الطعن 2773 لسنة 62 ق جلسة 29 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 190 ص 313 جلسة 29 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
—————
(190)
الطعن رقم 2773 لسنة 62 القضائية

(1، 2 ) اختصاص. محكمة الموضوع. دعوى.
(1)القضاء صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(2)الفصل في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. قيامه على التكييف القانوني لطلبات المدعي. استقلاله عن تحقق المحكمة وتثبتها من استيفاء الدعوى لإجراءات وشروط قبولها.
(3،4 ) دعوى “دعاوى الحيازة”. أموال “أموال عامة”. حيازة.
(3) دعوى استرداد الحيازة. قبولها. رهن بأن تكون لرافع الدعوى حيازة على العقار المطالب برده.
(4)الحيازة. عنصريها المادي والمعنوي. ماهيتهما. السيطرة الفعلية على شيء يجوز التعامل فيه بنية اكتساب حق على هذا الشيء. مؤداه. عدم قبول الدعوى باسترداد حيازة الأموال العامة. علة ذلك.

—————
1 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية – ولا يخالف به أحكام الدستور – يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
2 – الفصل في الاختصاص يقوم على التكييف القانوني لطلبات المدعي مجرداً من تحقق المحكمة وتثبتها من استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولها.
3 – النص في الفقرة الأولى من المادة 958 من القانون المدني على أن “لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك” يدل على أنه يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن تكون لرافع الدعوى حيازة على العقار المطالب برده.
4 – الحيازة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – في عنصرها المادي تقتضي السيطرة الفعلية على الشيء الذي يجوز التعامل فيه، وهي في عنصرها المعنوي تستلزم نية اكتساب حق على هذا الشيء، وكانت الأموال العامة لا يصح أن تكون محلاً لحق خاص ومن ثم لا تخضع للحيازة، ولا تقبل الدعوى باسترداد حيازتها لورودها على هذا المال.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 5941 لسنة 1981 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم باسترداد حيازته لقطعة الأرض رقم 227 بشارع 17 بمدينة المقطم المبينة بالصحيفة وعدم التعرض له فيها وقال في بيان دعواه إنه يجوز الأرض سالفة البيان حيازة قانونية وهادئة وظاهرة ومستمرة بغير تعرض له من أحد فيها منذ أكثر من عشر سنوات وغرس فيها وبنى عليها وملحقة بالفيلا التي يملكها غير أن النيابة العامة أمرت بتمكين الطاعن منها فنفذ هذا القرار احتراماً له، ولما كان الأخير لم يحز أرض النزاع في أي وقت فقد أقام دعواه. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 15 من إبريل سنة 1990 بعدم قبول الدعوى، استأنف المطعون ضده الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6782 لسنة 107 قضائية وبتاريخ 8 من إبريل سنة 1992 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرد حيازة المطعون ضده للأرض موضوع النزاع، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى في موضوع الدعوى بما ينطوي على اختصاص المحكمة بنظرها، وفي حين أن أرض النزاع مملوكة للدولة ومن حق الشركة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية التي رخص لها في استصلاح وتعمير وتقسيم منطقة المقطم وهي تعتبر نائبة عن الدولة في استرداد الأرض ممن يعتدي عليها وعلى المتضرر الالتجاء إلى القضاء الإداري، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ولو لم يدفع بذلك، كما أن قرارات النيابة العامة في منازعات الحيازة المدنية تعد قرارات إدارية وليس للمحاكم المدنية الحق في بحث صحة هذه القرارات إلا إذا كان معروضاً عليها أصل الحق المتنازع فيه الأمر الذي لم يكن متحققاً في الدعوى إذا عرض الحكم المطعون فيه للفصل في موضوع الدعوى رغم عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب في شقه الأول مردود بما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية – ولا يخالف به أحكام الدستور – يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم وجب عدم التوسع في تفسيره، وأن الفصل في الاختصاص يقوم على التكييف القانوني لطلبات المدعي مجرداً من تحقق المحكمة وتثبتها من استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صائباً في قضائه الضمني بأن الاختصاص بنظر الدعوى المطروحة باسترداد حيازة المطعون ضده للأرض موضوع النزاع على سند من نص المادة 958 من القانون المدني معقود للمحاكم العادية دون محاكم مجلس الدولة فإنه لا يكون قد خالف القانون، كما أن النعي في شقه الآخر غير مقبول ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنها خلت من فصل الحكم في مدى سلامة قرار النيابة العامة بتمكين الطاعن من الأرض موضوع النزاع ومن ثم فإن النعي بهذا الشق لا يرد على محل من قضاء الحكم المطعون فيه ويكون بالتالي غير مقبول.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسببين الثاني والرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من تقرير الخبير المقدم في الدعوى أن قطعة الأرض موضوع النزاع قبل شرائه لها تعتبر من أملاك الدولة التي يمتنع على واضع اليد عليها أن يلتجئ إلى دعاوى الحيازة لحماية وضع يده، وقد انتهى قضاء محكمة أول درجة إلى ذلك وقضى بعدم قبول الدعوى، غير أن الحكم المطعون فيه استند إلى ذات تقرير الخبير باعتبار أن مفاده أن ثمة حيازة للأخير على تلك الأرض أثبتها الحكم الجنائي في الدعوى رقم 310 لسنة 1981 جنح الخليفة ورتب على ذلك قضاءه بقبول الدعوى ورد الحيازة للمطعون ضده فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 958 من القانون المدني على أن “(1) لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه. فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك” يدل على أنه يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون لرافع الدعوى حيازة على العقار المطالب برده، ولما كانت الحيازة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – في عنصرها المادي تقتضي السيطرة الفعلية على الشيء الذي يجوز التعامل فيه، وهي في عنصرها المعنوي تستلزم نية اكتساب حق على هذا الشيء، وكانت الأموال العامة لا يصح أن تكون محلاً لحق خاص ومن ثم لا تخضع للحيازة، ولا تقبل الدعوى باسترداد حيازتها لورودها على هذا المال، لما كان ذلك وكان يبين من العقد المبرم بين الحكومة المصرية والشركة المساهمة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية في المنتزه والمقطم نفاذاً للقانون رقم 565 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1955 أن الحكومة المصرية رخصت للشركة المذكورة استصلاح وتعمير وتقسيم منطقة المقطم، وقد ورد بالبند الثالث والأربعين من هذا العقد التزام الحكومة باحترام التقسيم المعتمد منها وكذلك عقود البيع التي تبرمها الشركة وعقود الإيجار التي تبرم بين الشركة والغير كما تظل للحكومة ملكية قطع الأراضي الباقية بدون بيع، مما مفاده أن أرض منطقة المقطم موضوع العقد المشار إليه – وتدخل ضمنها قطعة الأرض موضوع النزاع – عند رفع المطعون ضده للدعوى في سنة 1981 والتي لم تكن قد تم التصرف فيها بالبيع بعد ما تزال على ملك الحكومة بما لا يقبل معه دعوى المطعون ضده باسترداد حيازتها لورودها على مال عام لا ترد عليه دعاوى الحيازة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برد حيازة المطعون ضده لقطعة الأرض موضوع النزاع فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .