أحكام وسوابق قضائية مصرية حول الاعفاء من ضريبة المبيعات

الطعن 14678 لسنة 52 ق جلسة 1 / 3 / 2014 مكتب فني 59 ج 1 توحيد المبادئ ق 3 ص 45

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ فريد نزيه حكيم تناغو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى أحمد راغب دكروري, ومحمد عبد العظيم محمود سليمان, وفايز شكري حنين, ود. عبد الفتاح صبري أبو الليل, ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم, ود.عبد الله إبراهيم فرج ناصف, ولبيب حليم لبيب, ومحمود محمد صبحي العطار, وحسن كمال محمد أبو زيد شلال, وأحمد عبد الحميد حسن عبود. نواب رئيس مجلس الدولة

————–
– 1 اختصاص
ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة – المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات.
– المادة رقم (174) من دستور 2012.
– المادتان رقما (17) و(35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، معدلا بموجب القانون رقم 9 لسنة 2005، والملغى لاحقا بموجب قانون الضريبة على القيمة المضافة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016.
– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 162 لسنة 31 القضائية (دستورية) بجلسة 7/4/2013.

– 2 ضرائب
الضريبة العامة على المبيعات – الإعفاء منها – لا يكفي للقول بالإعفاء منها وجود نص في الأحكام التأسيسية للشركة بإعفائها من الرسوم الجمركية وما في حكمها؛ لأن عبارة “وما في حكمها” لا تدل بذاتها على الإعفاء من ضريبة المبيعات.
– 3 ضرائب
الضريبة العامة على المبيعات – إعفاء الشركات المنشأة باتفاقيات دولية منها – تتمتع هذه الشركات بالإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات بشرط وجود نص في الاتفاقية أو عقد تأسيس الشركة يقضي بهذا الإعفاء، أو صدور قانون بذلك – لا يشترط أن يتضمن النص عبارة “الإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات”، بل يكفي أن يتضمن عبارة “الإعفاء من الضرائب”- لفظ “الضرائب” يتسع ليشمل كل أنواع الضرائب بما فيها الضريبة العامة على المبيعات- اشتراط النص على الإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات لا يتفق وطبيعة هذا النمط من الشركات التي تضم دولا عديدة مختلفة الجنسيات، قد لا تعرف قوانينها ضريبة ما تحت مسمى ضريبة المبيعات، وقد تستخدم مسميات أخرى لهذه الضريبة.
– المادة رقم (4) من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات.

– 4 مجلس الدولة
دائرة توحيد المبادئ – ليس هناك مانع من أن تفصل دائرة توحيد المبادئ في الطعن بجميع أشطاره متى كان صالحا للفصل فيه؛ إعمالا لمبدأ الاقتصاد في إجراءات الخصومة الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة(1).
————-
الوقائع
في يوم الخميس الموافق 23/3/2006 أودع الأستاذ/ … المحامي بصفته وکيلا عن الطاعن قلم کتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 14678 لسنة 52ق.ع، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) في الدعوى رقم 9884 لسنة 56ق بجلسة 28/2/2006، الذي قضي فيه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع برفضها، وبإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بأحقية الشركة الطاعنة في الإعفاء من ضريبة المبيعات على كل ما تستورده على وفق غرضها المحدد بالنظام الأساسي لها.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة لدى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص، وإرجاء البت في المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون والدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتهما، وبجلسة 15/3/2008 تقرر إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بتمتع الشركات المنشأة على وفق اتفاقيات دولية مصدق عليها، ووكالاتها وفروعها والشركات المتفرعة عنها بالإعفاء من تطبيق أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة على المبيعات، على ما تستورده من أدوات ومعدات ومواد تحتاج إليها في عملياتها حسب أحكام وضوابط الاتفاقية أو الأحكام التأسيسية للشركة، ما دام قد ورد النص على إعفائها من الضرائب والرسوم الجمركية وما في حكمها.
وتدوول الطعن أمام هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/4/2009 قضت المحكمة بوقف الطعن تعليقيا وبإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نصي الفقرتين الأخيرتين من المادتين 17 و35 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
وبجلسة 7/4/2013 قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 162 لسنة 31ق. دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
وتدوول الطعن عقب ورود ملفه من المحكمة الدستورية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/1/2014 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم، وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات خلال شهر، ولم ترد أية مذكرات، وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى إجراءاته الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 9884 لسنة 56ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2/4/2002، وطلب في ختامها إلغاء قرار مصلحة الضرائب على المبيعات، وبأحقيته في الإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات.
