انواع الاكراه :

جرى الفقه على تقسيم الاكراه الى نوعين هما الاكراه المادي والاكراه المعنوي ، ولكنهم اختلفوا في الاساس الذي يبنون عليه هذا التقسيم .

اسـاس التقسـيم :

يتفق اغلب الفقهاء على ان الاكراه نوعان : الاكراه المادي والاكراه المعنوي ، الا انهم يختلفون في الاساس الذي يقيمون عليه هذا التقسيم . فيذهب اتجاه الى اخذ الوسيلة المستخدمة في اكراه الارادة اساسا للتقسيم وعندهم ان الاكراه المادي يشير الى الضغط الواقع على الارادة عن طريق قوى مادية كالعنف ، اما الاكراه المعنوي يشير الى الضغط الواقع على الارادة عن طريق قوى معنوية كالتهديد(1).والواقع انه لايمكن ان نحدد نوع الاكراه بالنظر الى وسيلته ذلك ان القوة المادية او المعنوية ليست النتيجة التي يريدها الجاني او من يباشر الاكراه ، بل هي وسائل متعددة يستخدمها الجاني لكي يحقق النتيجة المتمثلة في الضغط على الارادة للقيام بالعمل او الامتناع عنه ، فالمشرع الجنائي لايعتد بالوسيلة التي استخدمها الجاني وانما يعتد بالاثر الذي ترتبه تلك الوسيلة اياً كانت على ارادة من بوشر الاكراه ضده ، اي ماتكون عليها صورة الارادة نتيجة الاكراه .لذا نرى البعض من اصحاب هذا الاتجاه لايكتفي بوصف الوسيلة من حيث كونها مادية او معنوية بل يذهب الى ان الوسيلة او القوة المادية تعدم الارادة اما المعنوية فتضعف الارادة(2).والواضح ان هذا الرأي – ووفقا للمعيار الذي يتخذونه اساسا للتقسيم – يجمع بين الاكراه المادي والاكراه المطلق للارادة من جهة وبين الاكراه المعنوي والاكراه النسبي للارادة من جهة اخرى ، ونحن من جانبنا نرى ان هذا الجمع غير دقيق ، فقد تستخدم القوة المادية كالعنف مثلا سواء على الاشخاص او الاشياء لتوجيه ارادة الغير وجهة معينة تتفق وارادة من باشر الاكراه دون ان يكون متجها بالضرورة الى الغاء ارادته كلياً ، ومثال ذلك التعذيب لحمل المجني عليه على الاعتراف ، وكل مايمكن قوله في هذا الشان اننا نويد اصحاب هذا الرأي في ان الاكراه المطلق للارادة او الغائها كليا لايمكن الوصول اليه الا عن طريق القوة المادية .

ويذهب اتجاه ثانٍ الى اتخاذ المحل الذي تمارس عليه الوسيلة اساسا للتقسيم ، ولديهم ان الاكراه المادي ضغط على جسم الانسان ، اما الاكراه المعنوي ضغط على ارادة الانسان(3).ومن الواضح ان هذا الرأي لايتفق مع مفهوم الاكراه باعتباره اجراء يستهدف الارادة، كذلك فان الحالة او الصورة التي تكون عليها الارادة نتيجة الاكراه هي التي تؤخذ اساسا لكي يقيم عليه المشرع احكامه في الفروض التي يأخذ الاكراه فيها في الاعتبار ، بمعنى ان المشرع الجنائي ينظر الى اثر الوسيلة في الارادة وليس الى الوسيلة او اثرها المادي على الجسم وان كان من الممكن الاعتداد بها كدليل او قرينة على وقوع الاكراه .ويذهب اتجاه ثالث الى تحديد نوع الاكراه من حيث اثره القانوني في نظرية المسؤولية الجزائية ، فالاكراه المادي ينفي الركن المادي للجريمة اما الاكراه المعنوي ينفي ركنها المعنوي(4).والحقيقة انه لا يمكن التسليم بهذا الرأي لسبب منطقي بسيط ، اذ اننا لا يمكن ان نرتب اثراً على شيء مالم نعرف اولاً ماهيته ، كما انه من الخطأ ان نصف الشيء باثره ، اذ ليس من المنطق القول – وفقا لهذا الاتجاه – انه مادام الركن المادي للجريمة منتفياً فالاكراه مادي او مادام الركن المعنوي للجريمة منتفيا فالاكراه معنوي ، وانما المنطق يتطلب القول – اذا ما اتفقنا مع هذا الاتجاه في اثر الاكراه على اركان الجريمة – اذا كان الاكراه مادياً ينتفي الركن المادي للجريمة واذا كان الاكراه معنوياً ينتفي الركن المعنوي للجريمة ، ومن ثم فان هذا الاتجاه يعيدنا الى حيث بدأنا ، فما هو المعيار الذي يمكننا ان نعرف به نوع الاكراه لكي نحدد بعد ذلك الركن الذي ينصب عليه اثره من اركان الجريمة ومن ناحية اخرى ان هذا الاتجاه يؤدي الى تضييق مفهوم الاكراه ضمن نطاق المسؤولية الجزائية ، وهو بهذا تفريق بين مفهوم الاكراه كمانع مسؤولية وبين مفهومه في ادواره القانونية الاخرى ، مما يجعله قاصراً عن وضع اساس او معيار عام يكون محددا لنوع الاكراه في جميع ادواره ، يضاف الى ذلك ان هذا الاتجاه يقف عند النصوص التشريعية لبعض الدول التي جعلت من اثر الاكراه على اركان الجريمة وفقا لما يراه اصحاب هذا الاتجاه مما يضعنا امام تساؤل جديد عن المعيار الذي اتخذته تلك التشريعات لتحديد نوع الاكراه ، كما ان الفقه والتشريعات الجنائية غير متفقة على اثر الاكراه بنوعيه على اركان الجريمة او المسؤولية الجزائية عنها .

 ويذهب اتجاه رابع – ونحن نؤيده – الى النظر الى مدى تأثير الاكراه في ارادة من بوشر عليه اساساً لتحديد نوع الاكراه .فالاكراه المادي يحرم الشخص من ارادته ، اي تعدم الارادة ، اما الاكراه المعنوي فلا يمس وجود الارادة وانما يقيد حرية الاختيار لديه ، اي توجد ارادة ولكنها غير حرة ، فهذا الاتجاه لايقيم وزناً للوسيلة ونوعها وانما بما تكون عليها صورة الارادة وقت اتيان السلوك المكره عليه . وهذا الاتجاه هو السائد في الفقه(5).وتوضيحا لهذا الرأي نقول ان الاكراه المادي يتحقق عندما تكون الارادة غير قادرة على التكوين كالتسبب في فقدان وعي المجني عليه عن طريق التنويم المغناطيسي مثلاً ، او عندما تكون الارادة غير قادرة على التنفيذ عندما يتم تعطيلها عن طريق اي عائق يحول دون تأثير الارادة على الاعصاب المحركة(6).اما الاكراه المعنوي فيتحقق عندما تكون الارادة غير قادرة على اتخاذ القرار وفقا لبواعثها ودوافعها الخاصة فهي تريد وتحقق السلوك تبعاً لبواعث ودوافع خارجة عنها مفروضة عليها من قبل ارادة الغير والذي باشر الاكراه(7).ومن ثم لايهم نوع الوسيلة او مصدرها سواء أكانت الوسيلة مادية ام معنوية او كان مصدرها الطبيعية ام الانسان .

أنواع الاكراه في القانون الجنائي :

تضح لنا ان انواع الاكراه في القانون الجنائي هما الاكراه المادي والمعنوي . ويعنينا الآن دراسة هذين النوعين مع بيان مصدر وصورة كل نوع على حدة . الاكراه المادي ينصب الاكراه المادي في اثره في الارادة فيحرم الشخص منها اي يعدمها ، ومن ثم يتضح لنا انه من الاستحالة ان ننسب الى ذلك الشخص انه تصرف على نحو معين اي استحالة ان ينسب اليه انه اتى تصرفا . فثمة قوة لا سيطرة له عليها افقدته سيطرته على اعضاء جسمه فسخرتها في حركة او امتناع على نحو معين(8). فالاكراه المادي يتسع لجميع الحالات التي تسيطر فيها على جسد الشخص قوة تسخره على نحو معين واياً كان نوع او مصدر القوة التي محت الارادة(9). والواقع ان الارادة اذ تكون معدومة في الاكراه المادي الا ان هذه النتيجة لا يمكن ان تتحقق في واقع الحال الا باستخدام قوة مادية . والقوة التي من هذا القبيل ترجع الى مصادر مختلفة . فقد يكون مصدر القوة من فعل الطبيعة كمن تضطره عاصفة الى العودة الى ارض دولة بعد صدور قرار بابعاده(10) . او ان يصاب الشخص المدعو للشهادة بمرض يحول دون ذهابه الى المحكمة لاداء الشهادة(11). وقد يكون مصدر القوة من فعل الانسان ومثال ذلك ان يسجن شخص شاهداً ويمنعه بذلك من الذهاب الى احدى المحاكم لاداء شهادة دعي اليها قانونا(12). او من يمسك باصبع اخر ويطبع بصمته على سند يثبت ديناً او على عقد مزور(13) . او من تتعطل لديه قوة المقاومة بواسطة اعطائه المخدرات فيتمكن معطيها من السرقة بدون مقاومة(14).ومنه ما يكون من فعل حيوان كأن تجمح دابة ولايقوى قائدها على كبحها فيتسبب له ذلك وفاة شخص او اصابته اذا كان لايعلم او لايتوقع ان دابته من النوع الجامح ، او الراعي الذي تدخل اغنامه ارض الغير لان الذئاب هاجمتها(15). ومنه ما يكون من فعل السلطة كما لو اوقف شخص بصورة قانونية فاستحال عليه اداء مال مستحق عليه او كما لو اوقف شرطي السير في طريق عام لحادث وقع فيه فاضطر سائق السيارة للسير باتجاه ممنوع(16).وسواء كذلك ان تكون القوة خارجة عن جسد الشخص كالوضع في الحالات السابقة او ان تكون كامنة فيه طالما كانت القوة خارج نفسيته كما لو اصيب بشلل فوقع على طفل فقتله(17).

وقد ميز البعض بين الاكراه المادي والقوة القاهرة قائلين ان الاكراه المادي يشمل حالة ما اذا كانت القوة ناشئة عن فعل انسان اما الاحوال التي تكون فيها القوة ناشئة عن فعل الطبيعة او الحيوان فيطلق عليها اسم القوة القاهرة(18).والحقيقة ان الاكراه ايا كانت صورته فلا قيمة لهذه التفرقة لان هذه التفرقة انما ترد على السبب فقط(19). فالقوة سواء أكانت ناشئة بفعل الانسان او الطبيعة او الحيوان ماهي الا وسيلة لتحقيق نتيجة وهي اكراه الارادة ، فالعبرة ليست بالوسيلة وانما بالنتيجة المتمثلة في الاكراه ، اي ما يعتري الارادة من عجز او شلل ، فكل وسيلة تستهدف الارادة في موقف معين فيعطلها عن اداء وظيفتها وتدفع صاحبها دفعا للقيام بالعمل او بعجزه تماما عن اداء عمل فانها تجعل هذا الشخص في حالة اكراه مادي(20). وعلة المساواة بين مصادر القوة هي اتحاد اثارها باعتبار ان الارادة تنمحي في كل الحالات(21).ولانرى انتقاصا من هذا الرأي في القول انه في نطاق المسؤولية الجزائية تكون هناك جريمة اذا كان مصدر القوة بفعل انسان ويسال عنها من باشر الاكراه اما في حالة كون مصدر القوة فعل او الطبيعة او الحيوان فلا تكون هناك جريمة(22). ذلك ان هذه التفرقة لاترد على المفهوم القانوني للاكراه المادي وانما ترد على اثره القانوني بالنسبة لمن باشر الاكراه دون من بوشر الاكراه ضده والذي تمتنع مسؤوليته اياً كان مصدر القوة .

الاكـراه المعنوي :

وبخلاف الاكراه المادي فان الاكراه المعنوي لايحرم الشخص من الارادة بل يشل حرية الاختيار لديه ، فهو لا يمس وجود الارادة بل يبقي عليها ولكنه يضيق من نطاق الاختيار ذلك انه ينذر بشر ان لم يوجه الخاضع له ارادته الى السلوك المطلوب منه(23). فالشخص لايستحيل عليه مادياً ان يحجم عن ذلك السلوك ، وبهذا فان الاكراه المعنوي – بخلاف الاكراه المادي – لايحول دون اسناد السلوك الى من بوشر الاكراه ضده(24). ومن ثم كان اهم ما يميز الاكراه المعنوي ان مصدره يكون دائما الانسان(25). فهو يفترض مخاطبة الارادة والتأثير فيها وتوجيهها الى الغاية التي يريدها من صدر الاكراه المعنوي عنه .ففي حين ليس في الاكراه المادي مجال للموازنة والاختيار بل ان الارادة معدومة نهائيا وجسم المكره استخدم في العمل ، فانه في الاكراه المعنوي ان الارادة موجودة مادياً ولكن بطل عملها ، فهو لا يعدم الارادة وانما يجردها تجريدا من حرية الاختيار فيدفعها الى التصرف .وللاكراه المعنوي صورتان : صورة تفترض استعمال قوة مادية للتأثير في الارادة ومثال ذلك حبس شخص او ضربه لحمله على توجيه ارادته الى سلوك معين ، وتلحق بالقوة المادية كل وسيلة تؤثر في الارادة دون ان تعدمها كتعذيب متهم لحمله على الاعتراف(26).اما الصورة الثانية فتفترض استعمال قوة معنوية للتأثير في الارادة(27) . ومثال ذلك تهديد ام باختطاف ابنها ان لم ترتكب الزنا او تهديد شخص لمالك عقار بضرر جسيم كقتله او قتل شخص عزيز عليه ان لم يوقع على عقد بيع للعقار بدون وجه حق (28).والصورة الاولى من الاكراه المعنوي تقترب من الاكراه المادي باعتبارها تفترض استعمال قوة مادية ، ولكنها تفترق عنه في ان القوة المادية لاتبلغ حد السيطرة على اعضاء الجسم وتسخيرها في القيام بعمل او الامتناع عنه ، اي اعدام الارادة ، وانما يقتصر على مجرد التأثير في الارادة بشل حرية الاختيار لدى الشخص وحمل الارادة على اتجاه معين عن طريق اشعارها في صورة محسوسة بالايلام المنتظر ان لم تتجه على النحو المطلوب(29) ففي هذه الحالة توجد لدينا ارادتان : ارادة من صدر منه الاكراه وارادة من بوشر ضده الاكراه وينشأ بينهما صراع ينتهي بتغلب الاولى على الثانية(30).

انواع الاكراه في الشريعة الاسلامية :

انواع الاكراه في الشريعة الاسلامية .ويجدر بنا قبل ذلك ان نلمح تلميحاً بسيطاً عن الارادة وعناصرها نظرا لما يترتب على ذلك من اهمية في تقسيم الاكراه . حيث ان النظر الى مفهوم الارادة لدى الفقهاء المسلمين هو المعيار في هذا التقسيم ، وهو ذات المعيار الذي اعتمدناه في تقسيمنا للاكراه في القانون الجنائي .اختلف الفقهاء في النظر الى الارادة وعناصرها ، فقد ذهب الحنفية الى تحليل الارادة الى عنصرين هما الاختيار والرضا ويعتبر الاختيار ركنا في انعقاد التصرف اما الرضا شرط لصحة التصرف(31). اما جمهور الفقهاء فلم يتعرضوا لهذا التحليل وانما نظروا اليها كاملة فهم لايفرقون بين الرضا والاختيار فهما معنيان متلازمان او هما حقيقة واحدة (32).وهذا الاختلاف ادى بدوره الى اختلاف الفقهاء في تقسيم الاكراه . فقد ذهب الحنفية الى تقسيمه الى اكراه ملجئ واكراه غير ملجئ ، والاكراه الملجى هو الذي يعدم الرضا ويفسد الاختيار ويتحقق بالتهديد بما يعرض النفس او عضواً من الاعضاء للتلف كالتهديد بالقتل والتهديد بالضرب الذي يخاف منه التلف(33). وهذا النوع اشد انواع الاكراه ويسمى بالاكراه التام(34).، اما الاكراه غير الملجئ فهو الذي يعدم الرضا ولايفسد الاختيار ويكون بالتهديد بتلف المال او التهديد بضرب لا يتلف الاعضاء او التهديد بالحبس او القيد ونحو ذلك ، وهذا النوع من الاكراه يسمى اكراها ناقصا(35).اما جمهور الفقهاء وانطلاقا من نظرتهم الى الارادة وعدم تحليلها الى رضا واختيار فقد ذهبوا الى تقسيم الاكراه الى قسمين هما الاكراه السالب للارادة والاكراه غير السالب الادراة . فالاكراه السالب للارادة هو الذي يعدم الارادة تماما وقد سموه بالاكراه الملجى الا انه غير المقصود عند الحنفية وانما قصدوا به انتزاع الارادة عنوة كما لو امسكت المرأة عنوة وزنى بها(36). اما الاكراه غير السالب للارادة وهو الذي يفسد الارادة مع بقاء اصلها فلا يسلبها كالنوع الاول وقد سموه بالاكراه غير الملجئ ومثاله ان يكره الشخص بتهديده بالقتل او بالضرب على فعل يمتنع به(37).

ولو تاملنا هذا النوع الاخير من الاكراه عند الجمهور لوجدناه يشمل النوعين الملجئ وغير الملجئ عند الحنفية ، اما بالنسبة للاكراه السالب للارادة فلم يتعرض الحنفية له بالبحث، والسبب كما يراه البعض انهم قالوا ان الاكراه الملجئ من حيث اثره في ارتكاب الجريمة ينقل الفعل الى الحامل (القائم بالاكراه) ومن ثم فان الحكم يشمل هذا النوع بالاولى لانه يزيل الارادة تماما ولذلك لم يفردوا له قسما خاصا(38).وللظاهرية تقسيم اخر للاكراه يستند الى اثره في التصرفات مع تفصيل في ذلك فقالوا ان الاكراه قسمان اكراه على كلام واكراه على فعل(39).ويبدو ان وجه التفرقة بين تقسيم الحنفية وتقسيم الجمهور ان الحنفية قد وضعوا معيارا للتفرقة بين الاكراه الملجئ وغير الملجئ يتمثل في الخطر المهدد ولكن مع ذلك فانهم لم يهملوا الجانب الشخصي فقد جاء في المبسوط ((وجعلناه موكولاً لرأي القاضي ليبني ذلك على حال من ابتلى به))(40).اما جمهور الفقهاء فانهم ينظرون الى الاكراه غير السالب للارادة بتناسب الوسيلة مع الفعل المكره عليه وظروف الخاضع للاكراه وترتب الاحكام في ضوء ذلك ، وهم بهذا يجعلون هذا النوع احيانا ملجئا او غير ملجئ حسب مصطلح الحنفية وان لم يتطرقوا اليه من الناحية النظرية(41).ولهذا فقد ذهب الكتاب المعاصرون في الشريعة الاسلامية الى تقسيم الاكراه الى ملجى او غير ملجئ وفقا لتقسيم الحنفية لان هذا التقسيم يتضمن من الناحية العملية او في ترتيب الاحكام نفس تقسيم جمهور الفقه وان اختلفت التسميات . واختلف الفقهاء المسلمون في الاكراه الذي يكون موضوعه التهديد بالحاق الاذى بالغير كان يكون احد اصول الشخص او فروعه او اقاربه او من يهمه امره ، وتكمن نقطة الاختلاف في مدى صلة هذا الغير بالشخص(42). ولكن الاتفاق منعقد بينهم على ان تهديد الغير يعتبر اكراها ويكون ملجئا او غير ملجئ حسب الاحوال(43).

________________________________________

1- د.عبد الوهاب حومد ، مصدر سابق ، ص388 . د.محمد سامي النبراوي ، مصدر سابق، ص ص417 – 421 . د.محمد كامل مرسي والسعيد مصطفى السعيد ، مصدر سابق ، ص407 . د.محمد صبحي نجم ، قانون العقوبات – القسم العام ، دار الثقاقة ، عمان ، ط3 ، 1996، ص262 . وانظر ايضا .

Garraud ، Droit Penal Francais ، Tome Premier، Recueil Sierey ، Paris، 1913، No 340، p 675 .

2-د.محمود ابراهيم اسماعيل ، مصدر سابق ، ص462 . د.حميد السعدي ، شرح قانون العقوبات الجديد، ج1 ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، ط2 ، 1976 ، ص365 .

3- رشيد عالي الكيلاني ، مصدر سابق ، ص 299 . د.اكرم نشات ابراهيم ، مصدر سابق ، ص249 . د.حسن صادق المرصفاوي ، قواعد المسؤولية في التشريعات العربية ، معهد البحوث والدراسات العربية . 1972 ، ص212. د.محمد السعيد عبد القتاح ، مصدر سابق ، ص75 .

4- د.احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص519 .

5- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام مصدر سابق ، ص539 . د. مامون محمد سلامة ، قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص337 . د.عباس الحسني ، شرح قانون العقوبات الجديد ، مصدر سابق ، ص177 . د. عوض محمد ، مصدر سابق ، ص525 . د.محمد محي الدين عوض ، مصدر سابق ، ص94 . د.رؤوف عبيد ، مبادئ القسم العام في التشريع العقابي ، مصدر سابق ، ص601 . د.علي راشد ، مصدر سابق ، ص319 . عبدالرحمن الجوراني ، موانع المسؤولية الجنائية ، مطبعة المعارف ، بغداد ، ط1، 1961، ص115 . د.حمودي الجاسم ، شرح قانون العقوبات البغدادي ، مطبعة الارشاد، بغداد ، 1963 ، ص315 . محمد مصطفى القللي ، مصدر سابق ، ص423 ، انظر ايضاً . Roux، Op.Cit، P.172

-Donnedieu De Vabres، Op.Cit . No. 374 ، p ، 215 .

6- وبهذا المعنى جاء في قرار لمحكمة تمييز العراق ((يعتبر الفعل سرقة باكراه اذا انحرف السائق عن الطريق وهو يحمل المجني عليها وطفلتها عند مقاومتها له لصده عن هذا الانحراف وهرب بحقيبتها عندما القت بنفسها من السيارة)) رقم القرار 100 /هيئة عامة ثانية / 73 في 9/6/1973 ، النشرة القضائية ، ع2، س4 ، ص418 ، ابراهيم المشاهدي ، مصدر سابق ، ص172 .

7- وقد عبرت محكمة النقض المصرية في قرارها الصادر في 26/6/1967 بما يفيد ضمناً ذلك في معرض تعليقها على ركن الاكراه في جريمة اغتصاب السندات بالقول ((ويعد اكراهاً ادبيا كل ضغط على ارادة المجني عليه يعطل من حرية الاختيار لديه ويرغمه على تسليم السند او التوقيع عليه)) ، حسن الفكهاني وعبدالمنعم حسين ، الموسوعة الذهبية للقواعد القانونية لمحكمة النقض المصرية ، الاصدار الجنائي ، ج6 ، مصدر سابق ، ص46 .

8- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص540 .

9-Donnedieu De Vabres ، OP ، CIT ، NO 369 ، P .211.

10- د.محمود محمود مصطفى ، مصدر سابق ، ص494 .

11- د.رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي ، مصدر سابق ، ص977 .

12- محمد كامل مرسي والسعيد مصطفى السعيد ، مصدر سابق ، ص408 .

13- د.ماهر عبد شويش ، مصدر سابق ، ص428 .

14-د. علي زكي العرابي بك ، مصدر سابق ، ص218 .

15- د. عبد الوهاب حومد ، مصدر سابق ، ص390 .

16- د.عباس الحسني ، شرح قانون العقوبات الجديد ، مصدر سابق ، ص178 .

17- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص540.

18- د.محمود محمود مصطفى ، مصدر سابق ، ص 464 . د.رمسيس بهنام ، الجريمة والمجرم والجزاء ، مصدر سابق ، ص561 . د.جلال ثروت ، قانون العقوبات – القسم العام ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1990، ص167 . د.محمد السعيد عبد الفتاح ، مصدر سابق ، ص63 . وهناك رأي يجعل الاكراه المادي مقتصرا على القوة الناشئة بفعل الانسان ، اما القوة الناشئة بفعل غير الانسان فيعتبرها من قبيل حالة الضرورة ، د. توفيق الشاوي ، مصدر سابق ، ص70 .

19- د.ذنون احمد الرجبو ، مصدر سابق ، ص357 .

20- د.عوض محمد ، مصدر سابق ، ص526 . ويذهب الرأي الغالب في الفقه الى ان الاكراه المادي والقوة القاهرة اصطلاحان مترادفان ، انظر على سبيل المثال ، د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات، القسم العام – مصدر سابق ، ص 541 . د.عبد الوهاب حومد ، مصدر سابق ، ص388 . د.محمود ابراهيم اسماعيل ، مصدر سابق ، ص 462 . محمد مصطفى القللي ، مصدر سابق ، ص420 .

21- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص540 .

22-د.احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص520 . وانظر ايضاً د.محمود محمود مصطفى ، نموذج لقانون العقوبات ، مطبعة جامعة القاهرة ، ط1 ، 1976 ، ص48.

23- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص543 .

24- بنفس المعنى ، د.عمر السعيد رمضان ، مصدر سابق ، ص63 .

25- ومع ذلك ذهب رأي في الفقه الى انه يستوي في الاكراه المعنوي ان يكون مصدر القوة من فعل الانسان او الطبيعة او الحيوان وهو خلط بين الاكراه وحالة الضرورة يحسن تجنبه على ما سنرى ، انظر المصدر السابق ، ص69 .

26- فالاكراه هنا سلوك مادي ذو مضمون نفسي .

27- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص543 .

28- د.رمسيس بهنام ، الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1986 ، ص298 .

29- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص543 .

30- د.احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص521 .

31 محمد سعود المعيني ، مصدر سابق ، ص155 . والاختيار معناه التمكن من ترجيح فعل الشي او تركه اما الرضا فهو الرغبة في الفعل والارتياح اليه ، انظر في ذلك د.مصطفى احمد الزرقاء ، مصدر سابق، ص366 .

32- محمد ابو زهرة ، مصدر سابق ، ص534 .

33- شمس الدين السرخسي ، المبسوط ، مصدر سابق ، ص46 .

34- د.عبد القادر عودة ، التشريع الجنائي الاسلامي مقارناً بالقانون الوضعي ، ج1 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، بدون سنة طبع ، ص563 .

35- محمد ابو زهرة ، مصدر سابق ، ص530 .

36- محمد سعود المعيني ، مصدر سابق ، ص164 .

37- المصدر السابق ، ص169 .

38- المصدر السابق ، ص168 .

39- ابن حزم ، المحلى ، مصدر سابق ، ص380 .

40-شمس الدين السرخسي ، المبسوط ، ج24 ، مصدر سابق ، ص52 . وقد اخذ القانون المدني العراقي بهذا المعيار في المادة 114 منه .

41- محمد سعود المعيني ، مصدر سابق ، ص169 .

42- د.عبد القادر عودة ، مصدر سابق ، ص566 .

43 د.احمد فتحي بهنسي ، المسؤولية الجنائية في الفقه الاسلامي ، دار القلم ، 1961 ، ص200 . وقد اخذ القانون المدني العراقي بهذا التقسيم في المادة 112 منه .

النطاق التشريعي للاكراه :

يرتبط الاكراه ارتباطاً وثيقاً بالقانون الجنائي سواء في جانبه الموضوعي – في التجريم بشقيه الحكم والجزاء او في تعديل احكام المسؤولية الجزائية – او في جانبه الاجرائي وخاصة عند محاولة الحصول على دليل من المتهم او غير المتهم .ويأتي هذا الارتباط كنتيجة حتمية لتعلق الاكراه بالارادة باعتبارها المحل الذي ينصب عليه اثره ، ولايخفى ما للارادة من ادوار متعددة في نطاق القانون الجنائي .

دور الاكراه في نطاق المسؤولية الجزائية :

لكي يكون فعل ما جريمة لايكفي ان يتحقق هذا الفعل من الناحية المادية على نحو يضر او يهدد بالخطر مصلحة يحميها قانون العقوبات ، وانما يلزم فضلاً عن ذلك ان يكون ثمرة ارادة لكي يتحقق ذلك الفعل من الناحية المعنوية وهو ما يسمى بالركن المعنوي او كما يسميه البعض الركن الشخصي او الركن الادبي(1).والجريمة شرط لقيام المسؤولية الجزائية ، فلا يتصور ان يثار البحث في قيام المسؤولية الا اذا كانت هناك جريمة وقعت ، ويجب ان تستوفي الجريمة اركانها لانه ان تخلف بعضها او قام من الاسباب ما يبيحها لم يكن في الامر جريمة ، واذا استوفت الجريمة اركانها فلا عبرة بجسامتها ولا بمداها ولا بصورة الركن المعنوي فيها اذ هي في كل درجاتها وصورها صالحة لترتيب المسؤولية الجزائية (2). واذا كانت الجريمة شرطاً لقيام المسؤولية الجزائية فان تحققها تجاه مرتكب الجريمة يشترط ان يكون الشخص اهلا لتحمل العقوبة المقررة لها . والاهلية التي هي مناط المسؤولية الجزائية تقوم على الاساس التقليدي وهي حرية الارادة ومناطها الادراك وحرية الاختيار .غير ان هذه الحقيقة لم تكن مستقرة في جميع الازمنة ، فقديماً كانت المسؤولية تستند الى اعتبارات حماية المجتمع والدفاع عن وجوده بحيث يكفي لانعقادها مجرد ارتكاب الفعل المادي المحقق للضرر وسميت لذلك بالمسؤولية المادية(3).الا ان تطور قانون العقوبات بتطور البشرية وظهور المدارس الفلسفية سرعان ما ازال عن الانسانية غبار هذا النوع من المسؤولية لتحل محلها المسؤولية الشخصية التي نادت بها المدرسة الكلاسيكية ، ومؤداها ان الحرية امر يتمتع به الافراد وبناءاً على ذلك لا يجوز مساءلة الجاني عن جريمته الا اذا توافرت لديه الارادة الحرة (4).ولكن الامر لم يبق على حاله على مستوى الفكر الفلسفي ، فقد جاءت المدرسة الوضعية فانكرت الارادة الحرة واستبعدت المسؤولية الشخصية بناءا على ان الجريمة نتاج اسباب معينة بعضها داخلي يكمن في الانسان ذاته والاخر خارجي يتصل بالوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ، ثم ظهرت مدارس فلسفية اخرى اتجهت الى التوفيق بين المدرستين الكلاسيكسة والوضعية(5).واذا طرحنا الجدل الفلسفي جانباً ، فان الواقع من الامر ان الشعور الواضح بالحرية والاختيار والاحساس بان اعمال الانسان تصدر عن ارادة حرة وليست مفروضة عليه اصبح مرتبطا بالهيكل العقلي لافراد المجتمع وبالمفاهيم السائدة فيه ، وللمفاهيم الاجتماعية في مجال القانون اهمية حاسمة وليس في وسع المشرع ان يطرح هذه المفاهيم او يتجاهلها ، ولعل هذا مايفسر لنا ان معظم التشريعات العقابية الحديثة تأخذ بمبدأ الارادة الحرة كأساس للمسؤولية الجزائية قبل ان تاخذه اليه رغبة التقيد مقدماً بفلسفة دون اخرى(6).

ومن ثم اضحى المشرع الجنائي لايفرض العقوبة فرضا اعمى ، فاذا كان ارتكاب الجريمة هو الغرض الضروري لتطبيق كل عقوبة جنائية ، فان تطبيق هذه العقوبة ليس دائماً النتيجة الحتمية لارتكاب الجريمة ، فتوقيع العقوبة مشروط بقيام المسؤولية الجزائية للفاعل(7). ولا قيام لهذه المسؤولية ، اي بمعنى الاهلية للعقوبة ، الا بتوافر الارادة الحرة المستندة الى الادراك وحرية الاختيار ، فالارادة الحرة تؤدي دورها عند تقرير رد الفعل ضد الجريمة لا عند التحقق من وقوعها قانونا(8).واذا كانت التشريعات الجنائية قد ارست المسؤولية الجزائية على اساس الارادة الحرة باعتبارها ضماناً مهماً لحماية الحقوق والحريات في مواجهة سلطة التجريم والعقاب(9). فانها في مقابل ذلك تسلم بامتناع هذه المسؤولية في معظم الحالات التي تتبين فيها ان ارادة الجاني رغم انصرافها الى الفعل المكون للجريمة لم تتجه الى هذا الفعل الا بسبب ظروف شاذة ، فما دامت العقوبة جزاءا بمن اضر بالمجتمع عن طريق مخالفة اوامر المشرع ونواهيه ، فانه يكون من الضروري وتحقيقا للعدالة للوم الفاعل بحث الظروف التي تكونت في ظلها ارادته لمعرفة ما اذا كان من الممكن توجيه اللوم اليه ، فالقانون اذ يقيم المسؤولية على اساس الارادة الحرة فانه في ذات الوقت يتوقع وجود ظروف قد تؤثر في الارادة وفيها تنتفي المسؤولية وفي التالي ابعاد تطبيق العقوبة(10).فاي عامل خارجي يطرأ على مسار الارادة وحريتها فيجعلها تحيد في اختيارها عن هدفها وغرضها يوثر في سلامة هذه الارادة ومن ثم يؤثر في اعتبارها وصلاحيتها لتحقيق المسؤولية وتوقيع العقاب(11) . ولعل اهم عامل ينال من الارادة او من حرية الاختيار هو الاكراه .ويتضح مما تقدم اتصال فكرة الاكراه بمبدا العدالة وذلك ان الاكراه باعتباره اجراءاً او ظرفاً من الظروف الشاذة التي قد تؤثر في الارادة فيعدمها او يشل حريتها في الاختيار فان العدالة تقتضي بان لا توصف الارادة المكروهة بانها ارادة غير سليمة فحسب بل ان العدالة تقتضي بان العيب الذي يشوب الارادة يكون محل اعتبار في الاثر القانوني الذي تولده هذه الارادة في حال سلامتها(12). ومن هنا يتضح الدور القانوني للاكراه في نطاق المسؤولية الجزائية بما يرتبه من اثر قانوني مانع لتلك المسؤولية عمن بوشر الاكراه ضده .وقد اوضح الفقيه الانكليزي بلا كستون حكمة ذلك قائلا ((ان اية ارادة يمتد اليها اي ضغط سواء كان اكراها ام ضرورة من شانه ان يجعل العمل لامفر منه يعتبر قهراً لهذه الارادة المنساقة الى الفعل الذي لاتتقبله حكم الفاعل المتعقل فيما لو تركت له ارادته الطبيعية ، ولما كانت العقوبة توقع على سوء استعمال الارادة الحرة التي وهبها الله للانسان فمن العدل اذن ان يلتمس له العذر عن الاعمال التي يرتكبها تحت هذا الضغط))(13).

واذا كانت غالبية التشريعات الجنائية تتفق على الاثر القانوني للاكراه كمانع مسؤولية الا انها تختلف فيما بينها في مداه . وهذا الاختلاف يعود الى ان السياسة الجنائية في اي بلد وان كانت تستمد مبادئها من افكار فلسفية تتسم بالعموم ، فان وضعها موضع التطبيق من خلال قانون العقوبات لابد وان يراعي البنية الاجتماعية والدينية والاخلاقية والاقتصادية للمجتمع الذي يطبق فيه ذلك القانون ، وكذلك بالفكر السياسي للدولة ، فالفكر الذي يعطي للدولة مكانة اعلى واسمى من الفرد قل نصيب الحرية وبعكس ذلك فالفكر الذي ينادي بما يسمى بالحقوق الطبيعية للفرد تمتع باقصى نصيب من هذه الحرية(14).ويؤيد وجهة النظر هذه ان الاختلاف القائم بين التشريعات في مدى هذا الاثر يقوم اساسا على النظر الى مدى وطبيعة وجسامة الجريمة المرتكبة تحت الاكراه وطبيعة المصلحة المستهدفة .على سبيل المثال ان بعض القوانين العربية المتأثرة بالشريعة الاسلامية تستثني جريمة القتل والجرائم التي تستوجب عقوبة الاعدام من الجرائم التي تنتفي المسؤولية الجزائية عن الجاني فيها بسبب الاكراه(15). وفي التشريع السوفييتي القديم فان الاكراه لا ينفي المسؤولية عن الجاني اذا كانت الجريمة المرتكبة من شانها الاخلال بالمصالح الاجتماعية العليا او تعريض كيان النظام الاشتراكي للخطر(16). وكذلك كان الامر بالنسبة لمشروع تعديل قانون العقوبات البغدادي والتي نصت المادة (59) منه ((…على ان حالة الاكراه لاتجب المسؤولية عن الجاني اذا كان الجرم المرتكب من شانه الاخلال بالمصالح الاجتماعية العليا او يؤدي الى موت اكثر من شخص واحد))(17).

دور الاكراه في نطاق التجريم :

تهدف نصوص قانون العقوبات الى حماية مصالح متنوعة سواء أكانت مصالح معنوية ام مادية ، فالجريمة تعد اعتداء على مصلحة محمية والعقوبة المقررة قانونا هدفها حماية تلك المصلحة (18).والمصالح التي يحميها قانون العقوبات اما ان تكون مصالح عامة او مصالح فردية ، ولكنه وان كان يحمي مصالح الافراد فانه لايضفي عليها الحماية الا في اطار اهميتها الاجتماعية(19).وشكل الحماية التي يقررها القانون للمصالح المختلفة ليس واحدا فهناك مصالح يحيمها قانون العقوبات حماية موضوعية ، بمعنى ان الاعتداء عليها يستوجب العقاب عليه حتى لو وقع برضا المجني عليه ، وهناك مصالح اخرى يحميها قانون العقوبات حماية ذاتية ، بمعنى ان الاعتداء عليها لاعقاب عليه الا اذا كان ضد ارادة صاحبها ، وحتى هذه المصالح تعد مصالح عامة(20).ومن هنا يبرز الدور القانوني للاكراه في نطاق التجريم في شقيه الحكم والجزاء ، فمن حيث شق الحكم فان بعض الافعال يقرر المشرع ان الكشف عن مشروعيتها او تحقق احد اركانها يتوقف على ارادة المجني عليه ، ذلك ان الغرض من تجريم تلك الافعال وان كان حماية لمصلحة اجتماعية باعتبارها تمس حقا ما للمجتمع ، غير ان المشرع لعلة واسباب يقدرها يقرر ارجحية الجانب الفردي للحق على الجانب الاجتماعي له وبذلك يقيم وزناً كبيراً لتلك الارادة التي يفترض ان يكون لها دور في بعض الاختيارات الشخصية(21).لذلك فان المشرع لا يتدخل بالحماية في بعض الاحوال التي يرى ان وجود مساهمة ارادية من جانب المجني عليه في تحقق الفعل لا يشكل اعتداءاً ، وتتصل تلك الاحوال ببعض الحقوق والحريات التي تقرها الدولة وتحدد لها مجالاً حيوياً او دائرة منطقية تعمل في اطارها فلايجوز اقتحامها من قبل السلطة او غيرها من الافراد ، والمشرع لا يقف امام تلك الحقوق والحريات موقف المتفرج السلبي ، وانما يعمل بصفة ايجابية على ضمان ممارستها من خلال تجريم الافعال التي تعد مساساً بها(22). وهذا التجريم انما يراد به حماية ذلك الحق او الحرية لمصلحة صاحبها خصيصا وبقصد الاستمتاع الحر بها(23).فبعض الممارسات التي ياتيها المجني عليه استخداما لحقه او حريته الفردية وبارادة سليمة تكون مشروعة طالما كانت ممارسة الحق او الحرية ضمن النطاق المرسوم لها ، فالمرأة التي تمارس الجنس انما تمارس حريتها الجنسية ولايعتبر الرجل مغتصبا والفتاة التي تصاحب رجلا تمارس حريتها الشخصية ولايعتبر الرجل خاطفاً والشخص الذي ينقل حيازة مال انما يمارس حق الملكية والتصرف ولايعد من انتقلت اليه الحيازة غاصباً ، ولكن اذا اصبحت الممارسة غير ارادية او بارادة غير سليمة اصبح الفعل في الاولى اغتصابا وفي الثانية خطفاً وفي الثالثة اغتصاباً للمال .ولعل من اهم اسباب عدم ارادية الممارسة هو الاكراه باعتبار ان تاثيره ينصب على الارادة فيعدمها او يشل حريتها في الاختيار فتصبح تلك الممارسة غير ارادية او غير صادرة عن ارادة حرة وبالتالي يشكل ذلك اعتداءا يستوجب تدخل المشرع الجنائي بالحماية .ويتمثل الدور القانوني للاكراه في شق الجزاء من القاعدة الجنائية بالتشديد بالعقوبة وذلك عندما يستعين الجاني في تنفيذ فعله وصولا الى تحقيق النتيجة الاجرامية باكراه المجني عليه مما يعتبره المشرع اعتداءاً مزدوجاً يتمثل الاول في الفعل غير المشروع الذي باشره الجاني ويتمثل الثاني في الاكراه المقترن به لما ينطوي عليه من استخدام وسائل تحقق اذىً معنوياً او مادياً بالمجني عليه ، ولما يمثله من اعتراض الجاني على قرار المجني عليه في مقاومة الاعتداء الواقع عليه ومن ثم اعتداء على حريته في اتخاذ القرار(24).

دور الاكراه في النطاق الاجرائي :

اذا كانت التشريعات الجنائية في جانبها الموضوعي تقر بتوافر الارادة الحرة من حيث المبدأ لدى الانسان ، فان النتيجة المنطقية المترتبة على هذا الاقرار تفترض اقرارها بهذه الارادة في جانبها الاجرائي . ويبدو الترابط القائم بين القواعد الاجرائية وبين قاعدة الارادة الحرة في مسائل عدة يجمل بنا التعرض لاهمها وبما يفي لبيان الدور القانوني للاكراه في نطاق المسائل الاجرائية .ان الجريمة امر شاذ خارج عن المألوف والاصل في الانسان عدم ارتكابها ابتداءاً ، اي ان الاصل فيها العدم والعدم يقين واليقين لا يزول الا بيقين مثله فلا يزول مع الشك لذلك كان اثبات الادانة في الجريمة هو الوصول الى درجة الجزم واليقين (25).واذا كان الاثبات الجنائي يقوم على مبدأ حرية الاثبات واقتناع القاضي اياً كان نوع الدليل الا انهما مقيدان من ناحية الطريق المستمد منه دليل الادانة ، فان كان مستقى عن طريق غير مشروع استبعده القاضي مهما كان وزنه في اثبات الواقعة لانه يتضمن اعتداءاً على الحريات الشخصية والحقوق الاساسية للفرد وبالتالي لا يجوزالتعويل عليه ، فدليل الادانة يجب ان يكون مستقى من طريق مشروع(26).لذا كان عبء الاثبات دائما على عاتق الاتهام وليس على عاتق المتهم وبالتالي فانه لايجوز اجباره على ان يدلي بما لايريد قوله ، ذلك ان حق المتهم وحريته بالدفاع والادلاء بما يريد قوله بارادته الحرة دون ضغط او تأثير يعلوان على حق المجتمع الذي لايفيده تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيه ويؤذي العدالة معا ادانة بريء )(27).فاذا كان المجرم قد ارتكب جرما يستحق عنه العقاب ، الا انه يجب ان لايسود الاعتقاد ان هذه العقوبة قد شرعت لمجرد الايلام والتعذيب من اجل سداد الدين الاخلاقي الذي يدين به المجرم قبل المجتمع فيتاثر بهذا الاعتقاد التنظيم الاجرائي للدعوى الجزائية فتنعدم كل الضمانات ويشرع التعذيب والتنكيل لحمل المتهم على الاعتراف ، بل يجب ان يكون التنظيم الاجرائي قائما على احترام حقوق الانسان ولابد ان تتاثر بذلك الضمانات الاجرائية خلال سائر اجراءات الدعوى الجزائية ، فاذا كان المشرع يحمي الحقوق والحريات للانسان فان هذه الحماية يجب ان لاتكون بالنظر اليه باعتباره مجنيا عليه وانما باعتباره متهماً(28).

واذا كان المجتمع يريد انزال العقاب بالجاني الذي اعتدى على ارادته المعبر عنها بالنص العقابي المنتهك ، فان على المجتمع ايضا ان لايعتدي على ارادة الجاني بالادلاء باقواله بحرية ويوفر له الضمانات الكافية للدفاع عن نفسه ، لذلك فالاعتراف يجب ان يكون صادرا عن تلقائية لا عن مؤثر ما من المؤثرات الخارجية(29).فالاعتراف الذي يصلح دليلاً للاثبات في الدعوى الجزائية يجب ان يكون صادراً عن المتهم بارادته الحرة ، وعليه فانه يجب استبعاد اي اعتراف يمكن الحصول عليه تحت ضغط اي صورة من صور التاثير المادي او المعنوي التي يمكن ان يتعرض لها المتهم لان في ذلك هدمًا لمبدأ مشروعية الحصول على الدليل ، لذلك كان الاكراه مؤثراً في بيان النظرية العامة للاثبات .والامر ذاته يقال بالنسبة للشاهد او الخبير ، فاذا كان هؤلاء ملزمون قانونا بالادلاءباقوالهم على اساس الواجب الملقى على عاتق كل مواطن في مساعدة العدالة فان ضمانات تحقيق العدالة تستوجب ان تكون اقوالهم صادرة عن ارادة حرة لاتكون مؤثرة باي ضغط او تأثير قد يؤدي الى ان تنحرف اقوالهم عن الحقيقة وقد يؤدي بالتالي الى تضليل العدالة بدلا من مساعدتها .من جهة اخرى اذا كانت قاعدة قانون العقوبات باعتبارها قاعدة موضوعية تضع قيداً على ارادة الفرد وتنذر بالعقاب اذا تعدت هذا القيد ، فان قاعدة القانون الاجرائي تملي قيداً على رجال السلطة ، فالرابطة الاجرائية ذات طبيعة قانونية يحكمها وينظمها القانون وليست متروكة للطرف القوي فيها لكي يسيرها حسب هواها وعلى حساب الطرف الضعيف ، ولو لم تكن الرابطة قانونية بهذا المعنى لصارت اشبه بالمبارزة التي تتوقف نتيجتها على المهارة المادية لطرفيها وينعقد النصر فيها لاكثرهما براعة في استخدام اسلوب القوة اطاحة بغريمه ، والواقع ان تدخل القانون في تلك الرابطة تنظيما لها هو الضمان الوحيد لعدم احتكام المواطنين الى اسلحة القوة(30).فالتنظيم القانوني للرابطة الاجرائية بين الدولة والمتهم يعني في جانب منه رسم الطرق والمناهج التي يلتزم اطراف هذه الرابطة بالسير عليها ، وفقا للتحديد المرسوم لدى القانون فلا تعتبر الدولة كطرف قوي فيها طليقة من كل قيد ، فاذا كانت علاقة المتهم بالدولة علاقة خضوع واستسلام فان هذه السلطة ليست مطلقة وانما مقيدة بقواعد القانون وبما قررته هذه القواعد من حقوق للمتهم(31).

وعليه فالسياسة الجنائية لمعظم الدول والتي تهدف الى تحقيق العدالة فانها في تلك المسائل توفر الحماية في شقين الشق الاول يتمثل في الجانب الاجرائي بالحماية ضد اي اجبار او اكراه سواء أكان واقعاً على المتهم او الشاهد او الخبير وتتجسد ذلك بعدم الاعتداد بالادلة التي تكون وليدة تلك الظروف ، اما الشق الثاني فيتمثل في الجانب الموضوعي بالحماية ضد مثل هذا الاجبار او الاكراه وتتجسد ذلك بايقاع العقوبات المناسبة على الافراد والسلطات التي تمارسه(32).لذلك تبدو حالة الاكراه من ابرز الحالات التي يبطل فيها الاجراء مع وجود جزاء جنائي مرتبط بها . فالاثر القانوني للاكراه في نطاق الاجراءات لايقف عند تجاهل الاجراء المتخذ وتجريده من انتاج الاثر الذي كان الهدف من اتخاذه وانما يصل الى حد الجزاء الجنائي متخذاً صورة عقوبة تقع على من باشر الاكراه(33). وهذا العقاب كجزاء يرد النص عليه لافي قاعدة اجرائية وانما في قاعدة موضوعية من قواعد قانون العقوبات .وهذا الارتباط حتمي والا كيف نعاقب المجرم على ارادته الاجرامية ونسمح له في الوقت ذاته بان تنتج ارادته هذه شيئا ما مما اتجهت الى انتاجه ، فعلى سبيل المثال ان المادة (333) من قانون العقوبات العراقي تنص على ((يعاقب بالسجن او الحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة عذب او امر بتعذيب متهم او شاهد او خبير لحمله على الاعتراف بجريمة او الادلاء باقوال او معلومات بشانها او لكتمان امر من الامور او لاعطاء راي معين بشانها ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة او التهديد )) فاذا ماحدث ان افضى التعذيب الى اعتراف فانه لايعقل ان يؤخذ بهذا الاعتراف مع وجود جريمة معاقب عليها في التعذيب الذي انتجه .لذلك فان تجريم استحصال الاعتراف تحت وطأة شيء من الايذاء البدني او المعنوي واهدار القيمة القانونية لهذا الاعتراف انما ينبع من اعتراف المشرع واقراره للارادة الحرة(34).

________________________________________

1- د.عمر السعيد رمضان ، مصدر سابق ، ص1 .

2- د.عوض محمد ، مصدر سابق ، ص427 .

3- د.احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص493 .

4- ولكن هذه المدرسة قد بالغت في هذه المسالة حيث اعتبرت تلك الارادة الحرة مطلقة ومتساوية عند جميع الافراد ، الامر الذي يعني المساواة في توقيع العقوبة على الاشخاص رغم اختلاف ظروف كل منهم ، انظر في ذلك ، د. محمد السعيد عبد الفتاح ، مصدر سابق ، ص37 .

5- د.احمد فتحي سرور ، اصول السياسة الجنائية ، مصدر سابق ، ص ص58-62 .

6- د.رؤوف عبيد ، مبادئ القسم العام في التشريع العقابي ، مصدر سابق ، ص598 .

7- د.عبد الرؤوف مهدي ، مصدر سابق ، ص 142 .

8- د.احمد فتحي سرور ، اصول السياسة الجنائية ، مصدر سابق ، ص105 .

9- د.احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، مصدر سابق ، ص196 .

10-Donnedieu de vabres ، op.cit ، p.122 .

11- د.محمد السعيد عبد الفتاح ، مصدر سابق ، ص57 .

12- د.عبد الرزاق السنهوري ، مصدر سابق ، ص349.

13- د.رؤوف عبيد ، في التسيير والتخيير بين الفلسفة العامة وفلسفة القانون ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، ط3 ، 1984 ، ص399 .

14– د.احمد فتحي سرور ، اصول السياسة الجنائية ، مصدر سابق ، ص136 .

15– انظر على سبيل المثال المادة (35) من قانون العقوبات اليمني والمادة (10) من قانون عقوبات دولة الامارات العربية المتحدة والمادة (20) من قانون عقوبات دولة البحرين والحقيقة ان الشريعة الاسلامية وان كانت العبرة لديها في الاكراه هي بالارادة الا انها تبني قواعد الاكراه في موانع المسؤولية على اعتبار اخر هو اعتبار العدالة .

16– د.عبد الرحمن الجوراني ، مصدر سابق ، ص113 .

17– المصدر السابق ، ص105 .

18– ادوار غالي الذهبي ، حجية الحكم الجنائي امام القضاء المدني ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ط2 ، 1981 ، ص9 .

19– د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات اللبناني ، مصدر سابق ، ص260 .

20-د.احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام ، مصدر سابق ، ص108 .

21- د.ضاري خليل محمود ، مصدرسابق ، ص99.

22- د.احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، مصدر سابق ، ص27 ، وانظر بنفس المعنى ،

Corinne Mascala، fasc uniqe، faits justificatifs – consentement de la victime، 2003 n.27 .

23- د.عوض محمد ، مصدر سابق ، ص191 .

24- وقد اوصى المؤتمر الدولي الرابع عشر لقانون العقوبات المنعقد في فينا للفترة من 1-7 اكتوبر 1989 بضرورة تدخل المشرع الجنائي بنصوص عقابية لحماية الاشخاص الذين تقع عليهم افعالا تعد اعتداءاً على الارادة وحق الحرية المرتبطة بالشخصية الانسانية والحق في حرية القرار ، أنظر توصيات المؤتمر في المجلة العربية للدراسات الامنية الصادرة من دار النشر بالمركز العربي للدراسات الامنية والتدريب بالرياض، المجلد الخامس ، العدد التاسع ، 1990 ، ص193 .

25- د.محمد محي الدين عوض ، المحاكمة الجنائية العادلة وحقوق الانسان ، المجلة العربية للدراسات الامنية، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الامنية والتدريب ، الرياض ، مجلد خامس ، العدد 9 ، 1990، ص23 .

26- محمد زكي ابو عامر ، مصدر سابق ، ص51 .

27- د.محمد محي الدين عوض ، المحاكمة الجنائية العادلة وحقوق الانسان ، مصدر سابق ، ص24 .

28- د.احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، مصدر سابق ، ص137 .

29- بنفس المعنى د.سامي النصراوي ، مصدر سابق ، ص135 .

30- د.رمسيس بهنام ، الاجراءات الجنائية تاصيلاً وتحليلاً ، منشاة المعارف ، الاسكندرية ، 1977 ، ص153 .

31- المصدر السابق ، ص188 .

32-Yuri Stetsovsky، The right of the accused to defense in the USSR، proyress publishers، Moscow، 1982، p.16 .

33-وهذا قد يكون فردا من افراد السلطة كمن يستخدم التعذيب اثناء استجواب المتهم لحمله على الاعتراف وقد يكون فرداً عادياً كمن يهدد شاهدا للادلاء بغير الحقيقة .

34- د.احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، مصدر سابق ، ص198 .

المؤلف : عباس فاضل سعيد العبادي
الكتاب أو المصدر : الاكراة في القانون الجنائي العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .