هل الانبرام يغطي البطلان أم الانعدام ؟؟…

لقد جاء الاجتهاد القضائي للهيئة العامة لمحكمة النقض والتي تعتبر قراراتها بنزلة القانون وواجبة التطبيق ما يلي:
هو الحكم السليم الصادر باسم الشعب العربي في سوريا وتوافرت فيه أركانه الأساسية وشروط صحته والشكل الذي نصت عليه قوانين الأصول.
والأركان الأساسية للحكم هي أن يكون صادراً عن جهة قضائية مختصة وممن يملك ولاية القضاء ومن محكمة مشكلة تشكيل تشكيلاً صحيحاً في خصومة صحيحة قائمة بين طرفين تتوفر فيها أهلية التقاضي وأن يكون هذا الحكم مكتوباً وأن تتضمن هذه الكاتبة بياناته الأساسية .

“نقض سوري غ م ح قرار 1399 أساس 1132 تاريخ 26/9/1999 ”
وإن الشروط والأركان الواجب توافرها حتى يكون القرار القضائي صحيحاً :
1- أن يصدر باسم الشعب العربي في سوريا.
2- أن يصدر عن جهة قضائية مختصة .
3- أن يصدر عن محكمة مشكلة تشكيلاً صحيحاً .
4- أن تكون المحكمة ذات اختصاص وولاية.
5- أن تكون إجراءات المحاكمة صحيحة .
6- أن تكون الخصومة صحيحة من نواحي المصلحة والتبليغ وأهلية المتقاضين وإجراءات التقاضي .
7- إن يكون الحكم مسبباً.
8- أن يحتوي الحكم على اسم المحكمة التي أصدرته وأسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره وأسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم وأسماء وكلائهم وخلاصة أقوالهم وأدلتهم .
9- أن يكون القاضي قد أحسن في تطبيق القانون.
10- أن لا يخالف اجتهاداً مستقراً أو قراراً للهيئة العامة لمحكمة النقض ينزله منزلة القانون .
11- أن يراعى في تحريره الشكليات المحددة في القانون.
12- وضع إشارة الدعوى على صحيفة العقار في السجل العقاري في الدعاوي العينية العقارية .
13- أن يحمل توقيع القاضي وتوقيع الكاتب.
14- أن تودع مسودته ديوان المحكمة .
15- أن تحمل المسودة رقم الحكم وتاريخه ورقم أساس الدعوى.
((فإذا لم تتوافر في الحكم هذه الأركان والشروط والشكليات كان الحكم مشوباً بعيب وهذا العيب إما يكون عيبه عادياً أو عيب مبطل فيكون الحكم عندئذٍ حكماً باطلاً والبطلان إما يكون بطلاناً نسبياً وفي هذه الحالة يغطيه الانبرام حتى لو كان مخالفاً للنظام العام))
” هيئة عامة سورية مخاصمة رقم102/215 لعام 1997 القانون لعام 1997ص20″
وبالرجوع إلى مجلة المحامون العدد 9-10/ لعام 2009 نجد أنها أورد الاجتهاد التالي
لقد أوردت مجلة (المحامون) في عدديها التاسع والعاشر لعام 2009 اجتهاداً صادراً عن الغرفة الجزائية الثالثة لمحكمة النقض الموقرة هذا نصه : « الانبرام يُغطي الانعدام » .
القضية أساس (14176) قرار (3460) تاريخ 25/6/2007 .
فهل انبرام الحكم يغطي انعدامه حقاً ؟؟ والجواب هو : لا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) نرجو من جميع الزملاء الاستفاضة في معالجة هذا الموضوع .
« المجلة »

ولقد جاء اجتهاد آخر لمحكمة النقض :
(( الحكم المعدوم هو والعدم سواءً ولا يرتب أي أثر قانوني ولكل ذي مصلحة المطالبة بانعدامه دون حاجة للطعن فيه ))
*نقض مدني 487/129 تاريخ 25/5/1975 المحامون ص 607*

فالسؤال الذي يطرح نفسه وبشدة ما هو تعريف الحكم المعدوم ؟
لم يُعرف القانون الحكم المعدوم وترك هذا الأمر للفقه والاجتهاد القضائي الذي عرّف الحكم المعدوم أنه : « هو الحكم الذي لا وجود له ولا أثر ولا حجية ولا يقبل التنفيذ ولا يكتسب الدرجة القطعية ولا ينقلب صحيحاً حتى ولو أقر الطرفان بصحته ولا حاجة للطعن فيه لتقرير انعدامه وإنما يحق لكل ذي مصلحة الدفع بانعدامه أو إقامة دعوى مبتدئة لإعلان هذا الانعدام » .
و « الحكم المعدوم غير موجود قانوناً وليس له أي أثر من الآثار » .
يراجع بهذا الشأن كتاب (انعدام الحكم القضائي) للأستاذ المحامي محمد فهر شقفة .

وعليه فالحكم المعدوم لا ينقلب صحيحاً مهما طال عليه الزمن كما وأنه لا يرفع يد المحكمة عن الدعوى وإنما تعتبر الدعوى لا تزال قائمة ولذلك أوجب الاجتهاد رفع دعوى الانعدام إلى المحكمة مصدرة الحكم سواء أكانت محكمة بداية أو محكمة استئناف أو محكمة نقض حتى إذا قررت الانعدام فصلت في موضوع النزاع . وأيد ذلك قرار محكمة النقض السورية – تنازع الاختصاص جاء فيه :
« إن اعتبار القرار الأول معدوماً يجعل موضوع النزاع لازال مطروحاً أمام المحكمة » .
(محكمة تنازع الاختصاص رقم 8/2 تاريخ 20/11/1976 منشور في مجلة المحامون لعام 1976) .
وبالنتيجة وصفوة القول :

هل الانبرام يغطي البطلان ؟
وبناء على ما تقدم نرى أن انبرام الحكم القضائي وصيرورته مبرماً لأي سبب كان لا يجعل من الحكم المعدوم صحيحاً كونه ليس له أي وجود أصلاً وليس له أية حجية وهو والعدم سواء وأن انبرامه أو اكتسابه الدرجة القطعية لا يغطي هذا العيب أبداً .
والصحيح بأن « الانبرام يغطي البطلان » وفقاً لما استقر عليه اجتهاد الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية رقم 102/215 (مخاصمة لعام 1997 منشور في مجلة القانون لعام 1997 ص 20). أي إن انبرام الحكم القضائي الباطل واكتسابه

للدرجة القطعية يبقي الحكم قائماً ومرتباً لآثاره القانونية ويغطي ما شاب هذا الحكم من إجراءات غير صحيحة ولا تنحدر به إلى درجة الانعدام – أي عدم الوجود – وبالتالي فإننا نرى ما جاء به الاجتهاد القضائي بأن « الانبرام يغطي الانعدام » هو قول غير صحيح ولا يجد له مستنداً لا في القانون ن ولا في الاجتهاد وهذا ما أكدته الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية بقرارها رقم 280 لعام 2001 حيث ميزت بين الحكـم الباطــل والحكم المعـدوم فقـالت بأن : « الحكم الباطل يعد قائماً مرتباً كل آثاره القانونية حتى يُحكم ببطلانه ولا سبيل إلى إلغائه إلا بالطعن فيه بطريق الطعن المناسب .

أما الحكم المعدوم فهو والعدم سواء ولا يرتب أي أثر قانوني ولا يلزم الطعن فيه للتمسك بانعدامه وإنما يكفي إنكاره عند التمسك به بما اشتمل عليه من قضاء ويجوز رفع دعوى مبتدئة بطلب انعدامه ولا تزول حالة انعدامه بالرد عليه بما يفيد اعتباره صحيحاً أو بالقيام بعمل أو إجراء باعتباره كذلك » .