وبجلسة 28/2/2006 قضت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن قرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1975 بشأن الموافقة على اتفاقية تأسيس الشركة قد حصر الإعفاء في نطاق الرسوم الجمركية على ما تستورده الشركة من أدوات ومعدات، ولا يشمل الإعفاء ضريبة المبيعات.
ولم يلق الحكم قبولا لدى الطاعن، فأقام الطعن رقم 14678 لسنة 52ق.ع أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا تأسيسا على أن المادة الرابعة من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات تسمح بالإعفاءات المقررة بمقتضى الاتفاقيات المبرمة بين الحكومة المصرية والدول الأجنبية والمنظمات الدولية والإقليمية.
وقد تبين للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا أثناء نظرها للطعن وجود تعارض بين حكم صادر بجلسة 29/12/2001 في الطعن رقم 9330 لسنة 46ق.ع (من نفس الدائرة بتشكيل مغاير)، ووجهة نظر أخرى استبانت للدائرة الحالية، فقررت بجلسة 15/3/2008 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ استنادا لنص المادة (54) مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وبجلسة 11/4/2009 قضت دائرة توحيد المبادئ بوقف الطعن تعليقيا وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نصي الفقرتين الأخيرتين من المادتين 17 و35 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
ومن حيث إنه عن الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات فإن المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات (الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005) نصت في فقرتها الأخيرة على أن “… وللمسجل الطعن في تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوما من تاريخ صيرورته نهائيا”.
ونصت الفقرة السادسة من المادة (35) من القانون نفسه على أنه “… وفي جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإخطار”.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 7/4/2013 في القضية رقم 162 لسنة 31ق بعدم دستورية نصي الفقرتين المشار إليهما، تأسيسا على أن المشرع الدستوري بدءا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة الذي أصبح – منذ استحداث نص المادة (172) منه – جهة قضائية قائمة بذاتها، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريا يقع عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذي أورد ذات الحكم في المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 التي تنص على أن: “مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية …”.
ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلا بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصا يقضي بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وبأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وأن تكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، وأنه يحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وقد سار الدستور الحالي على النهج نفسه فردد في المادة (75) منه الأحكام ذاتها، كما حظر فيها بنص صريح إنشاء المحاكم الاستثنائية، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية.
وإذا كان المشرع الدستوري بنصه على أن: “لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي” قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والذود عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها على وفق مقاييس موحدة عند توفر شروطها، إذ ينبغي دائما أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها، وكان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الأحكام المتقدمة قاضي القانون العام، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية، إلا ما يتعلق منها بشئون أعضاء الجهات القضائية المستقلة الأخرى التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات، سواء ورد النص على ذلك صراحة في الدستور أو تركه للقانون، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل في جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة، فينعقد الاختصاص بها للجان القضائية الخاصة بهم طبقا لنص المادة (196) من الدستور الحالي.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها، باعتبار أن حصيلتها تعد إيرادا عاما يئول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرا واحدا لإيراداتها الكلية، وأن نص القانون هو الذي ينظم رابطتها محيطا بها، مبينا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية والدولة التي تفرضها من ناحية أخرى، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها أو الأموال التي تسري عليها، وشروط سريانها وسعر الضريبة وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها، وأحوال الإعفاء منها، والجزاء على مخالفة أحكامها.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو، فإنه ينظم رابطتها تنظيما شاملا يدخل في مجال القانون العام، ويبرر ما للخزانة العامة من حقوق قبل الممول، وامتيازاتها عند مباشرتها، وبوجه خاص في مجال توكيده حق الإدارة المالية في المبادأة بتنفيذ دين الضريبة على الممول، وتأثيم محاولة التخلص منه، وإذ كان حق الخزانة العامة في جباية الضريبة يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها على أسس عادلة، إلا أن المحقق أن الالتزام بالضريبة ليس التزاما تعاقديا ناشئا عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده، فهو مصدره المباشر، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها، فليس باعتبارها طرفا في رابطة تعاقدية أيا كان مضمونها، ولكنها تفرض – في إطار من قواعد القانون العام – الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها.
ومن حيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة (الذي أسند بنص البند سابعا من المادة 8 منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته، فنص في البند سابعا من مادته رقم (8) على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة (التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم على وفق القانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة).
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة، بما في ذلك السلع والخدمات الخاضعة للضريبة، والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة، وإلى القرار الصادر عن الجهة الإدارية المختصة تنفيذا لأحكامه، فإن المنازعة في هذا القرار تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها وتندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقا لنص المادة (174) من الدستور الحالي الصادر في 25/12/2012.
ومن حيث إنه بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فإن المنازعة الماثلة تدخل في نطاق الاختصاص الولائي لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، ويكون الطعن على الأحكام الصادرة فيها من اختصاص المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه عن الاتجاهين المتعارضين اللذين ارتأتهما الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا:
فإن الاتجاه الأول الذي تبناه الحكم الصادر بجلسة 29/12/2001 في الطعن رقم 9330 لسنة 46ق.ع يتعلق بدعوى أخرى أقامتها شركة أخرى هي الشركة ……… للعبوات الدوائية، طلبت في ختامها إلغاء قرار رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات بفرض ضريبة مبيعات على ما تستورده الشرکة من مواد وخامات ومستلزمات إنتاج، وبجلسة 5/7/2000 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه، وطعنت جهة الإدارة أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت بجلسة 29/12/2001 في الطعن رقم 9330 لسنة 46ق.ع برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أسباب تخلص في أن الشركة المذكورة تأسست بموجب اتفاقية دولية، وأن أحكامها التأسيسية تتضمن نصا بإعفاء ما تستورده الشركة من أدوات ومواد ومعدات تحتاج إليها في عملياتها من الرسوم الجمركية وما في حكمها، وأن رئيس مجلس الوزراء أصدر قرارا برقم 709 لسنة 1978 بإعفاء الشركة وفروعها من الضرائب والرسوم الجمركية.
ولدى نظر الطعن الماثل ارتأت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا أن تطبيق المبدأ السابق سيؤدي إلى إعفاء الشركة ……. للثروة الحيوانية (الطاعنة) نظرا إلى التماثل في المركز القانوني بين الشركتين، فكل منهما قد أنشئ باتفاقية دولية وافق عليها رئيس الجمهورية، ولكل منهما أحكام تأسيسية تتضمن نصا بالإعفاء من الرسوم الجمركية وما في حكمها.
أما الاتجاه الثاني الذي تبنته الدائرة الأولى عليا بمذكرة الإحالة لدائرة توحيد المبادئ فتخلص وجهة نظره في أنه لا يكفي للإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات (بالنسبة للشركات المنشأة باتفاقيات دولية) وجود نص في الأحكام التأسيسية يقضي بإعفائها من الرسوم الجمركية وما في حكمها، أو بإعفائها من الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الأخرى، بل لابد من النص صراحة في الاتفاقية أو في الأحكام التأسيسية على الإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات، وانتهت المحكمة في مذكرة الإحالة إلى أنه إزاء خلو اتفاقية إنشاء الشركة الطاعنة وخلو أحكامها التأسيسية من نص صريح بإعفائها من الضريبة العامة على المبيعات فإنها لا تتمتع بالإعفاء من تلك الضريبة.
ومن حيث إنه في مجال الموازنة والترجيح بين الاتجاهين المشار إليهما، فإنه بالنسبة للاتجاه الأول: لا وجه لقياس حالة الشركة الطاعنة في الطعن الماثل (الشركة ….. لتنمية الثروة الحيوانية) على الشركة …… للعبوات الدوائية (المطعون ضدها في الطعن رقم 9330 لسنة 46ق. ع)؛ وذلك لاختلاف الأحكام المنظمة لكل منهما، ولا محاجة في هذا الصدد بقرار مجلس الوزراء الصادر للشركة الأولى لأنه ليس مختصا بتقرير الضريبة ولا بالإعفاء منها.
ولا يكفي في هذا الصدد وجود نص في أحكامها التأسيسية بإعفائها من الرسوم الجمركية وما في حكمها؛ لأن عبارة “وما في حكمها” لا تدل بذاتها على الإعفاء من ضريبة المبيعات.
وبالنسبة للاتجاه الثاني الذي يشترط وجود نص صريح في اتفاقية الإنشاء أو الأحكام التأسيسية للشركة يقضي بإعفاء الشركة من الضريبة العامة على المبيعات، فإن الأخذ به لا يتفق وطبيعة هذا النمط من الشركات التي تضم دولا عديدة مختلفة الجنسيات، وقد لا تعرف قوانينها ضريبة ما تحت مسمى ضريبة المبيعات، وقد تستخدم مسميات أخرى لهذه الضريبة.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات تنص على أنه: “لا تخل أحكام هذا القانون بالإعفاءات المقررة بمقتضى الاتفاقيات المبرمة بين الحكومة المصرية والدول الأجنبية والمنظمات الدولية أو الإقليمية أو الاتفاقيات البترولية والتعدينية”.
ومن حيث إن مفاد النص السابق أن الشركات المنشأة باتفاقيات دولية وقعت عليها الحكومة المصرية تتمتع بالإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات بشرط وجود نص في الاتفاقية أو عقد تأسيس الشركة يقضي بهذا الإعفاء، ولا يشترط أن يتضمن النص عبارة “الإعفاء من الضريبة العامة على المبيعات”، ويكفي أن يتضمن عبارة “الإعفاء من الضرائب”؛ لأن لفظ “الضرائب” يتسع ليشمل كل أنواع الضرائب بما فيها الضريبة العامة على المبيعات، بمراعاة أن مسمى هذه الضريبة قد يختلف من دولة إلى أخرى من الدول الموقعة على الاتفاقية طبقا لتشريعاتها الضريبية.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأحكام التأسيسية للشركة ….. لتنمية الثروة الحيوانية الصادرة بقرار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية أنه نص في البند (ثانيا) على أن: “تمارس الشركة عملها وفقا للأسس التجارية على نحو ما تقوم به شركات القانون الخاص، ويتم تنظيمها وفقا لعقد التأسيس المرفق بهذا القرار”.
ونص البند (خامسا) على أن: “تلتزم الدول التي توافق على أن يكون فيها مقر هذه الشركة وفروعها ووكالاتها أو أية شركة متفرعة عنها بما يلي: 1- … 2- … 3- بإعفاء كل ما تستورده الشركة ووكالاتها وفروعها والشركات المتفرعة من أدوات ومعدات أو مواد تحتاج إليها في عملياتها من الرسوم الجمركية وما في حكمها.
4- بإعفاء الشركة ووكالاتها وفروعها والشركات المتفرعة عنها من كافة الرسوم على تصدير منتجاتها واستيراد مستلزماتها بالقدر الذي يلزم لحسن سير أعمالها …”.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن إعفاء الشركات المنشأة بموجب اتفاقيات دولية من الضريبة العامة على المبيعات في جمهورية مصر العربية يتطلب وجود نص في اتفاقية إنشاء الشركة أو في أحكامها التأسيسية يقضي بإعفائها من الضرائب عموما أو من تلك الضريبة على وجه الخصوص، أو صدور تشريع داخلي بهذا الإعفاء.
ومن حيث إنه ليس ثمة مانع من أن تفصل دائرة توحيد المبادئ في الطعن بكامل أشطاره متى كان صالحا للفصل فيه؛ وذلك إعمالا لمبدأ الاقتصاد في إجراءات الخصومة الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة. (الحكم الصادر عن هذه الدائرة بجلسة 21/4/1991 في الطعن رقم 2382 لسنة 32ق. ع).
ومن حيث إن الشركة الطاعنة في الطعن الماثل لا يوجد نص صريح في اتفاقية إنشائها ولا في أحكامها التأسيسية يقضي بإعفائها من الضرائب عموما أو من الضريبة على المبيعات، ولم يصدر قانون بإعفائها من الضريبة محل التداعي، ومن ثم تكون دعواها غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى تلك النتيجة، وإن كان لغير ما تقدم من أسباب، فإنه يكون متفقا وصحيح حكم القانون، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء برفض الطعن.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (270) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
(أولا) باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات.
(ثانيا) بأن إعفاء الشركات المنشأة بموجب اتفاقيات دولية من الضريبة المذكورة يتطلب وجود نص في اتفاقية إنشاء الشركة أو في أحكامها التأسيسية يقضي بإعفاء الشركة من الضرائب عموما أو من تلك الضريبة على وجه الخصوص أو صدور تشريع بذلك.
(ثالثا) بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .