مكافحة الجريمة الإرهابية وفقا للتشريع الجزائري

التدابير المقررة لمكافحة الجريمة الإرهابية في ظل المرسوم المقرر لحالة الطوارىء (الجزائر)

بالنظر إلى حالة اللاإستقرار و اللاأمن التي عاشتها الجزائر خلال العشرية السابقة ( في التسعينات ) ، اضطرت الدولة إلى إعلان حالة الطوارئ لضمان أمن الأشخاص و الممتلكات و عدم المساس بالنظام العام، و ذلك بتحديد مدة حركة السير .

و قد حددت مدة الطوارئ ب: 12 شهرا على امتداد كامل التراب الوطني، يبدأ سريانها من 09/02/1992، مع إمكانية تمديدها قبل انتهاء ميعادها .
وفي إطار صلاحيات حكومية، نجد أن اختصاصها يمتد في حال وجود عراقيل أو تعطيل العمل التشريعي للسلطات العمومية، مع إمكانية اتخاذها كل الإجراءات التنظيمية قصد الوصول إلى تنفيذ ما جاءت به حالة الطوارئ من حفظ للنظام العام بالتنسيق مع عمل وزير الداخلية الذي له سلطة تحديد أو منع مرور الأشخاص في أوقات معينة لسلامتهم ، و يمكنه ( وزير الداخلية ) إنشاء مناطق الإقامة المنظمة لغير المقيمين، و الأمر الاستثنائي بالتفتيش ليلا أو نهارا .
و كذا إمكانية إصدار قرار بالإغلاق المؤقت لمراكز الترفيه و أماكن الاجتماعات و منع المظاهرات .

كما جاءت المادة 10 من نفس المرسوم بإمكانية إبلاغ المحاكم العسكرية بالجرائم الماسة بأمن الدولة مهما كانت صفة المحرضين على ارتكابها، دون أن توضح الجهة التي تقوم بإخطار المحاكم العسكرية .

و قد أضيفت للمواد الاثنا عشر ، مادتين مأخوذتين من المرسوم الرئاسي رقم 92-320 المؤرخ في 11/08/1992 المتمم للمرسوم 92-44، جاءتا لتحديد طريقة وقف النشاط للشركات، الهيئات….. والتي تعرض نشاطاتها النظام العام و السكينة العامة للخطر ، و ذلك بإصدار قرار وزاري .
وبعده صدر مرسوم تشريعي جاء تحت رقم 93-02 المتضمن تمديد حالة الطوارئ و المؤرخ في 06 جانفي 1993 ، لكنه لم يحدد مدة تمديد حالة الطوارئ وجعها مفتوحة الآجال .

وانطلاقا من عدم تجريم الظاهرة الإرهابية مسبقا في إطار قانون العقوبات لسنة 1966 ( الأمر 66-156 ) مؤرخ في 08 جوان 1966 الذي يخلو من نص تحديد مفهوم الجريمة الإرهابية أو التخريبية و كذا تجريمها ووضع جزاءات لها، مما اضطر المشرع إلى إصدار تشريع داخلي يجرم فيه هذا النوع من الجرائم و المتمثل في المرسوم التشريعي 92-03 المتعلق بمكافحة التخريب أو الإرهاب المؤرخ في 30/09/1992 ، و يعتبر أول تشريع داخلي يجرم و يحدد مفهوم الجريمة الإرهابية ومجالها، و هو تشريع له طابع خاص باعتباره يعالج مستجدات الجريمة الإرهابية التي أخذت مسارا رهيبا في التقتيل .
هذا المرسوم صنف الأفعال المجرمة و التي تدخل ضمن مفهوم الجريمة الإرهابية مع إعطائها العقوبات المقررة لمرتكبي هذا النوع من الجرائم . وحدد مفهومها في المادة الأولى منه بكونه كل مخالفة تستهدف أمن الدولة و السلامة الترابية و استقرار المؤسسات باعتبارها تقوم على أساس عرقلة عمل السلطات العمومية، و عرقلة حركة المرور و بث الرعب في أوساط السكان .
و نص على إنشاء المجالس القضائية الخاصة و دورها في قمع الجريمة .

رغم ما جاء به هذا المرسوم من ردع لارتكاب الجريمة الإرهابية بوضع عقوبات صارمة تحمي السلامة الجسدية للمواطنين و ممتلكاتهم و سلامة المؤسسات العمومية، إلا أنه لقي انتقادات من رجال القانون لكونه أنشأ مجالس خاصة لمحاكمة مرتكبي الجريمة الإرهابية ، و استبعد تطبيق المادتين 307 ا.ج ،
309 ا.ج .

و بعد تعديل قانون العقوبات تم إدماج مواد المرسوم التشريعي 92-03 بهذا القانون تحت رقم 95-11 المؤرخ فـي 25/02/1995 المتمـم لقـانون العقـوبات محـددا المـواد من 87 مكرر إلى غاية 87 مكرر الى غاية 87 مكرر10 من قانون العقوبات .
و قد ألغيت المادة 11 من المرسوم التشريعي 92-03 التي تنص على اختصاص المجالس القضائية الخاصة للفصل في القضايا الارهابية و نقل الاختصاص الى محكمة الجنايات على أساس المادة 248 إجراءات جزائية ( الأمر 95-10 المتمم لقانون الاجراءات الجزائية ).

كما ألغي العمل بالمرسوم التشريعي 92-03 تطبيقا للأمر 95-11 المؤرخ في 25/02/1995، انطلاقا من المادة 2 منه. و العقوبات المقررة على ضوء المرسوم 92-03 اختلفت بحسب نوعية المشاركة في الجريمة .

فالذي ينشئ، يؤسس، ينظم جماعة غرضها بث الرعب عقوبته السجن المؤبد ، و المنخرط أو المشارك في هذه الجماعات مهما كان شكلها فعليه حبس من 10 الى 20 سنة . و الذي يشيد أو يشجع بأية وسيلة السجن من 5 الى 10 سنوات وبغرامة من 10000 الى 500000دج .
أما الذي يعيد عمدا طبع أو نشر وثائق أو مطبوعات أو تسجيلات ، فعليه نفس العقوبة السابقة .
والذي يبيع أسلحة بيضاء أو يشتريها أو يستوردها أو يصفها يسجن مابين 5 الى 10 سنوات, يغرم من 10000الى 100000 دج .

ومن جهة أخرى فالجزائري الذي يتجند في الخارج في جماعة مهما كان شكلها و لو لم يرتكب أفعالا ضد الجزائر اذا ما أضرت هذه الأفعال بمصالح البلاد ، عقوبته السجن المؤبد .

و الذي يحوز سلاح ناري ، ذخيرة، مواد متفجرة أو يحملها أو يتاجر بها أو يستوردها أو يصنعها أو يصلحها دون رخصة من السلطة المختصة .