اختلفت التشريعات الوضعية في تعريف الإقرار فمنها ما عرف الإقرار بأنه اعتراف الخصم أمام القضاء في الدعوى نفسها بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك إثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة ،(1) ومنها ما عرفه بأنه إخبار الخصم أمام المحكمة بحق عليه لآخر .(2) أما فقهاء القانون فقد عرفوا الإقرار بتعريفات مختلفة ، والمختار منها أن الإقرار :- (( هو اعتراف ،(3) شخص بحق شخص عليه لآخر بقصد اعتبار هذا الحق ثابتا في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته )) ،(4) وقد جرى العرف القانوني على استعمال لفظ الإقرار في الأمور المدنية ولفظ الاعتراف في الأمور الجنائية .(5) أما إقرار المريض فيقصد به الاعتراف في مرض الموت بحق لا يعرف له سبب ولا طريق لثبوته إلا بالإقرار ،(6) ويشمل ذلك الإقرار بالحق العيني والشخصي أي كل ما فيه إسقاط حق يجوز انتقاله إلى الورثة والدائنين ،(7) فإذا لم يكن للمريض دائنون أو ورثة غير زوجته كان إقراره صحيحا أما إذا كان له دائنون وورثة فانه يخشى أن يضرهم ويلجا إلى الوصية المستترة بواسطة الإقرار بدين أو عين لمصلحة من يرغب الايصاء له خلافا لإحكام الوصية .(8) ويعد الإقرار بمثابة عمل من أعمال التصرف القانوني لذلك يشترط فيه ما يشترط في التصرف في الحق المقر به من أهلية المتصرف أو من له ولاية على مال غيره وقد نصت كثير من التشريعات على ذلك صراحة .

(9) وقد نص المشرع الأردني على الإقرار بمال أو دين في المادة (545/1و2) منه بما يأتي : (( 1- بيع المريض من أجنبي بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت نافذ في حق الورثة ، إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تتجاوز ثلث التركة داخلا فيها المبيع ذاته ، 2- أما إذا تجاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع ما لم يقره الورثة أو يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع والا كان للورثة فسخ البيع ))(10). ومما يتعلق بذلك إقرار المريض بالدين الطبيعي أو الإبراء من الدين الذي له في ذمة الأجنبي أو البيع مع المحاباة أو البيع مع هبة الثمن للمشتري أو الهبة ، فهذه كلها تصرفات تضر بحقوق الورثة ودائني المريض ، وتقدر التركة هنا بقيمة أموال الموروث وقت الموت ،(11) لا وقت البيع وتدخل فيها قيمة المبيع ذاته وان أية محاباة تنقص الذمة المالية للمريض .(12) كما أن المادة (79) من التقنين المدني الأردني نصت على : (( الكتابة والشهادة والقرائن القاطعة والمعاينة والخبرة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة على المقر )) .(13) وأيضا المادتان (1128 و1129) منه .(14) والحقيقة إننا لم نتمكن من العثور على قرارات قضائية في هذا الخصوص . أما في العراق ، فقد ذهب التقنين المدني إلى عد إقرار المريض بالدين صحيحا نافذا من اصل ماله ولو لم يجزه الورثة أن جاء إقراره على سبيل الإخبار أو كان إقرارا بقبض أمانة له أو استهلك أمانة عنده ثبتت بغيره إقراره ، سواء أكان المقر له أجنبيا أو وارثا ، أما إذا جاء إقراره على سبيل التمليك ، فيكون حكمه حكم الوصية من حيث نفاذه من الثلث وتوقفه فيما زاد على الثلث على إجازة الورثة ، ولا فرق بين كون المقر له أجنبيا أو وارثا ، ولو صدق الورثة مورثهم حال حياته على أن إقراره جاء على سبيل الإخبار صح تصديقهم ونفذ إقرار المريض من راس ماله ولم يكن لهم حق الرجوع عن تصديقهم بل يكون ملزما لهم ،(15) ومن ثم نجد أن التقنين المدني العراقي يتطابق مع التقنين المدني المصري من حيث أن حكم الإقرار يأخذ حكم الوصية وقد كان المشرع العراقي موفقا في ذلك ، حيث نص في المادة (1111/1) من التقنين المدني العراقي على انه : (( إذا اقر شخص في مرض موته بدين لوارث أو لغير وارث ، فان جاء إقراره على سبيل التمليك ، كان بحكم الوصية . وان جاء على سبيل الإخبار أو كان إقرارا بقبض أمانة له أو استهلاك أمانة عنده ثبتت بغير إقراره نفذ الإقرار في جميع ماله ، ولو لم تجز الورثة وتصديق الورثة الإقرار في حياة المورث ملزم لهم )) .

(16) يتضح من هذه الفقرة أن المشرع العراقي قد فرق بين ما إذا كان الإقرار على سبيل التمليك أو كان على سبيل الإخبار ، فان كان الأول اخذ حكم الوصية فلا ينفذ إلا من الثلث سواء كان المقر له وارثاً أم غير وارث ، أما الثاني فينفذ عليه في جميع المال وان استغرقته وسواء في ذلك أيضا الإقرار للوارث أم للأجنبي وكذا الحكم في إقراره بقبض أمانة واستهلاكه أمانة عنده معلومة بغير إقراره ، وهذا التفريق يرجع في أصله إلى ما قاله بعض الفقهاء المسلمون من أن الإقرار على نوعين إقرار بالحكاية أو إقرار بالابتداء ، فالإقرار بالحكاية هو الإقرار حقيقة وهو الإخبار عما يثبت على المقر حقا على المقر له ، والإقرار بالابتداء أن تكون صورته صورة إقرار وهي في الحقيقة ابتداء تمليك بان يعلم لوجه من الوجوه أن ذلك الذي اقر به ملك له ، وإنما قصد إخراجه في صورة الإقرار حتى لا يكون في ذلك منعاً ظاهراً على المقر .(17) ويبدو أن المشرع العراقي يقصد من تعبيره الإقرار على سبيل التمليك هي تلك الاقارير التي تصدر من المريض مرض الموت ويكون مقصودا بها التبرع أو المحاباة للمقر له ، وهذا يدل أيضا على حرص المشرع العراقي على عدم التفريط بحقوق أصحاب الحق الشرعي ، ولكن كان بامكانه أن يعبر عن ذلك بصورة أخرى لا تثير اللبس حول حقيقة الإقرار باعتباره إخبارا حيث أن المشرع قد عرف الإقرار بكونه إخبارا ،(18) ومعنى ذلك انه يأخذ برأي الجمهور .(19) فإقرار شخص في مرض موته على سبيل التمليك يكون في حكم الوصية ولا ينفذ في حق الورثة فيما جاوز الثلث سواء أكان الإقرار لوارث أو لغير وارث .(20) وهذا ما سارت عليه محكمة التمييز العراقية : (( حيث أن المتوفى كان قد نظم ورقة البيع بتاريخ 18/7/1973 أي قبل دخوله المستشفى بيوم واحد وقد توفي بتاريخ 24/7/1973 فيكون المتوفى عند تنظيمه ورقة البيع مريضا مرض الموت حيث أن المرض الذي أصابه حسب تقدير الأطباء المعالجين يغلب فيه حكم الهلاك ويعجزه عن عمله وقد أدى إلى وفاته في مدة قصيرة وحيث أن هذا الإقرار كان في مرض الموت وعلى سبيل التمليك فله مفعول الوصية وذلك استنادا للمادة (1111) من القانون المدني العراقي )) .(21) أما الإقرار الذي يأتي على سبيل الإخبار ،(22) فانه يكون نافذا في جميع ماله حتى لو استغرق ذمة المتوفى كلها ويستوي في ذلك أيضا أن يكون المقر له وارثا أو غير وارث دون الحاجة إلى إجازة الورثة .(23) وهذا ما طبقته محكمة التمييز العراقية التي قضت بأنه : (( تبين أن ما جاء في سندي الكمبيالة من إقرار بدين لزوجته وان كان واقعا في مرض الموت إلا انه جاء على سبيل الإخبار ولم يكن على سبيل التمليك فهو نافذ في جميع ماله ولو لم تجزه الورثة ولا يمكن اعتبار هذا الإقرار وصية أو حكم الوصية ليمكن تطبيق أحكامها عليه )) (24). كما وقضت أيضا : (( إذا صدر الإقرار في مرض الموت ولم يكن هناك سبب سابق لصدوره من وجود دين أو حق للمقر له بذمة المقر فيكون إقراره على سبيل التمليك لاتجاه نية المقر إلى التبرع والمحاباة للمقر له فيخرج مخرج الوصية وينفذ من ثلث التركة فان توفر سبب الدين أو الحق قبل صدور الإقرار كان الإقرار على سبيل الإخبار وتنفذ من جميع التركة )) .

(25) وقد الحق المشرع العراقي بالإقرار على سبيل الإخبار ما لو اقر المدين بأنه قبض أمانة له أو انه استهلك أمانة كانت عنده وقد ثبت وجودها بغير إقراره .(26) والسبب في ذلك يرجع إلى انه لو فرضنا أن الورثة ادعوا بان مورثهم لم يسترد أمانته فان القول المعول عليه هو قول المدعى عليه لأنه أمين والأمين مصدق بقوله ، وعليه فلا فائدة من عدم جعل إقرار المريض نافذا في هذه الحالة وكذلك الأمر في حالة ما إذا اقر المريض مرض الموت بأنه استهلك الأمانة التي عنده وكانت قد ثبت وجودها بغير إقراره لأنه إذا لم تظهر هذه الأمانة في التركة يعد المورث عندئذ مهملا إذ أهمل الأمين الأمانة فأنها تضمن من التركة لهذا فان جعل إقرار المريض مرض الموت بالنسبة لهذه الحالة نافذا لا يزيد شيئا عن الحكم الواقع .(27) على أن الورثة إذا انكروا وجود أمانة للمقر له بيد مورثهم فلا يكون إقرار المورث باستهلاكه للأمانة التي لديه نافذا إلا إذا اثبت المقر له بطرق الإثبات الأخرى (28)، تسليمه المدعى عليه بها إلى مورثهم .

(29) وغني عن البيان أن تصديق الورثة الإقرار في حياة مورثهم ملزم لهم لان تصديقهم إقرار والمرء ملزم بإقراره ولا يجوز الرجوع فيه .(30) والسؤال الذي يثار هنا وهي ما الطريقة التي بواسطتها تتم معرفة كون الإقرار على سبيل التمليك أو على سبيل الإخبار ؟ للإجابة عن ذلك يجدر بالبيان أن على محكمة الموضوع الرجوع إلى نية المقر الحقيقية فإذا اتجهت أرادته في مرض الموت إلى التبرع أو المحاباة للمقر لهم ينفذ إقراره من ثلث ماله ، أما إذا كان الإقرار يتعلق بسبب سابق لصدوره ومعاملاته سابقة فيكون إخبارا وينفذ من جميع ماله وينبغي على قاضي الموضوع الرجوع إلى ظروف صدور الإقرار والوقائع المادية والقرائن والاسترشاد في كل ذلك في سبيل التوصل إلى معرفة إرادة المقر الحقيقية لترجح جهة الإخبار أو جهة التمليك . ويمكن للمحكمة أن تستخلص من الظروف والملابسات والقرائن والأدلة التي تقترن بإقرار المريض أن إقراره بالدين قد جاء على سبيل التمليك أو على سبيل الإخبار .(31) فقد جاء في قرار محكمة التمييز العراقية الصادر بتاريخ 18/2/1968 بحق المتوفاة ماري هاييك )32) : (( هذا ، ولما كانت محكمة الاستئناف قضت في حكمها المميز بالنظر لما استخلصته من الظروف والملابسات ومن الأدلة والقرائن بان إقرار المقر جاء على سبيل التمليك لا على سبيل الإخبار ، وانه إقرار يفيد التمليك في مرض الموت ، وحكمه حكم الوصية يخرج من ثلث تركة المتوفاة ، لذا يكون ما ذهبت أليه سديدا ، وحكمها المميز موافقا للقانون . قرر تصديقه )) .(33) ويتبين من ذلك أن تمييز المشرع العراقي للإقرار الإخباري من الإقرار الإنشائي جاء موفقا إذ لا يعد كل مريض في مرض الموت بمثابة مضر بدائنيه أو بورثته . في مصر ، نرى أن المشرع يذهب إلى أن إقرار المريض بالدين يأخذ حكم الوصية للمقر له إذا كان مقصودا به التبرع ، وقصد التبرع مفروض ما دام الورثة قد اثبتوا أن إقرار مورثهم قد صدر في مرض موته إلا إذا اثبت المقر له انتفاء قصد التبرع في إقرار المريض فيعتبر إقراره صحيحا نافذا ، سواء أكان المقر له بالدين أجنبيا أو وارثا .(34) وهكذا سار القانون المدني المصري على عد إقرار المريض محل تهمة حتى يثبت العكس وهذا النهج التزمه المشرع المصري في سائر تصرفات المريض لفظا ومعنى وهذا ما جاء به مسلك القضاء المصري الذي كان مطابقا لحكم القانون المدني المصري ، فقد قضت محكمة النقض المصرية بان : (( الإقرار بدين الحاصل في مرض الموت على سبيل التبرع يصح اعتباره في حكم الوصية فينفذ في ثلث التركة )) .(35) كما قضت أيضا : (( الإقرار المقصود في المادة (103) من قانون الإثبات المصري بأنه حجة قاطعة على المقر هو الإقرار أمام القضاء أما الإقرار في غير مجلس القضاء فيخضع في تقدير قوته في الإثبات لمحكمة الموضوع والوارث لا يعتبر من طبقة الغير بالنسبة إلى الإقرار الصادر من المورث ومن ثم فإنها تسري عليه غير أن له أن يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أن حقيقتها وصية قصد بها إيثار احد الورثة إضرارا به )) .

(36) ومن خلال ما تقدم ، يعتبر الإقرار في كل من التقنين المصري والعراقي بمثابة عمل من أعمال التصرف القانوني ، فلا يوجد فرق بين القانونين في ذلك لذا فان الإقرار في مرض الموت يأخذ حكم تصرفه حكم الوصية .(37) ويلاحظ انه لا فرق بين المراة والرجل في إقرار المريض مرض الموت .(38) وفي فرنسا ، نجد أن المشرع قد نص في المادة (1354) من التقنين المدني الفرنسي على نوعي الإقرار ،(39) كما أشار إلى خصيصة أخرى له وهي اللزوم فقد تناولت المادة (1356) من التقنين الفرنسي ،(40) بيان هذه الخصيصة التي في الإقرار وهي نتيجة لاعتبار الإقرار تصرفا ينعقد بإرادة واحدة لا ضرورة للقبول في ترتيب حكمها ومؤدى هذا انه لا يجوز العدول عن الإقرار إلا بسبب خطا في الواقع وفقا لما قرره القضاء لان الإقرار يخضع للأحكام العامة في عيوب الرضا باعتباره تعبيرا عن إرادة المقر ، وعليه فان القانون الفرنسي يعوزه دقة الأداء فيما يتعلق بالموضوع .

موقف التشريعات المقارنة من ديون الصحة وديون المرض :-

لقد اختلفت التشريعات العربية في التفريق أو عدم التفريق بين ديون الصحة وديون المرض مرض الموت ، فنجد المشرع الأردني قد اخذ برأي الحنفية في اعتبار دين الصحة وما الحق به في الحكم مقدما على دين المرض في الاستيفاء من التركة ، مستندا في ذلك إلى المادة (1602) من مجلة الأحكام العدلية التي تنص على أن : (( ديون الصحة مقدمة على ديون المرض …. ولكن الديون التي تعلقت بذمة المريض بأسباب معروفة أي أسباب مشاهدة ومعلومة عند الناس …… )) .(41) وهذا يعني أن الديون المستغرقة تركته بالدين تقدم ديونه التي تعلقت بذمته في حال صحته على الديون التي لزمته بإقراره في مرض موته فتستوفى أولا ديون الصحة من تركته ثم تؤدى ديون المرض أن بقيت فضلة (42). ومن هنا نلاحظ أن المشرع الأردني لم ينص على هذه الحالة في قانونه المدني .(43) وقد اخذ المشرع العراقي بما قال به الحنفية والحنابلة والشافعية ، في غير الأصح ، في اعتبار دين الصحة وما الحق به في الحكم مقدما على دين المرض في الاستيفاء من التركة ، حيث جاء في المادة (1111/2) من التقنين المدني العراقي : (( ولا يستحق المقر له ما اقر به المريض وفقا لأحكام الفقرة السابقة ، إلا بعد أن يؤدي ديون الصحة ويعتبر في حكم ديون الصحة ، الديون التي تثبت في ذمة المريض بغير إقراره ، فتؤدى هي أيضا مع ديون الصحة قبل الديون التي تثبت بإقرار المريض في وقت مرضه )) .(44) لهذا نجد أن هناك تطابقا واضحا في القانون المدني الأردني والقانون المدني العراقي .(45) وبذلك فان المشرع العراقي قد جاء موفقا في النص على هذه الحالة في قانونه .أما في مصر ، فان المشرع لم يفرق بين دين الصحة ودين المرض من حيث الاستيفاء من التركة .(46) وذلك لان تقديم ديون الصحة على ديون المرض يضعف الثقة في التعامل بين الناس لاحتمال طروء المرض في أية لحظة ووقوع الموت بعده ، وبالإضافة إلى إثارة الفتن والخلافات فيما بين الورثة والغرماء وهذا يكون ضرره بالغ الأثر على عدم استقرار المعاملات بين الناس .(47) ولئن وقع الاختلاف في هذه المسالة بين كل من التقنين المدني العراقي والأردني من جهة والتقنين المدني المصري من جهة أخرى فان التقنين المدني الفرنسي قد أشار إلى نوعي الإقرار ، (48) ومن ثم لا يوجد نص في التقنين الفرنسي فيما يتعلق بتقديم ديون الصحة على ديون المرض ولذلك فان الأمر يتوقف على اجتهاد القضاء والسلطة التقديرية لقاضي الموضوع .

__________________

1- المادة (103) من قانون الإثبات المصري في المواد المدنية والتجارية

2- المادة (59) من قانون الإثبات العراقي ، والحقيقة أن هذا التعريف لم يميز بين الإقرار القضائي المباشر وغير المباشر ونجد ذلك واضحا من خلال التعديل لقانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 الصادر في سنة 2001

3- ولا يوجد مانع قانوني أن يتم مثل هذا الإقرار الكترونيا ، إذ قام المشرع المدني الفرنسي بتعديل التقنين المدني بموجب القانون رقم (230) الصادر في 13/آذار/ 2000 وأصبحت المادة (1316/3) من التقنين المدني الفرنسي تنص على ما يأتي : (( يكون للكتابة على دعامة الكترونية نفس القوة في الإثبات التي للكتابة على ورق )) . وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد أتم تسخير التكنلوجيا لخدمة المواطن ، انظر في ذلك المحامي ريبع خشانة (الخبير الاستشاري المشرف على مديرية حماية حقوق المؤلف ) ، قانون التوقيع الالكتروني بات ضرورة ملحة ، بحث منشور على شبكة المعلومات الدولية (الانترنيت) ، على الموقع آلاتي :-

http//www. Damascus bar . org / Arabic / dbar / r2 .htm.

وبه اخذ المشرع الأردني في المادة (8 / 1) من قانون المعاملات الالكترونية رقم (85) لسنة 2001 كما وينص في المادة (6) منه على انه : (( لا تسري أحكام هذا القانون على ما يلي : ا- العقود والمستندات التي تنظم وفقا لتشريعات خاصة بشكل معين أو تتم بإجراءات محددة ومنها : 1- إنشاء الوصية وتعديلها ، 2- إنشاء الوقف وتعديل شوطه )) . ومن هنا نجد إن المشرع الأردني قد واكب التطور الحاصل في العالم وكما نرى فان المشرع قد نظم أحكام الوصية على وفق التطور الالكتروني على أساس أن أحكام الوصية هي التي تطبق على تصرفات المريض مرض الموت أيا كانت التسمية التي تعطى له على وفق أحكام المادة (1128) من التقنين المدني الأردني .

4- الدكتور سليمان مر قس ، موجز أصول الإثبات ، ط1 ، مطبعة دار النشر للجامعات ، القاهرة ، 1957 م ، ص113 ، وعكسه الدكتور عبد المنعم فرج الصدة ، الإثبات في المواد المدنية ، ط2 ، مطبعة مصطفى الباب الحلبي ، مصر ، 1954 م ، ص338 ، حيث يرى أن الإقرار اعتراف شخص بواقعة من شانها أن تنتج ضده أثارا قانونية مع قصده أن تعتبر هذه الواقعة صحيحة في حقه والإقرار هو تعبير عن إرادة منفردة تصدر من المقر – وليس له شكل خاص – ولا ينتج أثرها إلا إذا وصلت إلى علم من توجه إليه هذه الإرادة وفقا للقواعد العامة .

5- الدكتور الدكتور عبد الرزاق السنهـوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، البيع ، ج3، دار النهـضة العربية ، مصر ، 1986م، ص651 .

6- الشيخ محمد الزفزاف ، مذكرات الفقه المقارن في مرض الموت ، كلية الحقوق – جامعة القاهرة ، 1967 – 1968 م ، ص134 .

7- ويثور هنا سؤال وهو كيف ينتقل هذا الإقرار إلى الورثة والدائنين ؟

ج / إن المريض بمرض الموت كان حال صحته يحيد عن الإقرار طمعا في الحياة الدنيا ، لكن دنو الموت على المريض جعله يقر بما كان يحيد الإقرار عنه . قال تعالى : (( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )) . سورة ق ، الآية (19) . إذا ينتقل هذا الإقرار إلى الورثة والدائنين وذلك على أساس انه جزء من التركة يقيدها ولما كان الدائن مقدما على الوارث فهو ينتفع من هذا القيد وأما الوارث فهو خلف عام فتنتقل الخلافة له ما كان لسلفه وهذا يعني أن الخلف العام (كالوارث) ليس أجنبيا عن الإقرار الإخباري الذي اخبره المورث انظر المادة (142/1) من التقنين المدني العراقي . هذا من جهة تكييف انتقال الإقرار أما من حيث إثباته فقد نصت المادة (124) من قانون الإثبات العراقي على ما يأتي : (( إذا ادعى احد في التركة حقا وأثبته فتحلفه المحكمة يمين الاستظهار وعلى انه لم يستوف هذا الحق بنفسه ولا بغيره من المتوفى بوجه ولا أبراه ولا إحالة الى غيره ولا استوف دينه من الغير وليس للمتوفى في مقابل هذا الحق رهن )) . (( حيث توجه هذه اليمين ولو كان الميت قد اقر بالدين في مرض موته )) . انظر شاكر محمود النجار ، أحكام أداء اليمين ( في القانون وقرارات محكمة التمييز ) ، ط1 ، مكتبة العدالة ، 2005 م ، ص18 .

8- الدكتور صبحي محمصاني ، النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية ( بحث مقارن في المذاهـب المختلفة والقوانين الحديثة ) ، ج2، مكتبة ومطبعة الكشاف ، 1948م، ص139 وما بعدها .

9- الدكتور حامد فهمي باشا ، التصرفات الاقرارية والإنشائية ، ج1 ، سنة (1) ، عدد (1) ، مجلة القانون والاقتصاد ، ص5 .

10- وهو مطابق لنص المادة (1111/1) من التقنين المدني العراقي والمادة (916) من التقنين المدني المصري والمادة (877) من التقنين المدني السوري .

11- لان مرض الموت حكمه يأخذ حكم الوصية وحكم الوصية ثلث التركة وقت الموت لا وقت الايصاء بها .

12- الدكتور صاحب الفتلاوي و الدكتور منذر الفضل ، العقود المسماة ، ط1 ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان – الأردن ، 1996 م ، ص149 .

13- المادة (79) من التقنين المدني الأردني ، لا وجود نص مقابل في التقنينات المدنية العربية .

14- تنص المادة (1128) من التقنين المدني الأردني : (( 1- كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصودا به التبرع يعتبر تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أيا ما كانت التسمية التي تعطى له ، 2- وعلى ورثة المتصرف أن يثبتوا بجميع الطرق أن التصرف قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت . ولا يحتج على الورثة بسند التصرف إلا إذا كان ثابت التاريخ ثبوتا رسميا ، 3- فإذا اثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت اعتبر التصرف صادرا على سبيل التبرع ما لم يثبت من صدر له التصرف غير ذلك أو وجدت أحكام خاصة تخالفه )) . وتنص المادة (1129) مدني أردني : (( إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بحيازة العين التي تصرف بها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك )) . ولا وجود لمثل هذا النص في التقنينات المدنية العربية .

15- قيس عبد الستار عثمان ، الإقرار واستجواب الخصوم في الإثبات المدني ، رسالة دكتوراه – جامعة بغداد ، 1979 م ، ص31 وكذلك ص172 .

16- المادة (1111/1) من التقنين المدني العراقي ، وهي تطابق المادة (545/1و2) مدني أردني والمادة (916) مدني مصري والمادة (877) مدني سوري .

17- مجيد حميد السماكية ، حجية الإقرار في الأحكام القضائية في الشريعة الإسلامية ، رسالة ماجستير – جامعة بغداد ، 1970 م ، هامش (3) ، ص308 .

18- تنص المادة (59) من قانون الإثبات العراقي على انه : (( إخبار الخصم أمام المحكمة بحق عليه لآخر )) .

19- قيس عبد الستار عثمان ، الإقرار واستجواب الخصوم في الإثبات المدني ، رسالة دكتوراه ، كلية القانون – جامعة بغداد ، 1979م، ص31 و ص172 .

20- الدكتور سعيد عبد الكريم مبارك ، شرح القانون المدني العراقي (الحقوق العينية الأصلية ) ، ط1، دار الحرية للطباعة مطبعة الحكومة ، بغداد ، 1973 م، ص136.

21- قرار محكمة التمييز العراقية ، رقم 559/مدنية أولى /976 في 11/1/1977 ، مجموعة الأحكام العدلية ، العدد الثالث والرابع ، السنة الثالثة ، 1977 م ، ص65 .

22- مثال ذلك ما إذا اقر المريض مرض الموت بدين لزوجته أو احد أقاربه فتكون للزوجة أو أقاربه المطالبة بهذا الحق حتى وان كان الدين مستغرقا للتركة ومن دون توقف على إجازة الورثة وذلك عملا بقاعدة ( لا تركة إلا بعد سداد الديون ) .

23- قيس عبد الستار عثمان ، المرجع السابق ، ص31 .

24- قرار محكمة التمييز العراقية ، رقم 1477/ حقوقية / 65 في 28/11/1965 ، قضاء محكمة التمييز ، المجلد الثالث ، 1969 ، ص132 .

25- قرار محكمة التمييز العراقية ، رقم 79/ هيئة عامة أولى / 1973 في 21/ 4/ 1973 ، النشرة القضائية ، السنة الرابعة ، العدد الثاني ، ص136 .

26- منير القاضي ، شرح المجلة ، ج3، ط1، مطبعة العاني ، بغداد ، 1948م ، ص412 ، ويضرب مثلا على ذلك بقوله : (( لو اقر المريض مريض الموت بقوله أخذت أمانتي التي أودعتها عند ابني فلان )) .

27- المرجع السابق ، ص412 .

28- المادة (15و18) من قانون الإثبات العراقي الحالي رقم (46) لسنة 2000 م ، وهو ما يقابل المادة (72) مدني أردني والمادة (2) من قانون البينات الأردني والمادة (916/2) مدني مصري .

29- قيس عبد الستار عثمان ، المرجع السابق ، ص174 .

30- منير القاضي ، المرجع السابق ، ص412 .

31- فقد جاء في قرار محكمة استئناف بغداد الصادر بتاريخ 8/5/1967 بحق المتوفاة ماري هاييك : (( أن كون المقر لها هي أخت المقرة وان المقر به مبلغ جسيم قدره ستمائة ألف دينار عراقي وكون الطرفين المقرة والمقر لها في حالة مالية متساوية أو متقاربة ، كما تأيد ذلك من تقارير الوضع المالي المبرز من الطرفين ، هي أمور تحمل على القول بان الإقرار مقصود به التمليك ، وانه ينطوي في حقيقته على وصية )) .

32- انظر عكس هذا الرأي في قرار أصدرته محكمة بداءة الكرادة بالعدد 721/ب/2004 في 13/2/ 2005 (قرار غير منشور ) في دعوى صورية الدين المقامة على التركة إذ قضت فيه المحكمة المذكورة بان : (( إقرار الشخص الثالث لصحة توقيع مورثتهم على سندات الكمبيال إلا انه يطعن في صورية الدين وبعد أن قررت المحكمة الاستماع إلى أقوال شهود الكمبيال ورجوع المحكمة عن ذلك كون المدعى عليه الأول والشخص الثالث أقرّا بالتوقيع ولطلب وكيل الشخص الثالث تحليف المدعية اليمين وحلفتها أمام المحكمة وبعد أن قررت المحكمة فتح باب المرافعة لعدم تحليفها اليمين القانونية باعتبارها مقامة على حق في التركة ولحلف المدعية اليمين بالصيغة المطلوبة استنادا للمادة (124) من قانون الإثبات . عليه ومن كل ما تقدم قرر الحكم بإلزام الموصى عليه الأول والشخص الثالث بدفعهما إلى المدعية مبلغ مائة وخمسين مليون دينار عن قيمة سندات الكمبيال المستحقة الأداء وتحميلهم الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة …)) . ويتضح في هذا القرار الفرق بين دعوى الصورية ودعوى مرض الموت ، فالتصرف قد يكون في كليهما صوريا أو قد يكون التصرف في حال المرض بمرض الموت منطويا على محاباة فيكون الفرق بينهما إذا كما تقدم في حالات التصرف نفسه إذ يكون التصرف في الصورية دائما وهميا ويكون في حالة المرض بمرض الموت أما صوريا أو منطويا على المحاباة كما إن اثر الصورية مختلف عن اثر مرض الموت ، ففي الصورية يكون ما بين المتعاقدين وخلفهما العام تصرفا معدوما لا اثر له أما أثره تجاه الخلف الخاص حسن النية الذي يجهل الصورية فيكون ما ينتفع منه . وفي هذه الحالة التصرف في مرض الموت فان التصرف يكون حكمه حكم الوصية دائما .

33- مجلة القضاء العراقية ، العدد الثالث ، (تموز – أيلول ) ، السنة الثالثة والعشرون ، ص187 وما بعدها .

34- المادة (916) مدني مصري ، وهو مطابق للمادة (1111/1) مدني عراقي والمادة (545/1و2) مدني أردني والمادة (877) مدني سوري ، انظر محمد كمال عبد العزيز ، التقنين المدني في ضوء الفقه والقضاء ، مكتبة القاهرة الحديثة ، مصر ، 1963 م ، ص775 .

35- طعن رقم (147) لسنة 18 قضائية ، جلسة 27/4/1950 ، مجموعة أحكام محكمة النقض في (25) عاما ، ص1204 ، قاعدة (7) .

36- طعن رقم ( 1694) لسنة 41 قضائية ، جلسة 28/4/1985 ، مجموعة أحكام محكمة النقض في (25) عاما ، ص33 ، قاعدة (58) .

37- الدكتور حامد فهـمي باشا ، التصرفات الاقرارية والإنشائية ، ج1 ، السنة الأولى العدد الأول ، مجلة القانون والاقتصاد ، القاهـرة ، بلا سنة طبع ، ص5 .

38- محمد الزفزاف ، مذكرات الفقه المقارن في مرض الموت ، كلية الحقوق – جامعة القاهـرة ، 1967 – 1968م، ص141 .

39- تنص المادة (1354) من التقنين المدني الفرنسي : (( إقرار الخصم على حزب (تجمع أو جهة ) أما أن يكون قضائيا أو غير قضائي )) . مأخوذ من شبكة المعلومات الدولية ( الانترنيت ) عبر الموقع التالي : –

www .dalloz .com

40- المادة (1356) من التقنين المدني الفرنسي : (( المحامي يقوم بتوضيح فقط عمل العدالة في حدود القدرة الخاصة ، أن يفعل في كثير من المرات ضد ما هو مطلوب ، يمكن أن يكون ضده (طالب الطلاق ) ، من حقه أن يرفضها في اللحظة التي يجبر انه لم يثبت انه ارتكب خطا مفعولاً ، من غير الممكن رفض هذا البند على انه خطا قضائي )) . مأخوذ من شبكة المعلومات الدولية ( الانترنيت) عبر الموقع التالي : –

www. Dalloz .com

41- المادة (1602) من مجلة الأحكام العدلية .

42- سليم رستم ألباز ، شرح المجلة ، ط3 ، المرجع السابق ، ص895 .

43- على عكس المشرع العراقي الذي نص على هذه الحالة في المادة (1111/2) مدني عراقي بالرغم من انه لم يعرف مرض الموت في قانونه كما فعل المشرع الأردني ولم يوضح نطاقه مستندا في ذلك الى المجلة .

44- المادة (1111/2) من التقنين المدني العراقي وبنفس المعنى أشارت المادة (1602) من المجلة ، انظر عكسه المادة (364) مدني مصري الذي ينص على : (( تقع المقاصة في الديون أيا كان مصدرها وذلك فيما عدا الأحوال آلاتية : ا- إذا كان احد الدينين شيء نزع دون حق من يد مالكه وكان مطلوبا رده ، ب- إذا كان احد الدينين شيئاً مودعا أو معارا عارية استعمال وكان مطلوبا رده ، ج- إذا كان احد الدينين حقاً غير قابل للحجز )) .

45- نجد التطابق واضحا بحيث أن التقنين المدني الأردني يخلو من النص على هذه الحالة راجعا بذلك إلى الفقه الإسلامي حسب المادة (2/1) مدني أردني التي تنص : (( فإذا لم تجد المحكمة نصا في القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الأكثر موافقة لنصوص هذا القانون …… )) . وبما أن نص المادة (1111/2) مدني عراقي جاءت موافقة لنص المادة (1602) من المجلة فهذا يعني أن هناك تطابقا ضمنيا فيما يتعلق بالموضوع .

46- المادة (364) من التقنين المدني المصري ويوافقه في ذلك التشريع السوري ، وعكس ذلك التشريع العراقي في المادة (1111) منه 0

47- الدكتور محمد الزفزاف ، المرجع السابق ، ص141 .

48- انظر شبكة المعلومات الدولية ( الانترنيت ) عبر الموقع التالي :- www. Dalloz . org .

انظر ص124 من هذه الرسالة .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .