القــرار عـدد : 26-7-2013
المؤرخ فـي : 22-01-2013
ملف مدني
عــــدد : 1701-1-7-2011

القاعدة

مرض الموت الموجب لرد تصرفات المصاب به يشترط فيه أن يكون مخوفا يعجز فيه المريض عن القيام بشؤونه ويستمر إلى حين الوفاة

وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يؤخذ من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 29-12-2010 في الملف 369-1201-10/10 عن محكمة الاستئناف ببني ملال أن الطالبين تقدموا بمقال افتتاحي للدعوى يعرضون فيه أن المطلوب في النقض استغل مرض مورثهم المرحوم محماني الحاج موحى وتدهور حالته الصحية وقدراته العقلية وعمد إلى تجريده من ملكه المسمى خديجة ذي الرسم العقاري عدد 3605/ب الكائن بمدينة بني ملال وذلك بموجب عقد بيع صوري لم يتوصل بجميع الثمن المضمن بالعقد

والذي لا يتناسب والقيمة الحقيقية للعقار موضوع البيع المعقود من مريض مرض الموت والذي لا يمكن إجازته طبقا لمقتضيات الفصلين 479 و 345 من قانون الالتزامات والعقود.

وأن أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى متروكة لتقدير القضاء والتمسوا الحكم بإبطال عقد البيع المنجز لفائدة المدعى عليه لوقوعه أثناء مرض الموت مع النفاد المعجل والصائر وعززوا طلبهم بنسخة من عقد البيع وشهادة الوفاة ونسخة من إراثة وبشهادة لفيفية وشهادة طبية وشهادة الملكية.

وأجاب المدعى عليه بأن عقد البيع صحيح وملزم لأطرافه على اعتبار أنه أنجز بشكل رسمي أمام موثقة وأن البائع اعترف أمامها بقبض الثمن وأبرأ ذمة المشتري منه وطالب بتسجيل هذا البيع بالمحافظة العقارية وبتسليم نظير من الرسم العقاري.

وبناء على المقالين الافتتاحي والإصلاحي الذين عرض فيهما المطلوب في النقض أنه اشترى من موروث الطالبين محماني موحى العقار المشار إليه أعلاه بثمن قدره ونهايته 8.000.000 درهم بعقد توثيقي وأن هذا العقار كان مثقلا بعدة رهون لفائدة مصرف المغرب وان البائع رفع هذه الرهون بعدما أدى ما بذمته لفائدة البنك المذكور، إلا أن المنية أدركته قبل ان تسلم شهادة رفع اليد من هذه المؤسسة والتي يتوقف عليها تقييد الشراء المذكور بالرسم العقاري وانه حاول حبيا مع الورثة قصد تمكينه من هذه الشهادة باعتبارهم خلفا عاما للبائع يحلون محله في جميع التزاماته، لكن بدون جدوى،

وأضاف أنه طالب المؤسسة البنكية هي الأخرى تسليمه هاته الشهادة إلا أنها رفضت ذلك والتمس الحكم على كافة المدعى عليهم بتمكينه من شهادة رفع اليد من مصرف المغرب المتعلقة بالرهون التي كانت مقيدة من طرف الهالك لفائدتها بالرسم العقاري وذلك تحت طائلة غرامة تهديدية عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل،

وعزز طلبه بعقد بيع مترجم وإراثة وأجاب مصرف المغرب ان الهالك موحى حماني أدى بتاريخ 13-05-2009 مبلغ الرهن بواسطة شيك مسحوب عن المدعى عليه حميد الابراهيمي وانه سلم شهادة رفع اليد إلى السيدة اكزو فاطمة احد ورثة الهالك بعد وفاته مؤكدا في الأخير انه لا تربطه بالمسمى حميد الابراهيمي أي علاقة بهذا الخصوص وأن الرسم العقاري موضوع عقد البيع لم يعد مرهونا بعد تسليم رفع اليد بصفة نهائية وعزز جوابه بشهادة رفع اليد،

وبعد تمام الإجراءات المسطرية صدر الحكم عدد 31 بتاريخ 27/1/2010 بعد ضم الملفين 193/09 و 19/9 قضى في طلب إبطال عقد البيع برفض الطب وتحميل مقدميه الصائر، وفي طلب رفع اليد الحكم على المدعى عليهم ورثة موحى حماني بتمكين المدعي من شهادة رفع اليد المسلمة لهم من لدن المؤسسة البنكية مصرف المغرب والمتعلقة بالرهون المقيدة بالرسم العقاري عدد 3605/ب تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ألف درهم (1000) عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل وتحميلهم الصائر ورفض باقي الطلبات، فاستأنفه ورثة موحى محماني وأيدته محكمة الاستئناف وهو القرار المطعون فيه بوسائل ثلاث.

في شأن الوسيلة الأولى :
حيث ينعى الطالبون على القرار المطعون فيه خرق مقتضيات الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية والإخلال بحقوق الدفاع، ذلك أن تحقيقا أنجز في القضية على شكل بحث بواسطة المستشار المقرر بمقتضى قرار تمهيدي مؤرخ في 11/10/2010 اسفر هذا التحقيق عن محضر ضم للملف إلا أن السيد المستشار المقرر لم يصدر أمرا بتخليه عن الملف كما لم يقع تبليغ نسخة من المحضر العارضين قبل تحديد تاريخ الجلسة التي تدرج فيها القضية وأن عدم مراعاة هذا الإجراء يعتبر خرقا صريحا لمقتضيات الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية.

لكن؛ حيث إن عدم إصدار أمر بالتخلي لم يتضرر منه الطاعنون الذين بقوا متمتعين إلى حين وضع القضية بالمداولة بحق تقديم ما لديهم من دفوع ومستنتجات وأن خرق القواعد المسطرية لا يكون موجبا للنقض إلا إذا نتج عنه ضرر مما تكون الوسيلة غير مقبولة.4

في شأن الوسيلة الثانية :
حيث ينعى الطالبون على القرار المطعون فيه نقصان التعليل الموازي لانعدامه ذلك أن الطالبين دفعوا بعدم الاختصاص النوعي لكون هذه الدعوى تتعلق بتسلم شهادة رفع اليد، وأن البنك هو الذي يسلم هذه الشهادة، وبالتالي يكون النزاع بين تاجرين ويتعلق بأعمال تجارية التي هي من اختصاص المحاكم التجارية طبقا لمقتضيات الفصل الخامس من قانون رقم 53/95.

لكن؛ حيث انه بمقتضى الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية فإنه لا يمكن إثارة هذا الدفع في طور الاستئناف إلا بالنسبة للأحكام الغيابية وأن البين من أوراق الملف أن الطالبين أجابوا بالمرحلة الابتدائية وان الحكم صدر حضوريا في حقهم فإن إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة الاستئناف يكون غير مقبول وما بالوسيلة غير جدير بالاعتبار.

في شان الوسيلة الثالثة :
حيث ينعى الطالبون على القرار المطعون فيه نقصان التعليل وعدم ارتكاز القرار على أساس قانوني سليم ذلك أن الطالبين أثاروا في دعواهم أن موروثهم المتوفى بتاريخ 28/7/2009 بعد معانته من مرض مزمن ألزمه الفراش وحال دون مباشرته لمصالحه وقد تدهورت حالته الصحية وقدراته العقلية بشكل كبير وهي الحالة التي لازمته إلى أنه مات حسبما يشهد بذلك شهود اللفيف عدد 754 ص 485 وملفه الطبي، وقد استغل وهو في هذه الحالة من طرف المدعى عليه (المطلوب) الذي جرده من ملكه بثمن رخيص جدا،

إذ لم يتسلم من ثمن البيع إلا مبلغا ماليا بسيطا بسبب تعاقده وهو على فراش الموت لأنه كان غير حر في إرادته، ويكفي الرجوع على تنصيصات الحكم التي تشير إلى مئات الملايين بقيت في ذمة المدعى عليه المذكور وأن الإشهاد العدلي والملف الطبي يؤكدان ان موروث الطالبين كان مريضا ملازما للفراش وفاقدا لقواه العقلية ينقل من مصحة إلى أخرى إلى أن وافته المنية.

لكن؛ حيث انه من المقرر فقها وقضاء أن مرض الموت الموجب لرد تصرفات المصاب به يشترط فيه أن يكون مخوفا يعجز فيه المريض عن القيام بشؤونه ويستمر إلى حين الوفاة، والمحكمة لما ناقشت الحجج المستدل بها وثبت لها أن المريض كان يتردد على الموثق وعلى المؤسسات البنكية بنفسه إلى حين إبرام العقد واعتبرت بذلك المرض غير متوفرة على الشروط المذكورة وان المريض لم يكن عاجزا عن القيام بشؤونه بنفسه وردت الطلب الرامي إلى إبطال تصرفاته تكون قد استعملت سلطتها في تقدير الأدلة وكان استخلاصها سائغا يبرر ما انتهت إليه والوسيلة بدون أساس.

لهـذه الأسبـاب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وإبقاء الصائر على رافعه.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالــربـاط وكـانـت الـهـيـئــة الحـاكـمــة مـتـركـبــة مـن رئـيس الـغـرفــة المدنية الـقـســم السابع السيد أحمد الحضري والمستشارين السادة : عبد الكبير فرحان مقررا، الحسن بومريم، نزيهة الحراق، سعاد رشد وبمحضر المحامي العام السيد الحسن البوعزاوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة عتيقة سودو.