إن استغلال المال الشائع من خلاد استثماره يعني القيام بجميع الأعمال اللازمة للحصول على ثماره، وبغية التوفيق بين مصلحة الشريك ومصلحة جميع الشركاء كان لابد من وضع قواعد وأحكام تعنى ببيان أعمال ادارة ضرماناً لحسن استغلال هذا المال .واعمال ادارة التي قد يضالع أحد الشركاء بها تنقسم الى اعمال إدارة معتادة أوعادية واعمال إدارة غير معتادة أو غير عادية . وهذا التقسيم قوامه طبيعة هذه الاعمال فيما إذا كان تمس أصل الشيء بأجراء تعديل فيه وبأحداث تغيير بأغراضه ، أو تقتصر على الحصول على منافعه المقصودة فقط دون المساس بأصله . ولما كان الايجار يعرد مرن برين اعمال ادارة المعتادة فأنه يحسن بنا أن نبين المقصود بها في إطار الملكية الشائعة . ويلاحظ ابتدأ أن مصطلح ادارة المعتادة لم يرد في كتب الفقه الاسلامي ، إلاَ أن الفقهاء أهتموا في مواطن محددة من كتبهم بالشيوع وأحكامه ومنها إيجار المال الشائع .والشيوع الذي نعنيه هنا ما بحثه الفقهاء المسلمون ضمن بحثهم لشركة الملك وهي تعني ثبوت الح في شيء لأثنين فأكثر على جهة الشيوع(1)، وهي تثبت للشركاء بفعلهم كالشراء والهبة والوصية أو تثب بفرضها عليهم كالميراث (2) فهي بهذا المعنى اجتماع حقوق الملاك في الشئ الواحد على سبيل الشياع(3) .ويثبت فيها حق الاجتماع في استحقاق أو تصرف(4).

وقد عرفت مجلة الأحكام العدلية شركة الملك في الشيوع من خلاد المادة ) 1060 ( منها بقولها كون الشئ مشتركاً بين إثنين فأكثر أي مخصوصاً بهما بسب من أسباب الملك، بعد أن عرفه المشاع في المادة (138) بأنه ما يحتوي على حصص شائعة كالنصف والربع والسدس وغير ذلك من ( الحص السارية إلى كل جز من أجزا المال منقولاً كان أم غير منقود ، وعرف الحصرة الشائعة في المادة ) 139 ( بأنها الحصة السارية الى كل جز من أجزاء المال المشترك(5)أما عقد الايجار أواجارة فهي عند الفقهاء المسلمين من الألفاظ المنقولة شرعاً من موضوعها لغة ، فهي مشتقة من الأجر وهو العوض ، ويراد بها تمليك المنفعة خاصة بعوض لازم لماهيتها ، أو العقد المفيد لذلك . وهي عقد ثمرته نقل المنافع بعوض معلوم مع بقا الملك على أصله (6)وبعد التقديم لتعريف الشركة والايجار في الفقه الاسلامي يتبين لنا أن الشركة عندهم هي حدوث الملكية لأكثر من شخص واحد على مملوك واحد وعلى نحو الأشاعة والتشارك بنظرهم هو علاقة إنسانية اقتصادية يختبر فيها المؤمن في اخلاقه وفي دينه وترتب على كل شريك تبعة تجاه شريكه في صيانة المال المشترك وعدم العدوان فيه وذلك بالحرص على الالتزام بما شرعه الله تعالى لتنظيمها وبيان أحكامها ، وهذا ما يتطالبه إدارة المال المشترك بشكل يحقق الغاية من الشيوع وعدم إلحاق الضرر بالشركاء الآخرين وبالمقابل فأن إدارة هذا المال تكون من حق جميع الشركاء مهما كان حصة بعضهم ضئيلة(7) وقد عنى الفقهاء المسلمون بهذه الأحكام وإن لم ترد في نصوصهم أصلا إدارة المال الشائع ، ولكن وردت فيها قواعد عامة تحكم التصرف بمفهومه الواسع والذي يشمل أعمال ادارة والتصرف جميعاً ، وبين الكثير من الأحكام التي تعد تطبيقاً لاعمال ادارة ومنها إيجار المال الشائع(8) .

إلاَ أننا يمكن أن نتلمس تمييز الفقها المسلمين بين إيجار المال الشائع بوصفه من أعمال ادارة وبين التصرف به من خلال ما ورد في نصوصهم بما يويد ذلك ،إذ أنهم أشاروا في بعض آرائهم إلى الايجار وناقشوا جوازه من عدمه ثم تعرضوا بعد ذلك الى التصرف في المشاع ووضعوا له حكماً مغايراً مًما يعني أنهم لم يساووا برين الايجار وبين التصرف في المال الشائع(9)وهكذا فأن من أول وأدق المسائل التي يتصدى لها الشركاء على الشيوع هو موضوع إدارة المال الشرائع، وادارة المقصودة هنا هي ادارة المعتادة والتي يعد الإيجار من أبرز مصاديقها ، ويراد بأعمال الادارة المعتادة بأنها جميع الاعمال التي لاتقتضي تغييراً اساسياً فري المال أو تعديلاً فري الغرض الذي أعد له ،وليس المقصود منها ما أعتاد عليه الشركاء كما قد ينصرف الذهن الى ذلك لأود وهلة. وإنما المال منها هي الاعمال العادية للادارة التي لا تنطوي على تغيير أساس في المال الشائع أو في الغرض الذي أعد له.وهي أما أن تكرون مادية كجني الثمار وأما أن تكون قانونية ، كتأجير المال(10) وقد بحث الفقها المسلمون هذا الموضوع واشترطوا في صحة صدورها أن تكون بموافقة جميع الشركاء دون أن ينفرد أحدهم بالقيام بهرا ، كما عبرت عن ذلك مجلة الأحكام العدلية بقولها في المادة ) 1069 ( أنه مثلما يتصرف صاحب الملك المستقل في ملكه كيفما يشاء فلأصحاب الملك المشترك أيضاً بالاتفاق كذلك . وهذا الن يسري على جميع الاعمال الصادرة من الشركاء بما فيها أعمال الادارة المعتادة ،فلهم ايتفاق على تأجير المال الشائع لواحد منهم أو لأجنبي وتقسيم الأجرة بينهم بنسبة حصصهم .

وأعتبر فقهاء القانون المدني وشراحه أيضاً إيجار المال الشرائع مرن أبرز صور ادارة المعتادة إذ أنهم أشاروا الى ذلك عند بحثهم لاستغلال المال الشائع أو ان ينتفاع به ، فاعتبروا من اعمال ادارة الرئيسة التي تقع كثيراً في العمل وتهدف الى الانتفاع بالمال الشرائع وإستثماره بإيجار الدار وإيجار الأرض الزراعية(11) وهو ما نهجه مشرع القانون المدني في النصوص القانونية التي عالجت اعمال الأدارة المعتادة وفي هذا السياق نص المادة (815/3) من القانون المدني الفرنسي على أنه) يلزم موافقة جميع الشركاء على القيام بأعمال ادارة (….. (12) وكذلك ما جاء في المادة (827) من القانون المدني المصري التي نص على أن تكون إدارة المال الشائع مرن حر الشركاء مجتمعين مالم يوجد اتفاق يخالف ذلك (13). وهو الحكم ذاته الذي عبرت عنه المادة (1064) من القانون المدني العراقي عندما نص على أن تكون إدارة المال الشرائع من حق الشركاء مجتمعين مالم يوجد اتفاق يخالف ذلك .وأشارت المادة ) 1061 ( في فقرتها الثالثة من القانون نفسه الى إيجار المال الشائع بعد أن أكدت على إعتباره صورة من صور الاستغلال في الفقرة الثانية من المادة المذكورة .ويفسر اتجاه المشرع العراقي هذا على أنه لم يشأ أن يترك هذه المسألة الهامة لتقدير القضاء واجتهاده وأنما آصر أن يفصل فيها بنص صريح ، دون أن يجعل للقضاء سبيلاً للتدخل في إدارة المال الشائع إلاَ عند تعذر ايتفاق على ذلك لأن أدق ما يعرض للشركاء في الشيوع هو إدارة المال الشائع ، ولذلك تكفل المشرع بوضع قواعد لهذه الادارة ، وأن يطبع قواعد إدارة المال الشائع بطابع التيسير العملي أسوة بمصادره التاريخية في هذا المجال (14) كما أن الفقها بحثوا إيجار المال الشائع كتابي من تطبيقات اعمال ادارة المعتاده في عقد الايجار بمناسبة تحديد من له الحق في صدور الايجار منه وأعتبروا هذا النوع من الايجار صريحا نافذاً متى صدر من الشركاء أجمعين مستندين في ذلك الى النصوص القانونية السابققة (15) ولما كان الايجار يعد باتفاق الفقهاء من اعمال ادارة المعتادة فهو يختلف بذلك عن اعمال ادارة غير المعتادة التي تقتضي تعديلاً أساسياً في المال أو في الغرض الذي أعد له كأعاده بنا منزل بجعله أصلح للاستغلال أو البنا على الأرض أو تحويل المطعم إلى مقهى . وتحديد ما إذا كران العمل يدخل ضمن اعمال الادارة المعتادة أو ضمن اعماد الادارة غير المعتادة مسألة يختص بتقديرها قاضي الموضوع(16) .

وان كانت المحكمة تخضع لرقابة محكمة التمييز عندنا بصدد تمييزها بين أعمال الأدارة المعتادة وغير المعتادة . أن إعتباره تأجير المال الشائع من أعمال ادارة المعتادة لم يكن غريباً عن موقف القضاء في فرنسا ومصر والعراق ، إذ أعتبر أن اعمال ادارة المعتادة تشتمل على اٍجارة المال الشائع ، أو أن هذا الايجار يدخل فري اعمال ادارة المعتادة التي يقوم الشركاء بأجرائها في الملكية الشائعة(17) . وأعتبر هذا الحق مكفول لجميع الشركاء ما لم يتفقوا على خلاف ذلك(18) .ورتب القضاءعلى هذا الأعتبار نتائج مهمة بعضها أستند فيها الى نصوص القانون الخاصة بالشيوع وأستمد بعضها الآخر من طبيعة الشيوع وإعتباراته العملية أو من القواعد العامة في القانون المدني منها أن الايجار مادام صادراً من جميع الشركاء فأنه يكون نافذاً في حقهم جميعاً لأية مدة كانت ، وأن اٍدارة المال إدارة معتادة لغرض تأجيره تشمل ادارة ابتدأ ومن باب أولى الموافقة تشمل التنازل عنها من مستأجر الى آخر)(19).كما أن إيجار المال الشائع يدخل في سلطتة متولي إدارة هذا المال سواء كان من الشركاء أومن الغير ويدخل في سلطته تبعاً لذلك حق التقاضي فيما ينشأ من هذا الايجار من منازعات فيصح أن يكون مدعياً أو مدعى عليه فيها(20) وأن أعمال ادارة المعتادة فيما بين مدير المال الشائع وباقي الشركاء وقائع مادية ولو تعلق بتصرف قانوني وبالتالي يجوز إثباتها بكافة الطرق المقرَرة قانوناً ومنها البينة والقرائن ، أما التصرفات القانونية التي يبرمها المدير مع الغير كمستأجر المال فتخضع في إثباتها إلى القواعد العامة(21) واذا كران تأجير المال الشرائع الصادر من قبل جميع الشركاء هو الأصل؛ على اساس من أن أعمال الأدارة المعتادة من حق جميع الشركاء واٍنَ اتفاقهم على تأجيره يكون واجر الاتباع ، فأن لهذا الأصل له ما يسوغه استنادا الى الطبيعة القانونية الخاصة للملكية الشائعة ،فجميع حقوق الشركاء على المال الشائع متماثلة وأن اختلف حصصهم وبالتالي فأن سلطتهم أيضاً تكون متساوية فلا يكون أحدهم متميزاً عن الآخر وعلى النحو الذي يفرض إرادته بأختيار الطريقة التي يختارها لاستغلال المال الشائع ، كذلك فأن ما يسوغ ضرورة وجود الاجماع في مثل هذا الفرض هو أنَ أغلب حالات الشيوع تنشأ بأسباب لاإرادية ورغم إرادة الشركاء كما هو الحاد في الميراث إذ لا يجد المالك المشتاع نفسه إلاَ في حالة الشيوع بعد وفاة مورثه ، فليس من العدد أن تخضع إرادته لارادة غيره من الملاك المشتاعين خاصة إذا علمنا أن حالة الشيوع هذه قد تستمر فترة طويلة من الزمن(22) ومع ذلك فأن ليس بالأمر الهين الوصول دائماً إلى تحقيق إجماع الشركاء على تأجير المال الشائع، فتعدد الملاك وتنوع رغباتهم وإنتفال حسن النية عند بعضهم في استغلال المال الشائع على أحسن وجه قرد يسرهم كل ذلك في صعوبة إتفاق جميع الشركاء ، وعلى حد قول أحد الفقهاء أنه إذا كان الأصل فري إدارة المال الشائع أن يكرون بأجماع الشركاء غير أنه يتعذر إجتماعهم فضلاً عن إجماعهم (23)، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل استغلال المال الشائع وايضا بحقوق الشركاء جميعاً وبالنتيجة الاضرار بالاقتصاد الوطني . ولهذا السبب فقد نظم القوانين المدنية هذه المسألة تنظيما مفصلاً .

وواجه العقبات العملية التي تحود عادة دون حسن إستغلال المال الشائع ، وكان من شأن هذا التنظيم أن تقيدت قاعدة الأجماع بقيود هامة مبناها أن ما يستقر عليه الأغلبية يلزم الجميع ،ولهذا فقرد حرص المشرع على التوفير بين المصالح المتعارضة وعدم تعطيل إستغلال المال الشائع أمام اختلاف مشارب الشركاء وتفاوت أغراضهم وتنوع إتجاهاتهم، فما يريده واحد مرنهم قرد لا يريده الآخرون ، وقد تريد أغلبيتهم شيئاً وتقف الأقلية حائلاً دون ما تريده الاغلبية(24) وأمام صعوبة الحصول على إجماع الشركاء في مثل هذه الحالة طرح جانب من الفقه في فرنسا حلاً يمكن الرجوع من خلاله الى المادة ) 1809 ( من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بالشركات وبكيفية إدارة أموال الشركة عند عدم تعيين مديرلها ، بموجبه يعد الشركاء أنهم أنابوا بعضهم بعضاً بشأن إدارة الشركة دون الحاجة إلى رضاهم جميعاً مادام هذه ادارة غير مضرة بمصلحة الشركاء جميعاً(25) وضع المشرع المصري قاعدةً كرَسها في المادة (828/1) من القانون المدني مفادها أنَ ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في اعمال ادارة المعتادة يكون ملزماً للجميع ، فاتفاق الأغلبية من الشركاء على الايجار يجعلها في وضع تعتبر فيه نائبة نيابة قانونية عن الأقلية وبالتالي يكون هذا الايجار نافذاً في حق الشركاء جميعاً إلاَ إذا ثبت أن الايجار وقع بالتواطؤ إضراراً بالأقلية فحينئذ لا ينفذ الايجار .

وتحس الأغلبية في القانون المصري على أساس قيمة الأنصباء ،ومعنى ذلك أن من يملك من الشركاء أكثر من نصف المال الشائع يكون له الحق في تأجير هذا المال(26) وهذه الأغلبية المطلقة التي أشترطها القانون المصري كانت محلاً لانتقاد جانب من الفقه في مصر الذين رأوا في الطريقة التي أتبعها المشرع المصري في احتساب الأغلبية المطلقة التي تقوم على أساس قيمة الأنصاب فقط من شأنها أن تؤدي الى تمكين شريك واحد في الاستئثار بأعمالل ادارة المعتادة على النحو الذي يراه إذا كان يملك وحده أكثر من نصف المال الشائع دون إكتراث لآراء الشركاء الآخرين رغم أن رأيهم قد يكون هو الأصوب ، ولعل عدم أخذ رأيهم يدفعهم الى طلب القسمة وإنهاء الشيوع في الحالات التي لا يستطيعون فيها الطعن بقرارات هذا الشريك بالتعسف في استعمال الحق إلاً أن أصحاب هذا الرأي لم يقدموا بديلاً عن الطريقة التي أتبعها المشرع المصري في إحتساب الأغلبية المطلقة(27) .وأقرت المادة ) 835) من قانون الموجبات والعقود اللبناني لعام1932 أيضاً للأكثرية صلاحية إتخاذ القرارات المتعلقة بكيفية إدارة الشئ المشترك وحددت هذه الأكثرية بالشركاء الذين يملكون ثلاثة أرباع الأسهم فري المال الشائع ،ولها أن تجبر الأقلية على الاذعان لقراراتها في أعمال ادارة العادية وفي مقدمتها تأجير المال الشرائع ، دون أن تستطيع الأقلية التظلم من قرار الأغلبية في استعمال حقها في ادارة إلَا في حالة التعسف في استعمال الحق كما لو قام الأغلبية من خلال إيجارها للمال الشائع بمراعاة مصالحها دون مراعاة مصالح الأقلية ، ويتحقق ذلك لو أجرت المال الشائع لواحد من بينهما بأجرة زهيدة بقصد حرمان الأقلية من المشاركة معها في ادارة أو حرمانها من الانتفاع بالمال الشائع طوال مدة عقد الايجار، فيحنئذ تستطيع الأقلية الطعن في هذه الاعمال بغية عدم نفاذ الايجار في حقها (28).

أما المشرع العراقي فهو الآخر سار على هذا النهج المتقدم إذ منح الشركاء ممن يملك القدر الأكبر من الحصص الحق في القيام بأعمال ادارة المعتادة ، وما يستقر عليه رأي أصحاب القدر الأكبر يكون ملزماً للجميع حتى للأقلية التي خالف هذا الرأي ، والعبرة بالأغلبية هنا بأغلبية الحصص وليس بأغلبية الرؤوس .ولكن المشرع العراقي أردف حكم عدم تحقق الأغلبية بحكم آخرهو أنَ من حق أي شريك ان يطلب من المحكمة إتخاذ الأجراءات التي تقتضيها الضرورة كتعيين مدير للمال الشائع ،ثم أضاف المشع بعد ذلك الى ما تقدم الحق للأغلبية في إختيار مدير لها . إذ جاء نص الفقرة الثانية من المادة (1064) من القانون المدني على النحو الآتي ) وما يستقر عليه رأي أصحاب القدر الأكبر من الحص في أعمال ادارة المعتادة يكون ملزماً للجميع حتى الاقلية التي خالف هذا الرأي ، فأن لم تكن ثمة أغلبية فللمحكمة بناء على طلب أحد الشركاء أن تتخذ من الاجراءات التي تقتضيه الضرورة ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع . وللأغلبية أيضاً أن تختار مديراً وأن تحدد مدى سلطته في ادارة ( .ويمكن القول أن صياغة هذه الفقرة أربكت الحكم من خلال ما ذكرته من تداخل بين حق الأغلبية في ادارة وبين سلطة المحكمة في إتخاذ ما تقتضيه الضرورة عند تعذر الأغلبية فذكرت حق الأغلبية ثم ذكرت صلاحية المحكمة ثم عادت إلى حق الأغلبية ثانية ، وكان من الافضل أن تخصص هذه الفقرة لصلاحية الأغلبية في ادارة المعتادة ، وأن تكون صلاحية المحكمة في تحديد طريقة ادارة عند تعذر الأغلبية في فقرة مستقلة منعاً من التداخل في الصياغة .وإذا كران مرن حر الأغلبية وفقاً لما تقدم تأجير المال الشرائع ، فأن ذلك مشروط بسريان هذا الايجار لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات في القانون المدني المصري (م 559 ). وسنة واحدة في قانون الموجبات والعقود اللبناني (541) (29) اما في القانون المدني العراقي فقد أشترط أيضاً ان تكون مدة الايجار لاتزيد عن ثلاث سنوات إذ جاء في المادة ) 724 ( منه ) لريس لمن لايملك ألا حق ادارة ان يعقد اجارة تزيد مدتها على ثلاث سنوات ( . فاذا عقدت الاجارة لمدة أطول من ذلك أنقصر المدة الى ثلاث سنوات مالم يوجرد نص يقضي بغيره (. وسبب عدم سريان الايجار في حق بقية الشركاء اذا تجاوزت المدة المحددة، هو ان هذا الايجار يكون صادراً من الأغلبية بوصفها أصيلة عرن نفسرها، ونائبة نيابة قانونية عن الاقلية. والنائب لايسطتيع إبرام الايجار الا لمدة ثلاث سنوات فأقل . وتعتبر الأغلبية فيما زاد عن هذه المدة متعدية على حقوق الأقلية التي يحق لها آزاء ذلك المطالبة بتعويض الضرر الناجم عن هذا التعدي(30) والعبرة في تحديد مدة الايجار ما تضرمنه عقد الايجار ، فأن كان المدة لا تتجاوز ثلاث سنوات كان الايجار نافذاً في مواجهة كافة الشركاء حتى لو أمتد الايجار إمتداداً قانونياً بموجب تشريعات الايجار الخاصة لمدة تزيد عن ثلاث سنوات ، إذ يظل الايجار بالرغم من ذلك محدداً بالمدة المتفق عليها بالعقد(31) ويعد جانب من الفقه أن تأجير العقارات الواردة في قوانين الايجار الخاصة والتي تخضع لمبدأ الامتداد القانوني لعقود الايجار لا يعد من أعمال ادارة التي تستطيع الأغلبية المذكورة سابقاً القيام بها ولذلك فهو يخرج من نطاق أعمال الادارة المعتادة ويدخل في أعمال ادارة غير المعتادة بل انه يدخل في أعمال التصرف لأنه يتضمن التنازل عن منفعة العين على نحو يكاد يكون نهائياً ومن ثم فأنه يتطلب أغلبية خاصة للقيام بها(32) ويمكن القول أن هذا الحل المتقدم لايمكن الأخذ به في القانون العراقي إذ ورد في نهاية المادة 724 من القانون المدني ما يفيد بأن الايجار الصادر من الأغلبية لمدة تزيد عن ثلاث سنوات لا تنقص مدته الى ثلاث سنوات إذا كان هناك ن قانوني يقضي بذلك .

والواضح أن قوانين إيجار العقار الصادرة في العراق قد أقرت الامتداد القانوني وبالتالي فأن نصوص هذه القوانين تعد بمثابة الجواز التشريعي لزيادة مدة التأجير عن ثلاث سنوات ،كما ورد في نص المادة الثالثة من قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 التي أقرت امتداد عقد الايجار بحكم القانون مادام المستأجر شاغلا للعقار ومستمراَ على دفع الأجرة رغم أنها عدت بمقتضى قانون رقم 56 لسنة 2000 الذي حدد الحد الأعلى للتمديد ب) 12 (سنة حسب المادة (17/14) من القانون المذكور، على انه يقتصر هذا الحق للأغلبية من الشركاء على العقارات المحددة بتلك القوانين الخاصة . وكذلك ما ورد في نصوص قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 من تحديد لمدة الايجار يعد من النصوص القانونية أيضاً التي يجب العمل بها والتي أشارت اليها المادة 724 من القانون المدني . فبعد أن بين المادة ) 40 ( من قانون رعاية القاصرين واجبات دائرة رعاية القاصرين المتمثلة في واحدة منها في أعمال الأدارة المعتادة اذا لم يكن للقاصر ولي أو وصي أو قيم تناط به الاعمال المذكورة ،جاءت المادة ( 41 ) منه لتبين واجب أي واحد منه لا في المحافظة على أمواد القاصرين وأجازت له القيام بأعمال ادارة المعتادة وفقاً يحكام القانون المدني ، ومنعت المادة 43 /خامساً ( أياً منهم إيجار العقارات لأكثر من سنة واحدة وللأراضي الزراعية لأكثر من ثلاث سنوات على أن لاتمتد مدة الايجار في أي من الحالتين الى ما بعد بلوغ الصغير سن الرشد.

وفي الوقت الذي يمكن القود فيه أن الأراضي الزراعية هي عقارات أيضا رغم أن الن فرق بينهما في الحكم فأن الولي أو الوصي يستطيع متى كان شريكاً في ملك شائع فيه قاصرين أن يأجر العقار لمدة قد تزيد عن ثلاث سنوات أو اقل حتى بلوغ القاصرين الرشد.وأيد القضاء في كثير من أحكامه حق الأغلبية في تأجير المال الشائع كله أو لجز منه.فقد قض محكمة النقض المصرية بأنه إذا تعدد ملاك العقار الشائع فأنه يحق لمن يملك أغلبية الأنصباء فيه أن يجروه للغير بوصفه من أعمال الأدارة المعتادة (33) ولما كان النص في المادة (827) من القانون المدني يقضي بأن تكون إدارة المال الشائع من ح الشركاء مجتمعين ما لم ( يوجد إتفاق يخالف ذلك والنص في المادة ) 828 ( من ذات القانون على أنه ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الأدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع وتحس الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء ، فمتى كان المؤجر لا يملك أكثر من نصف المال الشائع فلا يسري هذا الايجار في مواجهة باقي الشركاء (34) كما أقر القضاء العراقي يصحاب القدر الأكبر من الحصص من المال الشائع الحق في تأجيره ، فالملاك الذين يملكون (227) سهماً من أصل ) 262 ( سهماً إذا اجرّوا الملك إستناداً إلى الفقرة الثانية من المادة ) 1064( من القانون المدني العراقي يكون هذا الايجار صادراً من أصحاب القدر الأكبر ، ولاعبرة للاعتراضات من باقي الشركاء حول أنَ الايجار قد صدر من فضولي وبدون موافقتهم ، فمثل هذه الأعتراضات غير واردة لأن المؤجرين هم أصحاب القدر الأكبر من الحصص (35).وأن ما يستقر عليه أصحاب القدر الأكبر من الحصص من أعمال الإدارة يكون ملزماً للشركاء جميعاً(36) واعتبرت محكمة التمييز الاتحادية أَنَ عقد الايجار يكون نافذاً بح الشركاء المالكين إذا كان معقوداً من قبل مالكي أغلبية الأسهم الذين تكون لهم حق ادارة في المال الشائع ، فاذا كان المؤجر يملك أربعة سهام من أصل اثنى عشر سهماً لذا فأنه وعلى فرض صحة إبرام العقد فأنه غير نافذ بح الشركاء الآخرين لأنه لم يصدر من الأغلبية(37).

_________________

1- سليمان بن محمد بن عمر ، حاشية البيجرمي ، المجلد الثالث ، الطبعة الأولى ، دار الكتب

العلمية ، بيروت ، 2000،ص 3

2- علا الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، الجزء

السادس ، الطبعة الأولى ، دار المعرفة ، بيروت ، 2000 ، ص 90.

3- محمد جواد الحسيني العاملي ، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة ، الجز (20) الطبعة الأولى ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، 1428 ه ،ص 310

4- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة ، المغني ، الجز الخامس ، مكتبة الرياض

الحديثة ، الرياض ، دون ذكر سنة الطبع ، ص 3. وإلى جانب شركة الملك توجد أنواع أخرى

للشركات تسمى بشركات العقود أو شركات المكاس ، وهذه الأخيره على ضروب متعددة منها

شركة الوجوه والأبدان والعنان والمفاوضة . وهذه الأنواع مختلف في إجازة بعضها دون الآخر

وإن كان أغلب الفقهاء قد جوزا شركة العنان دون الأخرى. وتثب الشركة بالكتاب كقوله تعالى

(فان لله خمسه) (الأنفال/41) وفي السنة قول الرسول الكريم (ص)( يد الله مع الشريكين) والأجماع . راجع في ذلك ، أحمد بن يحيى المرتضى . البحر الزخار . الجامع لمذاهب علماء الأمصار ، الطبعة الاولى ، المجلد الخامس ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2001 ، ص 138 أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، كتاب الأم ، الجز ( 3) ، الطبعة الأولى ، . بيروت، 2002 ،ص 243

5- سليم رستم باز، شرح المجلة ،دار العلم للجميع ،بيروت ، 1998 ،ص 515،62

6- البحر الزخار ، المجلد الخامس ، المصدر السابق، ص 45 . مفتاح الكرامة ، الجزء 19المصدر السابق ،ص 219 ،حاشية البيجرمي ، المجلد الثالث ، المصدر السابق، ص 169 . وهي ثابتة بالكتاب لقوله تعالى (فآتوهن أجورهن) (النساء /24) وقوله تعالى (على أن تأجرني) (القصص/27) وفي السنة قول الرسول الكريم (ص) (أوف الأجير أجره)وقوله (ص) (من استأجر أجيراً فليعلمه أجره) والاجماع إذ أجر الأمام علي (ع) نفسه لسقي الماء، وأجمع أهل العلم في كل عصر وفي كل مصرعلى جواز ايجارة المعقود المستوفي بالعقد وذلك هو المنافع. . المغني ، الجز ( 5) ،المصدر السابق، ص 432 . الأم ، الجزء ( 4) ،المصدر السابق ،ص 45 البحر الزخار ، المصدر السابق ، ص 45 ، بدائع الصنائع ، الجز الرابع ، المصدر السابق . ص 256

7- لي محمد علي دروبي ، شركة الملك وفقاً للقانون الوضعي والشريعة الأسلامية ، دراسة

. مقارنة ، منشورات زين الحقوقية ، بيروت ، 2006 ، ص 147

8- د. أيمن سعد عبد المجيد ، سلطات المالك على الشيوع في استعمال المال الشائع واستغلاله

. دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2000 ، ص 147

9- من ذلك مثلاً أنظر ما جاء في بعض نصوص الفقه الإسلامي ( يجوز إجارة المشاع كما يجوز بيعه وهبته…… ولايجوز التصرف في المشاع بغير إذن الشريك الآخر …) . عبد الأعلى الموسوي السبزواري ، مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام ، المجلد( 19 ) ، الطبعة الثانية مطبعة كوثر، 1425 ه ق، 1382 ه ش، ص 91 . وكذلك أنظر ما ورد في مجلة الأحكام العدلية سليم رستم باز، المصدر السابق ،ص 207

10- د. نبيل إبراهيم سعد ، الحقوق العينية الأصلية ، أحكامها ، مصادرها . الأسكندرية ، 2002 ، ص 113 . د. فايز أحمد عبد الرحمن ، الحقوق العينية الأصلية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، . 2007 ، ص 109

11- د. عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، الجز الثامن ، حق

الملكية مع شرح مفصل للأشياء والاموال، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1991 ، ص 1071 فقرة ، 490 د. صلاح الدين الناهي ، الوجيز في الحقوق العينية الأصلية ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، 1961 ، ص 125.

12- د. ايمن سعد عبد المجيد ، المصدر السابق ، ص 115 . فقرة 214

13- أنظر كذلك المادة ( 820 )من القانون المدني الكويتي ( موافق ) والمادة (1033/1)

القانون المدني الاردني (طابق)

14- د. حسن علي الذنون ، شرا القانون المدني العراقي ، الحقوق العينية الأصلية ، دون ذكر

مكان وسنة الطبع ، ص 73 ،فقرة(69)

15- د. عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، الجز السادس ، العقود الواردة على الانتفاع بالشيء (لايجار ) ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1988 ، ص 79 ، فقرة .52

16- د. فايز أحمد عبد الرحمن ، المصدر السابق ، ص 113 . د. أحمد عبد العاد أبو قرين ، حق الملكية في الفقه والقضاء والتشريع ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة الجامعية ، القاهرة ، 1999. ص 164.

17- أشار اليه د. أيمن سعد عبد المجيد ، المصدر السابق ، ص 185 . CIV. 25 juin. 1971

وأيضاً نقض مدني مصري ، جلسة 15/12/1988أنور طلبة ، المطول في شرح القانون المدني، الجزء ( 11 ) ، الطبعة الثانية ، المكتب الجامعي الحديث ، بيروت ، 2006 ، ص 413 قرار محكمة التمييز العراقية 977/ حقوقية رابعة في 27/7/1970 النشرة القضائية . يصدرها المكتب الفني بمحكمة تمييز العراق ، س 1، ع 3،آيار ، 1971 ، ص 136.

18- نقض مدني مصري ، جلسة 28/5/1984عبد المنعم حسني المحامي ، الموسوعة الماسية للقواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض المصرية منذ إنشائها عام 1931 وحتى عام 2005 ، الأصدار الثاني ، الجز ( 13 )، مركز حسني للدراسات والاستشارات القانونية . والمحاماة، 2006 ، ص 128.

19- نقض مدني مصري في 17/1/1981 المصدر نفسة ، ص 122

20- نقض مدني مصري في 22/6/1989 أنور طلبة ، المطول ، المصدر السابق ، ص 416.

21- نقض مدني مصري في 18/1/1969 المصدر نفسة ،ص432.

22-د. ايمن سعد عبد المجيد ، المصدر السابق ، ص 186

23- د. عبد الناصر توفي العطار ، شرا أحكام حق الملكية ، دار الفضلة للطباعة ، 1997

. ص 100.

24- د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط ، الجزء الثامن ، المصدر السابق ، ص 1072 ، فقرة 490 د. صلاح الدين الناهي ، المصدر السابق ، ص 123

25- أنظر تفصيل هذا الرأي والأنتقادات الموجهة اليه ، على محمد دروي ، المصدر السابق –

. ص 159.

26- د. رمضان أبو السعود ، العقود المسماة ، عقد الايجار ، الأحكام العامة في الايجار منشأة

المعارف ، الأسكندرية ، 1996 ، ص 120-121.

27- أنظر تفصيل هذه الآراء ، د. أيمن سعد عبد المجيد ، المصدر السابق ، ص 230.

28- علي محمد على دروبي ، المصدر السابق ، ص 146.

29- د. رمضان ابو السعود ، المصدر السابق ، ص 121

30- د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط ، الجز السادس ، المصدر السابق ، ص 82 ، فقرة .52

31- انور طلبة ، المطول ، الجزء ( 11 ) ، المصدر السابق ، ص 413

32- د. رمضان ابو السعود ، المصدر السابق ، ص 122

33- نقض مدني مصري جلسة 23/5/1990أشار اليه د. أيمن سعد عبد المجيد ، المصدر السابق ، ص 231

34- نقض مدني مصري ، جلسة 30/7/1992 الموسوعة الماسية ، الجز ( 13 )، المصدر السابق ، ص 143 . وأنظر المزيد من أحكام محكمة النقض المصرية في هذا الموضوع من ص 110 ص 157وأيضاً أنظر قرار محكمة التمييز اللبنانية ، الغرفة الخامسة رقم 219 في 10شباط 1998 ،وقرارها رقم 135 في 16 تشرين الأول 2001 ، أشار اليهما على محمد علي دروي . المصدر السابق ، ص 146.

35- قرار محكمة التمييز 232 / مدنية أولى في 18/11/1974 ، النشرة القضائية المصدر السابق ع 4 ،س5، 1974 ، ص51.

36- قرار محكمة التمييز 997 / حقوقية رابعة /1970 في 17/7/1970 النشرة القضائية المصدر السابق ، ع 3،س 1،آيار ، 1971 ، ص 136.

37- رقم القرار 730 في 7/4/2008 علاء صبري التميمي ، المجموع المدنية في قضاء محكمة التمييز الاتحادية ، بغداد 2009 ، ص271 -272 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .