الطعن 2051 لسنة 24 ق جلسة 10/ 1/ 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 124 ص 377 جلسة 10 من يناير 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأستاذة: مصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين .
—————
(124)
القضية رقم 2051 سنة 24 القضائية

معارضة.
نظرها. يكون أمام القاضي الذي أصدر الحكم الغيابي.
————
إن القانون قد أوجب أن تنظر الدعوى بالنسبة إلى المعارضة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي، وليس ثمت ما يمنع القاضي الذي أصدر الحكم الغيابي من نظر المعارضة فيه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: أولاً ـ زور محررين عرفيين هما السندان رقما 20037 و20038 ووقع عليها بتوقيعين مزورين لجورج سمعان وأحمد فتحي ناسباً صدورهما منهما وثانياً ـ استعمل السندين سالفي الذكر مع علمه بتزويرهما بأن حولهما إلى سلطان اسحق مشرقي مفوضاً له صرف قيمتها خصماً مما عليه. وطلبت عقابه بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة العطارين الجزئية طلب المدعى بالحق المدني “مشرقي اسحق مشرقي الشهير بسلطان” إدخال متهم آخر في الدعوى وهو جورج سمعان المتهم الثاني، بطريق الدعوى المباشرة متهماً إياه بأنه في الزمان والمكان سالفي الذكر ساهم في إدخال النصب على الطالب بطريق الاشتراك مع المتهم الأول و طلب معاقبته مع الطاعن بالمادة 366 من قانون العقوبات والقضاء له عليهما متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً، وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت فيها حضورياً عملاً بالمواد 211 و215 و32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول “الطاعن” أولاً بحبسه ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني الموقت وإلزامه بمصاريف الدعوى المدنية وبمبلغ عشرة جنيهات مصرية مقابل أتعاب المحاماة وبلا مصاريف جنائية وبراءته من تهمة النصب. وثانياً ـ ببراءة المتهم الثاني مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية قبله، وألزمت المدعى بالحق المدني بمصاريف إدخاله في الدعوى وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة مقدرة للمتهم الثاني بلا مصاريف. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاًً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية وإلزامه بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فعارض. وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً، وحددت جلسة 5 من أكتوبر سنة 1953 لضم المفردات لأن المحكمة اعتبرت أن الحكم الصادر بجلسة 6/ 10/ 1952 كان غيابياً بالنسبة للمتهم ولو أنه وصف حضورياً. وبجلسة 19/ 10/ 1953 توفى المدعى بالحق المدني وحل محله ورثته وهم نعيمه شنودة وبشرى اسحق ولمعي اسحق وفخري اسحق، وبعد أن أتمت المحكمة نظر المعارضة قضت فيها بتاريخ أول فبراير سنة 1954 برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية وألزمت المعارض بالمصاريف المدنية الاستئنافية عن معارضته. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض…إلخ.

المحكمة
وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور وأخل بحق الطاعن في الدفاع، ذلك بأن محكمة أول درجة أغلفت بيان ركن الضرر في جريمة التزوير ـ ورغم تمسك الطاعن أمام محكمة ثاني درجة بعدم توافر هذا الركن، وأن مجرد اعتقاد الدائن بأنه سوف يحصل على دينه، ليس من شأنه الأضرار به، ورغم تمسك الطاعن بهذا الدفاع، فإن المحكمة لو ترد عليه كما لم ترد على ما دفع به من أنه ما وضع إمضاء جورج سمعان على الكمبيالتين إلا بقصد إيهام المدعى بالحقوق المدنية بأنه غير معسر وأنه لم يقصد استعمال الكمبيالتين ولا نقل ملكيتهما إلى المدعى بالحق المدني المذكور، ولكن هذا الأخير سرقهما مع أوراق أخرى، ومن ثم لا يتوافر القصد الجنائي في جريمة التزوير وكذلك لم ترد على ما تمسك به من أن تظهير السندين لم يكن كاملاً فلا ينقل الملكية وفقاً للمادة 135 من القانون التجاري، وأغفلت ما طلبه من سماع شهود يؤيدون دفاعه بل أيدت المحكمة الاستئنافية حكم محكمة أول درجة لأسبابه دون أن تشير إلى هذا الدفاع، كما رفضت سماع شهود الطاعن بمقولة إنه لم يطلب سماعهم إلا في نهاية مرافعته مع أن القانون لم يحدد ميعاداً لإبداء طلبات الدفاع، هذا إلى أن أحد القضاة اشترك في نظر المعارضة المرفوعة من الطاعن في الحكم الاستئنافي الذي وصفته المحكمة بأنه حضوري رغم اشتراكه السابق في إصدار هذا الحكم الأخير، وفوق ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين قضى بالتعويض للمدعى بالحقوق المدنية استناداً إلى أن دينه بقى بغير سداد، الأمر الذي لا يتصل بجريمة التزوير لأن الدين كان سيظل بلا سداد حتى ولو لم تقع جريمة التزوير، ومن المبادئ المقررة أن الدعوى المدنية التي ترفع تابعة للدعوى الجنائية يجب أن تكون ناشئة عن الجريمة المباشرة.
وحيث إن حكم محكمة أول درجة المؤيد استئنافياً لأسبابه بين واقعة الدعوى في قوله “إن الواقعة تتلخص فيما أبلغ به جورج سمعان من أنه وصله إخطار من بنك مصر مطلوب إليه فيه دفع قيمة سندين إذنيين رقمي 20037 و20038 كل منهما بمبلغ ثمانمائة جنيه مصري، ولما كان غير مدين لأحد بأي مبلغ توجه للبنك للاستعلام عن الأمر فأتضح له أن السندين منسوب صدورهما منه لصالح المتهم الطاعن، وقد حولهما المتهم إلى سلطان مشرقي الذي قدمهما للبنك للتحصيل أو عمل بروتستو في حالة عدم دفع القيمة، فأبلغ البنك أن هذين السندين مزوران وأنه لم يوقع عليهما، وأبلغ البوليس واتهم المتهم سليم عطار بالتزوير… وأنه بسؤال سلطان مشرقي قرر أن المتهم مدين له بمبلغ ألفى جنيه، ولما طالبه ظهر السندين لصالحه وهما موقع عليهما من جورج سمعان وأحمد فتحي التاجرين وسلمهما له فتقدم بهما للبنك لتحصيل قيمتهما، وقرر أنه يتنازل عن حقه في المطالبة بقيمة السندين من جورج سمعان وأحمد فتحي ويتهم سليم عطار بتزوير السندين واستعمالهما مع علمه بتزويرهما وقرر أن المتهم قد اتصل به عقب تقديم السندين للبنك واتضاح تزويرهما واعترف له بأن السندين المذكورين مزوران وحرر إقراراً بذلك، وقد قدم هذا الإقرار للبوليس “ثم أورد الحكم بعد هذا البيان الأدلة على ثبوت جريمتي التزوير في الأوراق العرفية واستعمال الأوراق المزورة قبل الطاعن.
لما كان ذلك وكان المستفاد من الواقعة كما أوردها الحكم أن تزوير السندين ترتب عليه ضرر بصاحبي التوقيعين المزورين وأن احدهما تعرض فعلاً لاتهامه مع الطاعن بارتكاب هذا التزوير، هذا إلى ما أثبته الحكم من أن المدعى بالحقوق المدنية قد أصابه ضرر من الجريمة إذ تسلم المحررين المزورين ـ وهو لا يعلم بتزويرهما ـ وفاء لبعض دينه، ودحض الحكم دفاع الطاعن الذي زعم فيه أن التزوير عاد بالفائدة على المدعى بالحقوق المدنية ولم يضره بالأسباب السائغة التي أوردها، لما كان ذلك، وكان الحكم عندما تحدث عن الدعوى المدنية قد أقام قضاءه بالتعويض على ما لحق المدعى من ذلك الضرر الناشىء من جريمتي التزوير واستعمال الأوراق المزورة اللتين وقعتا من الطاعن، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم توافر ركن الضرر وانعدام أساس الدعوى المدنية، لا يكون له محل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تناول دفاع الطاعن بشأن تظهير السندين المزورين وتسليمهما إلى سلطان مشرقي، ورد على ذلك الدفاع بقوله:” إن هذا الدفاع لا يستند إلى أي أساس من أقوال المتهم نفسه أو من أقوال جورج سمعان فمن الثابت أن المتهم معترف بواقعة التزوير للسندين أمام البوليس وأمام النيابة وبالإقرار المقدم منه كما أنه من الثابت باعترافه أيضاً أنه عرض السندين على سلطان مشرقي وظهرهما أمامه، وهو يدعى أنه لم يسلمهما له عند تظهيرهما ولكنه لم يقم أي دليل على صدق أقواله، وهى أقوال في ذاتها تحمل على عدم الأخذ بها أو تصديقها، فالحكمة منعدمة من تظهير السندين بالتوقيع عليهما دون كتابة اسم المظهر إليه ثم الاحتفاظ بهما في حوزة المحيل بعد ذلك…” ثم قال الحكم إنه يستخلص من اعتراف المتهم (الطاعن) بالتظهير أنه سلم السندين قطعاً إلى سلطان مشرقي، كما استخلص أن التظهير، وإن بدا غير كامل، إلا أن الطاعن قصد به نقل الملكية إلى سلطان مشرقي، وهذا الذي استخلصه الحكم يتحقق به القصد الجنائي في جريمة التزوير بتعمد تغيير الحقيقة في السندين المزورين بنية استعمالهما فيما زورت من أجله الحقيقة فيهما، كما يتحقق به القصد الجنائي في جريمة الاستعمال. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب الدفاع، سماع شهود نفى، رداً سائغاً يبرر رفضه، وكان الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية بتاريخ 26 من يوليه سنة 1953 قد قضى باعتبار الحكم الصادر قبله في 6 من أكتوبر سنة 1952 حكماً غيابياً، وكان القانون قد أوجب أن تنظر الدعوى بالنسبة إلى المعارضة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي، فإن مل يشكو منه الطاعن من أن أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم المعارض فيه، قد اشترك بعد ذلك في نظر المعارضة ما يشكو منه الطاعن من ذلك ليس له محل، إذ ليس ثمة ما يمنع القاضي الذي أصدر الحكم الغيابي من نظر المعارضة، لما كان ذلك جميعه فإن ما يثيره الطاعن لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .