إذن القاضي بزواج المريض عقلياً

المؤلف : محسن حسن كشكول
الكتاب أو المصدر : قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته

عقد الزواج رابطة مقدسة يعلو بها الانسان ، وهو علاقة روحية نفسية ، وصفها القران الكريم بالميثاق الغليظ ، وأنا الله به مهمة أساسية في هذه الحياة لاستدامة النوع البشري ، المريض عقليا إنسان قد ينفعه رواحه ويفيد في شفائه . ‏أن الأمراض العقلية كثيرة ومتعددة ، وأقوى الأمراض العقلية هو (الجنون) وأخفها هو (العته) ، وليس من العدل أن يقف القانون في سبيل الزواج ما دام الطرف الآخر موافقا ومطلعا على حالته . إذن الحاجة والمصلحة في زواج المريض هو الشرط الجوهري التي يؤكد عليها الفقهاء المسلمون فيقول الشافعية : لا يزوج مجنون ، ولا مختل صغير مطلقا ، وكذلك لا يزوج مختل كبير ، إلا لحاجة مثل موقع شفائه . ‏أما ابن حرم فيقرر ، أن المجنون أو المجنونة الكبيرين لا يزوجها أحد لا أب ولا غيره (1) . ‏وقانون الأحوال الشخصية العراقي نص في الفقرة (2) من المادة (7) على أنه (للقاضي أن يأذن بزواج أحد الزوجين المريض عقليا إذا ثبت بتقرير طبي أن زواجه لا يضر بالمجتمع وأنه في مصلحته الشخصية إذا قبل الزوج الآخر قبولا صريحا) (2) .

ومن صياغة المادة تتضح الشروط والضوابط التي لا بد من توفرها كي يأذن القاضي بزواج المجنون أو المعتوه وهي : –
1- أن يثبت بتقرير طبي أن زواجه لا يضر بالمجتمع ، وهذا القيد رسمه القانون للمحافظة على المجتمع ومراعاة مصلحته ومصلحة الفرد من كون مرضه لا ‏ينتقل منه إلى نسله ، لأن القانون لو سمح للمجنون بالزواج دون مراعاة الضوابط لكان هناك احتمال أن يتوالد منه مجانين ‏ ، ومما يؤدي إلى زيادة المجانين والمعتوهين . والاعتماد في ذلك على التقرير الطبي الصادر من الأطباء ذوي الاختصاص .

2- أن يثبت بالبينات والقرائن أن الزواج فيه مصلحة شخصية لهذا المصاب كأن يخفف الزواج من حدة المرض أو يساعد على تحسين سلوك المريض.

3– أن يكون الطرف الآخر عالما بحالة المصاب ووافق على الزواج موافقة صريحة وهي هنا لا تكون بالسكوت كزواج البكر بل لا بد فيها من صريح القول أين أن يقبل الطرف الآخر بأن يتحمل تبعه هذا المصاب بالزواج والقصد منه عدم استعمال الغش أو التفليس أو إخفاء الحالة المرضية وينبغي إثبات الموافقة في سجل الزواج.

‏يتضح مما تقدم ، أنه لا يعقل زواج المجنون أو المعتوه إلا من وليه الشرعي بعد أن يأذن القاضي بزواجه في حالة قبول الطرف الآخر التزوج منه بعد اطلاعه على مرضه ، وكونه لا ينتقل إلى أولاده ، وان في زواجه مصلحة وحاجة ضرورية له ، ويتحقق التثبت من الحالة بتقرير يصدر من لجنة طبية ذات اختصاص يستحسن أن تصدر المحكمة حجة مستقلة بهذا الأذن مشتملة تحقيقاتها . مثل حجة الأذن بالزواج من ثانية وخاضعة للطعن من الولي أو الادعاء العام وفق المادة (١٣) من قانون الادعاء العام والمادة (١٥3) من قانون المرافعات المدنية.
_______________________
1- ذكرها مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية منشور في المجلة العربية للفقه والقضاء . تصدرها الأمانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب / المغرب / العدد الثاني – السنة الثانية / تشرين أول / 1985 ، ص ٥٨ ‏.
‏2- نصت مجلة قانون الأحوال الشخصية التونسي على أن (زواج المحجور عليه لسفه لا يكون صحيحاً إلا بعد موافقة المحجور له . وللمحجور له أن يطلب من الحاكم فسخه قبل البناء) .
‏وتنص المادة (8) من قانون الاحوال الشخصية الأردني لسنة ١٩٧٦ ‏(للقاضي أن يأذن بزواج من به جنون أو عته إذا ثبت بتقرير طبي أن في زواجه مصلحة له).

إعادة نشر بواسطة محاماة نت