القرار 8/368 الصادر بتاريخ 2013/07/02
في الملف رقم 2013/8/1/891

القاعدة:
بمقتضى الفصل 81 من مدونة الأحوال الشخصية ”إذا وقع الطلاق تعين على القاضي أن يرسل إلى المطلقة يعلمها به فور وقوعه” ولا تفقد المطلقة حقها في الإرث إذا لم يثبت إعلامها بالطلاق إلى أن توفي الزوج .
عدم المطالبة بالنفقة طوال مدة معينة قبل وفاة الزوج، أو مشاركة بنتها في إنجاز الإراثة التي أقامها الورثة ولم يدرج إسم الأم ضمنهم، أو وجود المطلق بعيدا عن مطلقته، كل ذلك لا يكفي وحده للقول بأن هذه الأخيرة أعلمت أو عالمة بالطلاق.

وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أن فاطمة الغياتي قدمت بتاريخ 13/04/2004 مقالا إلى المحكمة الابتدائية بجرسيف، تجاه هواري خليل ومن معه، والمحافظ على الأملاك العقارية بتازة ،عرضت فيه أنها طلبت من المدعى عليه المحافظ تقييد إراثة زوجها هواري عبد الله في الرسوم العقارية التي تركها لورثته، إلا أنه رفض طلبها بعلة أنه يتعين موافقة باقي الورثة أو الإدلاء بحكم قضائي؛ طالبة لذلك إلغاء قرار المحافظ عدد 565 م ع 21 بتاريخ 21/3/04، وبتقييد الإراثة عدد 194 ص 202 كناش التركات 1 بتاريخ 15/3/2004، المكملة للإراثة المقيدة عدد 205 ص 305 بتاريخ 7/5/2003،

وذلك في الرسوم العقارية ذوات الأعداد 2421/21 و7129 ف و4517/21 و7071 ف و12063 ف و2420/21 و2431/21 و2425/21.

وبعد جواب المدعى عليه هواري خليل ومن معه بأن المدعية لا صفة لها كوارثة من مورثهم، طالبين الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطا وقف البت إلى حين البت في شكايتهم بشأن الزور واستعماله، المتعلق بالإراثة التي أدلت بها.

وبتاريخ 26/10/2005 أصدرت المحكمة حكمها عدد 234 في الملف رقم 68/04 بعدم قبول الدعوى شكلا، فاستأنفته المدعية وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة، بمقتضى قرارها عدد 278 بتاريخ 20/9/2007 في الملف رقم 460/06،

والذي نقضه المجلس الأعلى بطلب من المستأنفة وأحال الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها طبقا للقانون، بمقتضى قراره عدد 4627 الصادر بتاريخ 2/11/2010 في الملف رقم 32/1/1/2009 بعلة أن القرار الاستئنافي علل قضاءه بأنه ”ثبت للمحكمة من الاطلاع على رسم الطلاق الغيابي أن المرحوم هواري طلق المستأنفة طلاقا غيابيا يوم 5/11/1974،

وأن وفاة الزوج كانت يوم 30/4/2003، وبذلك تكون المدة الفاصلة بين يوم الطلاق ويوم وفاة الزوج ورفع دعوى الإرث هي 29 سنة، وهي مدة كافية لحصول العلم بالطلاق، وأن المستأنفة تقيم بفاس والمرحوم كان يقيم بجرسيف.

وأنه في غياب ما يثبت أن المستأنفة تقيم ببيت الزوجية ومعاشرتها لزوجها معاشرة الأزواج إلى أن توفي، يكون ما تمسكت به من أسباب الاستئناف غير مؤثر.

في حين أن انقطاع الإرث يتوقف على علم المرأة بالطلاق، وهذا لا يفترض بطول المدة، بل يتعين إثباته. وأن القول بكون الطاعنة تقيم بفاس والمرحوم يقيم بكرسيف، لا يفيد بالمطلق أن الطاعنة لم تكن تقيم ببيت الزوجية مع الهالك المذكور.”

وبعد الإحالة، وإدلاء المستأنف عليهم بالقرار عدد 29 الصادر عن محكمة الاستئناف بتازة بتاريخ 12/2/2009 في الملف رقم 022/08 القاضي بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 29/12/2004 في الملف رقم 69/04 الذي قضى وفق طلب المستأنفة حاليا مع وحدة السبب واختلاف في بعض الموضوع وبعض الأطراف، وبعد التصدي الحكم برفض طلبها.

وبعد إدلاء هذه الأخيرة بالقرار عدد2009 الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 17/4/2012 في الملف رقم 3528/1/1/2011 القاضي بنقض وإبطال القرار عدد 29 المشار إليه، وإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها طبقا للقانون، ـ بعد ذلك كله ـ ألغت محكمة الاستئناف المذكورة، الحكم المستأنف الصادر في الدعوى الحالية، وحكمت بأمر المحافظ بتقييد الإراثة عدد 194 بالرسوم العقارية محل النزاع، واعتبار المستأنفة فاطمة الغياتي من بين ورثة الهالك عبد الله هواري بن رمضان بنسبة نصف الثمن، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض حاليا من المستأنف عليهم أعلاه بسبع وسائل:

حيث يعيب الطاعنون القرار في الوسيلة الأولى بعدم الارتكاز على أساس قانوني، وخرق الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن المطلوبة لم تدل برسم زواجها ولا برسم طلاقها، إذ تارة تدعي الزواج وتارة تدعي الطلاق الغيابي.

وأنها حاولت أن تجعل من إراثتها المطعون فيها بالزور بمقتضى شكاية جنائية لا زالت رهن التحقيق، بديلا لهذه الصفة، وأن الطلاق لما كان غيابيا فإن عدته قد انقضت لكون العدة ملازمة للطلاق من تاريخ تبليغه أو عدم العلم به، وبالتالي تكون مصلحتها في الدعوى منعدمة.

ويعيبونه في الوسيلة الثانية بعدم الارتكاز على أساس قانوني بخرق الفصول 399 و400 و424 من قانون الالتزامات والعقود، ذلك أن جميع المحاكم بما فيها محكمة النقض طالبت المطلوبة بإثبات ما تدعيه من عدم العلم بالطلاق، وباعتبارها مدعية فعجزت، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه أعفتها من هذا الإثبات، وقفزت على كل الأحكام الابتدائية والاستئنافية وقرارات محكمة النقض، واكتفت بوصف الطلاق بالغيابي، لتحكم باستحقاق المطلوبة للإرث.

وأنه حتى في هذه الحالة كان يتعين رفض الطلب لانقضاء العدة وصيرورة الطلاق بائنا.

وأن الطاعنين حاولوا مساعدة المحكمة لإثبات علم المطلوبة بالطلاق بعدة قرائن منها أن ابنتها التي هي أخت الطاعنين من الأب أنجزت معهم إراثتهم ولم تطالب بإدماج والدتها في الإراثة المذكورة.

ومنها أنها لم تطالب بالنفقة طوال مدة تزيد على 30 سنة الفاصلة بين تاريخ طلاقها وتاريخ رفع دعوى النازلة. ومنها أن مورثهم كان يقيم ببلجيكا بعيدا عنها وبصفة دائمة وأدلوا أمام المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بشهادة الإقامة، وهذه الشهادة لا تمنح للزوج إن كان متزوجا من قبل أو متعدد الزوجات.

ودفعوا بإقامته خلال عطلته الصيفية بمسقط رأسه بمدينة جرسيف. وأن الإراثة التي أدلت بها مطعون فيها بالزور، وهي رهن البحث والتحقيق.

ويعيبونه في الوسيلة الثالثة بخرق الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود، ذلك أنهم أدلوا بالحكم الابتدائي عدد 68/2004 الذي قضى بعدم قبول دعوى المطلوبة، وهو حكم في الشكل والموضوع لاتصالهما الوثيق، لكون الطلاق الغيابي انتهت عدته وأمسى بائنا.

وان محكمة النقض بقرارها عدد 3232 بتاريخ 10/10/2007 تحققت من ذلك وأعادت القضية إلى محكمة الاستئناف التي فتحت لها الملف عدد 22/2008 وانتهى بصدور القرار عدد 29 بتاريخ 12/12/2009 قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر في الملف رقم 69/04 لسبق الفصل في النازلة، وأن القرار عدد 29 المذكور أكد القرار الاستئنافي عدد 278 الصادر في الملف رقم 460/06 بتاريخ 20/9/2007، مما يكون معه القضاء قد بت في النزاع أكثر من مرة خارقا بذلك الفصل 451 المشار إليه.

ويعيبونه في الوسيلة الرابعة بعدم الارتكاز على أساس قانوني وخرق قواعد الترجيح بين الإراثتين، ذلك أن المطلوبة لم تدل بما يفيد صفتها ومصلحتها في الدعوى، وأن إراثتها مطعون فيها بالزور، وكان يتعين وقف العمل بها، وأن المطلوبة أعادت بمقتضى إراثتها نشرا لإراثة الطاعنين عدد 250 مضيفة اسمها إلى أسمائهم فسمتها إراثة بالعدد الأكبر.

وأن مفهوم العدد الأكبر للإراثة هو فقط أن لا تتردد أسماء الإراثة المستدل بها بالإراثة المحتج بها ضدها، وبالتالي فإن الإراثة الأكبر عددا هي إراثة الطاعنين وتبعا لذلك يكون الجمع أو التكملة بين الإراثتين رغم الفارق في العدد غير ذي أساس قانوني وشرعي.

ويعيبونه في الوسيلة الخامسة بعدم الارتكاز على أساس قانوني وعدم الاختصاص وعدم التقيد بالفصلين 359 و369 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن القرار المطعون فيه كان نتيجة طعن تعسفي بالنقض للقرار عدد 2788 الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 20/9/2007 في الملف رقم 460/2006 الذي فتح له الملف رقم 32/1/1/2010 لدى محكمة النقض. وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بدل تقيدها بقرار محكمة النقض باعتبارها محكمة إحالة، وجوابها على مذكرات ودفوع الأطراف،

وإعمالها للأحكام السابقة في القضية، قفزت على كل ذلك وأعملت القرار عدد 2009 المؤرخ في 17/4/2012 الصادر عن محكمة النقض في الملف رقم 3528/1/1/2011، وهو قرار لم يحل عليها وإنما أحيل على محكمة أخرى فتح له الملف رقم 454/2012 وهو مدرج في جلسة 31/1/2013، غير أن المطلوبة أدلت بنسخة من قرار محكمة النقض المذكور، دون مراعاة اختصاص محكمة الإحالة، في الوقت الذي كان على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه أن لا تضم أي ملتمس أو مذكرة بتفعيل قرار لم يحل عليها وبتت فيه وحرمت الطاعنين من مناقشة قرار النقض في إطار محكمة الإحالة المختصة.

ويعيبونه في الوسيلة السادسة بانعدام التعليل وفساده، ذلك أنه اكتفى بوصف الطلاق بالغيابي مع أن الغيبة والغيابية لا تثبت بهذا الوصف وإنما بوسائل الإثبات وعدم العلم به بنفس الوسائل، وأن المطلوبة لم تثبت عدم علمها بالطلاق.

وحتى وأن اكتفى القرار بوصف الطلاق بالغيابي فإنه لا يجيب على مسألة العدة التي هي ملازمة لكل طلاق ومنه الطلاق الغيابي وهي تبتدئ من تاريخ وقوع الطلاق وليس من تاريخ تبليغه أو العلم به، وبالتالي فالطلاق الغيابي أمسى نهائيا بائنا.

