الأحكام الخاصة باحتساب مكافأة نهاية الخدمة في قانون العمل الاماراتي

كيفية احتساب مكافأة نهاية الخدمة في الإمارات العربية المتحدة

سوف نستهدف هنا الوصول إلى كيفية احتساب مكافأة نهاية الخدمة بما يتماشى مع ما نص عليه قانون العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة وما دأب عليه القضاء فيها، إضافة إلى طرح تعاريف الألفاظ التي أوردها القانون، للوصول إلى نتيجتين: الأولى؛ ما هو الأساس الذي تحتسب عليه مكافأة نهاية الخدمة، والثانية؛ كيفية احتساب حدها الأقصى.

لقد أورد المشرع في المادة 132 من قانون العمل الإماراتي، في استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة، أنه “يستحق العامل الذي أكمل سنة أو أكثر في الخدمة المستمرة مكافأة نهاية الخدمة عند انتهاء خدمته، ولا تدخل أيام الانقطاع عن العمل بدون أجر في حساب مدة الخدمة وتحسب المكافأة على النحو التالي:

1- أجر واحد وعشرين يومًا عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس الأولى.
2- أجر ثلاثين يومًا عن كل سنة مما زاد على ذلك. ويشترط فيما تقدم ألا تزيد المكافأة في مجموعها عن أجر سنتين.”

كما نصت المادة 134 من القانون ذاته على أنه “مع عدم الإخلال بما تقرره بعض القوانين بمنح معاشات أو مكافآت تقاعد للعاملين في بعض المنشآت، تحسب مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر أجر كان يستحقه العامل بالنسبة إلى من يتقاضون أجورهم بالشهر أو بالأسبوع أو باليوم وعلى أساس متوسط الأجر اليومي المنصوص عليه في المادة 57 من هذا القانون لمن يتقاضون أجورهم بالقطعة ولا يدخل في الأجر الذي يتخذ أساسًا لحساب مكافأة نهاية الخدمة كل ما يعطى للعامل عينًا وبدل السكن وبدل الانتقال وبدل السفر وبدل الساعات الإضافية وبدل التمثيل وبدل تداول النقد “بدل الصندوق” وبدل تعليم الأولاد وبدل الخدمات الترفيهية والاجتماعية أو أية بدلات أو علاوات أخرى.”

وهنا يثار تساؤلين هامين، هما:

1- هل يتم احتساب مكافأة نهاية الخدمة للعامل على أساس الأجر الأساسي فقط أم الأجر (بمفهوم الأجر الشامل) مخصوماً منه البدلات والعلاوات؟
2- ما هو المعيار المعتمد لاحتساب الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة، هل هو الأجر الأساسي فقط أم الأجر (بمفهوم الأجر الشامل مخصوماً منه البدلات والعلاوات)، أم الأجر الشامل دون خصم أي بدلات أو علاوات؟

وللإجابة على التساؤلين أعلاه، فإنه يتعين علينا أن نستخرج من قانون العمل الإماراتي التعريفات الواردة فيه للأجر والأجر الأساسي، حتى يتسنى لنا تبعًا لذلك الوصول لنتيجة صحيحة. وقد عرف المشرع الإماراتي الأجر والأجر الأساسي ضمن التعاريف الواردة في المادة الأولى من قانون العمل الإماراتي، حيث أورد المشرع ما يلي:

“الأجر:

هو كل ما يعطى للعامل لقاء عمله بموجب عقد العمل سواء كان نقدًا أم عينًا مما يدفع سنويًا أو شهريًا أو أسبوعيًا أو يوميًا أو على أساس الساعة أو القطعة أو تبعًا للإنتاج أو بصورة عمولات. ويشمل الأجر علاوة علاء المعيشة كما يشمل الأجر كل منحة تعطى للعامل جزاء أمانته أو كفاءته إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقود العمل أو نظام العمل الداخلي للمنشأة أو جرى العرف أو التعامل بمنحها حتى أصبح عمال المنشأة يعتبرونها جزءًا من الأجر لا تبرعًا.

الأجر الأساسي:

هو الأجر الذي يَنُص عليه عقد العمل في أثناء سريانه بين الطرفين ولا تدخل ضمن هذا الأجر البدلات أيًا كان نوعها.”

1- فهل يتم احتساب مكافأة نهاية الخدمة للعامل على أساس الأجر الأساسي فقط أم الأجر (بمفهوم الأجر الشامل) مخصوماً منه البدلات والعلاوات؟

بقراءة التعريفين اللذين أوردهما القانون للأجر والأجر الأساسي، يصبح من السهل علينا التحديد أن كلمة الأجر التي أوردها المشرع في نص المادتين 132 و134 من قانون العمل تحمل معنى الأجر بمفهومه الشامل وفقاً للتعريف الوارد في المادة الأولى من القانون ذاته، أي أن الأجر أينما وردت في النصين أعلاه عنى بها المشرع كل ما يعطى للعامل لقاء عمله وليس الأجر الأساسي فقط.

ولا ينال من ذلك، إن كان المشرع قد أورد في نص المادة 134 من القانون ذاته أنه “ولا يدخل في الأجر الذي يُتخذ أساسًا لحساب مكافأة نهاية الخدمة كل ما يعطى للعامل عينًا وبدل السكن وبدل الانتقال… إلخ”، فالقول بأن هذا يعني أن المشرع قد قصد به أن يجعل أساس احتساب مكافأة نهاية الخدمة مقصورًا على الأجر الأساسي فقط، هو قول خطأ وفي غير محله، ذلك أن المشرع لا يلغو، وإن أراد المشرع هذا المعنى فقد كان لزامًا عليه استبدال كل هذا الاستثناء بكلمتين فقط وهما “الأجر الأساسي”، إلا أن المشرع استثنى البدلات والعلاوات دون العمولات والمنح وأي مسمًى آخر لما قد يأخذه العامل من أجر، فجميع هذه المبالغ التي تُعطى للعامل ولا تكون مما يعطى للعامل عينًا أو تعطى تحت مسمى بدلات أو علاوات، فيجب أن تكون جزءًا من الأجر الذي يُتخذ أساسًا لاحتساب مكافأة نهاية الخدمة.

وقد استقرت أحكام المحكمة الاتحادية العليا على هذا المعنى وذلك في عدة أحكام لها نذكر منها، حكمها الصادر في الطعن رقم طعن رقم 220 لسنة 21 القضائية صادر بتاريخ 31/12/2001 (مدني) أنه “من المقرر أن الأجر الذي يُتخذ أساسًا لحساب التعويض عن الفصل التعسفي للعامل ليس هو الأجر الأساسي، وإنما يشمل الأجر الشامل الذي يدخل فيه علاوة غلاء المعيشة وكل منحة تعطى للعامل جزاء أمانته أو كفاءته إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقود العمل أو نظام العمل الداخلي للمنشأة أو جرى العرف أو التعرف بمنحها حتى أصبح عمال المنشأة يعتبرونها جزءا من الأجر لا تبرعا، وفقا لنص المادة الأولى من قانون العمل الاتحادي رقم 1980/8 المعدل بالقانون رقم 1986/12، ومن ثم لا يدخل في مفهوم الأجر على هذا النحو ملحقات الأجر غير الدائمة التي ليس لها صفة الثبات والاستمرار ولا تستحق للعامل إلا بتحقق أسبابها وتزول بزوالها ما لم ينص القانون على غير ذلك، ومن هذه الملحقات البدلات ومصروفات الانتقال.”

كما جاء في قضاء محكمة النقض في أبوظبي في الطعن رقم 106/2012 س 6 ق.أ. الصادر بجلسة 11/9/2012 مدني أنه “مفاد هذين التعريفين (قصد بهما الحكم التعريفين الواردين في المادة 1 من قانون العمل الإماراتي) مع حكم المادة 134 أن مكافأة نهاية الخدمة تحسب على أساس آخر أجر للعامل بما يتضمن ما أصبح العامل يعتبره جزءًا من الأجر لا تبرعًا، ولا تحسب مكافأة نهاية الخدمة بمعيار الأجر الأساسي كما تذهب إلى ذلك الطاعنة فثمة تمايز في تعريف القانون بين الأجر وبين الأجر الأساسي وهو ما يستبعد منه على وجه الإطلاق والدوام كل البدلات، بينما الأجر قد يتضمن منحة تعتبر جزءًا منه وإن أسميت بدلًا وهذا في حالات منها ما إذا جرى العرف أو التعامل بمنحها حتى أصبح العامل يعتبرها جزءًا من الأجر…” (أنصح بقراءة هذا الحكم كاملًا).

كما استقر القضاء في محكمة تمييز دبي أيضًا على الأخذ بنفس المعنى حيث ورد في حكمها في الطعن رقم 2017/189 طعن عمالي الصادر في جلسة 19-12-2017 أن “المقرر في قضاء هذه المحكمة وفق ما تقضى به المادة 134 من القانون المشار إليه معدلة بالقانون رقم 15 / 1985 أن مكافأة نهاية الخدمة المقررة للعامل تحسب على أساس آخر أجر كان يقبضه متى كان يتقاضى راتبه بالشهر أو الأسبوع أو اليوم ولا يدخل في حساب الأجر الذي يتخذ أساساً لحسابها كل ما يعطى له عيناً وبدل السكن وبدل الانتقال وبدل السفر وبدل الساعات الإضافية وبدل التمثيل وبدل تداول النقد وبدل الصندوق وبدل تعليم الأولاد وبدل الخدمات الترفيهية والاجتماعية أو أية بدلات أو علاوات أخرى – لما كان ذلك وكان الثابت من عقد العمل أن أجر الطاعن الأساسي هو 25 ألف درهم في الشهر وأن باقي ما يتحصل عليه عبارة عن بدلات من ثم فإنها لا تدخل ضمن الأجر الذي تحتسب المكافأة على أساسه ويكون النعي على غير أساس.”

وقد جاء هذا الحكم مخالفًا لما درج عليه قضاء محكمة تمييز دبي الذي كان يتخذ من “الأجر الأساسي” أساسًا لحساب مكافأة نهاية الخدمة، حيث ورد في حكم محكمة تمييز دبي الصادر في الطعن رقم 2011 / 85 طعن عمالي جلسة 30-01-2012 بأن “المقرر في قضاء هذه المحكمة إعمالا لنص المادة 134 من قانون العمل أن مكافأة نهاية الخدمة تحتسب على أساس آخر أجر كان يستحقه العامل بالنسبة إلى من يتقاضون أجورهم بالشهر ولا يدخل في الأجر الذي يتخذ أساسا لحساب مكافأة نهاية الخدمة كل ما يعطى للعامل عينا وبدل السكن وبدل الانتقال وبدل السفر وبدل الساعات الإضافية وبدل التمثيل وبدل تداول النقد (بدل الصندوق) وبدل تعليم الأولاد وبدل الخدمات الترفيهية والاجتماعية أو أيه بدلات أو علاوات أخرى، ومن ثم فأنه لا يدخل فى مفهوم الأجر على هذا النحو ما يعطى للعامل من مبالغ ليست لها صفة الثبات والاستقرار ولا تستحق لـه إلا بتحقيق أسبابها وتزول بزوالها ما لم ينص القانون على غير ذلك وبالتالي فأنه يعتد في حساب مكافأة نهاية الخدمة بآخر أجر أساسي ويشمل الأجر المنصوص عليه في عقد العمل وما طرأ عليه من زيادة لها صفة الثبات والاستقرار عدا ما استبعدته صراحة المادة 134 سالفه البيان.”

إلا أنني أرى، أن الأقرب للصواب، هو ما انتهت إليه محكمة تمييز دبي مؤخرًا ودأب عليه قضاء المحكمة الاتحادية العليا وقضاء أبوظبي المحلي وذهب إليه الفقه، وهو ما يقول بأن الأجر الذي يتخذ أساسًا لحساب مكافأة نهاية الخدمة هو الأجر وليس الأجر الأساسي، إلا أنه يتعين أن يتم استبعاد البدلات والعلاوات من الأجر، وبالتالي فإنه يُدخل أي منحة أو عمولات ضمن الأجر الذي يُتخذ أساسًا لحساب مكافأة نهاية الخدمة، وبهذا فإننا نكون قد توصلنا إلى جواب السؤال الأول.

2- ما هو المعيار المعتمد لاحتساب الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة، هل هو الأجر الأساسي فقط أم الأجر (بمفهوم الأجر الشامل مخصوماً منه البدلات والعلاوات، أم الأجر الشامل دون خصم أي بدلات أو علاوات؟

أما عن السؤال الثاني فإنها مسألة خلافية، وفيها بعض التفصيل، ومن الحري أن أعرض لكم ابتداءً القراءة الصحيحة لنصوص القانون، فقد نصت المادة 132 من قانون العمل في عجزها كما سبق أن أشرنا إلى أنه (…ويشترط فيما تقدم ألا تزيد المكافأة في مجموعها عن أجر سنتين).

كما عرفت المادة 134 من قانون العمل ماهية الأجر الذي يتخذ أساساً لاحتساب مكافأة نهاية الخدمة أنه (…ولا يدخل في الأجر الذي يُتخذ أساساً لحساب مكافأة نهاية الخدمة كل ما يعطى للعامل عينا وبدل السكن وبدل الانتقال…أو أية بدلات أو علاوات أخرى).

ومع الأخذ في الاعتبار، تعريف القانون للأجر، فإن لفظة “الأجر” الواردة في نص المادة 132 تعني كل ما يعطى للعامل لقاء عمله بموجب عقد العمل سواءً كان نقدًا أو عينًا بما في ذلك البدلات والعلاوات، وأخذًا بالقاعدة الأصولية أن “الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره”، إضافة إلى المبدأ المستقر عليه في تفسير نصوص قانون العمل لا بد أن تكون بمعناها الأصلح للعامل، فإن من الطبيعي أن يحتسب الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر وليس الأجر الأساسي أو حتى الأجر مخصومًا منه ما يُعطى للعامل عينًا والبدلات والعلاوات وفقًا لما استلزمته المادة 134 من قانون العمل لغايات احتساب مكافأة نهاية الخدمة.

إلا أن فريقًا آخر من رجال القانون، يرى أن الواجب اتباعه في حساب الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة نفس الطريقة المتبعة في احتسابها أصلًا، عملًا بأن المشرع عنى بالأجر الذي يدخل في احتساب مكافأة نهاية الخدمة هو ما نصت عليه المادة 134 واستثنته صراحة من دخوله ضمن الأجر، وعليه فإن ذلك يستدعي أن يكون الحد الأقصى محسوبًا بنفس الطريقة.

ومن القواعد اللغوية التي أعجبتني وأوردها أحد المستشارين أن الجمع يكون من جنس المفرد ومن ثم فإن فرضية اعتبار الحد الأقصى من جنس حساب المكافأة في الأساس، تظل واردة.

وقد راجعت عددًا كبيرًا من الأحكام لم أهتدِ في أي منها إلى غايتي، إلا أن حكمًا واحدًا صادراً عن محكمة تمييز دبي قد أورد حالة فريدة، لعامل قضى في عمله لدى صاحب العمل ذاته قرابة الخمسة وأربعين عامًا، قيد دعواه مطالبًا بمكافأة نهاية خدمة وطلب مبلغًا تجاوز الحد الأقصى لمدة 24 شهرًا، حتى وإن احتسبنا الحد الأقصى على أساس الأجر الشامل. إلا أن محكمة البداية قضت بأحقيته في مكافأة نهاية الخدمة واتخذت أجره الشامل أساسًا لاحتساب الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة، ثم عادت محكمة الاستئناف فخفضت مكافأة نهاية الخدمة ليصبح أساس احتساب الحد الأقصى فيها أساسه الأجر مخصومًا منه البدلات والعلاوات، أي وفقًا للأساس الوارد في نص المادة 134. وقد قضت محكمة التمييز بتأييد الحكم المطعون فيه الذي استند في احتسابه الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة، على مفهوم الأجر الذي يُتخذ أساسًا لاحتساب مكافأة نهاية الخدمة ابتداءً وفقًا لنص المادة 134.

لذلك، فإنه وعلى ما يظهر من الحكم الوحيد الذي وجدته، أن المعمول به وفقًا لقضاء محكمة تمييز دبي، أن الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة يكون على أساس الأجر دون ما يُعطى للعامل عينًا وبدون البدلات وبدون العلاوات.

كُتب بواسطة:

أحمد سعد حرب | شركة القاري للمحاماة والاستشارات القانونية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .