لا مجال للقول بتحقيق الاعتداء على حقوق المترجم خصوصاً او أي شخص اخر على وجه العموم، ما لم يكن هناك ضرر قد اصاب حقاً لهذا الشخص او مصلحة مشروعة له. فالضرر هو المحك الذي تبرز من خلاله المسؤولية للوجود تقصيرية كانت او عقدية. والضرر(1) هو كل اذى يصيب الشخص في حقٍ من حقوقه او في مصلحة مشروعة مالية كانت او معنوية (2)، او هو الاذى الذي يلحق بالغير مادياً كان او معنوياً(3). من هذا المنطلق فالضرر لكي يعد به في مجال حقوق الترجمة يجب ان يكون قد رتب اذى اصاب المترجم في حق من حقوقه او مصلحة مشروعة له مالية كانت او معنوية ـادبيةـ. والضرر المادي يتمثل في الانتفاع المالي ـ المبلغ ـ الذي كان من الممكن على المؤلف ـ المترجم ـ الحصول عليه من جراء استغلال مصنَّفه او الانتفاع به، اما الضرر الادبي فيتجسد في كل اذى او مساس بسمعة المؤلف –المترجم- او مكانته العلمية والادبية، فيخل بذلك بمركزه الاجتماعي(4).

فالضرر الذي نحن بصدده في، اطار حقوق المترجم يتحلل الى عنصرين، فهو اما ان يمس حقاً او مصلحة مالية مشروعة، وهو هنا ضرر مادي، او ان يمس حقاً او مصلحة ادبية ، وهذا يتصل بالاعتبار الشخصي للمترجم ومكانته العلمية والادبية ومركزه الاجتماعي ـ وهو هنا ادبي. وهذا النمط من الضرر لا يختلف في طبيعته وشروطه عن القواعد العامة في المسؤولية المدنية، لذلك يتوجب ان يكون هذا الضرر أولاً، مباشراً و معنى هذا ان يكون الضرر قد اتصل اتصالاً مباشراً بواقعة الاعتداء، فيكون هذا الضرر نتيجة طبيعية لاي اخلال ولا فرق بين الاخلال بالعقد او الاخلال بواجب قانوني ،فالمهم ان يكون الضرر قد حدث نتيجة لمجرى السير العادي لا تيان فعل يتصف بالتعمد او التعدي وقد سبب ذلك ضرراً بحقوق المترجم(5). فالضرر الذي يكون نتيجة طبيعية ومباشرة لفعل الاعتداء الذي أصاب حقاً مالياً او ادبياً او مصلحة مشروعة للمترجم هو المعول في التعويض سواء أكنا في نطاق المسؤولية العقدية أم التقصيرية، مع الفارق بان التعويض يكون عن الضرر المباشر المتوقع في العقدية والمتوقع وغير المتوقع في المسؤولية التقصيرية . وايضاً ان يكون محققاً والتحقق، هنا، هو ان يكون الضرر حالاً بالفعل بمصلحة او حق من حقوقة والا فان مجرد افترض الضرر لايكون سبباً للتعويض(6).فهو الضرر الذي يقع الفعل وتظافرت عناصره ومظاهره وتوفرت لدى القاضي إمكانية تقديره(7).

وبناءً على ما سبق يُستبعد من نطاق هذه القاعدة العامة الضرر الاحتمالي، الذي لا توجد هناك دلائل حول امكانية تقديره او احتمال تحقيقه، والذي يدور بين امكانية الوقوع من عدمها، على خلاف الضرر المستقبلي الذي يكون من الممكن التعويض عنه متى ما امكن تقديره وتحققت احتمالات وقوعه(8)، فالضرر المحقق الذي يصيب المترجم بالحال مع وجود العناصر والمظاهر التي يكون للقاضي معها امكانية تحديد مقدار الضرر الذي تحقق فعلاً ،وهو الأصل في الضرر، الا ان هذا الاصل لا يمنع من كون هذا الضرر مستقبلي قد تراخي الى وقت لاحق لصدور الاعتداء متى ما كان من الممكن تحقيقه وكان با لامكان تقديره متى ما اصاب مصلحة مالية وادبية مشروعة للمترجم، والا فان مجرد احتمال تحقق الضرر من دون التأكد من وقوعه او عدم وقوعه لا يكون سبباً كافياً يدفع للحكم بتعويض المترجم عن أعتداء مشكوك امر تحقيقه من عدمه. ولابد ثالثاً، من كون الضرر قد مس مصلحة مالية او ادبية مشروعة، ومن هنا فان المساس بحقوق الترجمة او التاليف بشكل مساسا بالحرية الشخصية و ضرراً يوجب التعويض عنه، وهذه المصلحة تتجسد في حماية نتاجات الفكر الانساني المبنية على فكرة حماية الشخصية الإنسانية التي تعتبر المصدر للملكية الادبية(9).

وقد عبر المشرِّع العراقي عن هذة القاعدة بمبدأ عام هو، ان أي تصرف او استغلال للمصنف من دون اذن صاحبه او موافقته يشكل مساساً بحقوقه، وهذه الحقوق تتجسد من حيث الاصل في مكانته الاجتماعية ومركزه الثقافي من ناحية، وما يعود عليه من كسب مالي او ربح مادي من ناحية اخرى(10). وفي هذا السياق لابد من الوقوف عند العناصر التي يمس بها الاعتداء ويشكل عندئذ ضرراً بها، وهي فوات الكسب والخسارة المتحققة بالفعل. ولا مجال للقول بان الضرر الذي يستوجب التعويض عنه مستمد من حيث المبدأ من الخسارة التي تحققت بالفعل بالشخص المضرور من جراء الاعتداء، لان هذه من المسلمات القانونية، فالخسارة المالية تؤدي الى الحرمان من الكسب المالي، الذي كان من الممكن الحصول عليه لولا تحقق الضرر، فضلاً عن الضرر الادبي الذي يصبب المترجم والذي يعد الاساس في هذا النمط من الحقوق حيث تعتبر ذات صلة وثيقة بالاعتبار الشخصي وان أي اخلال بهذه الحقوق يعتبر قد اساء في الغالب بالجانب الادبي وهذا الترابط بين حقي المترجم الادبي والمالي يرتب نتيجة مهمة، مفادها ان التعويض عن الضرر الادبي مساوٍ للتعويض عن الضرر المالي في مجال اعمال التأليف والترجمة.

وهذا القول يؤيد ما ذهب اليه جانب من الفقه بضرورة التعويض عن الضرر الادبي في المسؤولية العقدية والتقصيرية على السواء، متى ما كان هذا الضرر ناتجاً عن اعتداء وحقق خسارة مالية او ألم نفسي (11)، كما ان القول الراجح في الفقه هو ضرورة التعويض عن الضرر الناتج عن تفويت فرصة الكسب خصوصاً ،وان فوات هذه الفرصة يترتب عليه فوات لكسب مالي كان على درجة من التحقق وتفادي خسارة مالية مؤكدة(12). وعلى هذا الأساس فان حرمان المترجم من فرصة استغلال مصنفة والانتفاع به دون أذنه من قبل شخص آخر، يعني بالضرورة حرمانه من كسب وفرصة استغلال لهذا المصنف تعود عليه بالنفع المالي والكسب المحقق، هذا الى جانب حرمانه من فرصة التمتع بمركز ارقى وشهرة اوسع من التي كان يتمتع بها قبل حرمانه من هذا الحق. لذلك فان مثل هذه الفرصة وهذا الفوات للكسب يستوجب بالضرورة التعويض عنه، متى ما حرم المترجم من كسب مالي فائت وفرصة في كسب محقق كان السبب في حرمانه منها الضرر الذي اصابه.

________________________

– لغة يعني عدم النفع والشدة والضعف، الفيروز ابادي ،القاموس المحيط ،ج2ط ،مصر1952 ،ص77.

2- د. سليمان مدقس الوافي ،الجزء الثاني ،المجلد الثاني الفعل الغار ،ص 133 .

3- د. حسن الذنون ،المبسوط في المسؤولية المدينة (1) الضرر، بغداد، 1991 ،ص 158.

4- د. محمد حسام لطفي ،المرجع العلمي ،ص 72.

5- م 169/2 عراقي،221/1 مصري المقابلتان للمادة 1151 فرنسي

6- د. الذنون، الضرر(1)ص 161.

7- حسن حنتوش، التعويض القضائي في نطاق المسؤولية العقدية. الأردن 1999 ص 113.

8- زهدي يكن ،المسؤولية المدينة ،الاعمال غير المباحه ،بيروت (ب ت) طبع ص42.

9- د. ابو يزيد المتيتب ،ص 125 .

0- م 7،9،10 /عراقي ـ المقابلة للمواد 5،7،8،9/مصري .

1- حسن حنتوش الحسناوي ، عند استشهاده برأي للأستاذ مازود ، ص 123 .

2- د. الذنون، الضرر ص 164-167 ،واضا حازم عبد السلام المجالي ،ص 195.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .