يقصد بالموانع المتعلقة بطبيعة الشيوع بالموانع التي يبقى فيها الشيوع على الدوام او يمنع طلب القسمة وذلك مراعاة للغرض الذي من اجله اعد المال الشائع(1) ومعنى ذلك ان طلب اجراء القسمة لانهاء هذا النوع من الشيوع ليس ممنوعا ولمدة زمنية معينة كما في الحالات السابقة وانما هو ممتنع وبشكل دائمي(2). ولقد نصت المادة 1081 من القانون المدني العراقي على الموانع الدائمية للقسمة وذلك بقولها: (ليس للشركاء في مال شائع ان يطلبوا ازالة شيوعه اذا تبين ان الغرض الذي اعد له هذا المال يجب ان يكون دائما على الشيوع) فيظهر من ذلك النص ان القصد من انشاء ذلك المال هو لكي يكون دوما على الشيوع فعندئذ يمنع على جميع الشركاء طلب انهاء شيوعه (3) والفصل في كون المال مشتركا بالمفهوم السابق او غير مشترك فهو مسألة موضوعية يترك تقديرها الى قاضي الموضوع(4) ويختلف الشيوع العادي عن الشيوع الدائمي بالمفهوم اعلاه في عدة جوانب اهمها:-

1- في الشيوع العادي: فإن طلب اجراء القسمة وانهاء الشيوع ممكن دائما، اما في حالة الشيوع الدائم فليس للشركاء فيه طلب اجراء القسمة(5)

2- في الشيوع العادي فإن بامكان الشريك ان يتصرف بحصته وان يتنازل عنها سواء بعوض او بدونه، وكذلك تقدير الحقوق العينية عليها اما في حالة الشيوع الاجباري فليس للشركاء فيها حق التصرف في الحصة او ترتيب حقوق عينية عليها او حجزها الا مع العقار الذي هي من ملحقاته(6)

3- في الشيوع الدائمي تكون حقوق الشركاء فيه اوسع من حقوق الشركاء في الشيوع العادي، ففي الشيوع الدائمي يكون من حق الشركاء الحق في استعمال الشيء بحسب طبيعته او بمقتضى الاتفاق كما ان له الحق في ان يحدث فيه تعديلات وعلى نفقته الخاصة بشرط ان لا يؤدي ذلك الى تغيير في تخصيص الشيء وكذلك الا يلحق ذلك ضررا في حق الملاك الاخرين(7).

4- في الشيوع الدائم يكون لكل شريك من الشركاء المشتاعين حفظ الشيء وتجديده واصلاحه بدون حاجة الى اخذ موافقة باقي الشركاء بخلاف الحال في الشيوع العادي.. (8)

5- في الشيوع العادي تكون نفقات الشيء الشائع مقدرة على كل شريك بقدر حصته من المال الشائع اما في الشيوع الدائم فان نفقات الشيء الشائع تقدر اما على اساس حصة كل شريك، واما ان تقدر على اساس قيمة ما يملكه كل شريك من الشركاء المشتاعين من ملكيات مفرزة التي اعد الشيء الشائع لخدمتها(9)

وتوافق المادة 1081 من القانون المدني العراقي المادة 850 من القانون المدني المصري وذلك بقولها: (ليس للشركاء في مال شائع ان يطلبوا قسمته اذا تبين من الغرض الذي اعد له هذا المال انه يجب ان يبقى دائما على الشيوع) وعليه فنص القانون قد ينهض مانعا من انهاء شيوع المال اذا كانت الغاية التي من اجلها وجد ذلك المال هي ان يبقى دائما على الشيوع(10) وتوافق تلك النصوص في القانون المدني الاردني المادة 1060 منه وذلك بقولها: (ليس للشركاء في مال شائع ان يطلبوا قسمته اذا تبين من الغرض الذي خصص له هذا المال انه يجب ان يبقى دائما على الشيوع) فالقانون المدني الاردني قد اخذ هو الاخر بفكرة الشيوع الدائم وذلك للمحافظة على الغرض من انشاء ذلك المال(11) واهم ما يمكن ان نستنتجه على نص المادتين 1081 مدني عراقي و 850 مدني مصري والتي تعتبر المصدر التاريخي للمادة 1081 مدني عراقي حيث نجد ان النص المصري كان اكثر دقة في الصياغة من النص العراقي؛ ذلك ان النص المصري يقول.. ان يطلبوا قسمته.. لذا فنحن نميل الى النص المصري وذلك لكونه الاكثر دقة في الصياغة من النص العراقي الذي يقول… يطلبوا قسمته.. وبذا فهو حدد حالات انقضاء الشيوع بالقسمة فقط دون غيرها من حالات انقضاء الشيوع في حين نجد ان النص العراقي يقول.. إزالة شيوعه.. وهي عبارة غير دقيقة لان من الممكن ان يندرج ضمنها العديد من الطرق التي ينقضي بها الشيوع(12) . ويقول الفقيه الفرنسي جوسران في الشيوع الدائمي: (.. هناك اموال تابى بحسب طبيعتها او بحسب ما اعدت له ان تقبل الانقسام فهي اذا ما قسمت لا تغدو صالحة لايفاء الحاجة التي وضعت لها؛ ذلك لانها اعدت لان تبقى مطلقا على الشيوع فهي لهذا شائعة شيوعا حتميا او شيوعا دائميا) (13) . والسؤال الذي من الممكن ان يطرح نفسه ، هل يرد الشيوع الجبري (الدائمي) على العقارات والمنقولات على السواء؟ لقد ذهب جانب من الفقهاء الى ان الشيوع الجبري غالبا ما يرد على العقارات وليس على المنقولات والسبب في ذلك ان الاموال المنقولة لاتقتضي الاشتراك على الدوام والعلة في ذلك ان طبيعة الاموال المنقولة لا تتصف بالديمومة على عكس ما هو عليه الحال في العقارات (14) .

_______________

1- د. عبد المنعم البدراوي، شرح القانون المدني في الحقوق العينية الاصلية، ط2، القاهرة، مطابع دار الكتاب العربي، 1956، ص200.

2- ان من ابرز تطبيقات الشيوع الدائمي هي:

1- الشيوع الجبري: ويقصد به الحالة التي يبقى فيها المال مشاعا بين الشركاء اما بسبب الغرض الذي اعد له هذا المال او بسبب طبيعته التي تابى القسمة: انظر في ذلك د. محمد وحيد الدين سوار، المصدر السابق ص181، ويكون الشيوع الجبري على نوعين هما الشيوع الجبري الاصلي والشيوع الجبري التبعي ويقصد بالشيوع الجبري الاصلي وهو حالة الشيوع في الاشياء التي تخصص مستقلة لخدمة او استعمال جماعة من الافراد بصورة دائمة ومنها مدافن الاسرة او صور الاسرة او وثائقها: انظر في ذلك د. صلاح الدين الناهي، المصدر السابق ص185، واما الشيوع الجبري التبعي ويتحقق في الاشياء التي تخصص لخدمة عقارات او اجزاء من عقار واحد مملوكا للشركاء وتفوق اهميته الشيوع الجبري الاصلي ومن تطبيقاته الحائط الفاصل المشترك والطريق الخاص المشترك والاجزاء المشتركة في ملكية الطوابق والشقق والابار المشتركة والقناطر والكباري والمساقي والمماشي والابواب المشتركة والبالوعات والمجاري والخنادق المعدة لصرف المياه والسلالم والمصاعد والحاصدات والدرّاسات والمحاريث التابعة للاراضي الزراعية وغيرها: انظر في ذلك الاستاذ السيد عبد الوهاب عرفة، المصدر السابق ص153.

2- ملكية الاسرة: وهي ملكية شائعة بين اعضاء الاسرة الواحدة الذين تجمعهم وحدة العمل او المصلحة : انظر في ذلك د. علي هادي العبيدي ، الوجيز في شرح القانون المدني الاردني الحقوق العينية دراسة مقارنة ، ط1 ، عمان ، مطبعة الارز ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 2000 ، ص86.

3- المشاريع الصناعية والتجارية: فان كان المشروع الصناعي او التجاري خاضعا الى احكام قانون الشركات العراقي المرقم 36 والصادر في 1983 فلا يحق للشركاء فيه ان يطلبوا ازالة شيوعه وانما يكون ذلك خاضعا الى الاحكام الخاصة بتصفية الشركات المنصوص عليها في المواد من 150 الى 173 من قانون الشركات: انظر في ذلك المحامي جمعة سعدون الربيعي، احكام ازالة الشيوع في القوانين العراقية، بغداد، مطبعة الفنون، 1989، ص189.

3- انظر: د سعيد عبد الكريم مبارك ، الحقوق العينية الاصلية ،ط1 ، بغداد ، مطبعة الحكومة ، دار الحرية للطباعة ،1973 ص103.

4- الاستاذ شاكر ناصر حيدر ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، ج1 ، بغداد ، 1959 ص488.

5-الاستاذ محمد طه البشير و د. غني حسون طه، الحقوق العينية، ج1، بغداد، وزارة التعليم العالي، 1982، ص133.

6- د. صلاح الدين الناهي ، الحقوق العينية الاصلية ، ج1 ، بغداد ، شركة الطبع والنشر الاهلية ، ذ . م . م ، 1961 ، ص188.

7- د. عبد المنعم البدراوي ، الحقوق العينية الاصلية ، ط2 ،القاهرة ، مطابع دار الكتاب العربي ، 1956 ، ص202.

8- الاستاذ السيد عبد الوهاب عرفه ، الوجيز في استعمال وادارة المال الشائع ودعوى الفرز والتجنيب ( دعوى القسمة) الاسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ،2005 ، ص154.

9- الاستاذ محمد طه البشير و د. غني حسون طه، المصدر السابق ص134.

10- د. عبد العزيز عامر ، دروس في حق الملكية ، القاهرة ، المطبعة العالمية ، دار النهضة العربية ، 1967 ، ص146.

11- المذكرات الايضاحية للقانون المدني الاردني ، ج2 ، عمان ، المكتب الفني لنقابة المحامين الاردنيين ، ص663.

12- انظر في هذا المعنى د. صلاح الدين الناهي، المصدر السابق ص147.

13- Louis JOSSERAND ، Cours DE Droit civil positif Francais. II،DEUXIEME EDITION ، PARIS،LIBRAIRIE DU RECUEIL، SIREY SOCIETE ANONYME، 1933 p 373

14- د. محمد وحيد الدين سوار، حق الملكية في ذاته في القانون المدني، ط2، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 1997، ص181: وانظر في هذا الاتجاه قرارا صادرا عن محكمة النقض السورية والمرقم 355/ نقض مدني/ 1950 والمؤرخ في 26/2/1951 والذي جاء فيه: (ينحصر في العقارات التي تحتم حالتها الواقعية ذلك الشيوع دون ان يسيء الى استثمارها استثمارا حسنا ولا يؤثر استمراره على المصلحة المتوخاة من حرية تداول الاموال من ذلك المدافن العائلية والممرات والاقنية والابار…)، القرار منشور في مجلة القانون السورية، دمشق، نقابة المحامين السورية، العدد 3، 1951، ص190.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .