عقوبة استعمال العلامات التجارية التي لا يجوز تسجيلها وفقاً للقانون المصري

الطعن 1279 سنة 14 ق جلسة 11 / 12 / 1944 مج عمر ج 6 ق 419 ص 551 جلسة 11 ديسمبر سنة 1944

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.
————-
(419)
القضية رقم 1279 سنة 14 القضائية

(أ ) وصف التهمة.

فصل المحكمة الابتدائية غيابياً في الدعوى على الوصف الذي رفعته به النيابة إليها. المعارضة فيه. تأييده. خطأ المحكمة في تحرير الحكم الصادر بتأييد الحكم الغيابي لأسبابه في معرض سرد الوقائع بذكرها فيه وصف التهمة معدّلاً. تطبيقها مادة القانون التي تنطبق على واقعة التهمة كما كانت. ذلك لا يعدّ تعديلاً في وصف التهمة. مثال.

(ب) علامات تجارية.

العلامات التي لا يجوز تسجيلها. استعمالها. العقاب عليه. العلامات التي ليس فيها في حد ذاتها ما يحول دون تسجيلها. عقاب المتهم على استعمال علامات في الحالة المنصوص عليها في الفقرة ي من المادة 5 من القانون رقم 57 لسنة 1939. لا تصح.

(جـ) علامات تجارية.

البيان التجاري. الغرض منه. مناط العقاب على عدم صحة البيانات المتعلقة بالمنتجات. كون البيان ذا أثر في تضليل الجمهور في شأن منتجات أعدّت بالفعل للعرض. لا يشترط أن يكون البيان موضوعاً على المنتجات ذاتها.
(القانون رقم 57 لسنة 1939)

—————–
1 – إذا كانت الدعوى العمومية قد أقيمت على الطاعنين بأنهما وآخر “استعملوا علامات غير مسجلة لشركة أسبيرين باير في الحالة المنصوص عنها في الفقرة ي من المادة الخامسة من القانون رقم 57 لسنة 1939 وبأنهم زوّروا بياناً تجارياً للشركة المذكورة”، وطلبت النيابة معاقبتهم طبقاً للمادة 34 من القانون المشار إليه، وقضى غيابياً بإدانتهم في هذه التهمة، وكان الثابت بمحاضر جلسات المعارضة والاستئناف أن التهمة الموجهة عليهم ظلت كما رفعت بها الدعوى دون أن يدخل عليها أي تعديل، وأن محكمة المعارضة في الحكم الابتدائي والمحكمة الاستئنافية في حكمها قد أجرتا مادة القانون التي تنطبق عليها بوصفها هذا، وإن كانت محكمة المعارضة عند تحريرها الحكم الصادر في المعارضة قالت، عند سرد الوقائع وما سبق أن تم في الدعوى، إن الطاعنين يعارضان في الحكم الصادر ضدهما لأنهما وآخر: “زوّروا علامات أسبيرين لشركة باير التي تم تسجيلها طبقاً للقانون” – إذا كان هذا وذاك فإنه إذ كان تعديل للتهمة لم يصدر به طلب من النيابة، وكانت المحكمة في حكمها الذي أصدرته في المعارضة لم تقل بأنها هي رأت إجراء أي تعديل بل اكتفت بتأييد الحكم الغيابي لأسبابه وطبقت مادة القانون التي تنطبق على واقعة التهمة كما كانت، والمحكمة الاستئنافية عند نظرها الدعوى قد فصلت فيها على هذا الأساس دون أي تعديل – إذ كان ذلك فلا يصح القول بأنه قد حصل تعديل في التهمة، أما ما أدرج في حكم المعارضة على النحو المتقدّم فإنه لا يعدو أن يكون خطأ في التحرير غير مقصود من المحكمة ولم يترتب عليه أي أثر.
2 – إن الشارع حين أورد بالقانون رقم 57 لسنة 1939 النصوص الخاصة بتنظيم وحماية الملكية الصناعية ضماناً للمصالح المختلفة للتجار والمنتجين مع مراعاة جمهور المستهلكين، الأمر الذي افتضاه أن ينشئ نظاماً خاصاً لتسجيل العلامات التجارية، قد فرض في المادة 33 منه جزاء لحماية العلامات التجارية التي تم تسجيلها وفقاً للقانون، كما حدد على سبيل الحصر في المادة الخامسة ما لا يجوز – للاعتبارات التي رآها – تسجيله كعلامات تجارية، ثم فرض عقوبة على من يسعى إلى تفويت غرضه فيقدم على استعمال ما حظر تسجيله من ذلك، ونص على هذه العقوبة في الفقرة الثانية من المادة 34، وهي بصفتها والغرض منها لا تشمل العلامات التي ليس فيها في حدّ ذاتها ما يحول دون تسجيلها. وإذن فإذا كانت واقعة الدعوى ليس فيها ما يفيد أن العلامات موضوع المحاكمة هي مما حظرت المادة الخامسة المذكورة تسجيله فإن إدانة المتهم عن استعمال علامات في الحالة المنصوص عليها في الفقرة ي من المادة 5 المذكورة تكون غير صحيحة. إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في سلامة الحكم من حيث العقوبة ما دام لم يحكم على المتهم إلا بعقوبة واحدة تدخل في نطاق العقوبة المقرّرة للجريمة الأخرى التي أدانه من أجلها أيضاً.
3 – إنه يبين من تعريف البيان التجاري الوارد في المادة 26 من قانون العلامات والبيانات التجارية ومن المواد التالية لها أن الشارع إنما قصد حماية الجمهور من كل تضليل في شأن حقيقة ما يعرض عليه من منتجات، ولذلك فقد أوجب أن يكون ما يتعلق بها من البيانات التي تعرف بها لدى الناس مطابقاً للحقيقة، وسوّى في ذلك بين ما يوضع على ذات المنتجات المعروضة وما يوضع على المحال أو المخازن أو بها، وبين ما يوضع على عنواناتها أو الأغلفة أو الفواتير أو أوراق الخطابات أو وسائل الإعلان وغير ذلك مما يستعمل في عرض البضائع على الجمهور، وقضى بمعاقبة من يخالف هذه الأحكام. فمناط العقاب إذن أن يكون للبيان أثر في التضليل في شأن منتجات أعدّت بالفعل للعرض على الجمهور ولا يشترط أن يكون البيان موضوعاً على المنتجات ذاتها.

المحكمة
وحيث إن الوجه الأوّل من وجهي الطعن المقدّم من الطاعنين الأوّلين يتحصل في أن الدعوى العمومية أقيمت عليهما بأنهما وآخر استعملوا علامات غير مسجلة لشركة أسبيرين باير في الحالة المنصوص عنها في الفقرة ي من المادة الخامسة من القانون رقم 57 لسنة 1939 وقضى غيابياً بإدانتهما على هذا الأساس ولما عارضا عدّلت النيابة الوصف إلى “أنهم زوّروا علامات الأسبيرين لشركة أسبيرين باير التي تم تسجيلها طبقاً للقانون” وصدر الحكم في المعارضة على هذا الأساس، واستأنفه الطاعنان بهذا الوصف إلا أن المحكمة الاستئنافية عند إصدارها الحكم المطعون فيه عدّلت الوصف وأدانت الطاعنين على أساس التهمة كما رفعت بها الدعوى أصلاً دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل وترتب على ذلك إخلال بحق الطاعنين في الدفاع يعيب الحكم.
وحيث إن الدعوى العمومية أقيمت على الطاعنين بأنهما وآخر “استعملوا علامات غير مسجلة لشركة أسبيرين باير في الحالة المنصوص عنها في الفقرة ي من المادة الخامسة من القانون رقم 57 لسنة 1939 وبأنهم زوّروا بياناً تجارياً للشركة المذكورة. وطلبت النيابة معاقبتهم طبقاً لفقرات من المادة 34 من القانون المشار إليه. وقضى غيابياً بإدانة الطاعنين في هذه التهمة. وثابت بمحاضر جلسات المعارضة والاستئناف أن التهمة الموجهة عليهما ظلت كما رفعت بها الدعوى دون أن يدخل عليها أي تعديل ثم طبقت محكمة المعارضة والمحكمة الاستئنافية مادة القانون التي تنطبق عليها بهذا الوصف، وكل ما في الأمر – وهذا على ما يظهر هو الذي أدخل اللبس على الطاعنين – هو أنه عند تحرير الحكم الصادر في المعارضة قيل – عند سرد الوقائع وما سبق أن تم في الدعوى – إن الطاعنين يعارضان في الحكم الصادر ضدّهما لأنهما وآخر “زوّروا علامات أسبيرين لشركة باير التي تم تسجيلها طبقاً للقانون”. ولما كان تعديل للتهمة لم يصدر به طلب من النيابة، كما أن المحكمة في حكمها الذي أصدرته في المعارضة لم تقل بأنها هي رأت إجراء أي تعديل بل اكتفت بتأييد الحكم الغيابي لأسبابه وطبقت مادة القانون التي تنطبق على واقعة التهمة كما كانت، وقد نظرت الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية وفصلت فيها على هذا الأساس دون أي تعديل – لما كان ذلك كذلك وكان ما أدرج في حكم المعارضة على النحو المتقدّم لا يعدو أن يكون خطأ في التحرير غير مقصود من المحكمة ولم يترتب عليه أي أثر فإنه لا يصح أن ينبني عليه القول بحصول تعديل في التهمة وبالتالي بوقوع إخلال بحق الطاعنين كما يزعمان.
وحيث إن حاصل الوجه الآخر أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين قد طبق الفقرة “ي” من المادة الخامسة من قانون العلامات والبيانات التجارية مع أن هذه الفقرة خاصة بالعلامات التي لا يجيز القانون تسجيلها للأسباب الواردة بها وعلى الرغم من ذلك يستعملها صاحبها، وليست العلامات موضوع المحاكمة من هذا القبيل إذا لا يوجد ما يمنع قانوناً من قبول تسجيلها. ومتى كان صاحبها لم يقم بتسجيلها طبقاً للقانون فهو في هذه الحالة لا يستحق حماية علامته عن طريق معاقبة من يقلدها أو يستعملها.
وحيث إن الشارع حين أورد بالقانون رقم 57 لسنة 1939 النصوص الخاصة بتنظيم وحماية الملكية الصناعية ضماناً للمصالح المختلفة للتجار والمنتجين مع مراعاة جمهور المستهلكين – وفي سبيل ذلك أنشأ نظاماً خاصاً لتسجيل العلامات التجارية – قد فرض في المادة 33 جزاءات لحماية العلامات التجارية التي تم تسجيلها وفقاً للقانون، كما حدّد في المادة الخامسة ما لا يجوز – للاعتبارات التي رآها – تسجيله من العلامات وفرض عقوبة على من يسعى إلى تفويت غرضه فيقدم على استعمال ما حظر تسجيله من العلامات. وذلك في الأحوال التي أوردها على سبيل الحصر، فنص على هذا الجزاء في الفقرة الثانية من المادة 34 وهي بصيغتها والغرض منها لا تشمل العلامات التي ليس فيها – في حدّ ذاتها – ما يحول دون تسجيلها. ولما كانت واقعة الدعوى ليس فيها ما يفيد أن العلامات موضوع المحاكمة لا يقبل من صاحبها طلب تسجيلها بناء على أي سبب من الأسباب الواردة في المادة 5 فإن إدانة الطاعنين عن استعمال علامات في الحالة المنصوص عليها في الفقرة “ي” من المادة المذكورة تكون غير صحيحة كما يقول الطاعنان. إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في سلامة الحكم من حيث معاقبتهما ما دام لم يحكم عليهما إلا بعقوبة واحدة تدخل في نطاق العقوبة المقرّرة للجريمة الأخرى التي دانهما أيضاً من أجلها.
وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن المقدّمة من الطاعن الثالث يتحصل في أن محله قد فتش بغير إذن من النيابة وهذا يجعل التفتيش باطلاً. في بيان ذلك يقول بأن الحكم رفض هذا الدفع بناء على صدور إذن من النيابة بتفتيش من يرشد عنه الطاعن الأول وهذا إذن غير صحيح لأنه لم يعين الشخص ولا المحل اللذين صدر في شأنهما.
وحيث إن الحكم قد فحص هذا الدفاع وردّ عليه ثم أردف ردّه بقوله “ولا يفوت المحكمة في هذا المقام أن تنوه بأن المتهم (الطاعن) قد اعترف أمام المحكمة بحيازته لذات الأشياء موضوع الدعوى التي ظهر من التفتيش وجودها لديه. فعلى فرض التسليم جدلاً بأن التفتيش كان بغير إذن من الجهة المختصة – مع أن هذا غير صحيح كما ألمعت المحكمة في تبيان ذلك آنفاً – فإن المتهم لا يستفيد من الدفع ببطلان التفتيش”. ولما كان هذا الذي قاله الحكم صحيحاً فلا مصلحة للطاعن من إثارة الجدل الذي يثيره في هذا الوجه.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الطاعن دفع بعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسبق الفصل فيها بحكم صار نهائياً وطلب ضم ملف القضية السابقة تحقيقاً لدفاعه إلا أن محكمة الموضوع رفضت الضم كما رفضت الدفع، وفي هذا إخلال بحقه إذ لو أنها أجابت الطلب واطلعت على القضية لتغير رأيها في الدفع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى قال في ذلك: “ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدفع الثاني الذي تقدّم به المتهم وهو عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 3112 سنة 1940 جنح الأزبكية المنضمة أوراقها إلى ملف الدعوى الحالية فإن الثابت من التحقيقات التي أجريت بشأن القضية رقم 3112 سنة 1940 جنح الأزبكية السالفة الذكر أن الضابط محمد فتحي أفندي قد انتقل في يوم 28 يونيه سنة 1940 إلى منزل المتهم ومحل الطباعة المملوك له وفتشهما وعثر على أسبيرين مقلد لشركة “باير” كما عثر على إكليشيهات وأدوات أخرى للتقليد فضبطها جميعاً ولم يترك منها شيئاً. ولو كانت الأدوات موضوع الدعوى الحالية كانت موجودة لدى المتهم في هذا الوقت سواء أكانت بمنزله أم بمحل طباعته لبادر الضابط المحقق وقتئذ بضبطها كغيرها من الأشياء موضوع القضية رقم 3112 سنة 1940 جنح الأزبكية السالفة الذكر. أما أنه يضبط بعضها ويترك البعض الآخر فهذا قول فضلاً عن أنه مجرّد عن كل دليل فإنه غير معقول وتكذبه الحقائق الثابتة في قضية الجنحة رقم 3112 سنة 1940 السالفة الذكر على النحو السابق بيانه. يضاف إلى هذا أنه قد ضبط في الدعوى الحالية أدوات تستعمل في التقليد لم يضبط لدى المتهم من نوعها شيء في القضية رقم 3112 سنة 1940 جنح الأزبكية السالفة الذكر منها “الأكليشيهان” اللذان ضبطا لدى المتهم أحدهما بجيبه والآخر بمحله ويحمل كل منهما علامة “باير” ومنها الأربع علب التي وجدت ملآى بمادة السالسيليك والمظروف المملوء بمادة “النشاء” والتي قال عنها مندوب شركة باير “بأن تلك المواد هي العنصر الفعال في صنع الأسبيرين والأسبرو” (القسيمة رقم 397 من قسائم محضر ضبط الواقعة). ومن حيث إنه أكثر من هذا كله فإنه قد تثبت من التحقيقات التي أجريت بشأن الدعوى الحالية أن المتهم ما زال بعد الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 3112 سنة 1940 جنح الأزبكية السالفة البيان يقوم بتقليد العلامات الخاصة “بشركة باير” ويتجر فيها ويدل على ذلك: (أوّلاً) ما قرّره أحمد محمود الشماع في التحقيقات في القسيمة رقم 2285 من قسائم محضر ضبط الواقعة من أنه يشتري “الكبسول والورق” الخاص بالأسبيرين الذي يلقده من محل المتهم. (ثانياً) ما أثبته الضابط المحقق في محضره في القسيمتين رقمي 22394 و22395 من قسائم محضر ضبط الواقعة من أنه انتقل مع أحمد محمود الشماع المذكور إلى محل الطباعة المملوك للمتهم حيث كان هناك المتهم وسمع أحمد محمود الشماع يقول للمتهم “أنا عاوز شوية شريط وشوية كبسول” ويقصد بذلك الشريط والكبسول الخاص بشركة باير فردّ عليه المتهم قائلاً “عليا أجيب لك اللي أنت عاوزه” ثم قال المتهم لأحمد محمود الشماع المذكور إنه أي المتهم سيحضر له “الكبسول” بعد عشرة أيام، وأما الورق أي “الشريط” سيحضره له بعد الظهر. (ثالثاً) أثبت الضابط المحقق في محضره في القسيمة رقم 22393 ص 5 بأن المتهم قد اعترف له بأنه يشتري “الأوراق والكبسول وغيرها مما يستعمل في تقليد الأسبيرين من محل يوسف أسعد سعد الله بشارع كلوت بك”. (رابعاً) ضبط لدى المتهم خطاب مؤرخ 29 يناير سنة 1941 ورد فيه ما يأتي: “أرسلنا حوالة بوستة للخواجة بمبلغ خمسمائة قرش أرجو طبع الكبسولات لحين حضوري استلمهم”. وقد سئل المتهم عن الخطاب السالف الذكر فقرّر في القسيمة رقم 22400 بأن شخصاً حضر عنده وأخبره بأنه يرغب في شراء كبسول فاتفق معه على أن يوردّ له كبسولاً قيمته خمسة جنيهات مصرية فأرسل له هذا الشخص خمسة جنيهات عن طريق البريد ثم بعد ذلك ادّعى المتهم بأنه لم يورّد لذلك الشخص الكبسول المطلوب. ومن حيث إنه بناء على ما تقدّم ذكره تكون الأدلة قبل المتهم متوافرة على أنه بعد صدور الحكم في قضية الجنحة رقم 3112 سنة 1940 الأزبكية الصادر نهائياً بتاريخ 10 فبراير سنة 1942 قد قام بتقليد غلافات علامات باير الخاصة بالأسبيرين وقطرة بروترجول وباعها إلى آخرين يضعون داخلها منتجات باير المقلدة مضللين بذلك الجمهور عن مصدر تلك المنتجات فليس للمتهم والحالة هذه بأن يتمسك بقوة الشيء المحكوم فيه في قضية الجنحة رقم 3112 سنة 1940 الأزبكية وذلك لأن الحكم الصادر في الدعوى السالفة الذكر ليس بمانع من محاكمته عن التهمة المسندة إليه في الدعوى الحالية لأنها مستقلة عنها والحكم الصادر في الدعوى رقم 3112 سنة 1940 جنح الأزبكية السالفة البيان مقصور على الواقعة التي فصل فيها. أما الدعوى الحالية فهي عن وقائع أخرى لم يشملها الاتهام في القضية السالفة الذكر ومن ثم يجوز رفع الدعوى العمومية عنها”. ومن هذا يبين أن المحكمة قد ضمت أوراق الدعوى السابق الفصل فيها، على خلاف ما يقول به الطاعن، وبنت قضاءها في الدفع بناء على ما توافر لديها من اطلاعها على تلك الدعوى وعلى الدعوى الحالية من أدلة من شأنها أن تؤدّي إلى النتيجة التي انتهت إليها. وإذن فما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون إلا جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إن الوجه الأخير يتلخص في أن الفقرة (ي) من المادة الخامسة من قانون العلامات والبيانات التجارية تتطلب في واقعة الدعوى أن يعرض المتهم للبيع غلافاً مزوّراً عليه علامة باير وبداخله بضاعة ليست من منتجات باير أو أن يستعمل علامات من شأنها تضليل الجمهور بالنسبة إلى حقيقة المنتجات الموضوعة عليها العلامة. أما الطاعن فإنه لم تضبط لديه منتجات وكل ما ضبط عنده أغلفة مقلدة لم يوضع شيء بداخلها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد طبق في حق الطاعن الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1939 على أساس أنه خالف أحكام المادة 27 لأنه هو وباقي الطاعنين باعوا أسبريناً موضوعاً عليه علامة باير مع أنه لم يكن من المنتجات المعروفة في الأوساط التجارية لدى الكافة بهذا الاسم. ولما كان نص هذه المادة هو أنه “يجب أن يكون البيان التجاري مطابقاً للحقيقة من جميع الوجوه سواء أكان موضوعاً على نفس المنتجات أو على المحال أو المخازن أو بها أو على عنواناتها أو الأغلفة أو الفواتير أو أوراق الخطابات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يستعمل في عرض البضائع على الجمهور”. ولما كان يبين من تعريف البيان التجاري الوارد في المادة 26 ومن المواد التالية لها أن الشارع قصد حماية الجمهور من كل تضليل في شأن حقيقة ما يعرض عليه من منتجات فأوجب صحة ما يتعلق بها من البيانات التي تعرف بها لدى الناس. وسوّى في ذلك بين ما يوضع على ذات المنتجات المعروضة أو على ما يستعمل في عرضها ولو لم يصادف أن تكون مرافقة له على حسب حالة إعلان التعريف وظروفه. وقضى بمعاقبة من يخالف هذه الأحكام. وهو قد دل بذلك على أن مناط العقاب أن يكون للبيان شأن في منتجات أعدّت بالفعل للعرض على الجمهور وإن كان لا يشترط أن يكون موضوعاً على المنتجات ذاتها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين أثبت أن الطاعن ساهم مع زملائه في بيع أسبيرين موضوع عليه كلمة “باير” مع أنه لم يكن من صنع الشركة المعروفة بهذا الاسم يكون قد بين الواقعة الجنائية التي دين بها الطاعن بما يتفق والقانون، لأن عقابه لم يكن بناء على الأغلفة التي ضبطت لديه باسم “باير” فحسب، بل لوحظ فيه مساهمته مع الآخرين فيما بيع من أسبيرين موضوع في أغلفة من هذا القبيل مما ضلل بالناس فاشتروا بالثمن الذي اشتروه به معتقدين صحة البيان الموضوع عليه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .