التعويض عن إصابة العاملين المدنيين بالدولة:

إذ كان قانون ونظام الخدمة المدنية قد خلا من نص يلزم جهة الإدارة بتعويض الموظف عن إصابة العمل، وكان مجلس الوزراء قد أصدر القرار رقم 15 بجلسته 43/83 بتاريخ 16/10/1983 بإحالة حالات التعويض عن الوفاة والإصابة والعجز أثناء العمل وبسبه إلى كل من وزير العدل والشؤون القانونية ووزير المالية للاتفاق على التعويض المناسب، ثم أصدر قرارا بجلسة 53/86 في 8/11/1986 بتفويضهما في تشكيل لجنة ثلاثية لبحث طلبات التعويض عن إصابة العمل لموظفي الدولة وتقدير التعويض المستحق وفقاً للائحة جدول الديات وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 66/1983 في شأن جدول تحديد نسب العجز في حالات إصابة العمل وأمراض المهنة، فإن مفاد ذلك أن المبلغ الذي تقرره اللجنة الثلاثية وتمنحه الدولة للموظف أو ذويه لا يحول دون مطالبة الجهة صاحب العمل بما قد يكون مستحقا من تعويض لجبر كامل الضرر والناجم عن الإصابة أو الوفاة أثناء العمل وبسببه وفقاً لأحكام القانون المدني إذا كانت هذه الإصابة أو الوفاة قد نشأت عن خطأ تسأل عنه.

(الطعن 35/2001 مدني جلسة 7/1/2002)

إذ كان الواقع الثابت في الأوراق بغير خلاف بين الخصوم أن الطاعنة لم تلجأ إلى لجنة التعويض عن إصابات العمل سالفة الإشارة إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله: ” لما كانت المدعية قد أقامت دعواها الماثلة بغية القضاء بإلزام المدعي عليهما بصفتهما بتعويضها عن وفاة مورثها هي وأولادها منه، وكان الثابت من الإطلاع على الأوراق والتحقيقات التي تمت في القضية رقم 533/96 موضوع الدعوى والصادر…. قرار بحفظها لعدم الجريمة أنه ليس هناك ثمة خطأ يمكن نسبته للمدعي عليه الأول أو للغير أدى إلى وفاة مورث المدعية بل أن البين بجلاء للمحكمة أن سبب وفاة مورث المدعية هو نوبة مرض الصرع الذي يعاني منه منذ زمن بعيد والتي قد انتابته أثناء قيادته للسيارة على الطريق مكان الحادث وأدت إلى اصطدامه بالرصيف وانقلاب السيارة في مياه البحر وبالتالي فإن مطالبه المدعي عليه الأول بصفته باعتباره الجهة التي يعمل فيها مورث المدعية بالتعويض عن الوفاة تكون غير قائمة على أساس، وكذلك هو الحال بالنسبة للمدعي عليه الثاني بصفته…. فإنه لما كان…. الثابت للمحكمة على النحو السابق…. أن وفاة مورث المدعية لم تقع بفعل الغير ومن ثم فلا قيام لضمان الدولة عن تلك الوفاة وتضحي الدعوى برمتها بعد ذلك قائمة على غير أساس خليفة بالرفض….” وكان مؤدي هذا الذي أورده الحكم أن محكمة الاستئناف قضت في الدعوى على أساس ما انتهت إليه في حدود سلطتها التقديرية في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية من انتفاء خطأ الجهة التي يعمل بها مورث الطاعنة وأولادها منه الموجب لمسئوليتها عن تعويض ورثته وعدم توافر الشروط اللازمة للرجوع على الدولة بالدية الشرعية باعتبارها ضامنة لأذى النفس، ورتبت على ذلك قضاءها بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وكان من المقرر أن لمحكمة الاستئناف سلطة تقدير الأدلة في الدعوى لتكوين عقيدتها وإصدار حكمها غير مقيدة في ذلك برأي محكمة الدرجة الأولى، وكانت الأسباب التي استندت إليها محكمة الاستئناف تأسيساً لما انتهت إليه على النحو المتقدم سائغة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بغير مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه، فإنه لا جدوى بعد ذلك من تعييب حكمها فيما تزيد فيه من أن لجنة التعويض هي الجهة الوحيدة المختصة بالتعويض عن الوفاة والإصابة والعجز أثناء العمل وبسببه، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن بجميع ما تضمناه على غير أساس.

(الطعن 35/2001 مدني جلسة 7/1/2002)

من المقرر أنه وإن كان التعويض الذي تمنحه الدولة بناء على قرار اللجنة الثلاثية المختصة ببحث طلبات التعويض عن إصابات العمل لموظفي الدولة لا يحول دون مطالبة الموظف بتكملة التعويض الجابر لكامل الضرر الذي لحق به من جراء إصابته أثناء العمل وبسببه إذ أن هذا الحق يظل مع ذلك قائماً وفقاً لأحكام القانون المدني إلا أن المناط في ذلك أن تكون هذه الإصابة قد نشأت عن خطأ تسأل عنه الدولة. كما أن من المقرر أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية أو نفيه هو من مسائل الواقع التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعن بتعويضه عما لحق به من أضرار مادية وأدبية من جراء العجز الناشئ عن إصابته أثناء وبسبب العمل على سند مما خلص إليه من أن أوراق الدعوى قد خلت مما يثبت أن إصابة الطاعن قد نشأت عن خطأ تسأل عنه الدولة مناط رجوع الطاعن عليها بالتعويض ورتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم توافر أركان مسئولية الدولة عن تعويض تلك الأضرار وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون ويؤدي إلى ما انتهى إليه ويواجه دفاع الطاعن فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون على غير أساس.

(الطعنان 206، 207/2001 مدني جلسة 18/3/2002)

من المقرر-في قضاء هذه المحكمة- أن قانون نظام الخدمة المدنية قد خلا من نص يلزم جهة الإدارة بتعويض الموظف عن إصابات العمل التي تقع للعاملين المدنيين في الدولة أثناء وبسبب العمل بغير خطأ منها، على غرار ما هو منصوص عليه في قانون العمل في القطاع الأهلي، وأنه وإن كان مجلس الوزراء قد أصدر القرار رقم 15 لسنة 1983 بإحالة حالات التعويض عن الوفاة والإصابات والعجز أثناء العمل وبسببه إلى كل من وزير العدل والشئون القانونية ووزير المالية للاتفاق على التعويض المناسب، ثم أصدر قراره رقم 53 لسنة 1986 بتفويضهما في تشكيل لجنة ثلاثية لبحث طلبات التعويض عن إصابات العمل لموظفي الدولة وتقرير التعويض المستحق وفقاً للائحة جدول الديات وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 66 لسنة 1983 في شأن جدول تحديد نسبة العجز في حالات إصابات العمل وأمراض المهنة، إلا أن مفاد ذلك أن المبلغ الذي تقرره اللجنة المشار إليها لا يعدو أن يكون منحة من الدولة للموظف الذي أصيب أثناء العمل وبسببه، مما مؤداه أن المشرع لم يضع على عاتق الدولة التزاماً بالتعويض عن إصابات العمل التي تقع للعاملين المدنيين لديها ما لم تكن تلك الإصابة قد نشأت- وفقاً لأحكام القانون المدني- عن خطأ تسأل عنه الدولة، أو توافرت بشأن تلك الإصابة شرائط الرجوع على الدولة بالدية الشرعية باعتبارها ضامنة لأذى النفس طبقاً للمادة 256 من القانون المذكور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الإصابة التي لحقت بالطاعن، وإن كانت قد حدثت أثناء وبسبب تأديته لعمله، إلا أنه لم يثبت أنها كانت نتيجة خطأ تسأل عنه الدولة، أو أنه يتوافر بشأنها الشروط اللازمة للرجوع على الدولة بالدية الشرعية بالتطبيق لأحكام ضمان أذى النفس، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر القانوني السليم، وقضى برفض دعوى الطاعن، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.

(الطعن 87/2005 مدني جلسة 15/11/2006)

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .