لقد تباين موقف التشريعات العربية بالنسبة للوصية للوارث فمن مجيزٍ لها ، ومن مانعٍ لها مطلقا ومن مانعٍ لها عند عدم وجود الاجازة . وبناءا على ذلك فانه يمكننا القول ان هنالك طوائف ثلاث من التشريعات بالنسبة لهذه المسالة يمكن أن نلخصها بالآتي :

الطائفة الاولى :

وهي التي ذهبت الى جواز الوصية للوارث مطلقا دون حاجة الى اجازة الورثة ، ما دامت الوصية في حدود الثلث ، وهو ما يعني بالضرورة ان هذه الطائفة قد اخذت بالاتجاه الثالث من اتجاهات الفقه الاسلامي ، ونعني به اتجاه فقهاء الشيعة الامامية .

ومن هذه الطائفة :

1-القانون العراقي :

فلقد نصت المادة (1108) من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40 لسنة 1951على ما يأتي:- ” يجوز الوصية للوارث وغير الوارث في ثلث التركة ولا تنفذ فيما جاوز الثلث الا باجازة الورثة ” ولقد اتبع مشروع القانون المدني العراقي الجديد الاتجاه ذاته . وطبقا لذلك فان الموصي يجوز ان يوصي لمن يرثه ، فيجمع الموصى له بين وصفين اثنين في ذات الوقت ، وصف الموصى له ، ووصف الوارث ، بشرط ان تكون الوصية في حدود الثلث ، فاذا جاوزت الثلث توقف القدر الزائد على الثلث على اجازة بقية الورثة ، فان اجازوا صحت الوصية ، وان لم يجيزوا بطل القدر الزائد فقط .

2-القانون المصري :

لقد اخذ القانون المصري بالرأي القائل بجواز الوصية للوارث ، اذ نصت المادة (37) من قانون الوصية المصري رقم 71 لسنة 1946 على انه : “تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير اجازة الورثة ” . وان المادة من الوضوح ما لا تحتاج معه الى تعليق ،اذ اجازت الوصية للوارث في حدود الثلث مطلقا دون حاجة الى اجازة الورثة ، ولقد ذكرت المذكرة الايضاحية لهذا القانون ان هذا الرأي يؤخذ من الآية الكريمة ) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكَمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ( ، المتقدم ذكرها .

3-القانون اللبناني :

لقد نصت المادة (40) من قانون التوارث بين مختلفي الجنسية اللبناني على الآتي : ” تصح الوصية لكل شخص وارث أو غير وارث ” .

الطائفة الثانية :

وهي تلك التي منعت الوصية للوارث مطلقا سواء اجازها الورثة او لا ، ومعنى ذلك ان هذه الطائفة من التشريعات قد اخذت بالاتجاه الاول من اتجاهات الفقه الاسلامي وهو اتجاه فقهاء الظاهرية والمالكية والشافعية في غير الاظهر .

ومن هذه الطائفة :

1-القانون المغربي :

فلقد نص الفصل (176) من مدونة الأحوال الشخصية المغربية على الاتي : “لا وصية لوارث”.

2 -القانون اليمني :

لقد جاء في المادة (231 ) من قانون الاحوال الشخصية اليمني رقم 20 لسنة 1992 التي تتحدث عن شروط الموصى له . وتحديدا في الفقرة (د)، ما يأتي :

“ان لا يكون وارثا عند موت الموصي ” .

الطائفة الثالثة :

وهي مجموعة التشريعات التي اجازت الوصية للوارث بشرط اجازة الورثة ، فاذا اجازها الورثة صحت ، وان لم يجيزوها بطلت ، وهذا ما يعني ان هذه المجموعة من التشريعات قد اخذت بالاتجاه الثاني من اتجاهات الفقه الاسلامي ، وهو اتجاه فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة -في الاظهر- والمالكية- في قول غير مشهور- .

ومن هذه الطائفة :

1-القانون السوري :

اذ نصت الفقرة الثانية من المادة (238) من قانون الاحوال الشخصية السوري رقم 59 لسنة 1953 على الاتي : ” لا تنفذ للوارث(أي الوصية ) ولا بما زاد على الثلث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكان المجيز كامل الأهلية ” .

2-القانون التونسي :

لقد جاء في الفصل (179) من مجلة الأحوال الشخصية التونسية لعام 1956،ما يأتي :

“لا وصية لوارث ولا فيما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة بعد وفاة الموصي ” .

3-القانون الجزائري :

لقد جاء في المادة (189) من قانون الأسرة الجزائري ،ما يأتي : لاوصية لوارث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي ” .

4-القانون الصومالي :

قضت الفقرة الأولى من المادة (141) من قانون الأحوال الشخصية الصومالي رقم 23 لسنة 1975،ما يأتي : لاتصح الوصية للوارث إلا إذا أجازها باقي الورثة ” .

5-مشروع القانون العربي الموحد للاحوال الشخصية :

لقد جاء في المادة (212) من هذا المشروع ما يأتي : “لا وصية لوارث الا اذا اجازها الباقون من الورثة الراشدين فتنفذ في حصة من اجازها”.

6-القانون الاردني :

لم يتطرق القانون الاردني “كعادته” الى هذه المسالة فلا يبقى سوى الرجوع الى المادة (183) من قانون الاحوال الشخصية الاردني التي توجب الرجوع الى الراجح من مذهب ابي حنيفة في كل ما لم يرد بشأنه نص . وهو ما يعني بطبيعة الحال القول بجواز الوصية للوارث عند اجازة الورثة ، اذ اتضح سابقا ان الفقه الحنفي يذهب الى ذلك .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .