تقادم دعوى المؤمن له قبل شركة التأمين في القانون المصري – حكم محكمة النقض

الطعن 5578 لسنة 64 ق جلسة 28 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ج 2 ق 246 ص 1259

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي غرابه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، الدكتور سعيد فهيم وعلي جمجوم نواب رئيس المحكمة.
————-
– 1 تأمين ” دعوى المؤمن له قبل شركة التأمين . تقادمها “. تقادم ” دعوى المؤمن له قبل المؤمن”.
دعوى المؤمن له قبل المؤمن . بدء سريان مدة تقادمها من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض . سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم و انقطاعها بشأن هذا التقادم.
إذ كانت المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات قد نصت على التزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أي إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات وأن يكون هذا الالتزام بقيمة ما يحكم به قضائيا من تعويض مهما بلغت قيمته. بما مؤداه أن يكون للمؤمن له حق الرجوع على المؤمن تنفيذا لعقد التأمين، إلا أنه لما كانت المادة 1/752 من القانون المدني تنص على أن “تسقط بالتقادم الدعوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى وكانت مطالبة المضرور المؤمن له بالتعويض وديا أو قضائيا ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ هي الواقعة التي يسري بحدوثها التقادم المسقط بالنسبة لدعوى المؤمن له قبل المؤمن، وهذا التقادم تسري في شأنه القواعد العامة بخصوص وقف مدته وانقطاعه.
– 2 تأمين ” دعوى المؤمن له قبل شركة التأمين . تقادمها “. تقادم “وقف التقادم”.
دعوى المؤمن له قبل إذا كان أساس الفعل غير المشروع فيها جريمة رفعت عنها الدعوى الجنائية . أثره . وقف سريان التقادم بالنسبة للمؤمن له قبل المؤمن طوال مدة المحاكمة الجنائية . عودة سريانه صدور الحكم الجنائي أو انتهاء المحاكمة الجنائية لسبب آخر – علة ذلك .
إذا كانت الواقعة التي يستند إليها المؤمن له في دعواه قبل المؤمن جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء كان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولا عن فعلهم، فإن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المؤمن له يقف طوال المدة التي تستغرقها المحاكمة الجنائية، ولا يعود التقادم إلى السريان إلا منذ صدور الحكم الجنائي أو انتهاء المحاكمة بسبب آخر، لأنه إذا رفع دعواه على المؤمن أمام المحكمة المدنية أثناء السير في الدعوى الجنائية كان مصيرها الحتمي هو وقف السير فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية لأن مسئولية المؤمن قبل المؤمن له لا تقوم إلا بثبوت مسئولية المؤمن له قبل المضرور، فإذا كانت هذه المسئولية الأخيرة ناشئة عن الجريمة التي رفعت عنها الدعوى الجنائية فإنها تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى والدعوى المدنية التي رفعها المؤمن له على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف دعوى المؤمن له حتى يفصل نهائيا في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملا بقاعدة أن الجنائي يوقف المدني والتزاما بما تقضي به المادة 102 من قانون الإثبات من وجوب تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً وما تقضي به المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية من أن ما يفصل فيه الحكم الجنائي نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً. فإذا رفع المؤمن له دعواه أمام المحكمة المدنية كان رفعها في هذا الوقت عقيماً إذ لا يمكن النظر فيها إلا بعد أن يفصل نهائياً في تلك الدعوى الجنائية لأن رفع الدعوى الجنائية في هذه الحالة يكون مانعاً قانونياً يتعذر معه على المؤمن له مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه الماد 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما دام المانع قائماً وبالتالي يقف سريان التقادم بالنسبة إلى دعوى المؤمن له قبل المؤمن طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انتهت المحاكمة الجنائية بصدور حكم فيها أو لأي سبب من أسباب انقضاء الدعوى الجنائية فمن هذا التاريخ يتعين احتساب مدة التقادم.
– 3 حكم ” عيوب التدليل : التناقض .مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه”. دعوى ” دعوى المضرور مدنيا”.
ادعاء المضرور أثناء نظر الجنحة . وجوب احتساب مدة تقادم دعوى المؤمن له قبل المؤمن من تاريخ الادعاء . رجوع المؤمن له على المؤمن بدعوى الضمان الفرعية بعد أكثر من ثلاث سنوات من صيرورة الحكم الجنائي باتاً . أثره . سقوط دعوى الضمان بالتقادم . احتساب الحكم بدء سريان مده التقادم من تاريخ رفع دعوى التعويض متلفاً عن المطالبة الحاصلة بالادعاء المدني . خطأ .إذ كان البين من الأوراق أن المضرورين ادعوا مدنيا قبل المطعون ضده الأول المؤمن له وقبل المطعون ضده الثاني مرتكب الحادث في الجنحة رقم….. وقضى بإدانة الأخير بإلزام المطعون ضدهما بالتعويض المؤقت فاستأنفه المتهم بالاستئناف رقم… وقضى بجلسة 1986/11/19 حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتغريمه مائتي جنيه وتأييده فيما عدا ذلك فمن هذا التاريخ الأخير يبدأ احتساب مدة تقادم دعوى المطعون ضده الأول المؤمن له قبل الشركة الطاعنة، إذ كان ذلك وكان المطعون ضده الأول لم يرفع دعوى الضمان الفرعية قبل الشركة الطاعنة إلا بتاريخ 1991/1/28 بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الجنائي النهائي وصيرورته باتا فإن حقه في الرجوع على الشركة الطاعنة بدعوى الضمان يكون قد سقط بالتقادم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واحتسب بدء سريان التقادم من تاريخ إقامة المضرورين دعوى التعويض الكامل بتاريخ 1989/11/14 اعتبارا بأنها الواقعة التي تولدت عنها دعوى الضمان والتفت عن المطالبة الحاصلة بالادعاء المدني في الجنحة سالفة الذكر ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع المبدى من الشركة الطاعنة بسقوط دعوى الضمان بالتقادم فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن ورثة المرحوم……. كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 16591 لسنة 1989 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لهم مبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا وموروثا، وقالوا بيانا لها إنه بتاريخ 5/6/1985 تسبب المطعون ضده الثاني تابع المطعون ضده الأول خطأ في موت مورثهم المرحوم ……. وتحرر عن الحادث المحضر رقم 2810 لسنة 1985 جنح السيدة زينب وقضي بإدانته بحكم بات وبتعويض مؤقت، وإذ أصابتهم أضرارا يقدرون التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى. وجه المطعون ضده الأول دعوى ضمان فرعية على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني للحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له ما عسى أن يحكم به عليه في الدعوى الأصلية، وبتاريخ 20/6/1992 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للمدعين مبلغ سبعة آلاف جنيه تعويضا أدبيا وموروثا وقضت في دعوى الضمان الفرعية بتاريخ 22/5/1993 بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني بالتضامن بأن يؤديا للمطعون ضده الأول بصفته ما حكم به عليه في الدعوى الأصلية. استأنف المدعون في الدعوى الأصلية هذا الحكم بالاستئناف رقم 9524 لسنة 109 ق القاهرة كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 9946 لسنة 110 ق أمام ذات المحكمة. وبتاريخ 13/4/1994 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول بتعديل التعويض المقضي به إلى مبلغ سبعة عشر ألف جنيه وفي الاستئناف الثاني بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول ما قضى به في الاستئناف الأول. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وفي بيانه تقول أنه لما كانت مدة تقادم دعوى المؤمن له قبل المؤمن تبدأ من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض باعتبار أن تلك المطالبة هي الواقعة التي يسري بحدوثها التقادم المسقط، وأن ادعاء المضرور مدنيا بتحقيقات النيابة يرتب احتساب مدة التقادم من تاريخ هذا الادعاء، وكان المضرورون قد ادعوا مدنيا قبل المطعون ضدهما في قضية الجنحة رقم 2810 لسنة 1985 جنح السيدة زينب والتي قضي فيها بإدانة الطاعن الثاني وبإلزام المطعون ضدهما بالتعويض المؤقت وتأيد الحكم استئنافيا بجلسة 19/11/1986 فإنه من هذا التاريخ يبدأ احتساب مدة التقادم الثلاثي لدعوى الضمان الفرعية المقامة من المطعون ضده الأول قبلها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واحتسب بداية سريان مدة تقادم هذه الدعوى من تاريخ رفع المضرورين دعوى التعويض النهائي وقضى لذلك برفض الدفع المبدى منها بسقوط حق المطعون ضده الأول في الرجوع عليها بالتقادم فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ِإن هذا النعي في محله ذلك أنه لئن كانت المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات قد نصت على التزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أي إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات وأن يكون هذا الالتزام بقيمة ما يحكم به قضائيا من تعويض مهما بلغت قيمته. بما مؤداه أن يكون للمؤمن له حق الرجوع على المؤمن تنفيذا لعقد التأمين، إلا أنه لما كانت المادة 752/1 من القانون المدني تنص على أن “تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى وكانت مطالبة المضرور المؤمن له بالتعويض وديا أو قضائيا – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي الواقعة التي يسري بحدوثها التقادم المسقط بالنسبة لدعوى المؤمن له قبل المؤمن، وهذا التقادم تسري في شأنه القواعد العامة بخصوص وقف مدته وانقطاعها. فإذا كانت الواقعة التي يستند إليها المؤمن له في دعواه قبل المؤمن جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء كان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولا عن فعلهم، فإن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المؤمن له قبل المؤمن يقف طوال المدة التي تستغرقها المحاكمة الجنائية، ولا يعود التقادم إلى السريان إلا منذ صدور الحكم الجنائي أو انتهاء المحاكمة بسبب آخر، لأنه إذا رفع دعواه على المؤمن أمام المحكمة المدنية أثناء السير في الدعوى الجنائية كان مصيرها الحتمي هو وقف السير فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية لأن مسئولية المؤمن قبل المؤمن له لا تقوم إلا بثبوت مسئولية المؤمن له قبل المضرور، فإذا كانت هذه المسئولية الأخيرة ناشئة عن الجريمة التي رفعت عنها الدعوى الجنائية فإنها تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى والدعوى المدنية التي رفعها المؤمن له على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف دعوى المؤمن له حتى يفصل نهائيا في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملا بقاعدة أن الجنائي يوقف المدني والتزاما بما تقضي به المادة 102 من قانون الإثبات من وجوب تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا وما تقضي به المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية من أن ما يفصل فيه الحكم الجنائي نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا. فإذا رفع المؤمن له دعواه أمام المحكمة المدنية كان رفعها في هذا الوقت عقيما إذ لا يمكن النظر فيها إلا بعد أن يفصل نهائيا في تلك الدعوى الجنائية لأن رفع الدعوى الجنائية في هذه الحالة يكون مانعا قانونيا يتعذر معه على المؤمن له مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما دام المانع قائما وبالتالي يقف سريان التقادم بالنسبة إلى دعوى المؤمن له قبل المؤمن طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انتهت المحاكمة الجنائية بصدور حكم فيها أو لأي سبب من أسباب انقضاء الدعوى الجنائية فمن هذا التاريخ يتعين احتساب مدة التقادم، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المضرورين ادعوا مدنيا قبل المطعون ضده الأول المؤمن له وقبل المطعون ضده الثاني مرتكب الحادث في الجنحة رقم 2810 لسنة 1985 جنح السيدة زينب وقضى بإدانة الأخير بإلزام المطعون ضدهما بالتعويض المؤقت فاستأنفه المتهم بالاستئناف رقم 3722 لسنة 1986 جنح مستأنف مصر وقضى بجلسة 19/11/1986 حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتغريمه مائتي جنيه وتأييده فيما عدا ذلك فمن هذا التاريخ الأخير يبدأ احتساب مدة تقادم دعوى المطعون ضده الأول المؤمن له قبل الشركة الطاعنة، إذ كان ذلك وكان المطعون ضده الأول لم يرفع دعوى الضمان الفرعية قبل الشركة الطاعنة إلا بتاريخ 28/1/1991 بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الجنائي النهائي وصيرورته باتا فإن حقه في الرجوع على الشركة الطاعنة بدعوى الضمان يكون قد سقط بالتقادم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واحتسب بدء سريان التقادم من تاريخ إقامة المضرورين دعوى التعويض الكامل بتاريخ 14/11/1989 اعتبارا بأنها الواقعة التي تولدت عنها دعوى الضمان والتفت عن المطالبة الحاصلة بالادعاء المدني في الجنحة سالفة الذكر ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع المبدى من الشركة الطاعنة بسقوط دعوى الضمان بالتقادم فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في دعوى الضمان الفرعية وبسقوط حق المطعون ضده الأول في إقامتها بالتقادم.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .