1-اختلافها عن خصومة التفسير ؛

فهذه الخصومة ليست طعنا على الحكم ،وليست خصومة عادية ،وإنما هي وسيلة إجرائية إيضاحية الغاية منها إعطاء حكم توضيحي ملزم ،مشابه للمذكرة الإيضاحية للقانون أو كتشريع إيضاحي له ،ومن ثم لا ولاية للمحكمة على سلطة التكييف القانوني ،وإنما منحت المحكمة كرها من المشرع ولاية تكميلية ضئيلة تجسدت في (تكييف إيضاحي) هو من اضعف التكييفات القانونية(1).ما خصومة الطعن فهي ولاية أصيلة معترف بها، قامت على رغبة من المشرع في مراقبة أعمال القانون من قبل قضاة الموضوع فيما يصدرونه من أحكام 0 وتقوم على مفترضات جوهرية أساسية ،تطرح فيها عريضة الطعن على محكمةً مختصة بالطعن ذات النزاع الذي سبق عرضه على محكمة الموضوع ،بحيث تكييف له تكييفا قانونيا جديدا ،ومن ثم تطابقه بما كيفه قاضي الموضوع في ذلك النزاع لتصل إلى نتيجة يمكن من خلالها معرفة صحة الحكم المطعون فيه من عدمه0

2-اختلافها عن خصومة الدرجة الثانية :

لما كانت وظيفة محكمة الطعن التمييزي تختلف اختلافا أساسيا عن محاكم الدرجة الثانية ،إذ يتجه البعض (2). إلى القول بان” خصومة الدرجة الثانية هي امتداد طبيعي لخصومة الدرجة الأولى” ، ويذهب البعض(3). إلى القول عنها بأنها خصومة جديدة ،وبالتالي فأنها حتماً تختلف عن خصومة الطعن التمييزي ، والتي تتصدى للفصل في النزاع متخذةً شكل خصومة الطعن لأنها تتعرض لكافة مسائل النزاع الموضوعية (الواقعية)والقانونية لكي تصل إلى اليقين القانوني 0 اما محكمة التمييز فهي ليست درجة من درجات التقاضي (4). وليست محكمة موضوع ،وإنما هي محكمة قانون (5). لذا لا يجوز أن يطرح عليها إلاما يخالف القانون ،لتقوم بتوحيد المبادئ القانونية كي تسير عليها محاكم الدرجة الأولى والثانية والتي يمكن أن تقدم إليها الطلبات والدفوع الجديدة وفق ما يسمح به القانون ،ومن ثم فان عمل محكمة الطعن يتسم بالبحث في القانون دون البحث في الواقع الذي يترك هو ومشتقاته ومشتملا ته وسلطاته لمحكمة الدرجة الأولى والثانية تصول وتجول فيه طالما كان استخدامها للواقع متفقا مع الأصول المرعية 0ومعنى هذا أن الحكم الصادر من أول درجة إذا تم الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف ؛فأننا نكون إزاء الخصومة ذاتها، أي إزاء نفس المراكز القانونية السابق ظهورها أمام أول درجة سواء من حيث الوقائع أو القانون أما خصومة الطعن التمييزي فأنها تتميز عنها بشكليات معينة ،من حيث تقديم الطعن وأسلوب كتابته وأسبابه ورسومه وميعاده ،حيث أن مراكز الخصوم يحيطها لطار شكلي قد يفرض أعباء أو يخول حقوقا مختلفة سواء من حيث المرافعة وتقديم الأدلة ووقائع وأسباب جديدة000الخ0 أما من حيث الآثار؛ فان من اهم الاختلافات بينهما يتمثل في انه إذا رأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف مخالف للقانون فإنها لا تعيد الدعوى إلى محكمة البداءة بل تفصل فيها بعد فسخ الحكم 0اما محكمة الطعن التمييزي فالأصل فيها ؛أنها إذا وجدت الحكم مخالفا للقانون تقرر عندئذ نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمتها لتنظر فيها وتفصل من جديد تبعاً لما أشار إليه القرار التمييزي كما هو الحال في العراق ومصر أو إلى محكمة الإحالة كما هو الحال في فرنسا 0

3- الطعن في الحكم تمييزاً ومخاصمة القضاة :-

لقد نصت المادة (289م0م0ع)على ” لا يجوز للمشكو منه بعد تبليغه بعريضة الشكوى ان ينظر دعوى المشتكي او اية دعوى اخرى تتعلق به او بأقاربه000″ ،ومن مفهوم ذلك يعني إمكانية انعدام الحكم الذي يصدره القاضي بعد تبلغه بعريضة الشكوى منه ؛ لأنه في مثل تلك الحالة لا تكون له الولاية في نظر الدعوى ،ويكون صدوره من غير صاحب الولاية فيه، فيترتب عليه انعدام الحكم لا مجرد إبطاله أو نقضه أما عن اتجاه المشرع المصري فقد اشار إلى تأثير دعوى المخاصمة على صحة الحكم لدرجة أبطاله (6). أما فقهاً فقد قال البعض(7). أن طريق مخاصمة القاضي له دورٌ استثنائي في الطعن بالحكم 00 ألا أن هذا القول قد وجد معارضةً من البعض(8). الذي يقول أن مخاصمة القاضي لا ترمي إلى الطعن في الحكم وإنما إلى تعويض الخصم عن خطأ القاضي ،فهي دعوى مسؤولية وأن أدت إلى بطلان الحكم الذي انبنى على سبب من أسباب المخاصمة فجزاؤها ألا صلي هو التعويض العيني المتمثل بأبطال الحكم لرفع الضرر عن المحكوم عليه0ويؤيد جانب من الفقه(9). ذلك بالقول أن دعوى مخاصمة القضاة –هي من حيث تكييفها القانوني – دعوى تعويض وليست طريقاً للطعن في الأحكام 0فمخاصمة القاضي هنا طريق أجرائي خاص رسمه المشرع أساساً لتقرير المسؤولية المدنية لرجال القضاء عن أعمالهم 0أما عن الطعن التمييزي فهو حق المحكوم عليه في طلب تدقيق الحكم الصادر بحقه لمخالفته للقانون ،وذلك يختلف طبعاً عن دعوى مخاصمة القضاة من حيث محل الطعن وأسبابه وأثاره 0

_______________________

– محمد محمود إبراهيم – النظرية العامة – المرجع السابق – ص181 0

2-نبيل إسماعيل – النظرية – المرجع السابق – ص77 0

3-عبد الرزاق عبد الوهاب –المقالة –المرجع السابق -ص60 0

4-محمد محمود إبراهيم – الوجيز في المرافعات –مطبعة الفكر العربي – القاهرة –1981 ص72 0

5-محمد محمود إبراهيم – النظرية – المرجع نفسه – ص199 0

6 -انظر نص المادة 499م0م0مصري 0

7 -وجدي راغب –الرسالة –المرجع السابق –ص548 0

8 -انظر فتحي والي –قانون القضاء المدني – الجزء الأول – المرجع السابق –1973-ص 336 0

9-انظر عبد الجليل برتو – المرجع السابق -ص400 0

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .