ما دامت تصلح في ذاتها لاقامة قضائها بالادانة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فان النعي على الحكم في هذا المنحى – بفرض صحته يكون غير ذي اثر، لما كان ذلك ن وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعات الدعوى بقوله، “ان واقعة هذه الدعوى حسبما تبين بجلاء من الاوراق والتحقيقات، وما دار بشانها في الجلسة تتلخص في ان المتهم………..، كانت تربطه باخرى سبق الحكم عليها، علاقة عاطفية قبل زواجها من زوجها السعودي الجنسية………،

وذلك بحكم ان المتهم كان صديقا لشقيقها……..، وبحكم هذه العلاقة فقد تصادق المتهم على زوج المتهمة الاخرى بعد زواجهما، وكان يتردد عليها عند حضورهما الى القاهرة، ويقوم بمساندة الزوج في قضاء اعماله ثم برعاية الزوجة عندما يتركها زوجها بالقاهرة ويسافر الى السعودية، وقد اخذت هذه الصلة بين المتهمين تزداد حتى كان يقض معها الايام بالشقة التي يستاجرها لها زوجها ويعاشرها الازواج، ولما اخبرته بانها حامل منه فوافقا على ان يعقد زواجا بينهما يلمعان انه باطل، وفي يوم 19 يونيه سنة 1974 تزينت الزوجة واحضر المتهم الماذون………. ماذون الكردي واثنين من اصدقائه هما………،………، وادعت المتهمة والمتهم بان الاولى من طنطا وانها خالية الموانع الشرعية، وقام الماذون بالعقد عليهم للمتهم الثاني الذي لم يكتف بذلك، وقام عندما وضعت هذه التهمة السابق الحكم عليها طفلة قام المتهم باستخراج شهادة ميلاد للطفلة باسمه، ثم استخرج بطاقة عائلية اثبت بها الطفلة على انها ابنته وذلك بعد ان اتفقا سويا على جعل الزوج امام الامر الواقع ومصارحته بالحقيقة، لكن الزوج انكر هذه العلاقة ولم يصدق ما قيل له، واورد الحكم على ثبوت الوقائع لديه من حق الطاعن ادلة مستمدة من اقوال… زوج المتهمة الاخرى ومن اقوال هذه الاخيرة واقرار الطاعن بالتحقيقات،

ومن وثيقة الزواج وشهادة ميلاد الطفلة والبطاقة العائلية للطاعن، وهي ادلة سائغة تؤدى الى ما رتب عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر انه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من احكام قانون اخر غير قانون العقوبات ان يقيم من يدعى هذا الجهل الدليل على انه تحرى تحريا كافيا وان اعتقاده الذي اعتقده، بانه باشر عملا مشروعا كانت له اسباب منقولة، وهذا هو المعول عليه في القوانين التي اخذ عنها الشارع اسس المسئولية الجنائية، وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون، فانه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون اورد في المادة 63 من قانون العقوبات انه لا جريمة اذا وقع الفعل من موظف اميري في الاحوال الاتية:

اولا: اذا ارتكب الفعل تنفيذا لامر صادر اليه من رئيس وجبت عليه طاعته او اعتقد انها واجبة عليه،

ثانيا: اذا حسنت نيته وارتكب فعلا تنفيذا لما امرت به القوانين او ما اعتقد ان اجراه من اختصاصه، وعلى كل حاله يجب على الموظف ان يثبت انه لم يرتكب الفعل الا بعد التثبت والتحري وانه كان يعتقد مشروعيته وان اعتقاده كان مبنيا على اسباب معقولة، كما اورد في المادة 60 من قانون العقوبات ان احكام هذا القانون لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة، لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن بحسن نيته في اسناد نسب المولودة اليه لان شريكته في الاثم قررت له انها حملت منه وان الولد للفراش، لا ينهض بمجرده سندا للتمسك بالاعتذار بحكم من احكام قانون الاحوال الشخصية، الذي يحرم زوج اخر، ما دام لم يقدم الدليل القاطع على انه تحرى تحريا كافيا وان اعتقاده الذي اعتقده بانه يباشر عملا مشروعا كانت له اسباب معقولة، وهو ما لا يجادل الطاعن في انه لم يقدم الدليل عليه الى محكمة الموضوع، فان النعي على الحكم في هذا المحنى يكون بعيدا عن الصواب، لما كان ذلك، وكان المستفاد من كتب الحنفية ان ارجح الاقوال في عقد الزواج على امراة متزوجة باخر انه عقد باطل لا اثر له ولا يثبت النسب، وتجب فيه الحيلولة بين الرجل والمراة وعدم تمكينها من الدخول، فاذا ما ارتكبت المعصية ووقع الدخول بالمراة فلا يؤثر هذا الدخول على العقد ولا يرفع عنه البطلان ولا يثبت به النسب،

ويجب التفريق بينهما جبرا ان لم يفرقا اختيارا، واذا كان الرجل والمراة اللذان ارتكبا المعصية عاقلين عالمين بالتحرم فانه يجب عليهما حد الزنا – وهذا هو المتفق عليه ابيضا في مذاهب الائمة الثلاثة (الشافعي ومالك ابن حنبل). ولما كان من المقرر كذلك في فقه الشريعة الاسلامية، وعلى ما جرى به قضاء دائرة الاحوال الشخصية بهذه المحكمة (محكمة النقض) ان النسب يثبت بالفراش وهو الزواج الصحيح وملك اليمين وما يلحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد او شبيهه، وان النص على ان الولد للفراش انما يراد به الزوجة القائمة بين الرجل والمراة عند ابتداء الحمل لا بعد ذلك، وكان عقد الطاعن على التهمة الاخرى،

كما سلف البيان عقدا باطلا، فانه لا يثبت به نسب الى الطاعن، ومن ثم يكون النعي في هذا الخصوص بعيدا عن محجبة الصواب، لما كان ذلك، وكان عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف دام هو الماذون الشرعي، وهذه الورقة قد اسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لانه بمقتضاها تقوم الزوجية قانونا بين المتعاقدين وتكون للاثار المترتبة عليها – متى تمت صحيحة – قيمتها اذا ما جد النزاع بشانها، ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج،

هو ان يقع تغيير الحقيقة في اثبات خلو احد العاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، فكل عبث يرمي الى اثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويرا، وكون المراة في عصمة اخر هو من الموانع الشرعية للزواج – على ما سلف بيانه – واثبات الماذون الشرعي خلو الزوجين من الموانع بعد اذ قرر امامه الطاعن والمتهمة الاخرى بذلك مع انهما يعلمان انها في عصمة اخر، يتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج مع العلم بذلك، واذا استعمل الطاعن هذه الوثيقة بان قدمها الى الجهة المختصة باثبات واقعات الاحوال المبينة سندا الى ما دون فيها،

وهو على بينة من امرها فان جريمة استعمال محرر رسمي مع العلم بتزويره تتوافر قبله، ويكون الحكم المطعون فيه اذ ادانه بهذه الجريمة قد اقترن بالصواب، ولا يغير من ذلك ان تكون النيابة العامة قد امسكت عن تقديم الطاعن للمحاكمة بتهمة الاشتراك في تزوير ذلك المحرر لان عدم تقديمه للمحاكمة بالتهمة المذكورة، في هذه الدعوى لا اثر له في توافر اركان جريمة استعمال المحرر المزور والتي دلل الحكم المطعون فيه على قيامها، لما كان ذلك وكان استعمال الورقة المزورة مع العلم بذلك، يعاقب عليه القانون ولو كان محل ذلك محررا باطلا، لاحتمال حصول الضرر منه ذلك بان المحرر الباطل وان جرده القانون من كل اثر فانه قد تتعلق به نفقة الغير من لا يتضح امامه ما يشوبه من عيوب ويصح ان يخدع به من الناس من يفوقهم ملاحظة او معرفة ما فيه من عيوب او نقص، وهذا وحده كاف لتوقع حصول الضرر بالغير بسبب استعمال هذا المحرر،

فاذا ما استعمل هذا المحرر بالفعل كما هو الحال في هذه الدعوى – على ما اثبته الحكم المطعون فيه – ولم يكتشف من قدم اليه المحرر، من موظفي مصلحة الاحوال تزويره واثبت استنادا اليه بعض واقعات الاحوال المدنية من ثبوت نسب وعلاقة زوجية، فان الضرر يكون بات محققا، ويكون منعى الطاعن في هذا الشان غير سديد، لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شان الاحوال المدنية،

تعد اوراقا رسمية، فكل تغير فيها يعد تزويرا في اوراق رسمية واثبات البنوة في سجلت الاحوال المدنية واثبات الزوجية والبنوة في البطاقة العائلية بناء على ما يقرره ويتصف به طالب القيد على غير الحقيقة يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960 سالف الذكر، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى الى اعتبار ان اتفاق الطاعن مع الموظف المختص بالبطاقات العائلية لاثبات قيام الزوجية بينه وبين المتهمة الاخرى واثبات ان المولودة منها ابنته، يعد اشتراكا مع هذا الموظف وذلك في ارتكاب تزوير في محررين رسميين، فانه يكون قد طبق القانون على وقائع الدعوى التطبيق الصحيح، ويكون منعي الطاعن غير مقبول، ومن جهة اخرى فانه لا يجدي الطاعن فيما اثاره في طعنه بالنسبة الى جريمتي الاشتراك في تزوير واقعة البنوة في سجلات الاحوال المدنية وكذا اشتراكه في تزوير واقعتي الزوجية والبنوة في البطاقة العائلية،

ما دام الحكم المطعون فيه قد اثبت في حقه توافر جريمة استعمال وثيقة زواج مزورة مع علمه بذلك، وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة الى ان ما اثاره الطاعن من مناغى في الحكم المطعون فيه وبشانها، انما هي مناعي غير مقبولة، واوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلث سنوات عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32 / 2 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة استعمال الوثيقة المزورة سالفة الذكر مع العلم بتزويرها، التي ثبت في حق الطاعن وبرئ الحكم من المناعي الموجهة اليه بخصوصها، مما تنعدم معه مصلحة الطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة للجريمتين المعينتين – لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.