ويعيبونه في الوسيلة السابعة بانعدام و فساد التعليل المنزلين منزلة انعدامه، ذلك أنه لم يجب على أي دفع مما أثير أمام المحكمة مصدرته ومن ذلك شهادة إقامة مورثهم ببلجيكا، ومنها الدفع بسبقية الفصل في النازلة بما في ذلك القرار 20099، واعتمد في قضائه فقط القرار الصادر عن محكمة النقض، والذي لم يحل على المحكمة المطعون حاليا في قرارها.

لكن، ردا على الوسائل أعلاه مجتمعة لتداخلها، فإنه لا مجال للاستدلال في النازلة بعدم إدلاء المطلوبة بعقد زواجها من مورث الطالبين، إذ لا خلاف بين الطرفين في ثبوت العلاقة الزوجية قبل الطلاق محل النزاع. وأن الخلاف، إنما هو في ثبوت أو عدم ثبوت إعلام المطلقة به.

وأن عدم ثبوت إعلام المطلقة بالطلاق إلى أن توفي الزوج لا يفقدها حق الإرث، إذ بمقتضى الفصل 81 من مدونة الأحوال الشخصية الذي وقع الطلاق في ظله ”إذا وقع الطلاق تعين على القاضي أن يرسل إلى المطلقة يعلمها به فور وقوعه”.

وأن الطاعنين هم المكلفون بإثبات الإعلام المذكور، وليس المطلوبة. وأن مجرد عدم مطالبة هذه الأخيرة بالنفقة طوال مدة معينة قبل وفاة الزوج، أو كون ابنتها شاركت الطاعنين في إنجاز الإراثة التي أقاموها وعدم إدراج اسم أمها ضمن الورثة، أو وجود المطلق بعيدا عن مطلقته، كل ذلك لا يكفي وحده للقول بأن هذه الأخيرة معلمة أو عالمة بالطلاق.

وأنه لا مجال للاستدلال في النازلة بسبقية الفصل في النزاع، ما دام يتجلى من مستندات الملف أن الأحكام السابقة انتهت بصدور القرار الاستئنافي عدد 29 بتاريخ 12/02/2009، والذي تم نقضه بطلب من المطلوبة ـ بمقتضى قرار محكمة النقض عدد2009 بتاريخ 17/4/2012 في الملف رقم 3528/1/1/2011، استنادا إلى نفس علة قرارها موضوع الإحالة الحالية، والمتعلقة بكون انقطاع الإرث يتوقف على إعلام المرأة بالطلاق. وأن شهادة إحدى الإراثتين بوارث لم تشهد به الأخرى لا يعني أن هذه الأخيرة راجحة، وإنما يمكن الجمع بينهما لعلم شهود الأولى بما لم يعلمه شهود الثانية، عملا بقول خليل ”وإن أمكن جمع بين البينتين جمع.”

وأن القرار المطعون فيه لم يناقش الدعوى استنادا إلى قرار محكمة النقض موضوع الملف رقم 3528/1/1/2011، وإنما استنادا إلى قرارها عدد 4627 موضوع الملف رقم 32/1/1/2009.

وأن الطاعنين لم يبينوا في الوسائل أعلاه لا مراجع الشكاية بالزور في الإراثة التي اعتمدتها المطلوبة، ولا ما يفيد مآلها، وأن المحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم التي لا تأثير لها على قضائها. ولذلك ولما لها من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها،

فإنها حين عللت قضاءها بأنه ”لا يستفاد من نسخة رسم الطلاق الغيابي عدد404 صحيفة 288 كناش المختلفة 50 في 12/11/1974 توثيق جرسيف، أن مورث الطرفين طلق زوجته المستأنفة طلقة واحدة أولية في غيبة المطلقة، وهو ما ينتفي معه علم الزوجة بالطلاق إلى أن توفي الزوج، وهي لذلك من جملة ورثته.”

فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معللا وغير خارق للمقتضيات والقواعد المحتج بها، والوسائل جميعها بالتالي غير جديرة بالاعتبار.
لهذه الأسباب؛
قضت محكمة النقض، برفض الطلب، وبتحميل رافعيه الصائر.