التوقيف الاحتياطي ومتى يكون إخلاء السبيل وجوبياًومتى يكون جوازياً ..؟

حلب
قضاياقانونية
الأحد1-4 – 2012
أماني أحمد ابو الزين طالبة في كليةالحقوق
إن حرية الفردمن أهم ما يسعى القانون لحمايته وينص الدستور على رعايته وإن توقيف المدعى عليه لايُعد من أنواع العقوبات وإنما هو تدبير احتياطي حرصاً على إظهار الحقيقة.

وبالتالي فإنالتوقيف الاحتياطي وإن كان أمر يعود تقديره إلى القاضي غير أنه لا يجوز الخروج عنالأسباب والغايات التي أوردها الشارع وإلا أدى ذلك إلى الوقوع في نتائج مغايرةللأهداف التي استقر عليها الفقه والقضاء وفي الخشية من تواري المدعى عليه عنالأنظار وعن تنفيذ الحكم الذي قد يصدر بحقه في المستقبل وفي حال إدانته أو طمسمعالم الجرم سواء كان ذلك بإغوائه شهود الحادث أو اتفاقه مع شركائه أو للمحافظةعليه نفسه فيما إذا كان توقيفه أمراً ضرورياً لتهدئة خواطر الرأي العام كأن يكونالجرم يمس مصلحة عامة أكثر من مساسه بالمصلحة الخاصة كما أن التوقيف الاحتياطي لايتضمن معنى العقاب بل هو وسيلة احتياطية وفق الاعتبارات السابقة.‏

هذا وقد لاحظالشارع هذه الاعتبارات ، فأوجب إخلاء سبيل المدعى عليه بحق ، بدون طلب منه ، بعداستجوابه بخمسة أيام فيما إذا كان له موطن في سورية وكان الحد الأقصى للعقوبة التيتستوجبها الحبس سنة فيما إذا لم يكن قد حكم قبلا بجناية ، أو بحبس أكثر من ثلاثةأشهر بدون وقف التنفيذ المادة (117/2) اصول جزائية .‏
كما أن القولبالاعتبارات السابقة في التوقيف يتفق مع المبادئ الدستورية والجزائية القائلة بأنالمدعى عليها بريء حتى يدان بحكم قطعي بإضافة إلى أن التوقيف الاحتياطي تدبير وقائيوليس عقوبة .‏
وإن إخلاءالسبيل الوجوبي: يكون في حال إذ توفرت بعض الحالات فيكون محتماً اطلاق سراح المدعىعليه الموقوف دونما حاجة لتقديم طلب منه أو حتى أخذ رأي النيابة العامة وهذهالحالات هي ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة /117/من قانون الأصول الجزائية :‏

((- أما إذاكانت الجريمة من نوع الجنحة وكان الحد الأقصى للعقوبة التي تستوجبها الحبس سنة وكانللمدعى عليه موطن في سورية وجب إخلاء سبيله بعد استجوابه بخمسة أيام. على أن احكامهذه الفقرة لاتشمل من كان قد حكم عليه قبلا بجناية أو بالحبس اكثر من ثلاثة أشهربدون وقف التنفيذ )).‏

حيث يتوجب إخلاءسبيل المدعى عليه بعد استجوابه بخمسة أيام إذا كانت الجريمة من نوع الجنحة وكانالحد الأقصى للعقوبة الحبس سنة على الأكثر وعلى أن يكون للمدعى عليه موطن في سوريةوألا يكون قد حكم الموقوف من قبل بجناية أو بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر بدون وقفتنفيذ .‏‏

وكذلك هو الحاليكون إخلاء السبيل وجوبياً إذا قرر قاضي التحقيق أو قاضي الإحالة منع محاكمة المدعىعليه لأن الفعل لا يؤلف جرماً أو لا دليل على ارتكابه أو إذا تبين أن الفعل مخالفةأو أن الفعل جنحة لا تستوجب الحبس .‏‏
إذا كان المدعىعليه موقوفاً وقضت محكمة الدرجة الأولى البراءة أو عقوبة الحبس مع وقف التنفيذ أوبالغرامة ففي هذه الحالة يُطلق سراح المدعى عليه فور صدور الحكم بالرغم من استئنافهويسري ذلك فيما إذا قضت محكمة الجنايات ببراءة المتهم فتطلق سراحه في الحال مالميكن موقوفاً لأمر أو لسبب آخر.‏‏

أما إخلاءالسبيل الجوازي:‏
فلقد نصت الفقرةالأولى من المادة /117/ اصول جزائية على :‏
((- في كل نوعمن أنواع الجرائم يمكن قاضي التحقيق بعد استطلاع رأي النائب العام أن يقرر تخليةسبيل المدعى عليه إذا استدعاها بشرط ان يتعهد المدعى عليه بحضور جميع المعاملاتكلما طلب منه ذلك وبانفاذ الحكم عند صدوره)).‏
وبالتالي يكونفي غير حالات إخلاء السبيل الوجوبي السابقة حيث يجوز للمدعى عليه الموقوف طلب تخليةسبيله في جميع أدوار التحقيق والمحاكمة أياً كان نوع الجرم المسند إليه ويتم النظرفي طلب إخلاء السبيل بغرفة المذاكرة والجهة القضائية تتخذ قرارها بالإيجاب أوبالنفي على طلب إخلاء السبيل في ضوء الوقائع والأدلة والظروف وأثر الجريمة فيالهيئة الاجتماعية لأن إخلاء السبيل ليس حقاً للمدعى عليه الموقوف حيث يجب في طلبإخلاء السبيل الجوازي أن يتعهد المدعى عليه بحضور جميع معاملات التحقيق والمحاكمةومثوله لإنفاذ الحكم عند صدوره وأن يكون له موطن مختار في مركز المحكمة أو دائرةالتحقيق وعلى الجهة التي يقدم إليها طلب إخلاء السبيل أن تستطلع رأي النيابة العامةفيه ولا يجوز لمحكمتي الجنايات والنقض إخلاء سبيل المتهم إلا بكفالة نقدية أومصرفية أما إخلاء السبيل من غير هاتين المحكمتين فإنه جائز بكفالة أو بدونها .‏‏

وقد أجازالقانون الطعن الصادر بشأن تخلية السبيل سواء كان بالإيجاب أو بالرفض أمام المرجعالقضائي الأعلى وذلك خلال أربع وعشرين ساعة تبدأ بالنسبة للمدعى عليه والمدعيالشخصي من تاريخ التبليغ أما قرارات محاكم الأحداث الصادرة في طلب إخلاء السبيلفإنها تكون مبرمة لا تقبل الطعن بطريق النقض أو بسواه إلا إذا كانت صادرة عن محكمةالصلح بوصفها محكمة أحداث فتقبل الطعن بطريق الاستئناف.‏

لذلك فإن منالضروري أن تلاحظ الاعتبارات السابقة في التوقيف الاحتياطي لا يجوز أن يتجاوز حدودهذه الاعتبارات ، وإلا يكون التوقيف اتخذ طابع التوقيف غير المشروع وأصبح أمراًخطيراً ويتنافى مع أحكام الدستور لأنه يجعل الموقوف يحتفظ في نفسه آثاراً سيئة عنالعدالة مدى حياته .‏