اكتساب الحكم الصادر بصحة ونفاذ العقد لقوة الأمر المقضي – اجتهادات محكمة النقض المصرية .

الطعن 1909 لسنة 64 ق جلسة 23 /4/ 1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 137 ص 692

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.
————

– 1 نقض ” حالات الطعن . الطعن بمخالفة حكم سابق حائز لقوة الامر المقضي”.
قصر الطعن بالنقض أصلاً على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف . م 248 مرافعات . الاستثناء . جواز الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته . شرطه . فصله في النزاع على خلاف حكم سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي سواء في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة بالمنطوق . م 249 مرافعات .
إنه ولئن كان الطعن بالنقض كأصل عام وعلى ما تقضي به المادة 248 من قانون المرافعات لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا أن النص في المادة 249 من ذات القانون على أنه “للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي – أيا كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي” يدل على أن المشرع أجاز استثناء من هذه الأحوال الطعن في الأحكام الانتهائية إذا خالفت حجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم في مسألة ثار حولها النزاع واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة به ارتباطا وثيقا.
– 2 حكم ” حجية الحكم . اثر حجية الحكم”. قوة الأمر المقضي ” اثر اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي”.
الحكم بصحة ونفاذ العقد نهائيا يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذا العقد مانع لمن كان طرفا في الخصومة حقيقة أو حكما من المتنازع في هذه المسألة في دعوى أخرى بطلب بطلانه. طلب صحة العقد وطلب بطلانه وجهان متقابلان لشيء واحد
المقرر _ في قضاء هذه المحكمة _ أنه متى حكم بصحة ونفاذ العقد وأصبح الحكم نهائيا فإنه يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذا العقد ويمنع من كان طرفا في هذه الخصومة حقيقة أو حكما وسواء كانوا ممثلين بأشخاصهم فيها أو بمن ينوب عنهم من التنازع في هذه المسألة في دعوى أخرى بطلب بطلانه، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أن طلب صحة العقد وطلب بطلانه وجهان متقابلان لشيء واحد والقضاء بصحة العقد يتضمن حتما القضاء بأنه غير باطل.
– 3 حكم “حجية الحكم . اثر حجية الحكم”. قوة الأمر المقضي ” اثر اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي”.
اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي مانع للخصوم من العودة للمناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم.
المقرر- أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم.
– 4 حكم ” حجية الأحكام . ما يحوز الحجية “. قوة الأمر المقضي ” اثر اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي”.
قضاء الحكم المطعون عليه بإبطال عقدي البيع موضوع التعدي لعدم حصول الولي الطبيعي على إذن محكمة الأحوال الشخصية بالبيع خلافا لحكم سابق حائزة قوة الأمر المقضي بين نفس الخصوم قضى بصحة ونفاذ ذات العقدين. خطأ.
لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة سبق أن أقامت الدعوى رقم 3088 سنة 1974 مدني المنصورة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع موضوع التداعي في الدعوى الماثلة وفيها ثار النزاع بشأن عدم حصول المطعون عليه الثاني على أذن محكمة الأحوال الشخصية ببيع حصة ابنته القاصر _ المطعون عليها الأولى _ وقد حسمت المحكمة ذلك النزاع على أساس أن الحصة المبيعة منه بصفته قام بشرائها من ماله الخاص فيجوز له التصرف فيها دون إذن من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال عملا بنص المادة 13 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 ويكون تصرفه فيها سليما، ثم قضت بتاريخ 1978/2/18 بصحة ونفاذ العقدين المذكورين، وتأيد ذلك بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 410 سنة 30 ق المنصورة، وصار نهائيا حائزا قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذين العقدين ومتضمنا حتما القضاء بأنهما غير باطلين، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك بإبطال ذات العقدين على قالة عدم حصول المطعون عليه الثاني على إذن المحكمة في بيع حصة ابنته القاصر _ المطعون عليها الأولى، فإنه يكون قد ناقض قضاء سابقا حاز قوة الأمر المقضي في مسألة أساسية ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة أنفسهم واستقرت حقيقتها بينهما.
———-
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 2403 سنة 1992 مدني جزئي قسم أول المنصورة ضد الطاعنة والمطعون عليهما الثاني والثالث بطلب الحكم بإبطال عقدي البيع المؤرخين 16/10/1974، 22/10/1974 وإلزامهم بالتسليم، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب عقد البيع المؤرخ 1/4/1968 اشترى المطعون عليه الثاني بصفته ولياً طبيعياً على ابنته – المدعية – حصة قدرها 6 ط من 24 ط مشاعاً في العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن دفع من مالها الخاص، وبتاريخ 16/10/1974 باع المذكور ذات الحصة مشتراها إلى المطعون عليه الثالث دون إذن محكمة الأحوال الشخصية بالمخالفة لأحكام القانون رقم 119 لسنة 1952 – فباعها هذا الأخير بدوره للطاعنة بالعقد المؤرخ 22/10/1974، ومن ثم فقد أقامت الدعوى.

دفعت الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 3088 سنة 1974 مدني المنصورة الابتدائية. بتاريخ 28/2/1993 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبإبطال عقدي البيع المؤرخين 16/10/1974، 22/10/1974 وتسليم الحصة محلهما خالية للمدعية، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة المنصورة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية بالدعوى رقم 212 سنة 1993 مدني مستأنف، وبتاريخ 28/12/1993 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. ودفعت المطعون عليها الأولى بعدم جواز الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليها الأولى بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة المنصورة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية ولم تقدم الطاعنة ما يدل على صدوره مناقضاً لحكم سابق بين الخصوم أنفسهم حاز قوة الأمر المقضي.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك إنه ولئن كان الطعن بالنقض كأصل عام وعلى ما تقضي به المادة 248 من قانون المرافعات لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، إلا أن النص في المادة 249 من ذات القانون على أنه “للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي – أياً كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي” يدل على أن المشرع أجاز استثناءً من هذا الأصل الطعن في الأحكام الانتهائية إذا خالفت حجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم في مسألة ثار حولها النزاع واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة به ارتباطاً وثيقاً. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة سبق أن صدر لصالحها بتاريخ 18/4/1978 حكم في الدعوى رقم 3088 سنة 1974 مدني المنصورة الابتدائية ضد المطعون عليه الثالث والمطعون عليه الثاني بصفته ولياً طبيعياً على ابنته المطعون عليها الأولى قضى بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 16/10/1974، 22/10/1974 موضوع التداعي الماثل، وقد تأيد بالاستئناف رقم 410 سنة 30 ق المنصورة وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه متى حكم بصحة ونفاذ العقد وأصبح الحكم نهائياً فإنه يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذا العقد ويمنع من كان طرفاً في هذه الخصومة حقيقة أو حكماً وسواء كانوا ممثلين بأشخاصهم فيها أو بمن ينوب عنهم من التنازع في هذه المسألة في دعوى أخرى بطلب بطلانه، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أن طلب صحة العقد وطلب بطلانه وجهان متقابلان لشيء واحد والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً القضاء بأنه غير باطل، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإبطال العقدين المذكورين يكون قد ناقض قضاء سبق صدوره بين نفس الخصوم في ذات النزاع وحاز قوة الأمر المقضي فيكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لصدوره مخالفاً حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 3088 سنة 1974 مدني المنصورة الابتدائية بين الخصوم أنفسهم والذي قضى بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 16/10/1974، 22/10/1974 وتأيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 410 سنة 30 ق المنصورة وصار نهائياً، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر – وعلى ما سلف بيانه في الرد على الدفع – أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق على نحو ما تقدم بيانه أن الطاعنة سبق أن أقامت الدعوى رقم 3088 سنة 1974 مدني المنصورة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع موضوع التداعي في الدعوى الماثلة وفيها ثار النزاع بشأن عدم حصول المطعون عليه الثاني على إذن محكمة الأحوال الشخصية ببيع حصة ابنته القاصر – المطعون عليها الأولى – وقد حسمت المحكمة ذلك النزاع على أساس أن الحصة المبيعة منه بصفته قام بشرائها من ماله الخاص فيجوز له التصرف فيها دون إذن من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال عملاً بنص المادة 13 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 ويكون تصرفه فيها سليماً، ثم قضت بتاريخ 18/4/1978 بصحة ونفاذ العقدين المذكورين، وتأيد ذلك بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 410 سنة 30 ق المنصورة، وصار نهائياً حائزاً قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذين العقدين ومتضمناً حتماً القضاء بأنهما غير باطلين، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك بإبطال ذات العقدين على قالة عدم حصول المطعون عليه الثاني على إذن المحكمة في بيع حصة ابنته القاصر – المطعون عليها الأولى – فإنه يكون قد ناقض قضاء سابقاً حاز قوة الأمر المقضي في مسألة أساسية ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة أنفسهم واستقرت حقيقتها بينهما، بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 3088 سنة 1974 مدني المنصورة الابتدائية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .