قضية رقم 1 لسنة 17 قضائية المحكمة الدستورية العليا “تفسير”

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم الإثنين 3 يوليه سنة 1995 الموافق 5 صفر 1416 ه

برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : فاروق عبد الرحيم غنيم و عبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله .

أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت القرار الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 17 قضائية ” تفسير ” .

الإجراءات
بتاريخ 2 إبريل 1995، ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل بطلب تفسير المادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، وذلك بناء على طلب السيد رئيس مجلس الوزراء .
وبعد تحضير الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريرا بالتفسير الذى انتهت إليه .
ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار بجلسة اليوم .

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
وحيث إن المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن ” تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام الدستور، وذلك إذا أثارت خلافاً فى التطبيق، وكان لها من الأهمية مايقتضى توحيد تفسيرها ” .

وحيث إن مؤدى هذا النص، أنه خول هذه المحكمة سلطة تفسير النصوص التشريعية التى تناولها تفسيراً تشريعياً ملزماً، يكون بذاته كاشفاً عن المقاصد الحقيقية التى توخاها المشرع عند إقرارها، منظورا فى ذلك – لا إلى إرادته المتوهمة أو المفترضة التى تحمل معها النصوص التشريعية محل التفسير على غير المعنى المقصود منها ابتداءً – بل إلى إرادته الحقيقية التى يفترض فى هذه النصوص أن تكون معبرة ًعنها مبلورةً لها، وإن كان تطبيقها قد باعد بينها وبين هذه الإرادة .

وحيث إن إعمال هذه المحكمة لسلطتها فى مجال التفسير التشريعى، يقتضيها ألا تعزل نفسها عن إرادة المشرع، بل عليها أن تستظهر هذه الإرادة، وألا تخوض فيما يجاوز تحريها لماهيتها بلوغاً لغاية الأمر فيها، مستهديةً فى ذلك بالتطور التاريخى للنصوص القانونية التى تفسرها تفسيراً تشريعياً،

وكذلك بالأعمال التحضيرية الممهدة لها، سواء كانت هذه الأعمال قد سبقتها، أو عاصرتها، باعتبار أن ذلك كله مما يُِعينها على استخلاص مقاصد المشرع التى يفترض فى النص محل التفسيرأن يكون معبراً بأمانة عنها.

ذلك أن الأصل فى النصوص التشريعية، هو ألا تحمل على غير مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهاً لها سواء بفصلها عن موضوعها، أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، تقديراً بأن المعانى التى تدل عليها هذه النصوص،

والتى ينبغى الوقوف عندها، هى تلك التى تعتبر كاشفةً عن حقيقة محتواها، مفصحةً عما قصده المشرع منها، مبينةً عن حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، ملقيةً الضوء على ماعناه بها .

وحيث إن ماتقدم مؤداه، أن التفسير التشريعى للنصوص القانونية، لايجوز أن ينزلق إلى الفصل فى دستوريتها، ذلك أن المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا، لاتخولها غير استصفاء إرادة المشرع واستخلاصها بطرق الدلالة المختلفة، ” دون تقييم لها ” ،

وعلى تقدير أن النصوص القانونية إنما ُتَرد إلى هذه الإرادة، وُتحْمَل عليها حملاً، تقصيا لدلالتها، وذلك سواء التأم مضمونها مع أحكام الدستور أم كان منافياً لها ولايجوز بالتالى – من خلال طلب تفسير النصوص القانونية تفسيراً تشريعياً – أن تثار الخصومة الدستورية بشأنها، ولو عن طريق إعمال المحكمة الدستورية العليا لسلطتها المنصوص عليها فى المادة 27 من قانونها، التى تخولها التعرض لدستورية النصوص القانونية التى تتصل بنزاع مطروح عليها .

وحيث إن السلطة المخولة لهذه المحكمة فى مجال التفسير التشريعى – وعلى مانص عليه قانونها – مشروطة بأمرين

أولهما: أن يكون للنصوص القانونية المطلوب تفسيرها أهمية جوهرية – لاثانوية أو عرضية – تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التى تنظمها ووزن المصالح المرتبطة بها  فإذا لم يكن لهذه النصوص – فى مضمونها أو مداها – تلك القيمة، بل كان دورها فى تشكيل العلائق الاجتماعية موضوعها، أو تأثيرها فيها، محدودا، فإن تفسيرها تفسيراً تشريعياً يكون ممتنعاً .

بما مؤداه أن النصوص القانونية المترامية آفاقها وأبعادها هى وحدها التى يجوز تفسيرها إذا صدر بها قانون أو قرار بقانون وفقا لأحكام الدستور، لينحسر هذا الاختصاص عما دونها شكلاً وموضوعاً

ثانيهما: أن تكون هذه النصوص -فوق أهميتها – قد أثار تطبيقها خلافاً بين من يقومون بإعمال أحكامها، سواء بالنظر إلى مضمونها أو الآثار التى ترتبها .

ويقتضى ذلك أن يكون خلافهم حولها حاداً مستعصياً على التوفيق، متصلا بتلك النصوص فى مجال إنفاذها، نابذاً وحدة القاعدة القانونية فى شأن يتعلق بمعناها ودلالتها، مُفْضِياً إلى تعدد تأويلاتها، وتباين المعايير التى تنتقل بها من صورتها اللفظية إلى جوانبها التطبيقية،

لتؤول عملا إلى التمييز فيما بين المخاطبين بحكمها، فلا يعاملون جميعهم وفق مقاييس موحدة، بل تتعدد تطبيقاتها، بما يخل بالمساواة القانونية  التى كفلها الدستور بين من تماثلت مراكزهم القانونية .

وحيث إنه متى كان ذلك، فإن ولاية المحكمة الدستورية العليا فى مجال تطبيق أحكام المادة 26 من قانونها، لايجوز استنهاضها فى شأن نصوص قانونية ظل تطبيقها – حتى تقديم طلب التفسير التشريعى – متراخياً، ولو كان الجدل حول فحواها أو مقاصدها صاخبا ممتدا إلى قاعدة عريضة من المواطنين، أو كان جدلاً فقهياً نظرياً يطرح تصوراً علمياً للحقائق المتصلة بها، ولو من زاوية اتفاقها أو تصادمها مع أحكام الدستور .

وحيث إن الشرطين اللذين تطلبهما قانون المحكمة الدستورية العليا لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة إلى المادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981،

ذلك أن تطبيقها على العاملين المخاطبين بأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، أثار خلافاً بين كل من محكمة النقض، والجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة – وهما جهتان أولاهما المشرع اختصاص إنزال حكم القانون على وجهه الصحيح فى شأن المسائل التى تعرض لهما- وقد تعلق خلافهما هذا بنطاق الحقوق المالية التى يجوز للعامل اقتضاؤها بديلا عن رصيد أجازاته السنوية التى يستحقها إذا ماترك العمل قبل استعماله لها .

ذلك أنه بينما ذهبت محكمة النقض إلى أحقية العامل فى القطاع العام فى الحصول على مقابل نقدى عن رصيد أجازاته السنوية عند انتهاء خدمته، أيا كانت مدة ذلك الرصيد، فإن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ذهبت إلى وجهة أخرى تناقضها، وذلك بأن قصرت هذا الحق على مقابل أجره عن رصيد أجازاته التى يستحقها، والتى لم يستعملها بما لايجاوز ثلاثة شهور .

حيث إن هذا التعارض يتصل بنص تشريعى له أهميته، وتتأثر بالكيفية التى يطبق بها حقوق العاملين قبل الجهات التى يعملون بها، فقد تقدم وزير العدل – بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء – بطلب التفسير الماثل إرساءً لمدلوله وضماناً لوحدة تطبيقه .

وحيث إن الأصل المقرر قانوناً أنه فيما عدا ماورد به نص خاص فى قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 سنة 1978، فإن أحكام قانون العمل هى التى تنظم أوضاعهم باعتبارها الشريعة العامة التى تحكمها، ذلك أن شركات القطاع العام جميعها تعد من أشخاص القانون الخاص، وتنظمها أصلاً قواعد هذا القانون،

وعلاقاتها بالعاملين فيها علاقة عمل لايغير من طبيعتها أن يكون رأس مالها بأكمله، أو فى الجزء الاكبر منه، مملوكاً للدولة أو لهيئاتها أو مؤسساتها العامة أو لشركاتها القابضة

وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكان قانون نظام العاملين بالقطاع العام قد خلا من القاعدة القانونية التى يتحدد على ضوئها حق العامل فى الحصول على أجره عن أيام الأجازة التى يستحقها إذا ترك العمل قبل استعماله لها، فقد تعين الرجوع فى ذلك إلى القاعدة العامة التى تضمنتها المادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 .

وحيث إن البين من أحكام قانون العمل، أنه بعد أن نص فى صدر الفقرة الأولى من المادة 45 منه، على أن لصاحب العمل أن يحدد مواعيد الأجازة السنوية وفق مقتضيات العمل وظروفه، حتم – فى عَجُِزها – الا تقل الأجازة السنوية التى يحصل عليها العامل – وفى جميع الأحوال -عن ستة أيام متصلة، موازناً بذلك بين حق رب العمل فى تنظيمه – ولو اقتضاه ذلك تقصير الأجازة السنوية أو تأجيلها أو قطعها – وبين حق العامل فى أن يفرض عليه مدة من الأجازة السنوية لاتقل بحال عن ستة أيام سنوياً،

وذلك ضماناً لراحته من الناحيتين البدنية والنفسية، واستجماعاً لقواه التى يستعين بها على أداء العمل وفقا لطبيعته .

وحيث إن قانون العمل – ولضمان حمل العامل على استنفاد أجازاته الاعتيادية عيناً، وألا يتخذها موطئاً لحقوق مالية يطلبها بقدر مايكون قد تراكم بفعله من مددها – نص فى الفقرة الثالثة من المادة 45 منه، على أنه << ويجوز بناء على طلب كتابى من العامل ضم مدة الأجازة السنوية فيما زاد على الستة أيام المشار إليها بشرط ألا تزيد بأية حال على ثلاثة أشهر >> .

وحيث إن القاعدة القانونية التى تضمنتها الفقرة الثالثة المشار إليها غايتها – وعلى ماجاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون العمل القائم- أن يسمح للعامل بتجميع رصيد من أجازاته السنوية لايجاوز حدا معيناً مداه ثلاثة أشهر، وهى بذلك لاتردد قاعدة سابقة استقر تطبيقها،

وإنما هى قاعدة استحدثها قانون العمل القائم لينقض بها ماتدل عليه المادتان 59، 61 من قانون العمل الملغى الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 من إطلاق حق العامل فى تأجيل أجازاته السنوية إلى سنين تالية دون قيد، مع الحق فى الحصول على كامل الأجر عما يكون متجمعا من رصيدها، أياً كان هذا الرصيد .

وحيث إن الأصل فى النصوص القانونية التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تَُكوَّن فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر فى معانيها، وتتحد توجهاتها ليكون نسيجها متآلفاً .

وحيث إن المادة 47 من قانون العمل القائم، تنص على أن للعامل الحق في الحصول على أجر عن أيام الأجازة التى يستحقها إذا ترك العمل قبل استعماله لها، وذلك بالنسبة إلى المدة التى لم يحصل على أجازته عنها، وكان الأصل فى الأجر عن الأجازة السنوية، أن يكون مقابلا لذلك الرصيد الذى يجوز للعامل أن يستنفده عيناً، وظل بلا استعمال حتى انتهاء خدمته، فإن حكم هذه المادة يجب أن يكون مرتبطاً بالفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل القائم، ليدور فى فلكها، وليتحدد مرماه بالتالى على ضوئها، يؤيد ذلك أمران :

أولهما، أن حق العمال فى الحصول على شروط عمل منصفة ومرضية – بما فى ذلك تمتعهم بالأجر العادل دون تمييز لايتعلق بقيمة العمل – لاينفصل عن حقهم فى ضمان حياة ملائمة لأسرهم، وفى أن تكون أوضاع العمل كافلة لسلامتهم وصحتهم، ويدخل فى ذلك بوجه خاص حقهم فى الحصول على أجازاتهم السنوية، بل وواجبهم فى الانتفاع بها باعتبار أن النهوض بالعمل يقتضيها، ولأنها تصون قواهم وتكفل حيويتها .

ولو جاز القول بان النص محل التفسير الراهن يخول العمال حق الحصول على أجر عن كامل رصيد أجازاتهم هذه << أياً كان مقداره>>، لأهدر العمال طاقاتهم من خلال ترحيلها من عام إلى عام، ليكون تجميعها فى النهاية << مورداً مالياً >> يعتمدون عليه عند إنهاء خدمتهم .

وما لذلك شُرع الحق فى الأجازة السنوية، ولاهو من مقاصدها .

ولايجوز بالتالى النظر إلى المادة 47 من قانون العمل القائم باعتبارها وعاء ً يوفر للعامل إمكان ادخار مقابل أجازاته الستوية التى لم يستعملها أياً كان رصيدها .

بل يتعين تفسيرها بما يؤكد حق العامل فى أن يستعيد طاقاته وقدراته التى استنزفها العمل صوناً للقوة البشرية الإنتاجية من أن تصير بدداً .

ذلك أن النصوص القانونية لاتصاغ من فراغ، ولايجوز انتزاعها من واقعها محددا على ضوء المصلحة المقصودة منها، وهى بعد مصلحة اجتماعية يجب أن تدور هذه النصوص معها، ويفترض أن المشرع رمى إلى بلوغها متخذاً من صياغته للنصوص القانونية سبيلاً إليها .

ومن ثم تكون المصلحة الاجتماعية، غاية نهائية لكل نص تشريعى وإطارا لتحديد معناه، وموطئاً لضمان الوحدة العضوية للنصوص التى ينتظمها العمل التشريعى، بما يزيل التعارض بين أجزائها، ويكفل اتصال أحكامها وترابطها فيما بينها، لتغدو جميعها منصرفة إلى الوجهة عينها التى ابتغاها المشرع من وراء إقرارها.

ثانيهما : أن المشرع حرص دوما على أن يكون التنظيم التشريعى للعاملين المدنيين على اختلافهم – وأيا كانت الجهة التى يؤدون عملهم فيها – كافلاً لمساواتهم كلما كان ذلك ممكنا، وبما يزيل الفوارق بين طوائفهم فيما تجب المساواة فيه، وذلك ترتيباً لأوضاعهم وفق أسس متقاربة قدر الإمكان .

ولايتصور فى إطار هذا الاتجاه، أن يكون البون شاسعاً بين الحقوق المالية للعاملين المدنيين فى الدولة، ونظرائهم فى القطاع العام فى مجال رصيد اجازاتهم السنوية التى تم تجميعها، بأن يعوض عنها من يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة بما لايزيد على أربعة أشهر من مقدارها عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بعد تعديلها بالقانون رقم 219 لسنة 1991، فإن كانوا من العاملين فى وحداتها الاقتصادية،

كان التعويض المقابل لها بلا قيد، وهو مايناقض تطبيق نظام يحقق العدالة بين جميع العاملين، وبوجه خاص فى مجال التعويض المستحق عن رصيد أجازاتهم الاعتيادية.

وحيث إن ماتقدم لاينال منه ماتنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 66 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 من أن << ويحتفظ العامل برصيد أجازاته الاعتيادية، على أنه لايجوز أن يحصل على أجازة اعتيادية من هذا الرصيد بما يجاوز ستين يوما فى السنة بالاضافة إلى الأجازة الاعتيادية المستحقة له عن تلك السنة .

ذلك أن هذه الفقرة لاتنظم إلا التوازن بين حقين أحدهما حق العامل فى استنفاد رصيده من أجازاته الاعتيادية عيناً، وثانيهما حق جهة العمل فى ألا يكون استخدام هذا الرصيد ضاراً بمصلحتها مؤدياً إلى اضطراب شئونها .

وعلى ضوء هذا التوازن، وفى حدوده، كان نص هذه الفقرة قاطعا فى ألا يحصل العامل من هذا الرصيد إلا على قدر منه لايزيد سنوياً على ستين يوما . وإذ كان ذلك هو ماتوخاه المشرع من وراء إقرار هذه الفقرة، فإن انتزاع عبارة ” ويحتفظ العامل برصيد أجازاته الاعتيادية >> – الواردة فى صدرها – من سياقها لحملها على غير المعنى المقصود منها، وللتدليل بها على كفالتها لحقوق مالية تقابل هذا الرصيد دون قيد يتعلق بمقداره، إنما ينحل إلى التواء بها عن حقيقتها .

 

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، إذ تحدد مضامين النصوص القانونية على ضوء ولايتها فى مجال تفسيرها تفسيراً تشريعياً، فذلك حملاً على المعنى المقصود منها ابتداءً ضماناً لوحدة تطبيقها، ودون إقحام << لعناصر جديدة >> على القاعدة القانونية التى تفسرها بما يغير من محتواها الحق، أو يلبسها غير الصورة التى أفرغها المشرع فيها، أو يردها إلى غير الدائرة التى قصد أن تعمل فى نطاقها .

بل يكون قرارها بتفسير تلك النصوص كاشفا عن حقيقتها، معتصماً بجوهرها، مندمجاً فيها << بافتراض أن المشرع أقرها ابتداءً بالمعنى الذى حددته المحكمة الدستورية العليا إطاراً لها >>.

ومن ثم يكون هذا القرار جزءاً منها لاينفصل عنها، وهو كذلك يرتد إلى تاريخ العمل بها، ليكون إنفاذها على ضوء هذا المعنى- ومنذ سريانها – لازماً .

فلهذه الأسباب
وبعد الإطلاع على نص المادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981.

قررت المحكمة
أن حق العامل في الحصول على أجر عن أيام الأجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل استعماله لها، وذلك بالنسبة إلى المدة التي لم يحصل على أجازة عنها، لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر طبقا للمادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 .