الآثار المترتبة على التنازل عن الحكم القضائي في القانون العراقي – بحث قانوني

التنازل عن الحكم القضائي والاثار المترتبة عليه

القاضي عواد حسين ياسين العبيدي

 

يعد التنازل عن الحكم القضائي من الموضوعات القانونية المهمة التي لم تحظَ بالدراسة الكافية رغم أهميته ، فقد نصت المادة (90) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 على :- (( يترتب على التنازل عن الحكم التنازل عن الحق الثابت فيه )) وهذا النص لم يحدد صور التنازل عن الحكم القضائي ولا آلية التنازل عن الحكم لذا آثرنا تسليط الضوء على هذا الموضوع من خلال بيان صور التنازل عن الحكم القضائي والآثار المترتبة على التنازل عنه لذا سنتناول هذا الموضوع في مطلبين :-

المطلب الأول

صور التنازل عن الحكم القضائي

      ان التنازل عن الحكم القضائي لا يكون على شاكله واحدة وانما يكون على عدة صور منها :

الصورة الأولى : التنازل عن الحكم القضائي لعدم تنفيذه :-

      إن عدم تنفيذ الحكم القضائي حتى مضي التقادم المنصوص عليها في المادة (114) من قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 يعد تنازلاً ضمنياً عن الحكم القضائي .

الصورة الثانية : التنازل عن الحكم القضائي أمام المحكمة المختصة :-

      ويمكن تصور هذه الحالة من خلال اقدام الخصوم في الدعوى على التنازل عن الحكم القضائي امام المحكمة التي أصدرت الحكم ولا يمكن لمحكمة الموضوع رفض التنازل بحجة إن يدها رفعت عن الدعوى وفي هذا الاتجاه ذهبت محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية بصفتها التمييزية في قرارها المرقم 823 / م /2017 في 8/10/2017 الى هذا الاتجاه بالقول :-

(( القرار : لدى التدقيق والمداولة لوحظ ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية ولكونه مشتملاً على أسبابه قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على القرار المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون اذ كان على المحكمة ملاحظة ان المادة (90) من قانون المرافعات المدنية لا تتعلق بصلاحيات القاضي باعتباره منفذ عدل وفي الحكم الصادر من دعوى إزالة الشيوع فقط وانما تتضمن احكام عامة أعطت الحق لكل من صدر حكم لصالحه التنازل عن الحكم ويترتب على ذلك التنازل عن الحق موضوع الحكم وان المميز (المتظلم) طلب التنازل عن الحكم المرقم 33/ب/2012 المؤرخ 26/1/2012  وهو حكم تمليك صدر لصالحه ولايوجد ما يمنع من قبول تنازله عنه ورفع إشارة عدم التصرف عن العقار موضوعه قدر تعلق الأمر بالحكم المذكور فقط كما كان على المحكمة نظر التظلم وفق إجراءات مرافعة أصولية وبعد تبليغ الطرفين لان الموضوع لا يتعلق بسلطة القاضي كمنفذ عدل كما سبق ذكره لتعلقه بحكم تمليك ، ولعدم التزام القرار المميز بما تقدم قرر نقضه وإعادة الاضبارة الى محكمتها لاتباع ما تقدم على ان يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة ، وصدر القرار بالاتفاق بتاريخ 17 محرم 1438هـ الموافق 8/10/2017 م )) .

الصورة الثالثة : التنازل عن الحكم القضائي في مرحلة التنفيذ :-

      إن التنازل عن الحكم القضائي يمكن أن يكون امام قاضي محكمة البداءة بصفته منفذ عدل او ان يكون أمام المنفذ العدل بصورة اصلية .

اولاً : التنازل عن الحكم القضائي امام محكمة البداءة بصفته منفذ عدل :-

      هذه الحالة كثيرة الحدوث لاسيما في دعاوى إزالة الشيوع حيث يتمتع قاضي محكمة البداءة بصفة منفذ عدل عند تنفيذ الحكم الصادر في إزالة شيوع العقار وفي هذا الاتجاه ذهبت محكمة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية بصفتها التمييزية بموجب الحكم المرقم 81/تنفيذ/2015 في 3/3/2015 الى القول :

(( القرار : بعد التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم في مدته القانونية ومشتملاً على أسبابه تقرر قبوله شكلاً وعند عطف النظر على القرار المميز المؤرخ 23/2/2015 وجد بانه صحيح وموافق للقانون وذلك لأن رفع إشارة عدم التصرف الموضوعة على قيد العقار المرقم 152/49 عطيفية بمناسبة إقامة الدعوى المرقمة 1451/ب/2014 الصادر فيها حكم بإزالة شيوع العقار أعلاه بيعاً بالمزايدة العلنية واكتسابه درجة البتات يتطلب حضور جميع الشركاء أمام قاضي محكمة البداءة المختصة بصفته المنفذ العدل لأخذ موافقتهم على التنازل عن الحكم الصادر في الدعوى باعتباره صدر لمصلحة جميع الشركاء استناداً لأحكام المادة 90/ من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، عليه تقرر تصديق القرار ورد الطعن وتحميل المميزين رسم التمييز، وصدر القرار بالاتفاق في 11 جُمادى الأولى 1436هـ الموافق 3/3/2015 م )) .

ثانياً : التنازل عن الحكم القضائي أمام المنفذ العدل بصفته الاصلية :-

      بعد اكتساب الحكم القضائي درجة البتات يصار الى تنفيذه امام مديرية التنفيذ المختصة وفي هذه الحالة يمكن لأطراف العلاقة التنفيذية (الدائن) و (المدين) الاتفاق على التنازل عن الحكم القضائي كما يمكن للدائن بمفرده التنازل عن الحكم القضائي امام المنفذ العدل .

المطلب الثاني

الآثار المترتبة على التنازل عن الحكم القضائي

      يترتب على التنازل عن الحكم القضائي آثار مهمة وهي :-

اولاً : سقوط الحق الثابت بالحكم :-

      ان أهم اثر يترتب على التنازل عن الحكم هو سقوط الحق الثابت بالحكم ولايمكن للمتنازل الاحتجاج بالحكم بعد التنازل عن الحق الثابت فيه ([1]) تطبيقاً للقاعدة الفقهية ((الساقط لا يعود)) ومعنى هذه القاعدة تضمنه الشق الأخير من الفقرة (2) من المادة (4) من القانون المدني .

ثانياً : اكتساب الحكم القضائي المتنازل عنه درجة البتات :-

      ان اتفاق الخصوم على اسقاط حقهم بالطعن بالحكم يترتب على هذا الاتفاق اكتساب الحكم درجة البتات وانه لايجوز رؤية الدعوى مجدداً ([2]) ، هذه أهم الاحكام الخاصة بالتنازل عن الحكم القضائي والآثار المترتبة عليه .

__________________________________________

([1])   ينظر : القاضي مدحت المحمود ، شرح قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 وتطبيقاته العملية ، ط4 ، بيروت ، لبنان ، 2019 ، ص256  . 

([2])   ينظر : ضياء شيت خطاب ، بحوث ودراسات في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 ، معهد البحوث والدراسات العربية ، جامعة الدول العربية ، القاهرة ، 1970 ، ص257  . 


إعادة نشر بواسطة محاماة نت