الخصائص القانونية للجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية

إن أهم ما يميز منظمات الجريمة المنظمة على مستوى العالم , أنها تعمل في الإشتراك فيما بينها و بكفاءة و إنسجام كبيرين و تقسم العالم إلى مناطق سيطرة و نفوذ , وتعتمد على أهم ركائز العمل الجماعي الناجح و المتمثلة في :

1- التخطيط و التنظيم : إن التخطيط هو العامل المهم في الجريمة , و غالبا ما يكون مدبروها ذوو خبرة , و دراية يصعب الكشف عنهم و متابعتهم لقوة التنسيق و التنظيم فالمنظمات الإيطالية تبيع مخدرات أمريكا اللاتينية في أوروبا , و الروس يشترون السيارات المسروقة من عصابات الياكوزا , و الألبان ينقلون الهيروين إلى عصابات المخدرات التركية , ولكن يبقى هذا التعاون هشا , و لا يتعدى التعاملات التجارية متفرقة أو تحالفات مؤقتة , و بالمقابل فإن هناك مجالا لصراعات مستقبلية داخل عالم الجريمة , خاصة بعد أن أصبحت الأسواق في حالة من التشبع , و بعد أن إستنفدت جميع الفرص لمزيد من التوسع .

و مما لا شك فيه أن للجريمة المنظمة آثارها المباشرة على موارد الأمن القومي بحيث تثقل كاهل الدولة بما تتطلبه من إنفاق وقائي دفاعي و تهديد للمعنويات و النظام العام , خاصة و أن الجريمة المنظمة عادة ما تكون قوية إلى حد أنها تشكل دولة داخل دولة .

2- الإحتـــراف : تعتبر الجريمة المنظمة إجراما إحترافيا يستعمل الحيلة تبعا للفرص و الوسائل المادية و البشرية المتاحة لهم , و كذا صفة الفاعلين و مهاراتهم , فهو مثلا على المستوى التنظيمي يوجد عدة هياكل لعدة منظمات دولية . فالمنظمات ذات الهيكل المؤقت تتميز بعدد هياكل قليلة , لكن لا يمنع من أنها تشكل خطرا كبيرا . فقوتها تكمن في تخصصها , كالمتخصصة في السطو مثلا أما المنظمات ذات الهيكل الدائم العالي التنظيم فتتميز بلجنة مركزية تنبثق عنها لجان خاصة , و عادة ما تدار من طرف رجال أعمال كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية , و آسيا .

و ما تجدر الإشارة إليه، أن هذا النوع من الجريمة إذا زامنــه عجــز المؤسسات و الوسائل الأمنية فإنه سيؤدي حتما إلى تفشــي الجرائم وفقدان أجهــزة الدولة سلطانهــا.

3- التعقيد: يظهر ذلك جليا في التنظيم العالي و المحكم و ما ساعد في ذلك انفتاح الأسواق و الخوصصة و عدم تنظيم السوق المالية و التجارة العالمية و جعل المنظمات الإجرامية تتحالف فيما بينها لهدف تحقيق التعاون العالمي و اكتساح أسواق جديدة ضمن نشاطاتها سواء كانت شرعية و إجرامية.

و بالموازاة مع نشاطها الإجرامي تتعاون المنظمات الإجرامية مع المؤسسات القانونية حيث تستثمر في نشاطات شرعية مختلفة و هي طريقة تعتمدها لضمان تغطية تبيض الأموال و كذا تكديس رؤوس الأموال خارج مجال النشاطات الإجرامية و غالبا ما تكون هذه الاستثمارات في العقارات الفاخرة و صناعة آلات اللعب و القمار و وسائل الإعلام و المصالح المالية و في الفلاحة و الصناعة .

4- القدرة على التوظيف و الابتزاز: تعتمد الجريمة المنظمة على توظيف الجهاز البشري و تسخير عناصر لتحقيق الأهداف المبتغاة من المنظمة و تستعمل لذلك كل الوسائل من ضغوطات و مصالح مادية أو معنوية و توريطهم في قضايا للضغط عليهم فيما بعد يأخذ صورة الابتزاز و الظفر بالأهداف المتواخاة من عملياتهم.