أنواع الطلاق و أقسامه طبقا للقانون المغربي

أقسام الطلاق وحالات التطليق في القانون المغربي

الطلاق إما أن يكون متفقا مع أحكام الشرع ويسمى السني وإما أن يكون خلاف ذلك، ويسمى الطلاق البديعي كما أن الطلاق قد يكون رجعيا، وقد يكون بائنا كما يكون الطلاق بالخلع والطلاق لاتفاقي الذي يكون باتفاق الزوجين معا إلى جانب هذه الأنواع هناك ما يصطلح عليه بالتطليق الذي يكون إما بطلب أحد الزوجين بسبب الشقاق أو بأسباب أخرى ترتبط بالزوجة فقط .

ومن ثم نقسم الكلام في أنواع الطلاق وحالات التطليق إلى مطلبين نخصص الأول لأنواع الطلاق ونتناول في الثاني الطلاق المملك والطلاق بالخلع والطلاق الإتفاقي وفي مطلب ثالث لحالات التطليق .

المطلب الأول: أنواع الطلاق

الفقرة الأولى: الطلاق السني والطلاق البدعي
روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام :” أمره فليرجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إنشاء امسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء رواه البخاري ” ، ومعنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الطلاق في حالتين أحدهما أن تكون الزوجة حائضة ، وثانيهما أن تكون طاهرة من الحيض، ولكن زوجها أتاها في هذا الطهر، فإن ثم وفق هاتين الحالتين يكون طلاقا سنيا ، أما إذا كان موافقا لهذه الأحكام فهو طلاق بدعي.

أولا: الطلاق السني

الطلاق السني هو الواقع وفق ما أرادت له الشريعة الإسلامية. وهو أن تطلق الزوجة المدخول بها طلقة واحدة في الطهر، لم يمسها فيه لقوله سبحانه وتعالى:
*الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان* ، بمعنى أن يكون الطلاق رجعيا إلى أن يكمل الثلاث حيث يخير بين إمساكها قبل انتهاء العدة أو تسريحها بإحسان.

كذلك لقوله تعالى: * يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن* ، أي إذا أردتم الطلاق فطلقوهن مستقبلات العدة وتستقبل المطلقة العدة إثر طلاقه ابعد أن تطهر من حيض أو نفاس قبل أن يمسكها. وهكذا يمكن تحديد شروط الطلاق السني وهو حصر على الزوجة المدخول بها في الأتي :

1- أن يتم طلاق الزوجة المدخول بها في طهر من الحيض
2- أن لا يتم الطلاق أثناء النفاس
3- أن يتم الطلاق في طهر دون مسيسا
4- أن يكون الطلاق رجعي
5- أن لا يطلقها اكثر من مرة دفعة واحدة
6- أن يكون الطلاق لمبرر معقول

ثانيا: الطلاق البدعي

الطلاق البدعي هو ما جاء على خلاف ما أمر به الشارع الحكيم،والمناقض للأحكام الخاصة بالطلاق السني، إذ لا أصل له في السنة، وإنما ابتدعه الناس واختلقوه من تلقاء أنفسهم ، ويكون كذلك عندما يختل شرطا من الشروط الواجب توافرها في الطلاق السني كأن يطلق الزوج زوجته حائض أو في طهر مسها الزوج فيه … وبإيقاعه يكون المطلق آثما حيث ذهب البعض إلى اعتبار الطلاق الثلاث كلمة واحدة طلاقا بدعيا، أو أن يطلقها ثلاثا متفرقات في مجلس واحد كأن يقول : أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق ، روي عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر ابن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام :”أ مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ،رواه البخاري معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الطلاق في حالتين إحداهما أن تكون حائضة ، وثانيهما أن تكون طاهرة من الحيض، ولكن زوجها أتها في هذا الطهر ، فإن تم وفق هاتين الحالتين يكون طلاقا سنيا أما إذا لم يوقع موافق لهذه الأحكام فهو طلاق بدعي. إذن فالطلاق السني هو الواقع وفق ما أرادت له الشريعة الإسلامية وهو أن تطلق الزوجة المدخول بها طلقة واحدة في طهر، لم يمسها فيه لقوله تعالى :

* الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان* ، بمعنى أن يكون الطلاق رجعيا إلى أن يكمل الثلاثة حيث يخير بين إمساكها قبل انتهاء العدة أو تسريحها بإحسان كذلك لقوله تعالى : *يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن* ، أي إذا أردتم الطلاق فطلقوهن مستقبلات العدة ، وتستقبل المطلقة العدة إذا طلقها بعد أن تطهر من حيض أو نفاس قبل أن يمسكها.

وهكذا يمكن تحديد شروط الطلاق السني وهو حصر على الزوجة المدخول بها في الآتي :
1-أن يتم طلاق المدخول بها في طهر من الحيض
2-أن لا يتم الطلاق أثناء النفاس

وذهب البعض الآخر (الفقه) إلى أن الطلاق لا يقع لأنه ليس من الطلاق الذي أذن الله به، بل هو في الطلاق الذي أمر الله بخلافه .
وأجمع العلماء على أن الطلاق البدعي حرام وأن فاعله آثم .
أما المشرع المغربي لم يتطرق للطلاق السني والطلاق البدعي، لكنه كنوع من أنواع الطلاق وارد وحرمه العلماء نظرا لما يطرحه من مشاكل خصوصا المشاكل التي تتعلق بالحمل، ولعل المشرع ترك الأمر للقضاء تطبيقا للمادة 400 من مدونة الأسرة التي تنص على أن ” كل ما لم يرد في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعي فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف .”

الفقرة الثانية: الطلاق الرجعي والطلاق البائن
كل طلاق أوقعه الزوج يكون دائما رجعيا إلا في حالات ثلاث وهي الطلاق قبل الدخول ، الخلع ، الطلاق المكمل للثلاث والطلاق بالاتفاق والطلاق المملك . ويكون الطلاق بائنا متى انتهت العدة دون مراجعة الزوجة أو في حالة التطليق قضائيا ، باستثناء التطليق لعدم الإنفاق وقد يكون بائنا بينونة كبرى متى اكتملت ثلاث طلقات إضافة إلى الطلاق بالاتفاق أو الخلع أو المملك، وتسري عليه نفس الآثار المترتبة عن الطلاق الرجعي ، كما سيأتي باستثناء الرجعة، ولا تعتبر المرأة في حكم الزوجة بل تصبح غريبة عنه، وإن أرادها يجب عليه أن يعقد عليها من جديد بعد موافقتها .

أولا: الطلاق الرجعي

1- التعريف: الطلاق الرجعي، هو الطلاق الذي يستطيع الزوج فيه إعادة زوجته إلى عصمته قبل انتهاء عدتها، حيث تستأنف الحياة الزوجية بينهما دون حاجة إلى عقد جديد ويمكن أن يتكرر هذا مرتين ، أما في المرة الثالثة فإن الطلاق يفصل العلاقة الزوجية حالا ونهائيا بعد إجراءات دقيقة حددتها النصوص الشرعية.

فالشريعة الإسلامية السمحاء حريصة على بقاء الرابطة الزوجية ، فحتى في حالة صدور الطلاق يبقى الباب مفتوح لعودة الحياة الزوجية إلى سابق ودها وصفائها عن طريق المراجعة وقد تقرر هذا المبدأ بنص قرآني كريم في قوله جل جلاله :* والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أراد إصلاحا* ، في هذه الآية يتبين أن للزوج حق مراجعة زوجته التي دخل بها في العدة ، فالطلاق الرجعي هو الذي يوقعه على زوجته التي دخل بها حقيقة، أو حكما .

2- الحالات التي يكون فيها الطلاق رجعي : تنص المادة 122 من مدونة الأسرة على أن ” كل طلاق قضت به المحكمة فهو بائن، إلا في حالتين التطليق للإيلاء وعدم الإنفاق ” وتضيف المادة 123 بان ” كل طلاق أوقعه الزوج فهو رجعي إلا المكمل للثلاث والطلاق قبل البناء والطلاق بالاتفاق والخلع والمملك “

ويتضح مما سبق أن الطلاق الرجعي يكون في الأحوال التالية :
أ-الطلاق الذي يوقعه القاضي بناءا على دعوى الزوجة التطليق لعدم الإنفاق
ب-التطليق الذي يوقعه القاضي بسبب الإيلاء ( التطليق للإبلاء )
ج-طلاق الرجل زوجته باللفظ أو ما يقوم مقامه بعد الدخول الحقيقي.
د-إذا كان الطلاق في غير مقابل عوض ما لي ( طلاق الخلع)
هـ- إذا لم يكن مكملا للثلاث

3- الآثار المترتبة عن الطلاق الرجعي : تترتب عن الطلاق الرجعي آثار هامة سواء أثناء فترة العدة أو بعدها حيث تعتبر المطلقة رجعيا في حكم الزوجة – ويسري عليها ما يسري على الزوجة إلا المسيس، فإذا ضبط الزوج زوجته متلبسة بالخيانة داخل العدة مثلا يمكنه أن يتابعها لأنها في حكم الزوجة .

وتطبيقا لذلك ذهب المجلس الأعلى إلى ما يلي :
” أن يكون في مقابله مال وان يكون دون ثلاث طلقات ، وتكون المراجعة بالفعل أو القول ، فتكون بالجماع أو دواعيه أو مقدماته ، كما تكون بكلمة راجعتك أو أرجعتك .
والرجعة حق للزوج خلال العدة ولا يملك إسقاطه فلو قال لا رجعة لي كأن له حق الرجوع عنه، وحق مراجعتها لقوله تعالى :* وبعولتهن أحق بردهن* ،

الطلاق الذي يوقعه القاضي بناء على دعوى الزوجة يكون رجعيا في حالتين وهما عند التطليق لعدم الإنفاق والتطليق للإيلاء وتترتب عن الطلاق الرجعي الآثار الآتية :
+الطلاق الرجعي ( ينقص عدد الطلاقات التي يملكها الزوج على زوجته )
+يصبح طلاقا بائنا وينهي الحياة الزوجية، بانتهاء العدة دون مراجعة الزوج لزوجته.
+الطلاق الرجعي لا ينهي الرابطة الزوجية ولا يزيل ملك الاستمتاع ويعتبر بذلك مراجعا لها.
+لا يجعل المطلقة محرمة على زوجها بأي سبب من أسباب التحريم، فهي في حكم الزوجة
+ إذا مات أحدهما قبل انقضاء العدة ورثه الآخر .
+ يستمر في الإنفاق عليها إلى حين انتهاء العدة .
+ لا يحل به مؤخر الصداق لبقاء الزوجية حكما.
+لا يلزم بمهر جديد عند الرجعة، فهي في حكم الزوجة ، ولا يمكن إمهارالزوجة مرتين .
+يحق للزوج أن يعيدها لنفسه من جديد متى شاء ودون عقد جديد.
+تقضي المطلقة العدة في بيت الزوجية لأنه من مشمولات النفقة .

نستنتج مما سبق أن المطلقة تعتبر في حكم الزوجة، حيث يمكن للزوج، أن يراجعها متى شاء في فترة العدة إلا أن المشرع المغربي حدد الإجراءات الضرورية للرجعة من حيث الإشهاد على ذلك . وعلى هذا الأساس فإذا أراد الزوج مراجعة زوجته، وقبل انتهاء العدة حيث لا مجال للرجعة بعد ذلك بأن الطلاق يصبح بائنا .
والإشهاد على الرجعة فيه اختلاف بين الفقه ، حيث يذهب الرأي الغالب عند الفقهاء المالكية إلى عدم اشتراط الإشهاد في حالة الرجعة ولكن من باب الاستحباب يمكن الإشهاد لدرء الشبهات ، بإثباتها .

أما مدونة الأسرة فقد اشترطت الإشهاد على ذلك من طرف عدلين وقد أحسن صنعا لتوثيق الرجعة وإثباتها ووضع حد للنزاعات الناشئة في هذا الباب وهكذا فإن العدليين يخبران القاضي فورا، هذا الأخير قبل الخطاب على وثيقة الرجعة، يستدعي الزوجة ويخبرها بذلك وتعود لزوجها ، وتستمر الحياة ، حيث تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل الطلاق، وقد توافق الزوجة ، بان الحكمة من الرجعة هي التأمل وربما للندم ، مما يجعل الزوجان يندمان على الافتراق لكن وقد يقع العكس حيث ترفض الزوجة الرجوع إلى زوجها الأول كونه يسيء لها فلا ترى ضرورة العودة ، في هذه الحالة خول لها المشرع الالتجاء لمسطرة الشقاق التي سيأتي مناقشتها لاحقا .

ثانيا׃ الطلاق البائن

1- التعريف : الطلاق البائن هو الذي يجعل حد للعلاقة الزوجية في الحال بمجرد صدوره، وهو ينقسم إلى قسمين، الطلاق البائن بينونة صغرى والطلاق البائن بينونة كبرى فالأول لا يستطيع المطلق بعده إرجاع المطلقة إلى عصمته إلا بعقد جديد، والثاني لا يستطيع المطلق بعده أن يعيد المطلقة إلى عصمته إلا بعد أن تتزوج برجل آخر زواجا صحيحا، ويدخل بها دخولا حقيقيا ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.

2-حالات الطلاق البائن: كدراسة حالات الطلاق البائن يمكن أن نتطرق لحالات كل نوع من أنواعه وذلك من خلال حالات الطلاق البائن بينونة صغرى وحالات الطلاق البائن بينونة كبرى .

أ- حالات الطلاق البائن بينونة صغرى :

يعتبر الطلاق البائن بينونة صغرى في الأحوال الآتية :
+الطلاق قبل الدخول، لأنه يكون بغير العدة، لقوله تعالى :* يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها* ، فهو طلاق بائن لأن الزوجة التي لم يدخل بها لا تعتد
+إذا افتدت الزوجة نفسها لقوله جلت قدرته :* فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به* ، وتعني بذلك طلاق الخلع.
+الطلاق القضائي (التطليق ) للعيب أو الضرر أو الغيبة .
+الطلاق الذي توقعه الزوجة ، إذا كان الزوج قد ملكها حق إيقاعه وطلقت نفسها .

ب-حالات الطلاق البائن بينونة كبرى :

يقول تعالى :* الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان* ، ويقول عز وجل :* فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا إن يقيما حدود الله وتلك حدود الله بينها لقوم يعلمون* ،إذن فحالات الطلاق البائن بينونة كبرى تتجلى فيما يلي :
+ يزيل الحل والملك ، فتعتبر المطلقة في هذه الحالة من المحرمات عليه مؤقتا.
+يشترط أن تتزوج زواجا صحيحا فيه دخول حقيقي لذاته دون نية التحليل.
+أن يكون للزواج بعد انتهاء العدة من الزوج الثاني بعد الطلاق أو الوفاة .

3- أثار الطلاق البائن بينونة كبرى׃
تترتب على الطلاق البائن بينونة كبرى نفس الآثار المترتبة على الطلاق البائن بينونة صغرى باستثناء ما يلي :
لايمكن أن يعقد عليها بعد العدة إلا بعد الزواج بآخر زواجا صحيحا وأن يدخل بها ثم يطلقها وتنتهي عدتها ولا محل لإيقاع المزيد من الطلقات في الطلاق البائن بينونة كبرى.

المطلب الثاني: الطلاق المملك والطلاق بالخلع

سنتناول في هذا المطلب الطلاق المملك في فقرة أولى ثم في فقرة ثانية سنتناول الطلاق بالخلع :

الفقرة الأولى: تمليك الطلاق للزوجة ( طلاق التفويض )

الأصل أن الذي يملك حق الطلاق هو الزوج فهو ملزم بأداء حقوق الزوجة والأطفال في حالة الطلاق مما يجعله أكثر حرصا على بقاء الحياة الزوجية، مادام الطلاق ملكا للرجل فله الحق في أن ينيب غيره لذلك سواء أناب زوجته أو غيرها حيث تكون هذه الإنابة على شكل توكيل أو تفويض، والفرق بينهما أنه يمكن عزل الوكيل، أما التفويض فهو نقل العصمة حيث يملك الزوج لزوجته ( أو غيرها) حق إيقاع الطلاق ولا يمكن للزوج عزل المفوض إليه وأن يتنازل الزوج لزوجته عن حقه في الاستقلال بملكية الطلاق فيشركها معه، حين يعطيها الحق في أن تطلق نفسها ويشار إلى هذا في عقد الزواج.

من خلال ذلك يقصد بالتمليك انه جعل الرجل أمر زوجته بيدها تتملك عصمتها ولها أن توقع الطلاق متى شاءت ، ليس للزوج أن يتراجع عن التمليك إلا إذا رضيت الزوجة بذلك ويلزم هذا التمليك إبان الفترة الزمنية المحددة له، ويلزمه على شكل التأبيد إذا تم بشكل يفيد ذلك. إذن فما هو السند الشرعي لتمليك الطلاق إلى الزوجة؟ وما هي صيغه وحالاته؟ ثم ما هو موقف المشرع المغربي من تمليك الطلاق للزوجة ؟

أولا: السند الشرعي لتمليك الطلاق للزوجة.

لقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تمليك الطلاق للزوجة يجد سنده الشرعي في قوله تعالى :* يا أيها النبي قل لأزواجك عن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا إن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما* ، فلما نزلت هذه الآية الكريمة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجته عائشة أم المؤمنين فقال لها : ” إني ذاكر أمرا من الله على لسان رسوله فلا تعجلي حتى تستأ مري أبويك فقالت وما هذا يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية : قالت فيك يا رسول الله أستأمر أبواي ؟ …. بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلته، قال لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن الله يبعثني …. الخ ، ثم فعل النبي صلى الله عليه وسلم مثلما فعلت عائشة فكلهن اخترن الله ورسوله و الدار الآخرة “.
وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت ” خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعد ذلك شيئا “.

أما من خلال معرفة طبيعة الطلاق المملك فقد تضاربت أراء الفقهاء في طبيعته هل هو رجعي أم بائن في هذا الصدد يرى الإمام مالك أن المملك يخضع للمبادئ العامة التي تجعل الأصل في الطلاق أن يكون رجعيا بخلاف الطلاق التخيير على أن من فقهاء المالكية من عارض في هذا الصدد فقد قيل طلقة رجعية وهذا رأي مطرف وأشهب، وهو مطابق لرأي الإمام مالك، وقيل إنها تكون البتة أي تقع بموجبه طلقات ثلاث وهو قول أصبغ سحنون . وقيل إنها طلقة واحدة بائنة وهو رأي لابن قاسم .

ومعلوم أن رأي ابن القاسم هو الذي يجري به العمل في المذهب المالكي يقول ابن عاصم الغرناطي :
وفي المملك والقضا بطلقة بائنة في المرتضى .

ثانيا: صيغ الطلاق المملك وحالاته

يجوز للزوج تمليك زوجته طلاقها منه بالصيغة الدالة على ذلك كأن يقول لها : أمرك بيدك أو طلقي نفسك، ويجوز أن يكون هذا التمليك مربوطا بأجل معين كشهر أو سنة مثلا، وحينئذ يمكن للزوجة أن تمارس ما تم تمليكه لها خلال أي فترة من الفترات داخل الأجل المحدد أو المذكور، أما إذا لم يكن مقيدا بأجل محدد كان المتعين على الزوجة عندئذ أن تبين قرارها في اللحظة التي منح لها فيه التمليك، بمعنى أن الزوجين إذا انصرف لمكان بصدد التفاوض فيه إلى حديث غيره أو إذا انقضى المجلس سقط حقها في التمليك ولم يعد بإمكانها طلاق نفسها من زوجها .

وهذا ما قرره المجلس الأعلى في قراره الذي جاء فيه ” طلاق التمليك ينقسم إلى قسمين مطلق ومعلق على شرط فالمطلق يبقى بيدها بالمجلس بقد رما يرى الناس أنها تختار في مثله أن تفرق أو خرج مما كان فيه أو لم يتفرقا فاالإختيار لها ويبطل ما بيدها ، أما المعلق على شرط فيبقى بيده وإن تفرقا إلى أن يحصل المعلق عليه “.

ثالثا: موقف المشرع المغربي

لقد أقر المشرع المغربي – من خلال المادة 89 من مدونة الأسرة – انه متى ملك الزوج زوجته إيقاع الطلاق، كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة للقضاء به ملتمسة في خضم ذلك الإشهاد بطلاق التمليك لدى عدلين منتصبين لهذا الغرض بدائرة نقود المحكمة التي يتواجد بها بيت الزوجية ، أو موطن الزوجة الطالبة ، أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب. ويتضمن طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق المملك هوية كل من الزوج والزوجة ومهنتهما ومحل إقامتهما مع الإشارة إلى عدد الأبناء متى وجدوا وذكر تواريخ ازديادهم ووضعهم الصحي والدراسي، ويرفق الطلب لزوما بمستند الزوجية مرفوقا بما يفيد تمليك الزوج الطلاق لزوجته ، مع ذكر الحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية .

وتجدر الإشارة إلى أن المادة 89 أعلاه أقرت أنه ما دام تمليك حق إيقاع الطلاق للزوجة، وقد تم بمبادرة إرادية ومنفردة من طرف الزوج فإنه لا يمكن استنادا لهذا الاعتبار أن يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه. وهو الأمر الذي يتماشى وما استقر عليه الفقه الشرعي، فقد روي أنه جاء ابن مسعود رجل فقال :” كان بيني وبين امرأتي بعض ما يكون بين الناس فقالت : لو أن الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع.

فقال فإن الذي بيدي من أمري بيدك، فقالت : أنت طالق ، قال أراها واحدة وأنت أحق بها مادامت في عدتها وسألقى أمير المؤمنين عمر، ثم لقيه فقص عليه القصة، فقال صنع الله بالرجل وفعل : يعمدون إلى ما جعل الله في أيديهم فيجعلونه بأيدي النساء ، ماذا قالت فيها؟ قال : قلت أراها واحدة وهو أحق بها ، قال: وأنا أرى ذلك – ولو رأيت غير ذلك علمت أنك لم تصب… ” وقد روي عن أبي هريرة قوله طلقت نفسها :” أمرك بيدك” .

إذن فمتى تأكدت المحكمة من توافر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين أجرت محاولة الصلح بين الطرفين بغرفة المشورة ويمكنها لهذه الغاية انتداب حكمين أو دعوة مجلس العائلة للانعقاد لتوفيق بين طرفي الخصومة .

الفقرة الثانية: الطلاق بالخلع

الأصل أن الزواج ميثاق ترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الإحصان والعفاف- وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين معا، وقد يحدث أن يكره الرجل زوجته أو تكره هي زوجها وشريعتنا الإسلامية الغراء توصي بالصبر والاحتمال وتنصح بعلاج ما عسى أن يكون من أسباب الكراهية قال تعالى :
* وعاشرهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا* .

إلا أن الغاية من هذا الميثاق قد ينتابها نوع من الفتور، فتتنافر القلوب وتستحكم النفرة لدرجة يستحيل معها استمرار حبل المودة بين الزوجين وفي هذه الحالة يصبح سريان هذا الميثاق نقمة على الأسرة بأجمعها، مما يفسح المجال أمام خيار حل عقد النكاح كضرورة لا غنى عنها، أو كحل وحيد الذي لا بد منه. ففي الحالة التي تكون فيها الكراهية من جهة الرجل فهو بيده الطلاق وهو حق من حقوقه، وله أن يستعمله في حدود شرع الله وتحت الشروط التي جاءت بها مدونة الأسرة أما في الحالة التي تكون الكراهية من جهة المرأة فقد أباح لها الإسلام أن تتخلص من العلاقة الزوجية عن طريق الخلع، بأن تعطي الزوج ما أخذت منه باسم الزوجية لينهي علاقته بها ،وكلا الحالتين تجعل حل ميثاق الزوجية تحت الإشراف الفعلي والمراقبة الميدانية للمؤسسة القضائية بكيفية تصون كرامة المرأة، وتحافظ على حقوقها المكتسبة سواء الشخصية منها أو المقررة لفائدة أبناءها .