دور القاضي في إثبات قواعد القانون الوطني

المحامية: منال داود العكيدي
يفترض في القاضي العلم بما يطبقه في اثبات قواعد القانون الوطني على الوقائع محل النزاع وهذا العلم يختلف بحسب موقعها في التدرج القانوني وهي التشريع والعرف والعادة ، وهذه القواعد واقصد القواعد المشرعة يقع على عاتق القاضي العلم بها ليس بوصفه فردا من افراد المجتمع تنطبق عليه قاعدة لايعذر الجهل بالقانون فحسب وانما بوصفه عضوا في الهيأة القضائية التي انيط بها تطبيق القانون.

وهذا ما يذهب اليه فقهاء الشريعة الاسلامية ايضا اذ يقول الشيخ النجدي ( الحاكم يحتاج الى ثلاثة اشياء لايصح الحكم الا بها : معرفة الادلة والاسباب والبينات فالادلة معرفة الحكم الشرعي الكلي والاسباب معرفة ثبوته في هذا المحل المعتبر و البينات معرفة طريق الحكم عند التنازع ومن اخطأ في واحدة من هذه الثلاث اخطأ في الحكم).

و المبدأ العام في القانون الانكلوسكسوني ان المسائل القانونية تقرر من القاضي بينما تقرر مسائل الوقائع من المحلفين.

اما في القانون الفرنسي فان القاعدة القانونية التي تحكم النزاع لاحاجة لاثباتها من قبل المدعي لذلك فقد جرى القول ( ايها المحامي انتقل الى الوقائع فالمحكمة تعرف القانون).

اما بالنسبة للعرف الذي هو عبارة عن قاعدة اجتماعية قديمة مطردة التطبيق يتقيد بها الناس في تعاملهم مع ادراكهم بانها ملزمة لهم فهي متصفة بالقدم مستمرة التطبيق غير مخالفة للنظام العام والاداب ، فاذا احتوى العرف على هذه الصفات اصبح كالقاعدة القانونية المشرعة من حيث استلزام علم القاضي بها ولكن لما كان علم القاضي بالعرف لايمكن ان يرقى من حيث الدقة والشمول بقدر علمه بالنص المشرع لان اكثره محليا فلذا لايمكن افتراض علم القاضي به كافتراض علمه بالنص المشرع ، لكن القاضي اذا كان على دراية به فطبقه حتى ولو لم يبين الطريقة التي علمه بها وحتى لو كان ذلك من دون تمسك الخصوم به فانه في هذا لايحل محل ارادة الافراد بل يكون علمه في نطاق مهمات وظيفته المحددة في تطبيق القانون مكتوبا او غير مكتوب اما اذا كان القاضي يجهل العرف وطلب من المتمسك به اثباته فليس من شأن هذا ان يجعل العرف بمنزلة الواقعة التي تحتاج الى اثبات وان كان التثبت من قيام العرف متروكا لقاضي الموضوع الا انه لا يعفى من بيان دليله على قيامه والمصدر الذي استقى منه اذا نازع احد الخصوم في ذلك.

وتحتل العادة مرتبة ادنى من العرف فهي في الواقع عرف لم يكتمل بعد اذ يتوافر فيها الركن المادي من دون الركن المعنوي لذلك فانها تعرف على انها سنة تواتر الافراد على اتباعها من دون ان يتوافر الاعتقاد لديهم بانها ملزمة ولهذا لا يعد ما تجري به قواعد قانونية بل انها مجرد وضع من اوضاع الواقع لا يلزم المتعاقدين الا اذا اتجهت ارادتهم الى الأخذ بها ويستفاد ذلك من الاتفاق وظروفه.

وتبدوا اهمية العادة في نطاق العقود حيث انها وسيلة سواء كانت بصراحة الدلالة ام ضمنيتها تحكم اتفاق المتعاقدين باكمال مانقص من بنوده او تفسير ما غمض منها لذلك تعد العادة من مسائل الواقع التي على المتمسك بها من الخصوم اثباتها وان القاضي عندما يفرض على الخصم ذلك فلا يعد عمله هذا من باب الاستثناء من القاعدة بعدم تكليف الخصوم باثبات القانون لان العادة ليست قاعدة قانونية وانما هي عنصر من عناصر الواقع .