حكم هام لمحكمة النقض المصرية فى خيانة الامانة

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / مصطفى الشناوى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / أحمد عبد القوى أيوب رضا القاضى
عاطف خليل أحمد مصطفى ( نواب رئيس المحكمة )
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / حازم عبد الرؤوف
وأمين السر السيد / أيمن كامل مهنى
فى الجلسة العلنية المعقودة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة
فى يوم الخميس 16 من شعبان سنة 1425 هـ الموافق 30 من سبتمبر سنة 2004 م
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول النيابة برقم 32750 لسنة 2003 وبجدول المحكمة برقم 32750 لسنة 73 قضائية
المرفـــوع من
——— محكوم عليه
ضـــــــد
النيابة العامة
——— ، ——— مدعيين بالحقوق المدنية
الوقـــــــــــائع
أقام المدعون بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح أطلسا
قيدت بجوالها بأرقام 3171 لسنة 2002 , 9984 لسنة 2001 , 11656 لسنة 2001 , 2506 لسنة 2001 ضد الطاعن . بوصف أنه فى يوم 21 من اكتوبر سنة 1999 بدائرة مركز أطلسا محافظة الفيوم حرروا له توكيلات لاتخاذ إجراءات قانونية في الدعوى رقم 24248 لسنة 1999 جنح مدينة نصر وقد احتفظ المدعون بالحقوق المدنية لنفسهم بحق الإقرار بالصلح والإبراء ثم قاموا بإلغاء التوكيلات ورغم هذا قام المتهم بموجب هذه التوكيلات بالإقرار بالصلح والتنازل متجاوزا حدود الوكالة وهو ما يعد خيانة أمانة . وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لكل منهم جنيه واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 21 من يوليو سنة 2002 بعد أن ضمت الدعاوى ليصدر فيهم حكما واحدا, أولاً في الدعوى رقم 3171 لسنة 2002 ببراءة المتهم مما اسند إليه ورفض الدعوى المدنية . ثانياً فى الدعاوى أرقام 9984 لسنة 2001 , 11656 لسنة 2001 , 2506 لسنة2001جنح أطلسا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ثلاثمائة جنية لوقف التنفيذ عن التهم جميعا للارتباط وإلزامه بأن يؤدى مبلغ جنيه واحد على سبيل التعويض المؤقت .
استأنف المحكوم عليه – وقيد استئنافه برقم 20749 لسنة 2002 ومحكمة الفيوم بهيئة استئنافيه قضت حضوريا في 25 من يناير سنة 2003 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن الأستاذ / ——- المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 23 من فبراير سنة 2003 , وأودع مذكرة بأسباب الطعن في التاريخ ذاته موقعا عليها منه . والمحكمة نظرت الطعن معقودة في هيئة مشورة وفيها أحالته لنظره بالجلسة حيث سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر

المحــكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا .
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة خيانة الأمانة وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وفساد فى الاستدلال ذلك أن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اعتنق صورة للواقع بفرض صحتها لا تشكل جريمة خيانة الأمانة إذ أن تجاوز حدود الوكالة في حد ذاته غير مؤثم مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر أركان جريمة خيانة الأمانة في حق الطاعن فيما مؤداه أن الطاعن تجاوز حدود الوكالة المرسومة له بإقراره الصلح عن موكليه في الجنحة رقم 24248 لسنة 1999 مدينة نصر رغم أن التوكيلات الصادرة له من المدعيين بالحق المدني لا تخوله ذلك . لما كان ذلك , وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون في مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته . وإنما يعاقب على العبث بملكية الشئ المسلم بمقتضاه وأن المناط في وقوع تلك الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس الشئ الذي سلم له ولم يستعمله فى الأمر فى الأمر المعين الذى أراداه المجنى عليه بالتسليم ” ولما كانت الالتزامات التى يرتبها عقد الوكالة على عاتق الوكيل هى تنفيذ الوكالة فى حدودها المرسومة ( المادة 703 من القانون المدنى ) وبذل العناية الواجبة فى تنفيذ الوكالة ( المادة 704 من القانون المدنى ) وتقديم حساب عنها إلى الموكل ( المادة 705 من القانون المدنى ) ورد ما للموكل فى يده .

والالتزام الأخير هو الذى تقوم به خيانة الأمانة ذلك أن الوكيل يرتكب هذه الجريمة إذا اعتدى على ملكية الأشياء التى سلمت له بصفته وكيلا لكى يستعملها فى مصلحة موكله ولحسابة , أو كى يسلمها للموكل فيما بعد , ويعنى ذلك أن فعله يجب أن يتخذ صورة الاستيلاء على الشئ الذى اؤتمن عليه لحساب موكله أما إذا أخل بالتزام آخر تولد عن الوكالة ولم يكن متضمنا هذا الاستيلاء فهو لا يرتكب خيانة الأمانة , كما لو تقاعس عن القيام بالعمل الذى كلف به ولو كان دافعه إلى ذلك الإضرار بموكله , أو لم يبذل فيه القدر من العناية الذى تطلبه , أو لم يقدم الحساب إلى موكله , أو جاوز نطاق وكالته . لما كان ذلك . وكانت الواقعة على الصورة التى اعتنقها الحكم المطعون فيه لم تتضمن أن الطاعن تسلم أموالا ما بمقتضى عقود الوكالة التى أبرمها مع المدعين بالحقوق المدنية ثم عبث بملكيتها وأن ما وقع منه هو تجاوز لحدود وكالته مما ينهار به الركن المادى لجريمة التبديد وتظل العلاقة حقيقة العلاقة بين الطاعن والمطعون ضدهم علاقة مدنية بحتة فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة خيانة الأمانة يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه والحكم ببراءة الطاعن مما اسند إليه .

لما كان ذلك , وكان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية , وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة من ضرر وقع للمدعى من الجريمة فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئا عنها سقطت تلك الإباحة وسقط معه اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية , ولما كان الحكم البراءة بنى على أن الواقعة المرفوع بها الدعوى الجنائية هى منازعة مدنية بحتة تدور حول خروج الوكيل عن الحدود المرسومة للوكالة . وقد ألبست ثوب جريمة التبديد على غير أساس من القانون أو سند من الواقع فإن القضاء بالبراءة لهذا السبب يلزم عنه الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا , وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما اسند إليه وبعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية .
أمين السر نائب رئيس المحكمة