الطعن 1001 لسنة 55 ق جلسة 30 / 6 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 215 ص 1136

برئاسة السيد المستشار / عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نائبي رئيس المحكمة، علي شلتوت وأحمد عبد الرازق.
————
– 1 دعوى “تكييف الدعوى”. حيازة. إيجار. محكمة الموضوع.
تكييف الخصوم للدعوى. لا يقيد المحكمة .وجوب إعطائها التكييف الصحيح . العبرة في تكييف الدعوي بأنها دعوى بأنها دعوى حق أو دعوى حيازة بحقيقة المطلوب فيها.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الدعوى حقيقتها وإعطائها التكييف الصحيح، والعبرة في تكييف الدعوى بأنها دعوى حيازة هي بحقيقة المطلوب فيها بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها.
– 2 دعوى “تكييف الدعوى”. حيازة. إيجار. محكمة الموضوع.
دعوى المستأجر بالإخلاء للغصب متخذا من عقد الإيجار دليلا علي حقه . تعلقها بأصل الحق . لا محل لقصرها على المؤجر يخوله إقامة دعوى بالحق في مواجهة الغاصب.
إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام دعواه بإخلاء الدكان محل النزاع وتسليمه إليه على سند من أنه هو المستأجر له من المؤجر – ….. – وأن الطاعن لا سند له في الاستئثار به وأنه يعد غاضبا، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولا محل للقول بأن المؤجر وحده هو صاحب الحق في إخلاء العين ذلك أنه وإن كان عقد الإيجار الصادر من صاحب الحق في التأجير ينشئ للمستأجر حقا شخصيا قبل المؤجر إلا أن لهذا الحق الشخصي خاصية تميزه فهو حق في الانتفاع بالعين المؤجرة ويتصل اتصالا وثيقا بهذه العين، مما يقتضي امتداد أثره إلى الغير الذي يتعرض له في الانتفاع بها، بما يحق معه للمستأجر الاستناد إلى حقه الناشئ عن ذلك العقد في مواجهة المغتصب لها لإثبات أحقيته في الانتفاع بالعين دونه.
– 3 استئناف “الطلبات الجديدة: ما لا يعد كذلك”. إيجار.
عدم اختلاف الطلب المعروض أمام محكمة الاستئناف عن ذات الطلب الذي كان مطروحاً علي محكمة أول درجة أثره عدم اعتباره طلباً جديداً طلب التمكين من المحل موضوع النزاع وجه مرادف لطلب التسليم كأثر من آثار دعوى الإخلاء الموضوعية. مؤدي ذلك.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الطلب المعروض أمام محكمة الاستئناف لا يختلف عن ذات الطلب الذي كان مطروحا على محكمة أول درجة فإن هذا الطلب لا يعد من قبيل الطلبات الجديدة التي لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمامها، وإذ طلب المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف تمكينه من المحل موضوع النزاع فإن هذا الطلب لا يكون طلبا جديدا إذ لا يعدو أن يكون وجها مرادفا لطلب التسليم كأثر من آثار دعوى الإخلاء الموضوعية استنادا إلى عقد استئجاره لمحل النزاع فإن الحكم المطعون فيه إذ استجاب لهذا الطلب يكون قد التزم صحيح القانون.
– 4 نقض “نعي غير منتج”.
ابتناء النعي على مصلحة نظرية بحتة. لا يؤدي إلي نقض الحكم.
استقر قضاء هذه المحكمة على أنه لا يؤدي إلى نقض الحكم أن يكون النعي عليه قائما على مصلحة نظرية بحته.
– 5 حكم “حجية الحكم”. قوة الأمر المقضي. حيازة.
قرارات النيابة العامة في منازعات الحيازة طبيعتها قرارات وقتية لا تؤثر في أصل الحق وتزول بالفصل في موضوعه.
القرارات التي تصدرها النيابة العامة في منازعات الحيازة هي بطبيعتها قرارات وقتية لا تؤثر في أصل الحق وتزول بالفصل في موضوعه.
– 6 دعوى “الخصوم في الدعوى”. استئناف “الخصوم في الاستئناف”.
المناط في تحديد الخصم في الدعوى هو توجيه الطلبات منه وإليه لا يكفي مجرد المثول أمام المحكمة . الخصومة في الاستئناف تتحدد بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة أول درجة.
الخصومة في الاستئناف تتحدد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم أو مدخلين أو متدخلين في الدعوى، والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات إليه في الدعوى، فلا يكفي حتى يعتبر خصما يجوز توجيه الدعوى إليه في المرحلة الاستئنافية، مجرد اختصامه أمام محكمة الدرجة الأولى ليصدر الحكم في مواجهته، ولا مجرد المثول أمامها دون أن يكون للطرف الماثل طلبات أو توجه طلبات قبله.
– 7 نقض “صحيفة الطعن: بيان الأسباب”.
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض علي بيان الأسباب التي بنى عليها وإلا كان باطلاً م253 مرافعات مقصوده تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحا ينفي عنها الغموض والجهالة ويبين منها العيب الذي يعزي إلي الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
أوجبت المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا، وإنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
– 8 إثبات “القرائن القضائية”. صورية. حكم “تسبيب الحكم”. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع استقلالها بقدر أدلة الصورية إقامة الحكم قضاءه بثبوت الصورية على جملة قرائن متساندة مؤدية إلي النتيجة التي خلص إليها عدم جواز مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
تقدير أدلة الصورية هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – مما تستقل به المحكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، فإذا أقيم حكمها بثبوت الصورية على جملة قرائن متساندة استنبطتها المحكمة من الأوراق المطروحة على بساط البحث وكانت سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم فلا يجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
– 9 إثبات “الإثبات بالقرائن” “قرائن قضائية”. محكمة الموضوع.
القرينة القضائية من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها تقدير القرائن القضائية من مطلق تقدير القاضي.
القرائن القضائية من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها وأطلق للقاضي الأخذ بنتيجتها أو عدم الأخذ بها وأطلق له الحرية في أن ينزل لكل قرينة من حيث الأهمية والتقدير المنزلة التي يراها.
– 10 حكم “ما لا يعيب تسبيب الحكم” “الأسباب الزائدة”. نقض “نعي غير منتج”.
انتهاء الحكم إلي النتيجة الصحيحة قانوناً تكفي لحمل قضائه النعي عليه قيما استطرد إليه تزيداً وبما لا يغير من هذا القضاء غير المنتج.
إذ كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى – وبغير نعي من الطاعن في هذا الخصوص – إلى صحة عقد المطعون ضده، يكفي وحده لحمل قضائه بتمكينه من محل النزاع، فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك تأييدا لوجهة نظرة من التقرير محل النعي بهذا الوجه يكون منه استطرادا زائدا عن حاجة الدعوى إذ يقوم الحكم بدونه، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون – أيا كان وجه الرأي فيه – غير منتج .
———-
الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 9454 لسنة 1980 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلبات ختامية هي الحكم بإخلائه من المحل المبين بصحيفة الدعوى والتسليم تأسيسا على أنه استأجر المحل بعقد مؤرخ 1/2/1976 غير أن الطاعن وكان يعمل لديه بأجر ادعى عندما فصله بأنه المستأجر للمحل ونازعه في حيازته فأصدرت النيابة قرارها في المحضر الإداري رقم 2822 لسنة 1980 مصر الجديدة بتمكينهما معا مع أنه يعد مغتصبا للمحل فقد أقام الدعوى. كما أقام الطاعن الدعوى رقم 533 لسنة 1981 مدني شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضده طالبا الحكم بعدم الاعتداد بقرار النيابة العامة الصادر في المحضر الإداري سالف الذكر ورد حيازة المحل إليه كاملة على سند من أنه المستأجر لمحل النزاع دون شقيقه المطعون ضده بموجب عقد إيجار محرر في عام 1974 وأنه يسدد الإيجار منذ هذا التاريخ حتى حصول النزاع، وأدخل المؤجر – ….. – ليصدر الحكم في مواجهته. ضمت المحكمة الدعويين ثم ندبت فيهما خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت في دعوى المطعون ضده برفضها وفي دعوى الطاعن بطلباته فيها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4606 لسنة 100 ق وبتاريخ 20/3/1985 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتمكين المطعون ضده من الدكان محل النزاع ومنع تعرض الطاعن له فيه وبعدم الاعتداد بقرار النيابة الصادر بتمكين الأخير منه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجهين الثاني من السبب الثاني والأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه لا يبين من أسباب الحكم التكييف القانوني للدعوى الذي أخذت به المحكمة وما إذا كانت دعوى إخلاء موضوعية حسبما أسسها المطعون ضده في عريضة دعواه أم دعوى حيازة حسبما أوردت بأسباب حكمها مع أنه في الحالين يكون الحكم قد أخطأ إذ لو اعتبرها دعوى إخلاء للغصب تستند لقوانين إيجار الأماكن فلا صفة للمطعون ضده فيها إذ هو ليس بمالك للعين ولا صفة له في إدارة العقار ولم تمنح تلك القوانين المستأجر هذا الحق كما أن وضع يده ليس بلا سند إذ قرر المطعون ضده بصحيفة دعواه أنه وافق له على أن يستعمل حقه في المحل بالأجر، كما أنه لو اعتبرها دعوى استرداد حيازة فقد افتقدت أهم شروط قبولها وهو أن يؤدي الفعل الذي يتظلم منه المطعون ضده إلى فقد الحيازة لا مجرد تعكيرها في حين أنه قد تخلف هذا الشرط باستمرار المدعي في حيازته للمحل وهو ما أورده الحكم بأسبابه من أن حيازة المطعون ضده كاملة غير منقوصة فضلا عن تعارض ذلك مع ما جاء بصحيفتي الدعوى والاستئناف من عمله بالمحل الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الدعوى على حقيقتها وإعطائها التكييف الصحيح، والعبرة في تكييف الدعوى بأنها دعوى حق أو دعوى حيازة هي بحقيقة المطلوب فيها بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام دعواه بإخلاء الدكان محل النزاع وتسليمه إليه على سند من أنه هو المستأجر له من المؤجر – …… – وأن الطاعن لا سند له في الاستئثار به وأنه يعد غاصبا، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولا محل للقول بأن المؤجر وحده هو صاحب الحق في إخلاء العين ذلك أنه وإن كان عقد الإيجار الصادر من صاحب الحق في التأجير ينشئ للمستأجر حقا شخصيا قبل المؤجر إلا أن لهذا الحق الشخصي خاصية تميزه فهو حق في الانتفاع بالعين المؤجرة ويتصل اتصالا وثيقا بهذه العين، مما يقتضي امتداد أثره إلى الغير الذي يتعرض له في الانتفاع بها، بما يحق معه للمستأجر الاستناد إلى حقه الناشئ عن ذلك العقد في مواجهة المغتصب لها لإثبات أحقيته في الانتفاع بالعين دونه، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتمكين المطعون ضده على سند من أنه المستأجر لهذه العين بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 1/2/1976 مما مفاده أنه لم يستند في قضائه إلى حيازته بل اتخذ من عقد الإيجار الصادر له دليلا على أنه هو صاحب الحق في الانتفاع بها دون الطاعن، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور أيضا يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان إذ قضى للمطعون ضده بالتمكين من الدكان محل النزاع والذي لم يطلبه إلا أمام محكمة الاستئناف ولم يكن مطروحا على محكمة الدرجة الأولى التي اقتصرت طلباته أمامها على إخلائه مما يعد طلبا جديدا في الاستئناف كان يتعين القضاء بعدم قبوله عملا بالمادة 235 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الطلب المعروض أمام محكمة الاستئناف لا يختلف عن ذات الطلب الذي كان مطروحا على محكمة أول درجة فإن هذا الطلب لا يعد من قبيل الطلبات الجديدة التي لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمامها، وإذ طلب المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف تمكينه من المحل موضوع النزاع فإن هذا الطلب لا يكون طلبا جديدا إذ لا يعدو أن يكون وجها مرادفا لطلب التسليم كأثر من آثار دعوى الإخلاء الموضوعية استنادا إلى عقد استئجاره لمحل النزاع فإن الحكم المطعون فيه إذ استجاب لهذا الطلب يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان حين قضى للمطعون ضده بعدم الاعتداد بقرار النيابة العامة الصادر بتمكينه من الدكان محل النزاع مع أنه طلب لم يرفع عنه الاستئناف فيكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يؤدي إلى نقض الحكم أن يكون النعي عليه قائما على مصلحة نظرية بحته، لما كان ذلك، وكانت القرارات التي تصدرها النيابة العامة في منازعات الحيازة هي بطبيعتها قرارات وقتية لا تؤثر في أصل الحق وتزول بالفصل في موضوعه، وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع النزاع وقضى بتمكين المطعون ضده من المحل وبمنع تعرض الطاعن له فيه، فإن النعي عليه بالبطلان لما أورده بمنطوقه من قضاء بعدم الاعتداد بقرار النيابة العامة بتمكين الطاعن من الدكان محل النزاع – الذي لم يطلبه المطعون ضده – لا يحقق في هذه الحالة سوى مصلحة نظرية صرفة لا يعتد بها ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إن حاصل الوجه الأخير من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه ذلك أن المؤجر وهو الخصم الأساسي في الدعوى كان مختصما أمام المحكمة الابتدائية ولم يختصم أمام محكمة الاستئناف مما أثر في الحكم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الخصومة في الاستئناف تتحدد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم أو مدخلين أو متدخلين في الدعوى، والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات إليه في الدعوى، فلا يكفي حتى يعتبر خصما يجوز توجيه الدعوى إليه في المرحلة الاستئنافية، مجرد اختصامه أمام محكمة الدرجة الأولى ليصدر الحكم في مواجهته، ولا مجرد المثول أمامها دون أن يكون للطرف الماثل طلبات أو توجه طلبات قبله، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن اختصم في الدعوى المؤجر …. أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهته والذي مثل بوكيله ولم يوجه طلبات أو توجه إليه من أحد الخصوم أية طلبات، فإنه لا على المطعون ضده إن هو لم يختصم في الاستئناف سوى الطاعن، ويكون النعي على الحكم بالبطلان بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور حين أطرح في اقتضاب شديد تقرير الخبير والنتيجة التي انتهى إليها لقيامها على أقوال جيران عين النزاع ومستنداته التي سبق وأن أهدرها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا، وإنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبينا بيانا دقيقا وإلا كان النعي به غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين على وجه التحديد مواطن القصور في الأسباب التي أطرح بها الحكم تقرير الخبير وموضعها منه وأثرها في قضائه، فإن النعي بهذا الوجه يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم إذ اعتبر ما ورد بمذكرة المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف أثناء حجز الدعوى للحكم دفعا بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/1/1974 سنده في وضع يده على الدكان محل النزاع واستدل على صوريته بجملة قرائن لم يتح له الرد عليه منها أنه قرر في بداية أقواله في تحقيقات المحضر رقم 2822 لسنة 1980 إداري مصر الجديدة أنه يستأجر المحل بموجب عقد إيجار ثم عاد وقرره أن هذا العقد سرق منه وقدم عقد إيجار عليه توقيع المؤجر بأنه بدل فاقد، وبما قرره بواب العقار من أنه يقوم بتحصيل الأجرة وأن المؤجر لا يحضر إلى المحل وأن إيصالات الأجرة عن سنوات 74، 75، 76، 1977 بعضها باسمه والآخر باسم المستأجر السابق، كما أن رخصة المحل والتأمينات باسم المطعون ضده هذا في حين أنه لا غرابة في سرقة العقد الأصلي من المحل الذي يتواجد به المطعون ضده ووالدته، كما أن تحرير بدل فاقد له وعدم حضور المؤجر للمحل لا يدل على التواطؤ أو انعدام الثقة وإنما حتى لا يحرر نسخة أخرى من العقد، وأن إيصالات الأجرة التي عليها اسم المستأجر السابق كانت عن الفترة التي يستأجر فيها المحل وبعضها باسمه وموقع من المؤجر أمامها وأن إيصالات عامي 75، 1976 كلها باسمه، هذا إلى أن الرخصة والتأمينات لا تتطلب سوى إقرار طالبها بصفته كمستأجر أم مالك دون إلزام بتقديم سنده، فضلا عن أن المطعون ضده لم يقدم أي إيصالات أجرة للمحل وأن الإيصالات كلها باسمه، ولما كانت القرائن التي ساقها الحكم جميعها معيبة وفاسدة ولا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من صورية عقد استئجاره لمحل النزاع فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن تقدير أدلة الصورية هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، فإذا أقيم حكمها بثبوت الصورية على جملة قرائن متساندة استنبطتها المحكمة من الأوراق المطروحة على بساط البحث وكانت سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم فلا يجوز مناقشة كل قرينة منها على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد بمدوناته تدليلا على صورية عقد إيجار الطاعن المؤرخ 1/1/1974 قوله “1- قرر المستأنف عليه عند سؤاله لأول وهلة في المحضر 2822/1980 إداري مصر الجديدة بتاريخ 2/4/1980 أنه يستأجر محل النزاع ويحتفظ بعقد الإيجار ثم عاد بتاريخ 19/4/1980 فقرر أن عقد الإيجار سرق ثم قدم بين يدي محكمة أول درجة عقد إيجار مؤرخا 1/1/1974 ومؤشر عليه بتاريخ 25/1/1981 بأنه بدل فاقد وحرر كطلب المستأجر دون أية مسئولية على المؤجر وعليه توقيع منسوب إلى هذا الأخير، ولما كانت صحيفة دعواه سابقة على تاريخ تحرير العقد فإن ذلك يرشح للقول بأن اتفاقا تم بين المستأنف عليه وبين ذلك المؤجر على إيجاد وسيلة تعزز وتؤازر موقفه في الدعوى فحرر هذا العقد خدمة له على غير وجه حق. 2- قرر …… بواب العقار في المحضر 2822 لسنة 1980 مصر الجديدة بأنه يحصل الإيجار ويسلمه إلى المؤجر وأن الأخير لا يحضر إلى العقار مما مفاده أن المذكور لا علم له بشاغلي العين يؤكد هذا النظر ذلك التحفظ الذي سجله المؤجر على العقد محل الطعن أنه حرره دون أية مسئولية عليه حاليا أو مستقبلا الأمر الذي يشير إلى أن المؤجر غير واثق تماما من أن المستأنف عليه هو المستأجر لعين التداعي.3- قدم المستأنف عليه عديدا من إيصالات سداد الأجرة لعين النزاع بعضها عن شهور لعام 74، 75، 76، 1977 باسم ……… (المستأجر السابق) وعليها توقيع منسوب إلى المؤجر وثابت بها أنه مشطوب على اسم المذكور ومدون بجواره اسم المستأنف عليه وبتوقيع منسوب إلى المؤجر الأمر الذي يزعزع الثقة في هذه الإيصالات ويوحي بأن هناك اتفاقا على تغيير ذلك البيان فيها على النحو سالف الذكر خدمة للمستأنف عليه ومساندة لعقده المطعون عليه ومن ثم فقد ساق الأخير بهذه الإيصالات على غير قصد منه قرينة على ذلك الاحتيال على الحقيقة. 4- قدم المستأنف رخصة محل النزاع باسمه وهي مؤرخة 14/3/1977، ولما كان الثابت من نص المادة 3 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات الصناعية والتجارية أنه يلزم تقديم طلب الحصول على رخصة طبقا للنموذج الذي يصدر من وزير الشئون البلدية والقروية مرفقا به الرسومات والمستندات وجاء النموذج المذكور متضمنا تحديد موقف طالب الرخصة وما إذا كان مالكا أم مستأجرا ومن ثم فإن صدور الرخصة على النحو السالف البيان يشير إلى أنه هو مستأجر المحل وأن عقد المستأنف عليه صوري إذ لو كان الأخير مستأجرا له بموجب عقد إيجار لما سمح باستخراج الرخصة باسم المستأنف. 5- قدم المستأنف خطابا من هيئة التأمينات الاجتماعية مؤرخا 1/1/1976 ثابت به أنه مؤمن عليه كصاحب عمل وصورة تنبيه بالدفع أو الحجز باسمه مؤرخة 8/6/1977 و27/2/1978 و5/7/1980 وكلها تشير إلى أنه مستأجر لعين النزاع وهي في ذات الوقت تناهض العقد المطعون عليه إذ لو كان المستأنف عليه مستأجرا لتلك العين بتاريخ العقد سالف الذكر لما توانى في إظهاره منذ فجر الخصومة وفي هذا كله ما يدعو للقول بصحة الدفع بصورية عقده، وحيث إنه لما كان كل ما تقدم فقد ثبت في يقين المحكمة أن العقد المؤرخ 1/1/1974 والصادر لصالح المستأنف عليه هو عقد صوري …” لما كان ذلك، وكانت القرائن القضائية من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها وأطلق للقاضي الأخذ بنتيجتها أو عدم الأخذ بها وأطلق له الحرية في أن ينزل لكل قرينة من حيث الأهمية والتقدير المنزلة التي يراها، وكانت تلك القرائن التي ساقها الحكم تدليلا على الصورية لها مأخذها الثابت من الأوراق ويظاهرها الاستنباط السائغ وتكمل بعضها بعضا وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإنه لا يقبل من الطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ويضحى النعي جدلا في تقدير القرائن مما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأخير من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك حين خلص إلى أن عقد المطعون ضده لم يطعن عليه بثمة مطعن مع أن المؤجر بعد اختصامه قرر أمام خبير الدعوى أنه لم يتعاقد مع المطعون ضده وهو إنكار صريح منه للعقد يفقده قوته في الإثبات، ويجعل بحث إثبات صحته يقع على عاتق الأخير والذي لم يقم بذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى – وبغير نعي من الطاعن في هذا الخصوص – إلى صحة عقد المطعون ضده، يكفي وحده لحمل قضائه بتمكينه من محل النزاع، فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك تأييدا لوجهة نظره من التقرير محل النعي بهذا الوجه يكون منه استطرادا زائدا عن حاجة الدعوى إذ يقوم الحكم بدونه، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون – أيا كان وجه الرأي فيه – غير منتج ولا جدوى منه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .