اختصاص المحاكم التأديبية

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الاستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة / محمد امين المهدى ومحمود عبد المنعم موافى واسماعيل عبد الحميد ابراهيم ود محمود صفوت عثمان.
المستشارين

* إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 5/3/1987 اودعت محامية الشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1239 لسنة 33 ق عليا ، فى حكم المحكمة التأديبية بالاسكندرية الصادر فى الدعوى رقم 195 لسنة 28 ق بتاريخ 10/1/1987 ، المقامة من المطعون ضده رئيس الشركة الطاعنة ، والذى قضى بإلزام الشركة بأن تؤدى للمدعى ضده مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض ، وطلبت الشركة الطاعنة للاسباب الواردة بتقرير طعنها الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى 0
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى انها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع الزام الشركة الطاعنة المصروفات 0
وحدد لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون جلسة 7/1/1991 ، التى قررت احالته الى هذه المحكمة لنظره بجلسة 26/6/1990 ، حيث تداول نظره على النحو الوارد بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 20/11/1990 قررت حجزه للحكم بجلسة 15/1/1991 ، ثم مد أجل الى جلسة النطق به الى جلسة اليوم ، وفيه أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به 0

* المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة 0
من حيث ان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10/1/1987 ، وطعنت فيه الشركة الطاعنة بتاريخ 5/3/1987 ، ولما كان الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية ، ومن ثم فإنه يكون مقبولا شكلا 0
ومن حيث وقائع الموضوع تخلص فى ان المطعون ضده اقام فى 13/4/1982 الدعوى رقم 589 لسنة 336 ق امام محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية ضد رئيس الشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية بصفته ، طالبا الحكم له بتعويض قدره اربعة آلاف جنيه جبرا للأضرار المادية والادبية التى اصابته من جراء القرارات التى اختصاصها بنظر الدعوى واحاتها الى المحكمة التأديبية حيث قيدت الدعوى برقم 195 لسنة 28 ق وصدر حكمها بالزام الشركة المذكورة بأن تدفع للمدعى خمسمائة جنيه على سبيل التعويض عن الاضرار التى لحقته من قرارات صدرت بمجازاته مع الزام الشركة المدعى عليها المصروفات ، وفى 2/1/1986 اصدرت المحكمة حكمها بعدم الجزاءات التى صدرت ضد المدعى وحكم بالغائها فى 6/12/1980 فى الطعن رقم 311 لسنة 15 ق من المحكمة التأديبية بالاسكندرية0
ومن حيث ان الثابت من الاوراق ان المطعون ضده كان يعمل بالشركة المشار اليها وقد اصدر رئيس الشركة فى 28/2/1973 القرارات ارقام 65 لسنة 1973 بمجازاته بخصم يومين من اجره ، و66 لسنة 1973 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوما من اجره ، و67 لسنة 1973 بمجازاته بخصم يومين من اجره و 176 لسنة 1976 بمجازاته بخصم ثلاثة ايام من اجره فطعن فى هذه القرارات امام المحكمة التأديبية بالاسكندرية حيث قيد الطعن برقم 311 لسنة 15 ق ، والتى قضت بإلغاء هذه القرارات وما ترتب عليها من اثار فأقام المطعون ضده دعوى امام محكمة القضاء الادارى طالبا تعويضه عن الاضرار التى لحقت به بسبب هذه القرارات الملغاة وأحيلت الدعوى الى المحكمة التأديبية للإختصاص ، والتى قضت بالحكم المطعون فيه على نحو ما سبق عرضه 0
ومن حيث انه بالنسبة لما اثارته الشركة الطاعنة فى طعنها من ان المحكمة التأديبية وجميع محاكم مجلس الدولة كله غير مختصة بنظر دعاوى التعويض عن قرارات الجزاءات التى توقعها شركات القطاع العام على العاملين بها 0
ومن حيث ان المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية :
( ثالث عشر ) الطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام فى الحدود المقررة قانونا 0 وتنص المادة الخامسة عشرة على ان تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والادارية التى تقع من 000000 ، كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها فى البندين التاسع والثالث عشر من المادة العاشرة والبند الاخير بالطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام 0
ومن حيث ان مبنى الطعن :
أولا – ان الشركة الطاعنة سبق ان ابدت امام المحكمة المطعون فى حكمها دفعا بسقوط حق المطعون ضده فى المطالبة بالتعويض لمضى سنة اعمالا لحكم المادة 698 من القانون المدنى ، باعتبار ان اساس المطالبة بالتعويض هو المسئولية العقدية وليس المسئولية المدنية ، وهو ما رفض الحكم المطعون فيه التسليم به ، بل رفض هذا الدفع الذى لازالت تتمسك به الطاعنة 0
ثانيا – ان المطعون ضده لم يلحقه ضرر من قرارات الجزاءات المشار اليها ، اذ ان الحكم بإلغائها كاف لتعويضه ، كما انه لم يتخلف عن اقرانه فى الاقدمية بسبب هذه القرارات كذلك فإن المطعون ضده لم يقدم ما يفيد اصابته بضرر مادى او ادبى نتيجة ذلك واذا كان قد نقل من الشركة الى وزارة التربية والتعليم فإن ذلك تم بناء على رغبته بعد حصوله على مؤهل أعلى وعدم ملائمة هذا المؤهل مع طبيعة العمل بالشركة 0
ثالثا – ان المحكمة التأديبية غير مختصة ولائيا بنظر دعوى التعويض المطعون فى حكمها على اساس ان المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لم تخول مجلس الدولة الاختصاص بنظر الدعوى التى رفعت من المطعون ضده ، لتعويضه عن قرارات الجزاءات المحكوم بإلغائها 0
رابعا – ليس كل قرار جزاء يتم الغاؤه يكون مستوجبا للتعويض 0
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر على اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى الطعون على قرارات الجزاءات التى توقع على العاملين بالقطاع العام ، لا يقتصر على الطعن بإلغاء الجزاء وهو الطعن المباشر ، بل يتناول طلبات التعويض عن الاضرار المترتبة على الجزاء ، فهى طعون غير مباشرة وكذلك غيرها من الطلبات المرتبطة به ، اذ ان كلا الطعنين يستند الى اساس قانونى واحد يربط بينهما هو عدم مشروعية القرار الصادر بالجزاء ، فاختصاص المحاكم التأديبية فى هذا المجال ينصب على كل ما يرتبط بالطعن على قرار الجزاء او يتفرع عنه باعتبار ان قاضى الاصل هو قاضى الفرع 0
ومن حيث انه وفقا لهذا القضاء فإن ما تستند اليه الشركة الطاعنة فى تقرير الطعن من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر دعوى التعويض عن قرارات الجزاءات سالفة الذكر غير صحيح مما يتعين معه اهداره 0
ومن حيث ان الشركة الطاعنة تذهب الى انه قد سقط حق المطعون ضده فى المطالبة بتعويض عن الاضرار التى لحقته بسبب قرارات الجزاءات التى وقعت عليه والتى حكم بإلغائها ، لمضى سنة طبقا لنص المادة 698 من القانون المدنى
ومن حيث ان هذه المادة تنص على ان تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإنقضاء سنة من وقت انتهاء العقد 0
ومن حيث ان الدعوى الماثلة غير ناشئة عن عقد ، وانما هى ناشئة عن قرارات جزاء غير مشروعة حكم بإلغائها ، وقد استندت الشركة الطاعنة فى توقيعها الى احكام قانون العاملين بالقطاع العام السارى فى تاريخ اصدارها وهو القانون رقم 61 لسنة 1971 ، وبالتالى لا محل لسريان الحكم المنصوص عليه فى المادة المشار اليها من القانون المدنى ، ويتعين الالتفات ايضا عن هذا السبب من اسباب الطعن 0
ومن حيث ان الشركة الطاعنة تستند ايضا فى طعنها الى انه لم يلحق المطعون ضده اى ضرر من قرارات الجزاء المحكوم بإلغائها سواء كان ضررا ماديا او ادبيا ، كما انه ليس كل قرار جزاء يلغى يستوجب التعويض عنه 0
ومن حيث ان إلغاء قرارات الجزاء التى وقعت على المطعون ضده كاف فى حد ذاته لجبر اى ضرر مادى او ادبى ينتج عنها ، هذا فضلا عن ان المطعون ضده لم يقدم دليلا واحدا على انه قد لحقه اى نوع من انواع الضرر من جراء هذه القرارات ، وبالتالى فانه لا يستحق اى تعويض عنها ، واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى غير ذلك فانه يكون قد جانب الصواب ، مما يتعين معه الحكم بإلغائه 0

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راجع الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا بجلسة 16/3/1991 طعن رقم 3147 لسنة 32 ق الذى قضى بإختصاص المحكمة التأديبية بطلب التعويض عن الاضرار الناجمة عن قرار نقل مرتبط بجزاء تأديبى.