يرى جانب من فقه القانون الدولي الخاص أن الصفة الوطنية لقواعد الإسناد قد يكون لها مخاطرها في عدم الاستقرار في العلاقات الخاصة الدولية(1)، فربط القانون المطبق على العلاقة المعروضة بقاعدة الإسناد الوطنية يؤدي إلى ترك تحديد ذلك القانون لصُدَف الاختصاص القضائي، ما يقود إلى إمكان ان تخضع العلاقة مثار النزاع لقانون يختلف عن القانون الذي كان من الواجب ان تخضع له أساساً. كما لو عُقِدَ زواج بين أجنبيين في بلد معين حسب الإجراءات المتبعة فيه وثار خلاف حول هذا الزواج أمام محكمة دولة ثالثة تخضِع قواعد الإسناد فيها مسائل الإجراءات للقانون الشخصي للزوجين. وتأسيساً على ذلك يرى هذا الفقه ضرورة وضع استثناءات على مبدأ إخضاع العلاقة في حلها لقاعدة الإسناد الوطنية، وهذه الاستثناءات، حسب هذا الرأي، تكون في مجال الحقوق المكتسبة في الخارج عندما تنشأ علاقة قانونية معينة في بلاد أجنبية تطبيقاً لقانون الدولة التي تنشأ فيها العلاقة ولقواعد إسنادها، وكذلك في مجال الإسناد إلى قانون دولة تتعدد فيها الشراع، زيادة على مجالي المسائل التمهيدية والإحالة(2)، فالقاضي، بحسب الرأي المذكور وفي مختلف هذه المجالات، ملزم بتخطي قاعدة الإسناد الوطنية والذهاب إلى قاعدة الإسناد الأجنبية تاركاً لها تعيين القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل النزاع. والسؤال الذي ينبغي لنا طرحه والإجابة عليه في هذا المقام هو هل ان الأمر في الواقع كما رآه القائلون بهذا الرأي ؟ هذا ما سوف نجيب عنه من خلال عرض الحالات ومناقشتها كل على حدة، وذلك في الفقرات التالية.

أولاً: في الحقوق المكتسبة في الخارج

تعد مشكلة الحقوق المكتسبة صورة من صور تنازع القوانين، وتعرف هذه الصورة بالتنازع المتحرك أو المتغير(3).فتنازع القوانين يَنصب، كما هو معروف على العلاقات المشتملة على عنصر أجنبي من دون العلاقات المجردة منه، وتحديد عناصر أي من هذه العلاقات، كعنصر الأشخاص أو الموضوع أو السبب، يقع تحت تأثير اعتبار الزمان والمكان، بمعنى أنه ينبغي معرفة الوقت والمكان بالنسبة لكل عنصر من تلك العناصر ومن ثم تحديد مكان وزمان نشوء العلاقة مثار النزاع. فإذا تحدد زمان العلاقة ومكانها بالنظر إلى عناصرها الثلاثة أمكن تحديد القانون الذي يحكمها، إذ هو القانون النافذ في مكان نشوئها وزمانه، وهذا ما يعرف بالتنازع الثابت، والذي يتم فضه بإعمال قاعدة الإسناد الوطنية التي تدخل العلاقة في إطار فكرتها المسندة. ولكن إذا ما تغير زمان العلاقة أو مكانها أو تغير كلاهما في الوقت مابين نشوء العلاقة وبين رفع النزاع بشأنها إلى القضاء، كأن يغير أحد أشخاص العلاقة جنسيته أو موطنه أو يتم نقل المال موضوع العلاقة من مكان إلى مكان، فإن الأمر يكون أكثر تعقيداً، إذ يترتب على هذا التغيير زيادة عدد القوانين التي تتنازع حكم العلاقة، وصعوبة تحديد القانون المختص من بينها، أهو قانون الجنسية أو الموطن أو موقع المال وقت نشوء العلاقة أم وقت رفع الدعوى، وهذا هو التنازع المتغير(4)، والذي إذا ما وقع أمام القضاء عرضت مشكلة حله أمام القاضي المختص.

وقد اضطلع الفقه والقضاء في الدول المختلفة بإيجاد الحلول المناسبة لمشكلة التنازع المتغير، وذلك في الحالات التي لم يتصدّ فيها المشرع لمواجهة هذه المشكلة(5). فذهب رأي في فقه القانون الدولي الخاص، إلى أن التنازع المتغير هو في جوهره مسألة تفسير لقاعدة الإسناد، إذ هو يتعلق بمدلول تلك القاعدة شأنه في ذلك شأن التكييف الأولي والإحالة كمسائل أولية يتعين الفصل فيها مقدماً للتوصل إلى تحديد القانون الواجب التطبيق(6). فالتنازع المتغير إنما يَعرض بمناسبة تطبيق قاعدة الإسناد الوطنية، وهو يفترض أن إعمال هذه القاعدة قد أفضى إلى ثبوت الاختصاص لقانونين على حدٍّ سواء، الأمر الذي يتطلب تحديد أي القانونين هو الواجب التطبيق على النزاع، ويكون ذلك عن طريق المفاضلة بينهما ووفقاً لاعتبارات معينة. وإلى جانب هذا الرأي فقد رأى بعض الفقهاء بأن التنازع المتحرك إنما يثور في شأن الحقوق التي في طريق التكوين والتي تنشأ ابتداءً منطوية على عنصر أجنبي ويراد الاحتجاج بها في دولة غير تلك التي تم تكوينها فيها(7)، فمثل هذه الحقوق تثير عند نشأتها تنازعاً بين القوانين من دون الحقوق الأخرى التي تنشأ خالية من العنصر الأجنبي والتي يكفي للاحتجاج بها أن يكون قد تم تكوينها صحيحاً وفقاً لقانون الدولة التي ولدت فيها بغض النظر عن قانون دولة القاضي، ويتم حل التنازع المتحرك وفقاً لهذا الرأي عن طريق ما يسمى بفكرة الاحترام الدولي للحقوق المكتسبة. ومن مقتضى فكرة الاحترام الدولي للحقوق المكتسبة أن الحق متى اكتسب صحيحاً في دولة وجب الاعتراف بوجوده واحترامه في الدول الأخرى كالتزام يفرضه القانون الدولي(8). ولغرض اكتساب الحق صحيحاً فانه يجب أن يكون قد ولد وفقاً للقانون المختص من بين القوانين التي تتنازع إنشاءه، وهذا القانون هو ذلك الذي تَعَين بموجب قاعدة الإسناد في الدولة التي يُراد الاحتجاج بالحق فيها، أي دولة القاضي، إذ لا يمكن الاحتجاج بالحق في دولة لم ينشأ الحق صحيحاً بموجب القانون المختص وفقاً لقواعد الإسناد فيها، وذلك لتعلق الأمر بسيادات مختلف الدول. إلا أن هذين الرأيين لم يكونا الوحيدين في فقه القانون الدولي الخاص بشأن مسألة الحقوق المكتسبة، بل ان هناك العديد من الآراء التي حاولت أن تقدم الحلول المناسبة في هذا المجال. فقد ذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أنه يمكن حل التنازع المتحرك انطلاقاً من فكرة النفاذ الدولي للحقوق التي نشأت صحيحة(9)، وذلك عن طريق إجراء التفرقة في حياة الحق بين مرحلة إنشائه ومرحلة نفاذه، ومن ثم صوغ قاعدة منطوقها أنه متى تم إنشاء الحق وفقاً للقانون المختص من الوجهة الدولية فقد تمتع بالنفاذ الدولي، أي ظل قائماً ومنتجاً لآثاره ولو وقع تحت سلطان قانون آخر. وقد اشترط هذا الرأي لنفاذ الحق من الناحية الدولية أن يكون الحق قد تم تكوينه وفقاً للقانون الذي تقضي قواعد الإسناد باختصاصه به. فإذا ما أشارت قاعدة الإسناد الوطنية باختصاص قانون القاضي في مسألة إنشاء الحق فانه يجري تطبيق ذلك القانون على هذه المسألة والاعتراف بآثار الحق فيما لو نشأ صحيحاً واستوفى شروط تكوينه وفقاً لقواعد القانون المختص. أما لو أشارت قاعدة الإسناد باختصاص قانون آخر وكان الحق قد نشأ صحيحاً وفقاً لأحكام قانون أجنبي حسب قواعد الإسناد في ذلك القانون فانه ينبغي الاعتراف بآثار هذا الحق خارج الدولة التي نشأ فيها، وذلك في الحدود التي يَعترف فيها القانون الأجنبي المختص بتلك الآثار(10).

ويتبين من ذلك أن هذا الرأي يَقصُر تطبيق قواعد الإسناد في قانون القاضي بشأن النفاذ الدولي للحقوق على الفرض الأول من دون الفرض الثاني الذي يكفي لنفاذ الحق فيه أن يكون ذلك الحق قد نشأ وفقاً للقانون المختص حسب قواعد الإسناد في قانون الدولة التي تم تكوينه فيها. ولكن في مقابل هذا الرأي فان هناك اتجاهاً واسعاً في فقه القانون الدولي الخاص يرى إطلاق القول بضرورة الأخذ بقواعد الإسناد في قانون الدولة التي يُراد التمسك فيها بالنفاذ الدولي للحق، وهي دولة القاضي، سواء أدى تطبيق هذه القواعد إلى عقد الاختصاص التشريعي لقانون تلك الدولة أم لقانون دولة أخرى(11). فقاعدة الإسناد في دولة القاضي هي التي تختص، وفقاً لهذا الاتجاه، بتحديد القانون الذي يحكم العلاقة في نشأتها، كما انها تختص بتحديد القانون الذي صار مختصاَ على أثر تغير زمان العلاقة أو مكانها قبل رفع النزاع بشأنها إلى القضاء، ويكون ذلك بالاستعانة بقواعد تنازع القوانين في الزمان المتعارف عليها في القانون الداخلي، بحيث تخضع العلاقة مثار النزاع في خصوص شروط صحتها وآثارها الماضية للقانون القديم، في حين تخضع بشأن آثارها المستقبلة للقانون الجديد اعتباراً من تاريخ نفاذه(12). وبعد عرض الآراء والاتجاهات المتقدمة، وخلال مقارنة بعضها بالبعض الآخر يتضح ان جميع هذه الآراء، وإن اختلفت في صياغتها حول كيفية حماية الحقوق في نطاق العلاقات الخاصة الدولية، إلا أن أغلبها، إن لم تكن جميعها، قد اتفقت حول الشرط الرئيس لإسباغ تلك الحماية، وهو شرط كون الحق المراد حمايته دولياً قد نشأ صحيحاً بموجب أحكام القانون المختص من الوجهة الدولية، وما ذلك سوى القانون الذي يتحدد وفقاً لقواعد الإسناد في قانون دولة القاضي، بصفتها الدولة التي يراد التمسك فيها بالحق، وليس وفقاً لقواعد الإسناد في قانون الدولة التي أنشئ فيها الحق. وهو ما يؤكد ان قواعد الإسناد واجبة الإعمال في مسائل الحقوق المكتسبة في الخارج هي قواعد الإسناد الوطنية وليس قواعد الإسناد الأجنبية.

ثانياً: في المسائل التمهيدية

المسألة التمهيدية أو الأولية هي مسألة تسبق مسألة أصلية، ويكون الفصل فيها أولاً لازماً للبت في المسألة الأصلية(13). ومثالها أن ترفع دعوى المطالبة بالحق في ميراث تركة زوج أو أب، وهي مسألة أصلية، فانه يلزم أولاً بحث صفة الزوجة أو الولد الشرعي، أي ثبوت قيام علاقة زوجية صحيحة أو علاقة النسب مع المتوفى، وهي مسألة تمهيدية. وذلك اللزوم بين المسألة الأصلية والمسألة التمهيدية يأتي من وجود درجة معينة من الارتباط بين المسألتين عن طريق أحد عناصر العلاقة محل النزاع سواء عنصر الأطراف أو عنصر الموضوع أو عنصر السبب.

وقد أثار الارتباط بين المسائل التمهيدية والمسائل الأصلية مشكلة تنازع القوانين في المسائل التمهيدية، أو بمعنى أدق مشكلة إسناد هذه المسائل وبأية قواعد إسناد تناط مهمة ذلك، أهي قواعد الإسناد في قانون القاضي أم تلك التي في القانون الأجنبي المختص بحكم المسألة الأصلية(14). والمستعرض لفقه القانون الدولي الخاص يلاحظ أن هناك رأيان رئيسان في هذا الفقه بخصوص مشكلة المسائل التمهيدية، أحدهما يقرر خضوع تنازع القوانين في هذه المسائل لقواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب التطبيق على المسائل الأصلية، في حين إن الرأي الآخر، وهو الرأي الراجح في الفقه المقارن، يذهب إلى إخضاع التنازع في المسائل التمهيدية لقواعد الإسناد في قانون القاضي الذي ينظر في المسألة الأصلية التي ثار بشأنها تنازع القوانين(15)، وهو ما يظهر فيما يلي من عرض الرأيين المذكورين بشئ من الإيجاز. أما الرأي الأول فقد ذهب إلى القول باستثناء المسائل التمهيدية من إطار تطبيق قواعد الإسناد الوطنية، وأن يكون فض تنازع القوانين بشأن هذه المسائل بإعمال قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب التطبيق على المسألة الأصلية بموجب قواعد الإسناد في قانون القاضي(16). والسبب في ذلك هو محاولة الإبقاء على الحقوق المكتسبة في الخارج خلافاً لقواعد الإسناد الوطنية، والتي تكون عند نشأتها على صلة بالنظام القانوني الأجنبي الواجب التطبيق على المسألة الأصلية(17). كما ان مما يوجب ابتعاد المسائل التمهيدية عن النظام القانوني للقاضي، وفقاً للرأي المعروض، أن هذه المسائل عادة ما تتعلق بأوضاع تكونت بعيداً عن دولة القاضي وقانونه، كالزواج أو النسب خارج تلك الدولة، حيث لم يكن باستطاعة الأطراف وقتذاك معرفة المحكمة التي يمكن أن تفصل في النزاعات التي قد تثور مستقبلاً بشأنها، زيادة على أن من مقتضيات هذا الرأي ضرورة احترام المنطق الداخلي للقانون الأجنبي الواجب التطبيق على المسألة الأصلية(18). غير أن الحجج التي استند إليها هذا الرأي لم تصمد أمام النقد، حيث رد فقه القانون الدولي الخاص على ما اعتمد عليه مؤيدوه ودَحَضَ معظم أسانيدهم(19)، وقد ظهر بالمقابل اتجاه واسع في الفقه يرى خلاف ما يراه الرأي السابق، ويذهب هذا الاتجاه إلى أن تنازع القوانين بشأن المسائل التمهيدية إنما يتم فضه بإعمال قواعد الإسناد في قانون القاضي، وذلك على غرار فض التنازع بخصوص المسألة الأصلية، ومن دون النظر إلى قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب التطبيق على تلك الأخيرة(20).

وقد استند هذا الاتجاه إلى مجموعة من الحجج والمبررات القوية التي تدعم ما ذهب إليه في هذا المجال، وأجلى هذه المبررات هو الارتباط الوثيق بين المسألة الأصلية والمسألة التمهيدية والذي يجعل الفصل في المسألة التمهيدية لازماً للفصل في المسألة الأخرى، ويستدعي لاحقاً خضوع المسألة التمهيدية لذات نظام التنازع في دولة القاضي، وذلك باعتبار أنها مسألة تثير بذاتها تنازعاً بين القوانين، فتوضع على قدم المساواة مع المسألة الأصلية، وتطبق عليها في النهاية قواعد الإسناد الوطنية. ويؤيد ذلك ما تتمتع به قواعد الإسناد من شمولية الاختصاص والقابلية العامة لفض تنازع القوانين الذي يثور بصدد مختلف المسائل التي تعرض على القضاء وبغض النظر عن كونها مسائل أصلية أو تمهيدية(21)، وهي القابلية التي اعترف لها بها المشرع الوطني بالنظر لما تجسده هذه القواعد من مساهمة النظام القانوني الوطني مع سائر الأنظمة القانونية للدول الأخرى في فض مشكلة اختيار القانون الواجب التطبيق على العلاقات الدولية للأفراد. وإلى جانب ذلك فان هناك مبرراً آخر يؤيد إعمال قواعد الإسناد الوطنية لحل تنازع القوانين في شأن المسائل التمهيدية، ومقتضاه أن الأخذ بالاتجاه القائل بإخضاع المسائل المذكورة لقواعد الإسناد في القانون الأجنبي المختص بالمسألة الأصلية يَفترض مبدئياً أن النظام القانوني للقاضي يأخذ بنظرية الإحالة، أما إذا كان ذلك النظام يرفض هذه النظرية فليس أمام القاضي، في هذه الحالة، سوى تطبيق قواعد الإسناد في قانونه على كافة مسائل تنازع القوانين التي تعرض أمامه سواء كانت مسائل أصلية أم تمهيدية(22). وزيادة على ذلك فان اختيار القانون الأجنبي إعمالاً لقاعدة الإسناد الوطنية إنما كان بقصد تقديم الحل الموضوعي للمسألة الأصلية، ولم يتم هذا الاختيار بقصد تقديم حل لتنازع القوانين في المسألة التمهيدية، فهذا التنازع يحتاج إلى اختيار جديد، وفي ظل رفض الإحالة فإن النهوض بذلك الاختيار لا يمكن أن يكون إلا بمقتضى قواعد الإسناد في قانون القاضي. وبذلك فان قواعد الإسناد الوطنية سوف يبقى لها مجال كبير للتطبيق، ولن يمكن الخروج عليه في الأنظمة القانونية الرافضة للإحالة، والتي من بينها النظامان القانونيان العراقي والمصري، زيادة على عدد كبير من الأنظمة المعاصرة(23).

ثالثاً: في الإحالة

الإحالة هي ( تلك الفكرة التي تقضي بتطبيق قواعد الإسناد في القانون الأجنبي المختص بحكم العلاقة بمقتضى قواعد الإسناد الوطنية متى اختلفت مع هذه الأخيرة وكان التنازع بينهما سلبياً) (24). فحيث ان الأنظمة القانونية المختلفة تكاد لا تخلو من تجاور نوعين من القواعد القانونية هي القواعد الموضوعية التي تنظم وتحكم العلاقات الوطنية، وقواعد الإسناد التي تنظم وتحكم العلاقات الخاصة ذات العنصر الأجنبي، لذلك فإذا ما أشارت قاعدة الإسناد الوطنية إلى قانون أجنبي معين بشأن النزاع المعروض، عندها تثور مشكلة تحديد أيّ القواعد القانونية في القانون الأجنبي التي تحددها قاعدة الإسناد الوطنية ينبغي تطبيقها، أهي القواعد الموضوعية أم قواعد الإسناد. وإزاء هذه المشكلة فان جانباً من الفقه، تؤيده بعض الأنظمة القانونية(25)، قد ذهب إلى أن على القاضي أن يطبق ما تقضي به قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الذي تشير إليه قواعد الإسناد الوطنية، أي انه يجب البدء بإعمال قواعد الإسناد في ذلك القانون لمعرفة ما إذا كانت تؤكد الاختصاص لقواعده الموضوعية أم أنها تشير إلى قانون دولة أخرى ليكون هو الواجب التطبيق، وبشكل خاص إذا كان هذا القانون هو قانون دولة القاضي(26). وابتداءً نقول أن فكرة الإحالة، وعلى الرغم مما تقضي به من وجوب إعمال قاعدة الإسناد في النظام القانوني الأجنبي، لم تكن لتؤدي إلى خروج قواعد الإسناد عن وطنيتها واكتسائها بالصفة الأجنبية، على نحوٍ يقود إلى تخلي القاضي الوطني عن قواعد الإسناد في قانونه وعدم إعمالها على النزاع المعروض، بل ان هذه الفكرة تحفظ لقواعد الإسناد طابعها الوطني كقواعد قانونية صادرة عن إرادة تشريعية ملزمة. ويتأكد قولنا هذا من جهتين، الأولى من خلال الأسس التي اعتنى بإبرازها بعض مؤيدي نظرية الإحالة والتي تبين أن الاتجاه الذي يأخذ بهذه النظرية لم يكن ليختلف عن الاتجاه الرافض للأخذ بها في شأن وجوب إعمال قواعد الإسناد الوطنية، وإنْ كان ذلك لا ينفي إعمال قواعد الإسناد الأجنبية، إلا أن إعمال القواعد الأخيرة لا يخرج بحالٍ من الأحوال عن نطاق إرادة المشرع الوطني التي أودعها في قاعدة الإسناد. والجهة الثانية ما عَبّر عنه الاتجاه الفقهي الحديث في نظرية الإحالة، والذي يرتكز في شأن قبول فكرة الإحالة أو رفضها داخل النظام القانوني على قاعدة الإسناد الوطنية، وذلك من خلال عدم التقيد بحلٍّ عام مسبق، بل ينبغي في كل مسألة من المسائل المطروحة أن يجيء الحل متفقاً مع روح قاعدة الإسناد الوطنية والغاية التي ترمي هذه القاعدة إلى تحقيقها، وذلك في حدود التناسق بينها وبين قاعدة الإسناد الأجنبية.

أما من جهة الأساس القانوني لنظرية الإحالة فان بعضاً من مؤيدي هذه النظرية قد ذهبوا إلى تأسيس نظريتهم على فكرة الإسناد الاحتياطي(27)، ومقتضى هذه الفكرة إن قواعد الإسناد الوطنية يتم وضعها بافتراض أن هناك اشتراكاً قانونياً في وجهات النظر بينها وبين قواعد الإسناد الأجنبية، فإذا رفضت هذه الأخيرة الاختصاص لقانونها فهذا يعني انتفاء ذلك الاشتراك حيث ينبغي على القاضي عند ذاك أن يبحث عن إسناد احتياطي للمسألة وهو إسناد لا يكون إلا لصالح قانونه الوطني، وبهذا فان جوهر وظيفة قاعدة الإسناد الوطنية، بحسب هذا الرأي، هو عرض الاختصاص التشريعي على قانون أجنبي معين من دون أن تَفرض الاختصاص على ذلك القانون، فإذا رفض القانون الأجنبي الاختصاص المعروض فإنه لا يتم تطبيقه، بل يتعين البحث عن قانون آخر، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى قواعد الإسناد في قانون القاضي، وذلك على فرض أن هذه القواعد تتضمن بالضرورة قاعدة إسناد احتياطية تسند المسألة المعروضة إلى قانون القاضي ذاته وليس إلى قانون أجنبي آخر. وإلى جانب ذلك فقد ذهب رأي آخر إلى تأسيس نظرية الإحالة عل فكرة تناسق الأنظمة في فض تنازع القوانين(28)، والإحالة، وفقاً لهذا الأساس، إنما تؤدي إلى حل مشكلة التنازع بين السيادات الكامن في ظاهرة تنازع القوانين ورسم النطاق المعقول لتطبيق قانون كل دولة حسب قواعد الإسناد في هذا القانون. فرغم أن تنازع القوانين يقوم بشأن العلاقات الخاصة للأفراد، فان هذا لا ينفي وجود تنازع فعلي بين السيادات من ناحية أن قاعدة الإسناد لكي تحسم النزاع بشأن هذه العلاقات الخاصة عليها أن تحدد مجال تطبيق القوانين المتنازعة في المسألة المعروضة، وحينما يَسن المشرع قاعدة إسناد معينة فانه يتطلع إلى احتمال تنسيقها مع قاعدة الإسناد الأجنبية، وذلك بطريقة تكفل حل هذا التنازع بين السيادات(29). وبذلك فان الإحالة، حسب هذه الفكرة، لا تعني تنازلاً من قواعد الإسناد الوطنية لصالح نظيرتها الأجنبية، بل ان إعمال قواعد الإسناد الأجنبية لا يكون إلا بأمر من قواعد الإسناد الوطنية، وعليه تكون الإحالة قد أبرزت معنى التناسق بين قواعد الإسناد، وأكدت التعاون بين هذه القواعد وتداخلها المتبادل بدلاً من تجاهل إحداها الأخرى(30). وأما من جهة النظرة الحديثة إلى مشكلة الإحالة وإبرازها للطبيعة الوطنية لقواعد الإسناد، فقد دعا الفقه الحديث إلى عدم تبني حل عام مطلق قوامه قبول الإحالة أو رفضها، كما ذهب إليه الاتجاهان السابقان، بل ينبغي بحث المشكلة من منظور وظيفة قاعدة الإسناد الوطنية وغايتها(31). ومقتضى هذا النظر ان الإحالة تكون مقبولة فيما لو أدى إعمالها إلى مساعدة قاعدة الإسناد على أن تحقق غايتها التي أرادها لها مشرعها بالشكل الأمثل، وأما لو كان من شأن الأخذ بالإحالة تحقق نتائج تأباها وظيفة قاعدة الإسناد وغايتها فلا محل للأخذ بها، وإنما يصار إلى تطبيق القواعد الموضوعية في القانون الذي تشير قاعدة الإسناد باختصاصه(32). ولا يَخفى ما في هذا الاتجاه من حرصٍ على أداء قواعد الإسناد الوطنية لوظيفتها في ميدان تنازع القوانين وتحقيق الغايات التي ابتغاها المشرع من وراء سَنِّه لهذه القواعد، وكذلك اعتبار القواعد المذكورة هي الأساس الذي يتكئ عليه المشرع في قبوله أو عدم قبوله تطبيق قاعدة الإسناد في القانون الأجنبي، وهو الأمر الذي ينتفي معه، في إطار نظرية الإحالة، أي اعتقاد باتصاف قواعد الإسناد بالصفة الأجنبية.

رابعاً: في الإسناد إلى قانون دولة تتعدد فيها الشرائع

قد يحدث أن تشير قواعد الإسناد الوطنية باختصاص قانون دولة تتعدد فيها الشرائع تعدداً داخلياً، وهي ما يطلق عليها الدولة ذات الأنظمة المركبة. وهذا التعدد قد يكون تعدداً إقليميا، بأن تختص كل شريعة بنطاق إقليمي معين، أو يكون تعدداً شخصياً، بأن تختص كل شريعة بطائفة من الأشخاص المتمتعين بجنسية الدولة. والإسناد إلى قانون إحدى هذه الدول متعددة الشرائع يثير مشكلة تحديد الشريعة الداخلية التي يتعين تطبيقها في النزاع المطروح على القضاء، وكيف يتسنى للقاضي اختيار تلك الشريعة من بين الشرائع المتعددة التي يتضمنها القانون الواجب التطبيق حسب قاعدة الإسناد(33). وقد أحدثت مشكلة الإسناد إلى قانون دولة متعددة الشرائع جدلاً فقهياً لدى فقهاء القانون الدولي الخاص، حيث رأى جانب من هذا الفقه وجوب الرجوع إلى قواعد الإسناد في دولة القاضي لتحديد الشريعة الداخلية المختصة من دون قواعد الإسناد الداخلية في قانون الدولة ذات النظام القانوني المركب ما لم تعجز قواعد الإسناد الوطنية عن تحديد الشريعة الأجنبية الداخلية الواجبة التطبيق، إذ يصار حينئذ إلى إعمال قواعد الإسناد في قانون تلك الدولة الأجنبية(34). وتعجز قاعدة الإسناد عن تحديد الشريعة الداخلية الواجبة التطبيق إذا كانت القاعدة تَتخذ من جنسية الشخص ضابطاً للإسناد، وهو ضابط يفتقد إلى القدرة على تعيين القواعد الموضوعية عند تعدد الشرائع في الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته. ولكن في مقابل هذا الرأي يوجد اتجاه فقهي وتشريعي يرى ان على القاضي أن يرجع إلى قواعد الإسناد الداخلية في القانون الواجب التطبيق بمقتضى قواعد الإسناد الوطنية لتحديد أي الشرائع أو القواعد الداخلية في ذلك القانون هي المختصة(35)، وأن يطرح جانباً فكرة الرجوع إلى قواعد الإسناد في قانونه، ويكون ذلك في جميع الحالات التي يتعين فيها تطبيق قانون دولة تتعدد فيها الشرائع أياً كانت طبيعة الضابط المبنية عليه قاعدة الإسناد الوطنية(36).

ومن خلال النظر في فكرة الإسناد إلى قانون دولة تتعدد فيها الشرائع، وما ذهب إليه الاتجاه القائل بإعمال قواعد الإسناد الداخلية في قانون الدولة الأجنبية ذات الشرائع المتعددة، يتضح ان مؤدى هذه الفكرة، بحسب الاتجاه المذكور، هو ان اضطلاع قانون الدولة الأجنبية بتحديد الشريعة الداخلية الواجبة التطبيق إنما يكون بتفويض من مشرع القاضي الذي ينظر في النزاع ذات العنصر الأجنبي، ومن هنا جاءت تسمية مشكلة الإسناد إلى قانون دولة متعددة الشرائع بمشكلة التفويض(37). ومشكلة التفويض، بهذا المعنى، تختلف عن مشكلة الإحالة التي سبق لنا عرضها، ففي الإحالة يَثبت الاختصاص لقانون دولة أجنبية فيتخلى هذا القانون عن الاختصاص المقرر لمصلحته إلى قانون آخر، أما في التفويض فإن القانون المختص لا يتخلى عن ولايته بحكم النزاع لقانون دولة أخرى، بل ان هذا القانون يركز اختصاصه في شريعة معينة من الشرائع الداخلية المتعددة التي ينظمها، وذلك بمقتضى ما يحتويه من قواعد الإسناد الداخلية(38). وبناءً على ذلك فان رجوع القاضي الوطني إلى قواعد الإسناد الداخلي في القانون الواجب التطبيق لتحديد الشريعة الداخلية المختصة لا يعد خروجاً على قواعد الإسناد في النظام القانوني للقاضي، والحال أن تحديد ذلك القانون قد تم بناءً على إعمال قاعدة الإسناد الوطنية وإشارتها للقانون الأجنبي الذي ظهر فيما بعد أنه قانون دولة متعددة الشرائع. وتأسيساً على ما تقدم يتضح لنا بأن جميع الحالات المعروضة آنفاً لا تخرج بقواعد الإسناد عن صفتها الوطنية، وهذا في واقع الحال ما يتفق مع طبيعة قواعد الإسناد باعتبار أنها جزء من القانون الداخلي للدولة، وهو ما يَفرض على هذه القواعد أن تتصف بجميع الصفات التي لبقية القواعد القانونية الداخلية، ومن بينها، كما سبق القول، الصفة الوطنية. فإحدى صفات القاعدة القانونية الاعتيادية أن تكون قاعدة وضعية، وذلك اعتباراً بأنها تتكون في العادة من عمل الإنسان، فرداً كان أو هيئة أو مجتمعاً، وبأنها موضوعة سلفاً ومحددة تحديداً كافياً على نحوٍ يتمكن معه الأفراد المخاطبون بها من تنظيم سلوكهم وفقاً لهذه القاعدة(39). وهذا الأمر ينعكس بدوره على قاعدة الإسناد، فهي كقاعدة قانونية، لابد وأن تكون من وضع السلطة المختصة بسن القواعد القانونية في كل دولة متمثلةً بالسلطة التشريعية أو بالقضاء في بعض الدول، وهو ما يوسم هذه القاعدة بالصفة الوضعية الداخلية(40). ولذلك فإن إجابة السؤال الذي طرحناه في بداية البحث تكون بالنفي، إذ على الرغم من ان الحالات المذكورة قد توحي ظاهراً بالصفة الأجنبية لقواعد الإسناد، إلا أن واقع الأمر ينبئ بخلاف الظاهر، وذلك أن قواعد الإسناد في جميع الحالات، وبمختلف تطبيقاتها، لا تحيد عن طابعها الوطني، ولا يمكن لقاضي النزاع أن يغض الطرْف عن قاعدة الإسناد في قانون دولته ليذهب ابتداءً إلى القانون الأجنبي باحثاً فيه عن قاعدة الإسناد التي تنطبق على النزاع المعروض، لِما في ذلك من إعراضٍ عن إرادة المشرع الوطني وتطبيقٍ لإرادة المشرع الأجنبي، في الوقت الذي لا يحق للقاضي إعمال القانون الأجنبي، بمختلف قواعده، ما لم يُجزْ له مُشَرعه ذلك الإعمال.

__________________

1- E.Tyan، Precis de droit international prive، Beyrouth، 1966، p.121.

2- وأيد هذه الاستثناءات عدد من الفقهاء في كل واحد من المجالات المذكورة على ما سنبينه في الصفحات التالية.

3- د. عز الدين عبد الله. القانون الدولي الخاص. الجزء الثاني (في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين). ط7. دار النهضة العربية. القاهرة. 1972. فقرة 54. ص109. وفكرة الحقوق المكتسبة في فقه بلاد القانون غير المكتوب لها مفهوم آخر، إذ لا يقصد بها بيان القانون الواجب التطبيق، بل الغرض منها بيان أساس تطبيق القانون الأجنبي، ذلك أن القاضي، في نظرهم، لا يطبق القانون الأجنبي، وإنما هو يعترف فحسبْ بالحق الذي تم اكتسابه تحت سلطان ذلك القانون. انظر المصدر ذاته. ص109 – 110.

4- د. محمد كمال فهمي. أصول القانون الدولي الخاص. ط2. مؤسسة الثقافة الجامعية. الإسكندرية. 1978. فقرة 340 وما بعدها. ص437 وما بعدها. وانظر في التنازع المتغير بشكل خاص، كريم مزعل شبي. التنازع المتغير وأثره في القانون الواجب التطبيق(دراسة في تنازع القوانين). أطروحة دكتوراه. كلية القانون. جامعة بغداد. 2000. ص6 وما بعدها.

5- قد يضطلع المشرع بتحديد الوقت الذي يُعتد فيه بضابط الإسناد في قاعدة الإسناد الوطنية، وهذا ما فعله المشرع العراقي في بعض قواعد الإسناد الواردة في نصوص القانون المدني رقم 40 لعام 1951 ومنها نص المادة 19/ 2، 3 بشأن آثار الزواج وانحلاله، ونص المادة 24 الخاصة بنظام الأموال المنقولة.

6- ومن هؤلاء في الفقه المصري د. محمد كمال فهمي. مصدر سابق. فقرة 359 وما بعدها. ص456 وما بعدها. وفي الفقه الفرنسي P.Mayer، Droit international prive، précis Domat، Paris، 1977، p.203

7- A.Pillet، op.cit، p.496 ets.

8- انظر في عرض هذا الرأي د. عز الدين عبد الله. القانون الدولي الخاص. ج2. مصدر سابق. فقرة 51.
ص97 – 99.

9- J.P.Niboyet، op.cit.، p.438 ets.

10- كريم مزعل شبي. التكييف في تنازع القوانين، دراسة مقارنة. رسالة ماجستير. كلية القانون. جامعة بغداد. 1992.. ص105 وما بعدها.

11- انظر حول هذا الرأي في الفقه المصري د. عز الدين عبد الله. القانون الدولي الخاص. ج2. مصدر سابق. فقرة 54. ص108-109، د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجاً. ط1. مكتبة الجلاء الجديدة. المنصورة. 1996. فقرة 277. ص312-313. وذهب إلى هذا الرأي في الفقه الفرنسي D.Holleaux، J.Foyer et G.de la Pradelle، Droit international prive، Masson، Paris، 1987، p. 231 .

12- هناك من الفقهاء من يرى وجوب عدم التقيد بمعايير عامة مسبقة لمعالجة مشكلة التنازع المتغير، بل ينبغي ضرورة النظر في كل حالة على حدة واختيار انسب القوانين لحل هذا التنازع في المسائل المعروضة وذلك تبعاً لطبيعة النظام القانوني الذي تندرج تلك المسألة في نطاقه، وهذا هو رأي الأستاذ الفرنسي إيتين بارتان. ويذهب هذا الفقيه إلى ضرورة تحليل قاعدة الإسناد في قانون القاضي والبحث في نطاقها ومعرفة ما أذا كانت تحدد القانون الواجب التطبيق من حيث المكان ومن حيث الزمان معاً أو كانت تحدد ذلك القانون من حيث المكان فقط، وفي الحالة الأخيرة ينبغي البحث عن ضابط إسناد إضافي أو تكميلي لتحديد ذلك القانون من الناحية الزمنية على ضوء الغاية التي تهدف إليها قاعدة الإسناد وبما يحقق أكبر قدر من الاستقرار للعلاقات الخاصة الدولية. أنظر في عرض هذا الرأي، كريم مزعل شبي. مصدر سابق. ص131 وما بعدها. والملاحظ أن الرأي المذكور لا يعتمد قاعدة الإسناد الأجنبية في حل مشكلة الحقوق المكتسبة في الخارج، بل يقرر أن قاعدة الإسناد الوطنية هي الواجبة الإعمال دائماً في حل هذه المشكلة.

13- د. سامي بديع منصور. الوسيط في القانون الدولي الخاص (تقنية وحلول النزاعات الدولية الخاصة) .ط1. دار العلوم العربية. بيروت. 1994. فقرة 101. ص134.

14- من أبرز العوامل التي تؤدي إلى قيام مشكلة المسائل التمهيدية في تنازع القوانين هي خضوع المسألة الأصلية لقانون أجنبي بمقتضى قواعد الإسناد في قانون القاضي، واستقلال المسألة التمهيدية في إسنادها، مع اختلاف قاعدة الإسناد الأجنبية التي ستطبق عليها عن تلك التي في قانون القاضي. انظر في ذلك وفي عرض للآراء التي قيلت في شأن النظام القانوني الذي تخضع له المسائل التمهيدية د. حفيظة السيد الحداد. القانون الدولي الخاص. الكتاب الأول (تنازع القوانين). منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2002. فقرة 280 وما بعدها. ص217 وما بعدها.

15- وهناك رأي في الفقه يذهب إلى أن حل مشكلة المسائل التمهيدية ينبغي أن يتم وفقاً لظروف كل حالة على حدة ومن دون التقيد المسبق بأحد المبادئ المعدة سلفاً كما ذهب إليه الاتجاهان الآخران، ومن أنصار هذا الرأي في الفقه المصري د. احمد عبد الكريم سلامة. السياحة والعقود الدولية الجديدة (عقد المشاركة الزمنية او اقتسام الوقت في القانون الدولي الخاص). مجلة الحقوق. كلية الحقوق. جامعة البحرين. المجلد الثالث. العدد الثاني. 2006. ف 333. ص362-363.

16- من القائلين بهذا الرأي في الفقه الفرنسي P.Lagarde، La regle de conflit applicable aux questions prealables، Rev. crit، 1966، p.464 ets.

17- P.Lagarde، op. cit.، p.466.

18- Ibid.، p.469-470.

19- في الرد على تلك الجج د.أحمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 322 وما بعدها. ص354 وما بعدها.

20- ذهب إلى هذا الاتجاه في الفقه الفرنسي P.Mayer، op.cit.، note 143، p.210; D.Holleaux، J.Fouer et G.de la Pradelle، op. cit.، p.259. ، وكذلك الفقهاء P.Groulich، Ph. Francescakis، F.Debe- Gerard، ذكرهم د. أحمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. هامش 80. ص349. ومن فقه بلاد القانون غير المكتوب M.Wolff، Private international law، 2nd ed.،Oxford، 1950، p.206 ets..

21- في شمولية الاختصاص والقابلية العامة لقواعد الإسناد راجع ما يأتي ص163 وما بعدها.

22- د. حفيظة السيد الحداد. القانون الدولي الخاص. مصدر سابق. فقرة 286. ص222.

23- انظر في موقف هذه الأنظمة من نظرية الإحالة د.ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص الأردني والمقارن. الجزء الأول (تنازع القوانين. الاختصاص القضائي الدولي. تنفيذ الأحكام الأجنبية). مكتبة دار الثقافة. عمان- الأردن. 1998. ص63-65.

24- د. عز الدين عبد الله. القانون الدولي الخاص. ج2. مصدر سابق. فقرة 64. ص143-144. ويحصل التنازع السلبي للقوانين حينما تقرر قاعدتا الإسناد في القانونين الوطني والأجنبي الاختصاص التشريعي لقانون القاعدة الأخرى أو لقانون ثالث. أنظر المصدر ذاته. ص142.

25- ويُعَد النظامان القانونيان الفرنسي والانكليزي من الأنظمة التي تأخذ بفكرة الإحالة. وانظر في الفقه المؤيد للإحالة في فرنسا D.Holleaux، J.Foyer et G.de la Pradelle، op. cit.، p.246 ets.وهم من المؤيدين للإحالة من الدرجة الأولى، أي الإحالة إلى قانون القاضي. وفي فقه بلاد القانون غير المكتوب A.V.Dicey and J.C.H.Morris، The conflict of lows، 9ed.، London، 1973، p.64 ets.

26- ويدعم هذا الفريق رأيه بجملة من الحجج النظرية والعملية منها فكرة الإسناد الإجمالي وفكرة تيسير تنفيذ الأحكام الأجنبية وكذلك فكرة مصلحة النظام القانوني للقاضي، زيادة على فكرة المحكمة الأجنبية المعروفة لدى فقه بلاد القانون غير المكتوب. انظر في عرض هذه الأسانيد والرد عليها د. عكاشة محمد عبد العال. مصدر سابق. ص137 وما بعدها.

27- وقال بهذه الفكرة الأستاذ الفرنسي P.Lerebour – Pigeonniere في مؤلفه بالاشتراك مع Y.Loussouarn: Droit international prive، précis – Dalloz، 8eme ed.، Paris، 1962، p.437 ets. أشار إليه د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. هامش 40. ص450.

28- وهذا هو رأي الأستاذ الفرنسي Batiffol، انظر في عرض هذا الرأي د. محمد كمال فهمي. مصدر سابق. فقرة 320. ص424-426..

29- د. هشام علي صادق. مركز القانون الأجنبي أمام القضاء الوطني، دراسة مقارنة. منشأة المعارف. الإسكندرية. 1972. فقرة 53 مكرر. ص184-185.

30- د. سامي بديع منصور. الدين وتنازع القوانين في مادة الإرث والأحوال الشخصية. مجلة الدراسات القانونية. كلية الحقوق. جامعة بيروت العربية. العدد الثاني. 2003. فقرة 397. ص631-632.

31- من الذين اعتمدوا هذا الرأي في الفقه المصري د. فؤاد عبد المنعم رياض و د. سامية راشد. تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكام الأجنبية. دار النهضة العربية. القاهرة. 1994. فقرة 100. ص118 ، د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 429. ص463-464.

32- ومن أهم غايات قاعدة الإسناد هي إخضاع العلاقة ذات الطابع الدولي إلى أكثر القوانين قبولاً من جانب الدول المتصلة بها سعياً إلى أن تُنتج العلاقة أثرها في جميع هذه الدول، وكذلك إخضاع العلاقة إلى أكثر القوانين توقعاً بالنسبة للأفراد أطراف تلك العلاقة. د. فؤاد عبد المنعم رياض و د. سامية راشد. الوسيط في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي. دار النهضة العربية. القاهرة.1987

33- في تفصيل وافٍ لهذا الموضوع انظر د. حسن احمد بغدادي. الإسناد إلى قوانين الدول المتعددة الشرائع. مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية. كلية الحقوق. جامعة الإسكندرية. العددان الثالث والرابع. السنة الرابعة. 1950. ص159 وما بعدها.

34- من أنصار هذا الرأي في الفقه المصري. د. منصور مصطفى منصور. مذكرات في القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين). دار المعارف بمصر. 1956-1957. فقرة 34. ص123. وفي الفقه الفرنسي P.Arminjon، op. cit.، p.176 ets.

35- أخذ التشريع العراقي بهذا الحل في المادة 31/2 من القانون المدني رقم 40 لعام 1951، وكذلك اعتمده القانون المدني المصري رقم 131 لعام 1948 (مادة 26).

36- انظر في عرض هذا الاتجاه وتأييده د. عز الدين عبد الله. القانون الدولي الخاص. ج2. مصدر سابق. فقرة 78 مكرر. ص189-190، د. هشام علي صادق. مصدر سابق. فقرة 58. ص229-231، د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 29. ص324-326 وفقرة 295. ص330.

37- د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص الأردني والمقارن. الجزء الأول (تنازع القوانين. الاختصاص القضائي الدولي. تنفيذ الأحكام الأجنبية). ط1. مكتبة دار الثقافة. عمان – الأردن. 1998. ص65.

38- د. منصور مصطفى منصور. مذكرات في القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين). دار المعارف بمصر. 1957. فقرة 33. ص115-116.

39- د. مصطفى مصباح شليبك. المدخل للعلوم القانونية (نظرية القانون – نظرية الحق). ط1. الجامعة المفتوحة. طرابلس – ليبيا. 2002. ص23-24.

40- د. حفيظة السيد الحداد. القانون الدولي الخاص. مصدر سابق. فقرة 43. ص27-28.

المؤلف : ميثم فليح حسن
الكتاب أو المصدر : طبيعة قواعد الاسناد
الجزء والصفحة : ص 42-53

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .