حكم الخطأ في بيان اسم الشركة في اعلان الدعوى المدنية – اجتهادات قضائية مصرية

الطعن 1944 لسنة 34 ق جلسة 24/ 5/ 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 99 ص 488 جلسة 24 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس.
————–
(99)
الطعن رقم 1944 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) علامات تجارية. جريمة. “أركانها”. حكم. “تسبيبه. تسبيب معيب”.
(أ) شروط إنزال العقاب إعمالاً للمادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية المعدل بالقانون 569 لسنة 1954 – فضلاً عن البيع أو العرض للبيع أو للتداول توافر ركنين: (الأول) التزوير أو التقليد (والثاني) سوء النية.
)ب) العبرة في تقليد العلامات التجارية هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. المعيار في أوجه الشبه بما ينخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه. مثال.
)ج) حكم. “تسبيبه. تسبيب معيب”. شركة. إعلان.
الخطأ في بيان اسم الشركة في إعلان الدعوى المدنية، لا يقتضي بذاته القول بوجودها وعدم وهميتها. ما دامت تحريات الجهة الإدارية قد أسفرت عن عدم وجود شركة بهذا الاسم. واجب المحكمة: هو تكليف الطاعن بإعادة إعلان الشركة إعلاناً صحيحاً وأن تتناول في حكمها الخلاف الظاهر بين العنوانين. وإلا كان حكمها معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال.

————-
1 – يشترط للعقاب إعمالاً للمادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية المعدلة بالقانون رقم 569 لسنة 1954 – فضلاً عن البيع أو العرض للبيع أو للتداول توافر ركنين الأول التزوير أو التقليد والثاني سوء النية.
2 – الأصل في جرائم تقليد العلامات التجارية هو الاعتداد – في تقدير التقليد – بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. وأن المعيار في أوجه الشبه هو بما ينخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بنى عقيدته بعدم توافر ركن التقليد على القول بأن كتاب إدارة العلامات التجارية وأقوال وكيل مكتب التسويق الداخلي بالإسكندرية قصرت عن تبيان مدى التطابق بين العلامات المسجلة والعلامات المقلدة. وهو تدليل لا يسوغ به تبرير النتيجة التي خلص إليها، ذلك بأنه لا يلزم في التقليد أن يكون هناك ثمة تطابق بين العلامتين. بل يكفي لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث الخلط واللبس بين المنتجات. وإذا كان الحكم لم يعن من جانبه ببيان وصف العلامة الصحيحة والعلامة المقلدة ولم يتصد لفحص ما بين العلامتين ويبدي وجهة نظره بصدد التشابه بينهما إثباتاً أو نفياً حتى يستقيم قضاؤه فإنه يكون قاصراً.
3 – الخطأ في بيان اسم الشركة في إعلان الدعوى المدنية لا يقتضي بذاته القول بوجودها وعدم وهميتها مادامت تحريات الجهة الإدارية قد أسفرت عن عدم وجود شركة بهذا الاسم, وأنه ثبت لها زيف البيانات والأرقام المثبتة على الغلاف الذي يحمل العلامة المقلدة وأنها جميعها غير صحيحة. ولما كان ما أورده الحكم بشأن ركن العلم بالتقليد لا يؤدي بدوره إلى ما رتبه عليه مما كان يقتضي من المحكمة – حتى تتبين وجه الحق فيما ارتأته – أن تكلف الطاعن بإعادة إعلان الشركة إعلاناً صحيحاً وأن تتناول في حكمها الخلاف الظاهر بين العنوان المثبت بالفاتورة المقدمة من المطعون ضده والعنوان الذي تحمله المنتجات المقلدة. وأن ترد بقول سائغ على ما أكده الطاعن من أن الموقع على الفاتورة شخص خيالي إذ ليس في خلو الأوراق من دليل على ذلك ما يقطع بأنه شخص حقيقي وموجود. أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب بالفساد في الاستدلال.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 14/ 9/ 1959 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية: عرض للبيع المنتجات المبينة بالمحضر عليها علامة مقلدة مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمواد 1 و3 و36 و36 مكرر و40 و40 مكرر من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1949 والقانون رقم 569 لسنة 1954. وقد ادعى مدنياً عبده مهني حسين طالباً القضاء له قبل المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية السيدة أولجا فياض بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة باب شرقي الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1962 ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها المصروفات. فاستأنف كل من النيابة العامة والمدعي بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1963 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي بالحقوق المدنية بالمصاريف الاستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة عرضه للبيع منتجات مقلدة مع عمله بذلك وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة من الطاعن قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم دلل على حسن نية المطعون ضده وعدم علمه بتقليد المنتجات المعروضة للبيع من شرائه لها من الشركة الأهلية التجارية عن طريق من يدعى كاظم نوار مع أن الثابت بالأوراق أن تلك الشركة هي شركة وهمية لا جود لها وقد أكد هذه الحقيقة مندوب مصلحة التسجيل التجاري في شهادته أمام محكمة أول درجة وكذلك الشأن في شخصية كاظم نوار التي ابتدعها المطعون ضده لتعزيز دفاعه المرسل والذي لم يتأيد بدليل سوى تلك المستندات المصطنعة التي نسب صدورها إلى ذلك الشخص المزعوم وتلك الشركة الوهمية، واتخذ الحكم من توجيه إعلان الدعوى المدنية خطأ باسم الشركة الأهلية المصرية – بدلاً من الشركة الأهلية التجارية – التي أثبت المحضر عدم وجودها في العنوان الموضح بورقة الإعلان – دليلاً على وجود هذه الشركة الأخيرة كما اتخذ من انتفاء البرهان على وهمية شخصية كاظم نوار شاهداً على وجودها وجديتها وهو ما يعيب استدلال الحكم بالفساد ما دام لم يعن بتحقيق ما جاء على لسان مندوب مصلحة التسجيل التجاري من أن تحريات المصلحة قد دلت على أن الشركة الأهلية التجارية لا وجود لها ولم يرد على هذه الأقوال وتلك التحريات. ومن ناحية أخرى فقد أغفل الحكم التعرض لما وقع فيه المطعون ضده من تناقض حينما قدم فاتورة رغم صدورها من كاظم نوار وأثبت فيها عنواناً له شارع الجيش رقم 15 بينما العلب المقلدة تحمل عنواناً آخر هو 20 شارع عدلي.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على المطعون ضده بوصف أنه عرض للبيع المنتجات المبينة بالمحضر والتي تحمل علامة مقلدة مع علمه بذلك وطلبت معاقبته بالمواد 1, 3, 36, 36 مكررة و40,40 مكررة من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1949 والقانون رقم 569 لسنة 1954 وقد ادعى الطاعن قبله بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف والأتعاب ومحكمة أول درجة قضت بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. فاستأنفت النيابة والطاعن. ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بالمصاريف المدنية الاستئنافية. وبين الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما محصله أن المجني عليه – الطاعن – أبلغ بأن المتهم – المطعون ضده – يقوم بتوزيع منتجات مشابهة لمنتجاته وتقليد علامتها التجارية واستطرد يقول إنه يمتلك مؤسسة لإنتاج نوع خاص من مستحضرات التجميل قام باختراعه واتخذ لتمييزه علامة تجارية عبارة عن اسم “نولين” بالإضافة إلى رسم خاص موضح في شهادة تسجيل العلامة التي تم تسجيلها بمراقبة العلامات التجارية بمصلحة التسجيل التجاري في 31/ 1/ 1959 وبسؤال المتهم قرر أنه اشترى هذه المنتجات من الشركة الأهلية التجارية بشارع الجيش التي اعتاد التعامل معها وقدم فاتورة الشراء موقع عيها من كاظم نوار كما تقدم بإخطار وخطابات من كاظم نوار بخصوص “كريم نولين”. وخلص الحكم إلى القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية في قوله “الثابت من الأوراق ومن كتاب إدارة العلامات التجارية ومن أقوال السيد إبراهيم عبد العزيز صبري وكيل مكتب التسويق الداخلي بالإسكندرية أنه يوجد تشابه بين العلامتين يكاد يرقى إلى درجة التطابق مما يؤدي إلى التضليل، ولم يثبت في الأوراق وجود محاكاة دقيقة والتي يستلزمها القانون في تقليد العلامة والتي كان يجب أن تتم بين الأصل والتقليد فإذا كانت الأوراق خالية من ذلك خاصة وأن أقوال السيد إبراهيم عبد العزيز صبري قاصرة عن إثبات التطابق الحقيقي بينها وبين العلامة المقلدة فإن المحكمة لا يمكن أن تساند رأي كتاب إدارة العلامات وأقوال السيد إبراهيم عبد العزيز لما شاب هذه الأقوال من قصور، هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن المتهم لم يثبت في حقه سوء النية إذ أن العلم يجب أن تستشفه المحكمة عن طريق اليقين لا عن طريق الشكوك”. وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله “حيث إن الحكم المستأنف قد أصاب فيما انتهى إليه من نتيجة للأسباب السائغة السليمة التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتجعلها أسباباً لها وتضيف إليها بأنه يشترط لتوقيع العقاب على المتهم في التهمة التي أسندت إليه وجوب توافر ركن العلم في حقه وهو الأمر الذي تفتقر إليه وقائع الدعوى حيث أن المتهم دافع عن نفسه منذ البداية بأنه يقوم بشراء البضائع التي وجدت تحمل العلامة المقلدة من الشركة الأهلية التجارية شارع الجيش/ 15 بالعتبة وأن الذي يقوم بتوريد هذه البضائع إليه هو المواطن كاظم نوار وقد أيد أقواله السابقة بفاتورة صادرة من الشركة المذكورة وبعدة خطابات تحمل تواريخ عديدة مرسلة إليه من كاظم نوار وكلها تدور حول إرسال كميات كريم “نولين” إليه وهى البضاعة التي قيل بأنها تحمل العلامة المقلدة الأمر الذي يؤكد حسن نية المتهم وانتفاء علمه بتقليد العلامة ولا يدحض من ذلك ما أثاره المدعي بالحق المدني من أن الشركة الأهلية التجارية إنما هي شركة وهمية ودليل ذلك ما ورد بإعلانها بالدعوى المدنية من أنه لم يستدل عليها إذ أنه يرد على ذلك بأن الإعلان لم يكن دقيقاً حيث إنها أعلنت باسم الشركة الأهلية المصرية فجاء الرد متضمناً عدم وجود شركة بهذا الاسم بالعنوان الذي ذكره في الإعلان كما لا ينال من ذلك ما أثاره المدعي المدني كذلك من أن شركة نولين التي وضع اسمها على الأغلفة التي تحمل العلامة المقلدة باعتبارها منتجة للبضائع التي تحتويها هذه الأغلفة إنما هي شركة وهمية حيث إن المتهم قد دافع عن نفسه منذ البداية بأنه يستورد البضائع من الشركة الأهلية التجارية والتي أعلنت باسم خاطئ. كما لا ينال من ذلك أخيراً ما أثاره المدعي المدني أيضاً من أن كاظم نوار إنما هو شخصية وهمية حيث إنه لم يقم دليل على ذلك”. ومؤدى ما تقدم أن المحكمة لم تطمئن إلى تقليد العلامة التجارية المسجلة باسم الطاعن، ولم تأخذ بأقوال وكيل مكتب التسويق الداخلي بالإسكندرية أو بكتاب إدارة العلامات التجارية من تشابه العلامة المسجلة والعلامة المقلدة تشابهاً يكاد يرقى إلى درجة التطابق ويؤدي إلى التضليل، وعللت إطراحها لهذا الكتاب وتلك الأقوال بأنها جاءت قاصرة عن تبيان مدى التطابق بين العلامتين، وخلصت إلى أنه بافتراض تقليد العلامة فإن المطعون ضده كان حسن النية لعدم علمه بتقليدها. لما كان ذلك, وكانت للمادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية المعدلة بالقانون رقم 569 لسنة 1954 قد نصت على عقاب “كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك” فهي تشترط للعقاب فضلاً عن البيع أو العرض للبيع أو للتداول توافر ركنين الأول التزوير أو التقليد والثاني سوء النية, وكان الأصل في جرائم تقليد العلامة التجارية هو الاعتداد – في تقدير التقليد – بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف, وأن المعيار في أوجه الشبه هو بما ينخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بني عقيدته بعدم توافر ركن التقليد على القول بأن كتاب إدارة العلامات التجارية وأقوال وكيل مكتب التسويق الداخلي بالإسكندرية قصرت عن تبيان مدى التطابق بين العلامة المسجلة والعلامة المقلدة, وهو تدليل لا يسوغ به تبرير النتيجة التي خلص إليها، ذلك بأنه لا يلزم في التقليد أن يكون هناك ثمت تطابق بين العلامتين بل يكفي لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث الخلط واللبس بين المنتجات, وإذ ما كان الحكم لم يعن من جانبه ببيان وصف العلامة الصحيحة والعلامة المقلدة, ولم يتصد لفحص هاتين العلامتين ويبدي وجهة نظره بصدد التشابه بينهما إثباتاً أو نفياً حتى يستقيم تقديره للدليل ويستوي قضاؤه على أسباب تحمله، فإن الحكم يكون معيباً في تدليله بالقصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بشأن ركن العلم بالتقليد لا يؤدي بدوره إلى ما رتبه عليه, ذلك بأن الخطأ في بيان اسم الشركة في إعلان الدعوى المدنية لا يقتضي بذاته القول بوجودها وعدم وهميتها ما دامت تحريات الجهة الإدارية – على ما شهد به وكيل مكتب التسويق الداخلي بجلسة المحاكمة – قد أسفرت عن عدم وجود شركة بالقاهرة بهذا الاسم. وأنه ثبت لها زيف البيانات والأرقام المثبتة على الغلاف الذي يحمل العلامة المقلدة وأنها جميعها غير صحيحة, مما كان يقتضي من المحكمة – حتى تتبين وجه الحق فيما ارتأته – أن تكلف الطاعن بإعادة إعلان الشركة إعلاناً صحيحاً, وأن تتناول في حكمها الخلاف الظاهر بين العنوان المثبت بالفاتورة المقدمة من المطعون ضده والعنوان الذي تحمله المنتجات المقلدة, وأن ترد بقول سائغ على ما أكده الطاعن من أن كاظم نوار – الموقع على الفاتورة – شخص خيالي إذ ليس في خلو الأوراق من دليل على ذلك – كما جاء في الحكم – ما يقطع بأنه شخص حقيقي وموجود, أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب بالفساد في الاستدلال.
لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية وأتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .