ملخص لحكم محكمة القضاء الاداري المصري الخاص بوقف تصدير الغاز لبعض الدول الاجنبية

باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري

المحكمة برئاسة المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية “نائب رئيس مجلس الدولة” ورئيس محاكم القضاء الإداري. وعضوية المستشارين منير غطاس وفوزي شلبي نائبي رئيس مجلس الدولة. . ملخص الحكم
حكمت المحكمة: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من بيع الغاز لبعض الدول الاجنبية ومن بينهاإسرائيل مع ما يترتب على ذلك من آثار

الثابت بالأوراق أن المنازعة الماثلة تدون حول سلطة الإدارة في تنظيم وإدارة واستغلال موارد الدولة وأحد ثرواتها الطبيعية والتصرف فيها وقد اختصمها المدعي كسلطة إدارية تقدم على هذا المرفق وينبغي عليها أن تلتزم في ذلك حدود الدستور والقانون, ومن ثم لا يعد تصرفها في هذه الحالة ولا القرار الصادر بشأنه من أعمال السيادة بالمعنى القانوني والدستوري وإنما يعتبر من قبيل أعمال الإدارة التي يقوم على ولاية الفصل فيها القضاء الإداري دون سواه طبقا لنص المادة 172 من الدستور.
ومتى كان ذلك فإن للمحكمة بسط رقابتها على القرار المطعون فيه ويضحى الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى في هذه الحالة في غير محله متعينا رفضه.

ومن حيث أن الدستور في المادة 123 منه قد حرص على حماية موارد الثروة الطبيعية للبلاد باعتبارها موردا مهما من موارد الدولة ليست ملكا للأجيال الحالية فحسب, بل يشترك في ملكيتها الأجيال المستقبلة, فنص صراحة على أن يحدد القانون القواعد والإجراءات الخاصة بمنح التزامات استغلال موارد الثورة الطبيعية والمرافق العامة.
ومن حيث إنه بموجب ذلك فإنه يتعين على السلطة التنفيذية اللجوء إلى مجلس الشعب للحصول على موافقته على منح الالتزامات المشار إليها ويعتبر ذلك إجراء وجوبيا يحتمه الدستور وشرطا أساسيا لنفاذ العمل ونوعا من الرقابة التي تمارسها السلطة التشريعية – ينص الدستور – على بعض أعمال الإدارة وتتمثل الفلسفة التي تبرر إعطاء هذه السلطة لمجلس الشعب في الصفة التمثيلية للجهاز التشريعي فهو بحسب الأصل يكون منتخبا من الشعب ويعبر عن إرادة أغلبيته وبالتالي فهو أصلح الأجهزة القادرة على مراقبة عمل الإدارة فيما يخص منح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية الموهوبة للشعب.
متى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه وما ترتب عليه من آثار يكون قد صدر معدوما لمخالفته لأحكام الدستور ولا يترتب عليه أي أثر قانوني.

وبالنظر إلى أن الثابت من استعراض قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 المطعون فيه أنه فوض كل من رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول في إنهاء إجراءات التعاقد كطرف بائع للغاز الطبيعي مع شركة البحر الأبيض المتوسط, وكطرف ثالث ضامن لكميات الغاز الطبيعي ومواصفاته ومدة التوريد في عقود شركة البحر الأبيض المتوسط للغاز لتصدير الغاز الطبيعي من خلال أنابيب مع الشركات الواقعة في منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل وهذا ما فوض وزير البترول كل من الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية في العمل بموجبه دون عرض هذا الالتزام المرتبط باستغلال أحد أهم موارد الثروة الطبيعية في البلاد على مجلس الشعب, الأمر الذي يعد افتئاتا على اختصاص مجلس الشعب وسلطته المقررة دستوريا في هذه الحالة.

ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن البادي من الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر كما لم تنشر تفاصيل وشروط تصرف الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المتعلقة ببيع هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعي المصري إلى شركة البحر الأبيض المتوسط ومنها إلى إسرائيل رغم مطالبة العديد من نواب الشعب والخبراء المتخصصين في مصر بالاطلاع على تفاصيل هذه الصفقة ورغم الجدل الكبير الذي يدور في الأوساط العلمية حول حجم الاحتياطي المصري من هذه الثروة الناضبة على نحو ما ورد بالمستندات المقدمة من المدعي بالإضافة إلى ما نطقت به الأوراق من سرعة متناهية وتعصر مريب في إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وإنشاء شركة شرق البحر الأبيض المتوسط وهي شركة مساهمة قطاع خاص وتعديل نشاط الشركة الأخيرة والغرض منها ثم منحها – فور ذلك – دون غيرها عقد امتياز واحتكار شراء الغاز الطبيعي المصري الذي يتم تصديره في هذه الحالة إلى إسرائيل, الأمر الذي يثير التساؤل عن أسباب ذلك التزامن العجيب وعن السرية والتكتم الشديد الذي فرضته الإدارة حول صفقة بيع الغاز المصري لإسرائيل والمترتبة على صدور القرار المطعون فيه وحجب تفاصيلها عن الشعب ونوابه وذلك ما يتعارض مع الشفافية التي بات أمرها مستقرا في ضمير الأمة والعالم المتحضر, ومع المسيرة الديمقراطية التي تشهدها البلاد, كما أنه يخل بالثقة الواجب توافرها في تعاملات جهة الإدارة