اختصاصات لجان تقدير الأجرة كما حددها القانون المدني المصري – سوابق قضائية

الطعن 70 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1995 مكتب فني 46 ج 2 ق 263 ص 1339

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي، محمد شهاوي عبد ربه ومحمد محمود عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.
———-
– 1 حكم ” عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال . ما يعد كذلك”.
الفساد في الاستدلال. ما هيته .
المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدي عقلا إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها.
– 2 دعوى . محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات “.
تقدير أقوال الشهود وتحصيل فهم الواقع في الدعوى . من سلطة محكمة الموضوع . شرطه . عدم الخروج بها عما يؤدى إليه مدلولها وألا يخالف به الثابت بالأوراق .
المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تحصيلها سائغا و متفقا مع الثابت من الأوراق وألا تخرج بأقوال الشهود عما يفيده مدلولها.
– 3 اختصاص ” لجان تقدير الاجرة”. إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن . لجان تقدير الاجرة “.
اختصاص لجان تقدير الأجرة . قصره على تقدير الأجرة القانونية للمبنى وتوزيعها على وحداته . عدم اختصاصها ببحث العلاقة الإيجارية بين شاغلي هذه الوحدات أو بين ملاكها أو أصحاب الحق في تأجيرها .
يقتصر اختصاص هذه اللجنة – لجنة تقدير الإيجارات – على مجرد تقدير الأجرة القانونية لمبنى وتوزيعها على وحداته طبقا للقواعد والأسس التي حددها القانون دون أن يتطرق إلى بحث قيام العلاقة الإيجارية بين شاغلي هذه الوحدات وبين ملاكها أو أصحاب الحق في تأجيرها وبالتالي فلا حجية لقرارتها في هذا الخصوص.
——-
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 7071 لسنة 1983 مدني شبين الكوم الابتدائية – بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه- وقال بيانا لذلك – إنه مراعاة لصلة الجوار بينه وبين المطعون ضده سمح له بالإقامة في الشقة المذكورة بصفة مؤقتة بعد تعهده بإخلائها عند الطلب – إذ ظهرت حاجته الماسة إليها. طالبه بتسليمها إلا أنه رفض فأقام دعواه بطلبيه سالفي البيان.
كما أقام المطعون ضده قبل الطاعن الدعوى رقم 7105 لسنة 1983 أمام ذات المحكمة بطلب ثبوت العلاقة الإيجارية بينهما عن شقة النزاع وتحرير عقد إيجار له عنها – على سند من أنه يستأجرها منه منذ أول يناير سنة 1979 بموجب عقد شفهي وبأجرة شهرية مقدارها خمسة عشر جنيها – وقد ثبت ذلك من صدور قرار لجنة تحديد أجرة الشقة الذي تضمن اسمه, وتركيب عداد الإنارة فيها في أول سنة 1979 باسمه أيضا, وكذلك من إيصالات سداده لأجرتها. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى الأخيرة. أودع تقريره – ثم أحالت الدعوى الأولى إلى التحقيق واستمعت إلى أقوال الشهود, وبعد أن ضمت الثانية إليها – قضت بالطلبات في الدعوى الثانية وبرفض الأولى. استأنف الطاعن الحكم لدى محكمة استئناف طنطا “مأمورية شبين الكوم” بالاستئناف رقم 535 لسنة 20 قضائية – وبتاريخ 3 من نوفمبر سنة 1988 حكمت بتأييده. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواه بطلب الإخلاء وبثبوت العلاقة الإيجارية عن الشقة موضوع النزاع مع المطعون ضده وإلزامه بتحرير عقد إيجار له عنها على ما استخلصه من أقوال شاهدي الأخير التي اطمأن إليها مؤيدة بما أورده الخبير في تقريره من أنه يضع يده على العين منذ أواخر سنة 1978, وأنه قام بتركيب عداد إنارة بها بتاريخ 5/10/1978, وأن لجنة تحديد الأجرة أخطرته بها بوصفه مستأجرا. في حين أن هذه المستندات وتلك الأقوال وأن أفادت حيازته المادية للعين إلا أنها لا تدل على قيام العلاقة الإيجارية عنها بمعناها القانوني من تلاقي إرادة الطرفين على التأجير وتحديد الأجرة. وآية ذلك أن شاهدي المطعون ضده قد نفيا حضورهما وقت الاتفاق على الإيجار أو سداد الأجرة عن أي فترة, وأن لجنة تقدير الإيجار لا تضطلع إلا بتحديد أجرة العين ولا اختصاص لها في تحقيق العلاقة الإيجارية أو تحديد أطرافها. أما تركيب عداد إنارة في العين باسم المطعون ضده فقد تم دون علمه وإذ استدل الحكم من هذه القرائن وتلك الأقوال على قيام العلاقة الإيجارية بينه وبين الأخير عن شقة النزاع رغم أنها لا تؤدي إلى ذلك فإنه يكون معيبا.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدي عقلا إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها. ومن المقرر أيضا أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تحصيلها سائغا ومتفقا مع الثابت من الأوراق, وألا تخرج بأقوال الشهود عما يفيده مدلولها. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن وبثبوت العلاقة الإيجارية عن شقة النزاع بينه وبين المطعون ضده وإلزامه بتحرير عقد إيجار له عنها- على ما استخلصه من أقوال شاهدي الأخير – وما جاء بتقرير الخبير المنتدب من أنه يضع يده عليها منذ أواخر عام 1978, وأنه قام بتركيب عداد إنارة فيها باسمه بتاريخ 5/10/1978, وأن لجنة تقدير الإيجارات أخطرته بأجرتها بوصفه مستأجرا لها. وكان هذا الذي خلص إليه الحكم غير سائغ لا تؤدي إليه مدلول تلك الشهادة ولا تنتجه أوراق الدعوى. ذلك أن الثابت من الرجوع إلى أقوال الشاهدين المذكورين أنها لم تقطع بقيام هذه العلاقة الإيجارية بين الطرفين عن عين النزاع, إذ نفيا صراحة حضورهما وقت الاتفاق بينهما على شغل المطعون ضده للعين أو سداده أجرتها للطاعن عن أي فترة, وقد صرح أولهما في أقواله بأنه لا يعرف ما إذا كانت إقامة الأول بها على سبيل الإيجار أم على سبيل الاستضافة, أما ما ورد بأقوال الثاني من قيام علاقة إيجارية بينهما فلم يكن وليد رؤية بل رأي مبناه الظن والاستنتاج من صدور قرار لجنة تقدير الأجرة تضمن اسم المطعون ضده كمستأجر للعين, وتركيب عداد إنارة فيها وسداد استهلاك الكهرباء باسمه أيضا, وإيداعه إيجارها خزينة مأمورية الضرائب العقارية, وكان هذا الظن لا يغني عن الحقيقة شيئا, فهذه الأقوال وتلك المستندات وإن صلحت للاستدلال بها على ثبوت واقعة وضع يد المطعون ضده على الشقة محل النزاع باعتبارها واقعة مادية إلا أنها لا تنهض دليلا على سبب وضع يده, وأنه يستند فيه إلى سبب قانوني هو قيام علاقة إيجارية بينه وبين الطاعن عن تلك الشقة يلتزم الأخير بمقتضاها أن يمكن الأول من الانتفاع بها مدة معينة لقاء أجر معلوم تطبيقا للمادة 558 من القانون المدني, يمتد الإيجار بعدها امتدادا قانونيا إعمالا لأحكام قوانين إيجار الأماكن ولا يقضى بالفسخ أو الإخلاء إلا لأحد الأسباب الواردة بها. ولا يغير من ذلك ورود اسم المطعون ضده في قرار لجنة تقدير الإيجارات المتعلق بالشقة موضوع النزاع, إذ يقتصر اختصاص هذه اللجنة على مجرد تقدير الأجرة القانونية للمبنى وتوزيعها على وحداته طبقا للقواعد والأسس التي حددها القانون المنطبق, دون أن يتطرق إلى بحث قيام العلاقة الإيجارية بين شاغلي هذه الوحدات وبين ملاكها أو أصحاب الحق في تأجيرها وبالتالي فلا حجية لقراراتها في هذا الخصوص وترتيبا على ذلك فإن قرار اللجنة بتقدير أجرة شقة النزاع وإخطار المطعون ضده به لا حجية له قبل الطاعن, ولا يصلح دليلا على استئجار المطعون ضده لها – وفي هذا ما يصم الحكم بالفساد في الاستدلال. وإذ حجبه ذلك عن بحث حقيقة العلاقة بين الطاعن والمطعون ضده وسند وضع يد الأخير على العين, بما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيبا كذلك بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .