نظرة تاريخية على تطور وزارة العدل في السودان

في ظل الإدارة البريطانية للسودان ، كانت البلاد تدار عن طريق ثلاثة سكرتيرين وهم السكرتير الإداري – السكرتير المالي – السكرتير القضائي .

THE CIVIL SECRETARY – THE FINANCIAL SECRETARY AND THE LEGAL SECRETARY

وعلي رأس هؤلاء يأتي الحاكم العام: THE GOVERNOR GENERAL

وكانت المصلحة القضائية ، وعلي رأسها السكرتير القضائي حتى يناير سنة 1953 م تمثل:

1- الجهاز القضائي للبلاد الذي ينظم المحاكم المدنية والجنائية والشرعية بكل درجاتها ،و تتولي صياغة القوانين ونشرها وتقوم برفع القضايا المدنية نيابة عن الحكومة والدفاع عنها فيما يرفع ضدها من قضايا كما تمثل الاتهام في القضايا الجنائية الهامة ( قضايا القتل – القضايا السياسية – القضايا ضد أمن الدولة ) تقوم بتقديم المشورة والنصح القانوني لأجهزة الدولة ، وبصفتها تلك كانت تمارس سلطات قضائية وتشريعية وتنفيذية.

2- وكنتيجة لقيام الحكم الذاتي في البلاد (SELF- GOVERNMENT)

تنفيذاً للاتفاقية التي أبرمت بين دولتي الحكم الثنائي ( المملكة المتحدة ومصر ) وفصل السلطات الثلاث بعضها عن بعض ( السلطة القضائية – السلطة التنفيذية – السلطة التشريعية) تم في فبراير عام 1953 م إنشاء مصلحة الضباط القانونين Legal Officers Department منفصلة عن المصلحة القضائية كنواة لوزارة العدل وتتبعها بعض الإدارات شبه القضائية كتسجيلات الأراضي والتركات .

القوي البشرية التي بدأت بها مصلحة الضباط القانونيين:

1- قد يتساءل الكثيرون عن الأشخاص الذين قامت علي أكتافهم هذه المصلحة لتصبح فيما بعد وزارة العدل ، وقد أنتدب كلهم في البداية من المصلحة القضائية آنذاك منهم اثنان من قضاة المحكمة العليا هما المرحوم محمد أحمد أبو رنات والمرحوم أحمد متولي العتباني وقد استقر الرأي فيما بعد علي أن يبقي المرحوم أبو رنات في القضائية ليصبح أول رئيس قضاء سوداني بعد الاستقلال وأن ينتقل المرحوم عتباني إلي مصلحة الضباط القانونين ليصبح أول نائب عام بعد الاستقلال ، وهو في الحقيقة الأب الروحي الذي كرس علمه وجهده لإرساء العمل بالمصلحة الوليدة لتصبح وزارة العدل في يناير 1956م وقد انتقل من السلطة القضائية مع المرحوم أحمد متولي العتباني نفر قليل من القضاة نذكر منهم :

1/ المرحوم عمر أبوبكر محمد

2/ المرحوم صلاح الدين محمد شبيكة

وانتقل معهم من الإنجليز المستر (مكل) J.J.MUKLE ليصبح المحامي العام والمستر (تير نبل ) TURNBULL ليكون المشرع العام ومن الإداريين والكتبة :

1) المرحوم / عكاشة عبد الكريم

2) المرحوم / حسن إبراهيم

3) المرحوم / محمد أحمد التجاني

4) السيد / أحمد محمد سنوسي

5) المرحوم / الدرديري الفيل

6) المحاسب/ ميرغني صالح

و لحق بهم فيما بعد كل من محمد الحسن جبر الله وإبراهيم قرافي وصلاح الدين مدحت عليهم رحمة الله ، ومن الموظفات ميمونة محمد عبد المجيد السراج ومنصورة أحمد منصور ، وعن العمال الأوائل بالوزارة عوض علي ، المرحوم محي الدين الإمام (كحاجب) واول خفير عبد الكريم بابكر ، ومن السائقين سعد سعيد ريحان والعاقب الصديق .

سلطات مصلحة الضباط القانونيين وأقسامها :

تضم مصلحة الضباط ثلاث أقسام هي:

1. القسم المدني والجنائي :

وكان يباشر المهمتين بالإضافة إلي تقديم الرأي القانوني ، و كان علي رأسه المحامي العام المستر (MUKLE) عاونه في البداية المرحومان عمر أبو بكر محمد وصلاح الدين محمد شبيكة والأخير عاد فيما بعد الي السلطة القضائية وتدرج في مناصب القضاء الي أن صار رئيساً للقضاء وقد استمر المرحوم عمر أبو بكر في العمل بوزارة العدل إلي أن إستقال في آخر أيامه وفتح مكتباً للمحاماة…. وكان هذا القسم يباشر القضايا المدنية المرفوعة من الحكومة أو ضدها والقضايا الجنائية الهامة – كقضايا القتل وقضايا أمن الدولة وخاصة ما كان يرفع منها بموجب المادة 105 من قانون العقوبات آنذاك وقد اشتهرت هذه المادة كثيراً وكان يقدم بموجبها كثير من ناشطي الحركة الوطنية والمتصدين للمعارضة وقيادة المظاهرات ضد الإنجليز أو الحكومة ، كما كان القسم يقدم النصح والمشورة القانونية لكل أجهزة الدولة .

2. قسم التشريع ( صياغة القوانين) :

كان يرأسه المستر تيرنبل المشرع العام (SOLICTOR GENERAL) وهو من اصل أيرلندي وكان يدرس أيضاً بكلية القانون بجامعة الخرطوم ويتولى ذلك القسم صياغة وإعداد مشروعات القوانين وكانت تعد باللغة الإنجليزية ثم تترجم إلى اللغة العربية ، وكان يتولى ترجمتها المرحوم محمد أحمد التجاني الذي صار فيما بعد مديراً للإدارة ثم انتدب للعمل بدبي . وكان يتولى قسم التشريع إصدار (الغازيتة) والتي كانت تصدر باللغتين العربية والإنجليزية .

3. قسم الإدارة :

وكان علي رأسه المرحوم عكاشة عبد الكريم يليه المرحوم حسن إبراهيم وأحمد محمد سنوسي مسئولاً عن كل أعمال القسم المدني والجنائي ومحمد أحمد التجاني والدر ديري الفيل مسئولان عن قسم التشريع مع محاسب واحد . ومن البداية عمد المرحوم أحمد متولي العتباني الي دعم المصلحة بعدد من القانونيين الممتازين منهم البروفسير محمد إبراهيم خليل ، والمرحوم عابدين اسماعيل والذي عمل لفترة قصيرة من الزمن والسيد إسماعيل بارفيز وهو آخر قانوني هندي ممتاز في صياغة القوانين ، والسيد حبشي سمري ومحمد سعيد الخضير وهما خبيران مصريان وأيضا المستر كول وهو بريطاني الجنسية والمستر جي آر بال هندي الجنسية والمستر دي ساي الهندي، كما استقدم من هولندا أول خبير في القانون الدولي هو المستر فان سانتن (VAN SANTEN) ليشرف علي الإتفاقيات الدولية وإجراءات انضمام السودان لها ، كما ضم الي وزارة العدل المرحوم مهدي شريف ليعاونه ثم خلفه في منصبه وقد كان لخبرة المرحوم عتباني وصلاته وشخصيته النافذة الدور الكبير في قيام وزارة العدل ، وكان يشرف بنفسه علي صياغة التشريعات بعد أن غادر المشرع العام الإنجليزي منصبه في بداية عام 1956. كما يعود للمرحوم عتباني الفضل في دعم الوزارة بالوظائف القانونية بشتي الأقسام إلي أن غادرها شامخة تقف علي أعمدة راسخة ، وقد تركها ليعمل في المحاماة .

وزارة العدل في بداية الاستقلال (1956):

كان لوزارة العدل الدور الأكبر في إعداد دستور البلاد المؤقت لسنة 1956، كما كان للمرحوم عتباني دور مشهود في إعداد الهيكل التنظيمي للحكومة فهو الذي أعد تقسيم العمل إلي وزارات معينة وذلك بصفته مستشاراً للزعيم المرحوم إسماعيل الأزهري ، أول رئيس للحكومة السودانية بعد الإستقلال ، كما تحولت مصلحة الضباط القانونيين في يناير 1956 م الي وزارة العدل وتم تعيين المرحوم القاضي الشرعي مدثر البوشي كأول وزير للعدل ، علماً بأن المرحوم علي عبد الرحمن القاضي الشرعي أيضاً كان أول مسئول سوداني عن وزارة العدل أبان الفترة الانتقالية من عام 1953 م إلي نهاية عام 1955م). وقد قام وزير العدل آنذاك بإنشاء ما يسمي بالشئون الدينية وضمها لوزارة العدل لتكون الجهة المشرفة علي التعليم الديني في المعاهد الدينية وقد تطورت علي مر الزمن سوكان من أبرز من عمل في إنشائها وتقدمها المرحوم دكتور كامل الباقر ومعه المرحوم شيخ يوسف حمد النيل وقد كان إدارياً بالفطرة وله صلات واسعة مما مكنه من إنجاز الكثير في دعم الشئون الدينية وتوفير احتياجاتها كما ضمت السيد / إبراهيم زين العابدين وكان من خريجي المعهد العلمي القديم من ذوي الإطلاع والإلمام الواسع باللغة العربية والعلوم الدينية . وقد قام منفرداً بإعداد المناهج التي كانت تدرس في المعاهد العلمية ، وجاء من بعده المرحوم عثمان عبد الرازق في إدارة الشئون الدينية ، كما أسهم العلامة بروفيسور البيلي بدور بارز في تطور المعاهد الدينية ، وفي مرحلة لاحقة تم فصل الشئون الدينية حيث أفردت لها وزارة منفصلة مع الأوقاف ومرة أخرى ألحقت بوزارة التربية والتعليم .

الشخصيات البارزة التي عملت بالوزارة منذ بدايتها حتي السبعينات :

كان من ابرز الشخصيات القانونية التي عملت بالوزارة منذ نشأتها ( وعندما كانت مصلحة للضباط القانونيين ) في فبراير 1953 حتي منتصف السبعينيات :-

1/ المرحوم / أحمد متولي العتباني .

2/ المرحوم / عمر أبوبكر .

3/ المرحوم / صلاح الدين شبيكة .

4/ المرحوم / عابدين إسماعيل .

5/ المرحوم / مهدي شريف .

6/ المرحوم / عثمان الطيب .

7/ مولانا / جلال علي لطفي . منتدبا من السلطة القضائية .

8/ المرحوم عبد الرحيم موسي ( المدعي العام ) .

9/ مولانا / خلف الله الرشيد رئيس القضاء الأسبق وكان يشغل منصب المحامي العام .

10/ السيد / عباس موسي مصطفى ( أول وكيل للوزارة ) .

11/ السيد / صالح فرح عبد الرحمن .

12/ السيد / محمد يس عبد العال .

13/ السيدة / سميحة أحمد جمعة (أول سيدة تعمل مستشار قانوني بوزارة العدل ).

14/ السيد / يوسف محمد علي .

15/ مولانا / عبد الحليم أبو قصيصة منتدب من السلطة القضائية.

16/ المرحوم / د. عثمان سعيد.

وقد تعاقب بعد ذلك نفر من القانونيين في مناصب مختلفة بالوزارة

والجدير بالذكر أن منصب وزير العدل يشغله حالياً مولانا محمد بشارة دوسه ويشغل منصب وزير الدولة مولانا حسن محمد مختار بينما يشغل منصب وكيل الوزارة مولانا عصام الدين عبد القادر .

اختصاصات الوزارة وإداراتها المختلفة :-

في سنة 1983 صدر قانون تنظيم وزارة العدل الساري حالياً وحدد اختصاصات وزارة العدل كما حددت لائحة تنظيم وزارة العدل لسنة 1983 إدارات الوزارة واختصاصات كل إدارة وذلك على النحو الآتي :-

1- حسبما جاء في البند (1) من المادة 5 من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 1983 فإن وزير العدل هو المستشار القانوني للدولة ويتولى نيابة عنها جميع الأعمال ذات الطبيعة القانونية ، وبموجب البند (2) من نفس المادة يكون لوزير العدل المهام والاختصاصات الآتية مع مراعاة الأحكام الدستورية ودون المساس بنص البند (1):

أ) يسعى لبسط مبدأ سيادة القانون وتوفير العدالة الناجزة في النظام القانوني .

ب‌) يسعى لتحسين الأداء في مهنة القانون ولوضع الأسس والتقاليد السليمة للمهنة ورعاية نظمها وأخلاقها .

ج‌) يسعى لمراجعة القوانين وإصلاحها لتثمل التعبير الأتم عن قيم العدالة في المجتمع السوداني وتواكب التطور في حياته.

د‌) يعمل على تشجيع البحوث والدراسات القانونية ونشرها .

هـ) يصوغ مشروعات القوانين وسائر التدابير التشريعية في الدولة .

و‌) يشرف علي الدعاوى الجنائية وإجراءات التحري فيها ويتولى الادعاء أمام المحاكم الجنائية .

ز‌) يتولى أو يشرف علي مد أجهزة الدولة بحاجاتها من الخدمات القانونية في صياغة القرارات والعقود والاتفاقيات ومراجعتها وفي إبداء النصح حول أي تصرف أو نزاع بين تلك الأجهزة وفي تمثيلها أمام الجهات التي تفصل في الدعاوى المدنية.

ح‌) يبدئ النصح القانوني في المسائل التي تنشأ بين أجهزة الدولة وأن يتولى التحكيم في النزاعات المدنية بين تلك الأجهزة .

ط‌) يتولى تسجيل المعاملات التي توكل إليه قانوناُ وتوثيق المستندات وأخذ الشهادات القانونية وإصدارها .

ي‌) يتولى تقديم الخدمات القانونية للجمهور في الفتوى والمساعدة في التقاضي .

ك‌) يقوم بأي مهمة قانونية أخري يوكلها إليه رئيس الجمهورية .

الإدارات برئاسة الوزارة :-

1/ إدارة التشريع.

2/ إدارة الشئون المدنية والرأي .

3/ إدارة الشئون الجنائية .

4/ إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه.

5/ إدارة العقود .

6/ إدارة الاتفاقيات والقانون الدولي .

7/ إدارة حقوق الإنسان والقانون الإنساني.

8/ إدارة العون القانوني .

9/ الإدارة العامة للشئون الإدارية والمالية .

10/ إدارة التدريب .

11/ إدارة التسجيلات التجارية .

12/ إدارة الملكية الفكرية. .