مقال رائع حول أركان جريمة غسيل الأموال

لجريمة غسيل الأموال ركنان: مادي ومعنوي، وفيما يلي بيان ذلك:

1. الركن المادي :

ويتألف من ثلاثة عناصر، هي:

‌أ- السلوك الذي يكون ركنا ماديا للجريمة ويتضمن ثلاثة أشكال هي:

1. حيازة أو إكتساب أو إستخدام الأموال القذرة وتودع في حساب بنكي أو توضع كأمانة في خزانة مستأجرة في البنك.
2. إخفاء الأموال القذرة من حيث المصدر، أو المكان أو التصرف أو الحركة أو الحقوق المتعلقة بها أو الملكية.

‌ب- المحل الذي يرد عليه السلوك وهي الأموال المتحصلة من الإتجار بالمخدرات أو بالدعارة أو الإختلاس أو الرشاوي أو الإتجار بالرقيق أو بالأطفال.

‌ج- الجريمة التي تحصلت الأموال بموجبها كالإتجار غير المشروع بالسلاح أو المخدرات… الخ.

2. الركن المعنوي

يفترض علم الجاني أو الجناة بالمصدر غير المشروع للأموال القذرة فهي جريمة عمدية تنصرف إرادة الفاعل إلى إرتكابها دون خلل بإرادته الحرة، فالجاني يعلم علم اليقين بأنه يمارس نشاطا إجراميا وهذه الجريمة في حقيقتها إنما هي جريمة مستمرة ويقترح أحد الباحثين إعادة النظر بالتقسيم التقليدي للجرائم في ضوء واقع جرائم غسيل الأموال بحيث يمكن تقسيمها إلى جرائم ارتكاب وجرائم امتناع وجرائم وقتية وجرائم مستمرة وجرائم مسبقة وجرائم مرتبة وجرائم إعتيادية ، ويذهب أحد الباحثين إلى تصنيف جرائم غسيل الأموال الى جرائم لا تحقق أية عواقب مالية مثل القتل والإيذاء، وجرائم تحقق دخلا ماليا محدودا لمقدار ما يفقده المجني عليه في السرقة والإحتيال. وهناك جرائم تحقق دخلا ماليا كبيرا جدا مثل تجارة السلاح غير المشروع والتزوير والجرائم الإقتصادية. وجريمة غسيل الأموال عبارة عن جريمة تحويل أو نقل الأموال، وجريمة إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال بالإضافة الى جريمة حيازة أو اكتساب أو إستخدام هذه الأموال .

ثالثا: واقع الجريمة:

ثمة حقيقتان لهذه الجريمة تحددان واقعها المر، الأولى هي كونها جريمة غير معروفة لرجل الشارع على الرغم من خطورتها القصوى والثابتة، إنها جريمة يمكن ان تباشر من غرفة النوم، وفيما يلي بيان هاتين الحقيقتين من خلال المعلومات المستقاة من شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).

1. النصر للأقوى والأذكى والأقدر:

إذا قمت بإستطلاع بسيط في الشارع، وسألت عن مصطلح “غسيل الأموال” فإن معظم الإجابات ستدل على أنه غير معروف، ولعل هذا الجهل بالموضوع هو احد المشاكل الأساسية التي تعاني منها الحكومات في محاربتها هذا النوع من الجرائم، فهذه الجريمة تبدو كأنها بدون ضحايا فهي تأتي لدى الكثيرين في منزلة متأخرة بعد عمليات السطو، والسرقة وغيرها من الجرائم. إنترنت العالم العربي

2. الكازينوهات تتسلل الى بيتك:

قال أحد المعلقين محذرا: إذا كنت تعتقد أن أوكار القمار توقفت عن النمو فقد جانبت الحقيقةّ! إنها تنمو بإستمرار ولكن ليس عبر الكازينوهات الكبرى، بل تتسلل داخل غرفة معيشتك. إن هذا ناقوس خطر، جدير أن يدق لأن أخر صحية في عالم القمار تتمثل في الكازينوهات الإفتراضية التي ما فتئت تتبثق هنا وهناك في فضاء الإنترنت إذا لعبت تعطي رقم بطاقتك الإئتمانية للكازينو، إن خسرت يأخذون أموالك وإن ربحت يدعون انهم سيودعون أرباحك على حسابك، والمشكلة أن إعطائك البطاقة الإئتمانية تعرض نفسك لخطر سرقة حسابك

رابعا: مصدر الأموال القذرة:

مصادر هذه الأموال متعددة ومتنوعة، أبرزها:

1. تجارة المخدرات:

وهي من أكبر العمليات الإجرامية في هذا الشأن، ويلجأ اليها أصحاب النفوس الضعيفة نظرا للمردود المالي الضخم من هذه التجارة الآثمة.

2. الرشوة:
وهي مبلغ من المال يتقاضاه الموظف العام نظير تسهيلات غير مشروعة للمتعاقدين مع الإدارة أو أي فرد يرغب الإستفادة من الخدمة العامة أو الأموال العامة للإدارة بوجه غير قانوني، وتظهر الرشوة في صفات المقاولات والمناقصات والعقود التي يبرمها الراشي مع المرتشي، الموظف في الدولة سواء مباشرة أو بواسطة وسيط (الرائش) وكلما كانت الصفقة تعد بالملايين فإن الرشوة تزداد بزيادة قيمة الصفقة وغالبا ما يحصل على المبالغ الكبيرة: الوزراء والأمناء العامون والمدراء العامون للمرافق والمؤسسات العامة فهؤلاء بحكم مناصبهم يقدرون على الإتجار بالوظيفة ضمن صفقات مالية كبيرة (رشاوي كبيرة).

وقد نظم قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 م المعدل جريمة الرشوة في المواد 170-173 إذا عاقب كل موظف وكل شخص ندب إلى خدة عامة سواء بالإنتخاب أو بالتعيين وكل شخص كلف بمهمة رسمية كالحكم والخبير والسنديك طلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدا أو أية منفعة.

3. الإتجار بالرقيق الأبيض:

وهي ظاهرة الإتجار بالنساء والأطفال لغرض الدعارة.

4. الإختلاس:
وجرائم الاختلاس يقوم بها موظف عام تودع الأموال امانة لديه او يسهل عليه اختلاسها ويعاقب قانون العقوبات الأردني كل موظف عمومي أدخل في ذمته، ما وكل اليه بحكم الوظيفة أمر إدارته أو جبايته او حفظه من نقود وأشياء أخرى للدولة أو لأحد الناس (المادة 174/1) وتنظم المواد (175-177) بقية صور الإختلاس وإستثمار الوظيفة.

5. التهرب الضريبي:

يتهرب المكلف من أداء الضرائب الملزم بتسديدها كليا أو جزئيا، وبعض كبار التجار أو المقاولين تترتب عليهم مبالغ ضخمة إلا أنهم يستطيعون التهرب من دفعها عن طريق التواطئ مع الموظف الضريبي لقاء تقديم رشوة له كي يموه عن جريمته التهرب الضريبي أو يتغاضى عنها.

6. الجرائم الواقعة على المال:

وهي جرائم تقع على أموال الآخرين كسرقة المال أو إغتصابه او إستعماله دون وجه حق أو الإحتيال وسائر ضروب الغش مثل المراباة والقروض لقاء رهن وشيك دون رصيد وإساءة الإئتمان وسرقة الملكية الفكرية وسرقة خدمات الدولة (الماء والكهرباء).

7. تزييف العملة:

تتخصص بعض العصابات بتزييف العملة الوطنية او الدولار الأمريكي ويعاقب قانون العقوبات تزوير البنكنوت وهي أوراق النقد الأردني والمستندات المالية وأذونات الخزينة وسندات الدين التي تصدرها الدولة والمؤسسات العامة سواء أكانت مسجلة أو لحاملها وشيكات المسافرين وكل بوليصة يصدرها مصرف حكومي أو شركة صيرفة وكل ورقة مالية تعتبر كنقد قانوني في البلاد الصادرة فيها (المادة 239) وتعاقب بقية المواد القانونية، الأشكال الأخرى لتزوير البنكنوت (المواد 240-244) كما ثمة مواد قانونية تعاقب على الجرائم المتصلة بالمسكوكات (المواد 245 – 255) وتزوير الطوابع (المواد 256-265) أو تقديم مصدقات كاذبة (المواد 266-268).

8. جرائم أصحاب الياقات البيضاء:

هي جرائم الطبقة الإجتماعية المرفهة في معرض قيامهم بأعمالهم المهنية، يصعب إكتشاف مثل هذه الجرائم أو ملاحقة أصحابها مثال ذلك جرائم المهندسين في بناء عمارات دون أن تستوفي المواصفات الفنية كليا أو جزئيا أو قيام الأطباء بإجراء عمليات جراحية لا داعي لها وإنما لغرض الإسترباح الحرام أو قيام موظف البنك بالتلاعب بالأرصدة لصالحه.

9. جرائم السياسيين:

ترتبط عملية غسيل الأموال بالفساد السياسي الذي يقترن بإستغلال النفوذ لجميع الثروات الطائلة ثم تهريبها الى الخارج وإعادتها على شكل ذهب او مجوهرات او شراء عقارات ويسعى السياسي إلى المناصب النيابية او الوزارية لغرض تكوين ثروة بالسحت الحرام فهو يستخدم مبادئ الصالح العام بغرض الوصول إلى غايته الدنيئة.