الطعن 341 لسنة 35 ق جلسة 23 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 202 ص 1296 جلسة 23 من ديسمبر سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وحسين زاكي، ومحمد أسعد محمود.
————
(202)

الطعن رقم 341 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. “الخصوم في الطعن”. استئناف.
عدم رفع الطاعن الثاني استئنافاً عن الحكم الابتدائي الذي استأنفه الطاعن الأول. عدم قضاء الحكم الاستئنافي قبل الطاعن الثاني بأكثر مما قضى به عليه الحكم الابتدائي. الطعن على الحكم الاستئنافي بالنقض غير مقبول منه.
(ب) دعوى. “صحيفة الدعوى”. بطلان.
الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به دفع شكلي يجب إبداؤه قبل التعرض للموضوع. البطلان المترتب على هذا التجهيل بطلان نسبي لا يتعلق بالنظام العام. الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة دفع موضوعي. سقوط الحق في التمسك ببطلان صحيفة الدعوى متى أبدى بعد إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى.
(جـ) إثبات. “إجراءات الإثبات”. محكمة الموضوع. “سلطتها في إجراءات الإثبات”.
إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بشهادة الشهود. أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع فلها رفض طلبه متى رأت بالأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(د) التزام. “الوفاء بالالتزام”. حكم “ما لا يعد قصوراً”. محكمة الموضوع. بيع.
منح المدين المتأخر أجلاً للوفاء. رخصة من إطلاقات قاضي الموضوع. عدم بيان الحكم الاعتبارات التي اعتمد عليها في رفض منح مهلة الوفاء. لا قصور.

—————
1 – إذا كان الطاعن الثاني قد قبل الحكم الابتدائي ولم يستأنفه، وإنما استأنفه الطاعن الأول ولم تقضِ محكمة الاستئناف على الطاعن الثاني بشيء أكثر مما قضى به عليه الحكم الابتدائي، فإن الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض يكون غير مقبول بالنسبة له.
2 – الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – دفع شكلي يجب إبداؤه قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق في التمسك به، ويعد البطلان الذي يلحق بالصحيفة بسبب هذا التجهيل بطلاناً نسبياً لا يتعلق بالنظام العام ويعتبر الكلام في الموضوع مسقطاً في جميع الأحوال للحق في التمسك بهذا الدفع. أما الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة فهو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها، فإذا كان الثابت أن الطاعن أبدى الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به بعد سابقة إبدائه الدفع بعدم قبول الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بسقوط الحق في التمسك البطلان صحيفة الدعوى تأسيساً على ما قضت به المادة 132 من قانون المرافعات السابق من وجوب إبداء هذا الدفع قبل إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى.
3 – إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بشهادة الشهود ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع فلها أن ترفض طلبه متى رأت بما لها من سلطة التقدير أن في أوراق الدعوى والأدلة المقدمة فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إلى إجراء التحقيق المطلوب.
4 – لما كان إعطاء المشتري المتأخر في دفع الثمن أجلاً للوفاء به طبقاً للمادة 157/ 2 من القانون المدني هو من الرخص التي أطلق الشارع فيها لقاضي الموضوع الخيار في أن يأخذ منها بأحد وجهي الحكم في القانون حسبما يراه هو من ظروف كل دعوى بغير معقب عليه، فإنه لا يقبل النعي على الحكم لقصور أسبابه عن بيان الاعتبارات التي اعتمد عليها في رفض منح الطاعن أجلاً للوفاء بما هو متأخر في ذمته من الثمن.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً رسمياً عن باقي المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 912 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنين وضد جورج قسطندي توما. وقال في بيانها إنه بموجب عقد بيع رسمي مؤرخ في 28/ 12/ 1954 ومسجل برقم 2288 سنة 1955 توثيق سمالوط اشترى الطاعن الأول وجورج قسطندي توما والمرحومة صديقة قسطندي توما مورثتهما ومورثة الطاعن الثاني يعقوب بطرس بادير من المرحومة فاطمة حسين شاهين مورثة المطعون ضدهم أطياناً زراعية مساحتها 10 ف و6 ط و4 س بناحية نزالي طما مركز سمالوط موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة منها 4 ف للطاعن الأول و4 ف و6 ط و4 س لجورج قسطندي توما و2 ف لصديقه توما نظير ثمن قدره 3479 ج و575 م دفع منه المشترون مبلغ 1202 ج و575 م والباقي وقدره 2227 ج تعهدوا بسداده للبائعة على خمسة أقساط قيمة كل منها 455 ج و400 م تدفع في آخر نوفمبر سنوياً ابتداء من سنة 1954 حتى سنة 1958، ونص في البند الرابع من العقد على أن للبائع عند تأخر المشترين في تنفيذ التزاماتهم الحق في فسخ العقد دون تنبيه، وإذ تأخر المشترون في سداد الباقي من الثمن وقدره 1700 ج، فقد أقام دعواه بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الرسمي المشار إليه واعتباره كأن لم يكن ومحو كافة التسجيلات الموقعة على الأطيان المبيعة والتصريح بالتأشير بذلك على هامش العقد مع تسليمهم الأطيان المبيعة. دفع الطاعن الأول الدعوى بعدم قبولها لتوجيهها من المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً عن ورثة البائعة دون أن ترفع من هؤلاء الورثة شخصياً ولعدم سبقها بإنذار بطلب الفسخ طبقاً للمادة 158 من القانون المدني، ثم دفع ببطلان عريضة الدعوى لتجهيلها بعدم ذكر المبلغ المطلوب الفسخ عنه. وبجلسة 26/ 2/ 1961 وجه المطعون ضدهم الدعوى منهم باعتبارهم ورثة البائعة وذلك في مواجهة الطاعن الأول وجورج قسطندي توما وأضافوا إلى طلباتهم طلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ 2583 ج كتعويض عن فسخ العقد بخلاف ما يستجد بواقع 287 سنوياً. وفي 30/ 12/ 1962 قضت محكمة أول درجة برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبسقوط حق الطاعن الأول في إبداء الدفع ببطلان عريضة الدعوى وبفسخ عقد البيع الرسمي المؤرخ 28/ 12/ 1954 والموضح بعريضة الدعوى واعتباره كأن لم يكن ومحو كافة التسجيلات الموقعة على الأطيان المبيعة به لصالح الطاعنين والتصريح بالتأشير بذلك على هامش العقد المذكور وبتسليم هذه الأطيان إلى المطعون ضدهم وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون ضدهم مبلغ 263 جنيه بخلاف ما يستجد من وقت صدور الحكم حتى تسلم الأرض بواقع 287 جنيه سنوياً. استأنف الطاعن الأول وجورج قسطندي توما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهما برقم 185 سنة 80 ق. وبعد وفاة جورج قسطندي توما وانقطاع الخصومة عجل الطاعن الأول الدعوى عن نفسه وبصفته الوارث الوحيد لأخيه المذكور. وفي 28 مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق ومن الوقائع المتقدم ذكرها أن الطاعن الثاني يعقوب بطرس بادير قبل الحكم الابتدائي ولم يستأنفه وإنما استأنفه الطاعن الأول وشقيقه المرحوم جورج قسطندي توما وطلبا إلغاءه والقضاء برفض الدعوى وقضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للطاعن الأول عن نفسه وبصفته الوارث الوحيد لشقيقه المرحوم جورج قسطندي توما ولم يقضِ على الطاعن الثاني بشيء أكثر مما قضى به عليه الحكم الابتدائي فإن الطعن على الحكم المطعون فيه بطريق النقض يكون غير مقبول ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول منها في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أيد حكم محكمة أول درجة فيما قضت به من سقوط حق الطاعن في الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لتجهيلها تأسيساً على أنه أبدى بعد إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى مخالفاً بذلك حكم المادة 132 من قانون المرافعات، في حين أنه لم يكن من المستساغ إبداء أي دفع قبل الدفع بعدم قبول الدعوى، ذلك لأن عدم قبول الدعوى لرفعها من وكيل باسمه وحده دفع من النظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا تعتبر الدعوى مرفوعة إلا بعد تصحيح شكلها وعندئذ يعتبر الدفع ببطلان صحيفة الدعوى أول دفع أبدي فيها وكان يتعين على المحكمة قبوله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – دفع شكلي يجب إبداؤه قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق في التمسك به، ويعد البطلان الذي يلحق بالصحيفة بسبب هذا التجهيل بطلاناً نسبياً لا يتعلق بالنظام العام، ويعتبر الكلام في الموضوع مسقطاً في جميع الأحوال للحق في التمسك بهذا الدفع، أما الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة فهو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقريرات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول أبدى الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به بعد سابقة إبدائه الدفع بعدم قبول الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بسقوط حق الطاعن الأول في التمسك ببطلان صحيفة الدعوى تأسيساً على ما قضت به المادة 132 من قانون المرافعات السابق من وجوب إبداء هذا الدفع قبل إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه وباقي المشترين لم يتسلموا الأرض المبيعة بأكملها لأن نصفها ظل تحت يد المستأجرين من البائعة، وإذ تؤثر هذه الواقعة في مقدرة المشترين على سداد باقي أقساط الثمن وقد طلب الطاعن إلى محكمة أول درجة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها إلا أنها رفضت هذا الطلب وسايرها في ذلك الحكم المطعون فيه مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بشهادة الشهود ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع فلها أن ترفض طلبه متى رأت بما لها من سلطة التقدير أن في أوراق الدعوى والأدلة المقدمة فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إلى إجراء التحقيق المطلوب، وكان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه أن الأسباب التي استند إليها في رفض طلب الطاعن الأول الإحالة إلى التحقيق تسوغ رفض هذا الطلب، فقد بينت المحكمة في حكمها الأدلة التي جعلتها تقتنع بأن الطاعن الأول وباقي المشترين قد تسلموا الأطيان المبيعة واستغنت بذلك عن إجراء التحقيق، فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وقال شرحاً لهذا السبب إنه أوضح أمام محكمة الموضوع أن المتأخر من الثمن أقل من السدس وطلب رفض الدعوى أو تقسيط المبلغ المتأخر تأسيساً على المادة 157/ 2 من القانون المدني إلا أن محكمة أول درجة اقتصرت في الرد على هذا الدفاع ورفض منح الطاعن وباقي المشترين مهلة للسداد على القول بأنهم أهملوا في تنفيذ التزامهم بدفع باقي الثمن رغم تسهيل طريقة الدفع في العقد بجعلها على أقساط سنوية وعلى أن القدر الذي تأخروا في سداده من الثمن ليس من القلة التي تبرر استيفاء العقد أو إعطاء مهلة، واكتفى الحكم المطعون فيه لتبرير عدم إجابة طلب المهلة على القول بأنه قد مضت فترة طويلة على عدم السداد تجعلها من قبيل المماطلة والتسويف، ويرى الطاعن أن هذا الرد من المحكمة غير مقنع إذ لم تحقق الظروف التي أدت إلى عجز المشترين عن دفع باقي الثمن مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان إعطاء المشتري المتأخر في دفع الثمن أجلاً للوفاء به طبقاً للمادة 157/ 2 من القانون المدني هو من الرخص التي أطلق الشارع فيها لقاضي الموضوع الخيار في أن يأخذ منها بأحد وجهي الحكم في القانون حسبما يراه هو من ظروف كل دعوى بغير معقب عليه، فإنه لا يقبل النعي على الحكم لقصور أسبابه عن بيان الاعتبارات التي اعتمد عليها في رفض منح الطاعن أجلاً للوفاء بما هو متأخر في ذمته من الثمن.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة قضت بفسخ العقد وسايرها في ذلك الحكم المطعون فيه ولم تشر رغم ذلك إلى مصير المبالغ التي دفعها الطاعن وباقي المشترين وهي أكثر من خمسة أسداس الثمن أي حوالي ثلاثة آلاف جنيه مما مؤداه أن يستولي المطعون ضدهم على الأرض وثمنها وعلى التعويض الذي قضت به المحكمة وما يستجد من التعويض مما يعد إثراء لهم على حساب الغير.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أنه ليس فيه ما يفيد أنه اعتبر المدفوع من الثمن من المشترين حقاً للمطعون ضدهم ولم يكن طلب رد الثمن مطروحاً على المحكمة، فإنه يكون للمشتري أن يرجع على بائعه بهذا الثمن بدعوى مستقلة إذا امتنع هذا البائع عن رده إليه، وذلك كأثر من آثار فسخ العقد ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .