– أثر الرهن بالنسبة إلى الغير:

يُقصد بالغير هنا كما في الرهن الرسمي، كل من يضار من مباشرة الدائن المرتهن السلطات التي يخولها حق الرهن، فيصدق معنى الغير على كل ما يكتسب حقًا عينيًا أصليًا أو تبعيًا على الشيء كما يصدق على الدائن العادي لمالك الشيء المرهون.

وأول مسألة تعرض هي شروط نفاذ الرهن في حق الغير، وقد عرضت المادة (1042) لشرط مشترك يجب توفره لنفاذ الرهن الحيازي في حق الغير أيًا كان الشيء المرهون وهو أن يكون المرهون في حيازة الدائن المرتهن أو العدل الذي ارتضاه المتعاقدان، وهذا الشرط لا يكفي وحده لنفاذ الرهن في حق الغير، بل يجب توافر شروط أخرى تختلف باختلاف الشيء المرهون، وقد وردت هذه الشروط في النصوص الخاصة ببعض أنواع الرهن الحيازي (المادة 1048 بالنسبة لرهن العقار، والمادة 1050 بالنسبة لرهن المنقول، والمادة 1054 بالنسبة لرهن الدين).

هذا ويلاحظ أنه قد ترد نصوص تحد من نطاق تطبيق القاعدة الواردة في المادة (1042) كما هي الحال بالنسبة لنص المادة (1049) التي تجيز للدائن المرتهن لعقار أن يؤجره للراهن دون أن يمنع ذلك من نفاذ الرهن في حق الغير بشرط أن يذكر الإيجار في القيد أو يؤشر به في هامش القيد.

وتعرض المادة (1043) لحق الدائن المرتهن في حبس المرهون، فقد نصت الفقرة الأولى على أنه (يخول الرهن الدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون دون إخلال بما للغير من حقوق تم حفظها وفقًا للقانون) والحبس هنا يعتبر سلطة من السلطات التي يخولها الرهن فهو يختلف عن الحق في الحبس الذي يثبت للدائن العادي وفقًا للقواعد العامة. وهذا الحبس يجعل للدائن المرتهن الحق في الامتناع عن التخلي عن الشيء طالما أن حق الرهن لم ينقضِ، وذلك مع مراعاة الحكم الوارد في المادة (1052) إذ يكون للراهن عندما يصبح الشيء المرهون مهددًا بالهلاك أو التلف أو نقص القيمة أن يطلب رده إليه مقابل شيء آخر يقدم بدله.

والدائن المرتهن إذ يحبس الشيء يحبسه بالحالة التي كان عليها وقت أن أصبح الرهن نافذًا في حق الغير، ولهذا فالحبس لا يخل بما للغير من حقوق تم حفظها وفقًا للقانون، فإذا فرض مثلاً أن مالك العقار رهنه وسلمه إلى الدائن المرتهن، وقبل أن يقيد هذا الرهن قام المالك ببيع العقار أو بترتيب حق انتفاع عليه وسجل المشتري أو من كسب الانتفاع عقده قبل قيد الرهن، فيكون لأي منهما أن يطلب أخذ العقار من الدائن المرتهن الذي لا يكون له في هذا الفرض أن يتمسك في مواجهة أيهما بحقه في الحبس.

هذا ويظل حق الحبس قائمًا إذا خرج الشيء المرهون من يد الدائن المرتهن دون إرادته أو دون علمه، ويكون للدائن في هذه الحالة الحق في استرداده وفقًا لأحكام الحيازة، سواء كان الشيء في يد الراهن أو في يد غيره، ويعتبر الشيء المرهون في هذه الحالة في حكم المسروق أو الضائع، وعلى ذلك فإن كان المرهون منقولاً وباعه المختلس إلى مشترٍ حسن النية فيجوز للمرتهن أن يسترده خلال ثلاث سنوات من وقت خروج الشيء من حيازته وإن كان المشتري قد اشترى الشيء في سوق أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثل هذا الشيء، فيكون له أن يطلب من الدائن المرتهن إذا ما طلب الاسترداد أن يعجل له الثمن الذي دفعه، وإذا كان المرهون عقارًا فيكون للدائن المرتهن أن يسترده وفقًا لأحكام دعوى استرداد الحيازة، وأحكام الحيازة هذه هي التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة (1043).

وتعرض المادة (1044) وهي تقابل المادة (80) من القانون الحالي مع شيء من التعديل، لما يضمنه الرهن الحيازي بالإضافة إلى أصل الحق فنصت على أنه (لا يقتصر الرهن الحيازي على ضمان أصل الحق وإنما يضمن أيضًا وفي نفس المرتبة …) ثم ذكرت أولاً المصروفات الضرورية التي أنفقت للمحافظة على الشيء، ويلاحظ أن الدائن المرتهن إذا كان له أن يستوفي هذه المصروفات بمقتضى حقه في الرهن، فله أيضًا حق امتياز لضمان استيفائها إن كان الشيء منقولاً (المادة 1073 من المشروع)، وثانيًا: التعويضات التي قد يستحقها الدائن المرتهن عن الأضرار التي تلحقه بسبب عيوب في الشيء المرهون، وثالثًا: المصروفات التي أنفقها الدائن المرتهن في العقد الذي أنشأ الدين المضمون بالرهن والمصروفات التي اقتضاها تنفيذ الرهن، وبدهي أن الذي يدخل من هذه المبالغ ويستوفيه الدائن المرتهن بالتقدم عند التنفيذ هو ما بقي منها بعد ما خصمه الدائن من الريع وفقًا لنص المادة (1038) من المشروع.

وهذا ولم يعرض المشروع بنصوص خاصة لحق الدائن المرتهن رهنًا حيازيًا في التتبع اكتفاء بما ورد في المادة (1027) التي تعرف الرهن الحيازي من أن الدائن المرتهن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في اقتضاء حقه من الشيء المرهون (في أي يد يكون) إذ يفيد هذا أن يكون للدائن المرتهن أن ينفذ على الشيء ولو انتقلت ملكيته إلى غير الراهن، وهذا هو التتبع، أما الأحكام الخاصة بحائز العقار المرهون رهنًا رسميًا فلا محل لمثلها في الرهن الحيازي، فلا يعتبر مشتري العقار المرهون حيازيًا حائزًا وبالتالي ليس له أن يطلب تطهير العقار أو التخلية ويقتصر حقه إذا ما أراد تفادي نزع ملكية العقار على أن يفي بالدين وفقًا للقواعد العامة في الوفاء مع الحلول، وإذا كان الشيء المرهون منقولاً فيكون للدائن المرتهن أيضًا حق تتبعه إلا إذا اصطدم حقه بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحق. ولهذا لم يرَ المشروع ما يدعو إلى النص على ما تقرره المادة (82) من القانون الحالي التي تقول (للدائن المرتهن أن يستوفي حقه من الشيء المرهون رهن حيازة، حتى لو انتقلت ملكيته إلى أجنبي غير أنه للأجنبي أن يوفي الدائن حقه فيحل فيه محله إلا في رهن قدمه غير المدين ضمانًا لنفس الحق).

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .